فصل: كِتَابُ الْإِجَارَةِ:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: العقود الدرية في تنقيح الفتاوي الحامدية



.كِتَابُ الْإِجَارَةِ:

(سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ بِيَدِ زَيْدٍ أَرْضٌ سَلِيخَةٌ جَارِيَةٌ فِي وَقْفٍ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ فِيهَا مِشَدُّ مَسْكَةٍ وَلَا أَشْجَارٌ فِي وَسَطِهَا وَلَهُ فِي نَوَاحِيهَا أَشْجَارٌ عَلَى الْمُسَنَّاةِ فَقَطْ يُرِيدُ مُتَوَلِّي الْوَقْفِ الْمَزْبُورِ إيجَارَهَا مِنْ غَيْرِ زَيْدٍ بِأُجْرَةِ مِثْلِهَا وَفِي ذَلِكَ مَصْلَحَةٌ لِلْوَقْفِ فَهَلْ يَسُوغُ لِلْمُتَوَلِّي ذَلِكَ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ رَجُلٌ اسْتَأْجَرَ أَرْضًا فِيهَا أَشْجَارٌ إنْ كَانَتْ الْأَشْجَارُ فِي وَسَطِ الْأَرْضِ لَا تَجُوزُ الْإِجَارَةُ وَكَذَا لَوْ دَفَعَ أَرْضَهُ مُزَارَعَةً فِيهَا أَشْجَارٌ وَلَمْ يَدْفَعْ الْأَشْجَارَ مُعَامَلَةً لَا تَجُوزُ الْمُزَارَعَةُ وَإِنْ كَانَتْ الْأَشْجَارُ فِي نَوَاحِي الْأَرْضِ عَلَى الْمُسَنَّاةِ جَازَتْ الْإِجَارَةُ وَالْمُزَارَعَةُ وَإِنْ كَانَتْ فِي وَسَطِ الْأَرْضِ شَجَرَةٌ أَوْ شَجَرَتَانِ صَغِيرَتَانِ مِثْلُ التَّالِيَةِ الَّتِي مَضَى عَلَيْهَا حَوْلٌ أَوْ حَوْلَانِ جَازَتْ الْإِجَارَةُ وَالْمُزَارَعَةُ وَإِنْ كَانَتْ الشَّجَرَةُ عَظِيمَةً لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّ الْعَظِيمَةَ لَهَا عُرُوقٌ كَثِيرَةٌ تَأْخُذُ الْأَرْضَ وَظِلُّهَا يَضُرُّ بِالْأَرْضِ وَكَذَا لَوْ كَانَ فِي وَسَطِ الْأَرْضِ أَبْنِيَةٌ فَهِيَ بِمَنْزِلَةِ الشَّجَرَةِ الْعَظِيمَةِ وَإِنْ كَانَتْ الْأَبْنِيَةُ فِي نَاحِيَةِ الْأَرْضِ جَازَتْ الْإِجَارَةُ فَإِنْ كَانَتْ فِي نَاحِيَةِ الْأَرْضِ فَرُفِعَتْ الْأَبْنِيَةُ يَدْخُلُ مَا تَحْتَهَا تَحْتَ الْعَقْدِ وَكَذَا الشَّجَرَةُ قَاضِي خَانْ فِي الْإِجَارَةِ الْفَاسِدَةِ وَمِثْلُهُ فِي الْبَزَّازِيَّةِ فِي نَوْعٍ آخَرَ فِي الضِّيَاعِ وَالْحَانُوتِ وَالْمُسْتَغِلَّاتِ وَلَوْ اسْتَأْجَرَ ضِيَاعًا بَعْضُهَا فَارِغَةٌ وَبَعْضُهَا مَشْغُولَةٌ قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ تَجُوزُ الْإِجَارَةُ فِيمَا كَانَ فَارِغًا وَلَا تَجُوزُ فِيمَا كَانَ مَشْغُولًا وَهَذَا بِخِلَافِ مَا تَقَدَّمَ إذَا اسْتَأْجَرَ أَرْضًا فِيهَا شَجَرَةٌ عَظِيمَةٌ قَالَ لَا تَجُوزُ الْإِجَارَةُ فِيمَا كَانَ فَارِغًا وَلَمْ يَقُلْ تَجُوزُ فِيمَا لَمْ يَكُنْ مَشْغُولًا بِالشَّجَرِ؛ لِأَنَّ ثَمَّةَ قَدْرَ مَا يَكُونُ مَشْغُولًا بِعُرُوقِ الشَّجَرِ غَيْرُ مَعْلُومٍ. اهـ.
مِنْ فَتَاوَى الْإِمَامِ قَاضِي خَانْ أَيْضًا. (أَقُولُ) مُقْتَضَى هَذَا التَّعْلِيلِ أَنَّهُ يَصِحُّ إيجَارُ الدَّارِ الْمَشْغُولَةِ بِالْأَشْجَارِ؛ لِأَنَّ الْأَشْجَارَ لَا تُخِلُّ بِالسُّكْنَى بِخِلَافِ الزِّرَاعَةِ فَإِنَّهَا تَتَعَطَّلُ بِظِلِّ الْأَشْجَارِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَنْبُتُ مَا تَحْتَهُ وَلِذَا تَصِحُّ الْإِجَارَةُ إذَا كَانَتْ الْأَشْجَارُ فِي نَوَاحِي الْأَرْضِ عَلَى الْمُسَنَّاةِ أَوْ كَانَتْ شَجَرَةٌ صَغِيرَةٌ أَوْ شَجَرَتَانِ فِي وَسَطِهَا لِعَدَمِ الضَّرَرِ الْمَذْكُورِ وَلَا ضَرَرَ فِي الدَّارِ مُطْلَقًا فَتَأَمَّلْ.
(سُئِلَ) فِي بُسْتَانٍ جَارٍ فِي وَقْفٍ أَجَّرَهُ وَكِيلٌ عَنْ نَاظِرِهِ مِنْ زَيْدٍ مُدَّةَ سَنَتَيْنِ بِأُجْرَةٍ مَعْلُومَةٍ ثُمَّ سَاقَاهُ عَلَى الْغِرَاسِ الْقَائِمِ بِهِ مُدَّةَ التَّوَاجُرِ عَلَى أَنْ يَعْمَلَ لَهُ عَلَى ذَلِكَ حَقَّ الْعَمَلِ عَلَى أَنْ يَكُونَ لِجِهَةِ الْوَقْفِ سَهْمٌ مِنْ أَلْفِ سَهْمٍ وَالْبَاقِي لِلْمُسْتَأْجِرِ وَصَدَرَ ذَلِكَ لَدَى حَاكِمٍ حَنَفِيٍّ فَهَلْ الْإِجَارَةُ وَالْمُسَاقَاةُ فَاسِدَتَانِ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْحَانُوتِيُّ فِي فَتَاوِيهِ حَيْثُ سُئِلَ عَنْ نَاظِرٍ آجَرَ أَرْضًا مِنْ جِهَاتِ الْوَقْفِ مُشْتَمِلَةً عَلَى أَشْجَارٍ وَنَخِيلٍ وَغَيْرِهَا مِنْ شَخْصَيْنِ إجَارَةً صَحِيحَةً وَتَصَادَقَ مَعَهُمَا عَلَى أَنَّ الْأَشْجَارَ النَّابِتَةَ فِي الْأَرْضِ فِيهَا قَدِيمٌ وَجَدِيدٌ فَالْقَدِيمُ جَمِيعُهُ لِجِهَةِ الْوَقْفِ وَرُبُعُ الْمُسْتَجِدِّ لِجِهَةِ الْوَقْفِ أَيْضًا وَالثَّلَاثَةُ الْأَرْبَاعُ الْبَاقِيَةُ مِنْ الْأَشْجَارِ الْمُسْتَجِدَّةِ لِلْمُسْتَأْجَرَيْنِ وَلَمْ تُمَيَّزْ الْقَدِيمَةُ مِنْ الْمُسْتَجِدَّةِ وَلَمْ يَعْرِفْ كُلٌّ مِنْ الْمُتَصَادِقَيْنِ ذَلِكَ وَسَاقُوا عَلَى ذَلِكَ مُدَّةً مَعْلُومَةً وَانْقَضَتْ مُدَّةُ الْإِيجَارِ وَالْمُسَاقَاةِ فَأَجَّرَ النَّاظِرُ الْأَرْضَ الْمَذْكُورَةَ مُدَّةً تَالِيَةً لِلْمُدَّةِ الْأُولَى وَسَاقَى عَلَى ذَلِكَ جَمِيعَهُ أَيْ جَمِيعَ أَشْجَارِ الْغَلِيظِ فَهَلْ تَصَادُقُ النَّاظِرِ مَعَهُمَا عَلَى ذَلِكَ مَعَ عَدَمِ مَعْرِفَتِهِ وَتَمْيِيزِهِ لِمَا ذُكِرَ صَحِيحٌ أَمْ لَا الْجَوَابُ الْإِجَارَةُ غَيْرُ صَحِيحَةٍ؛ لِأَنَّ اسْتِئْجَارَ الْأَرْضِ الْمَشْغُولَةِ بِالْأَشْجَارِ لَا يَجُوزُ إلَّا إذَا كَانَ فِي الْأَرْضِ أَوْ فِي وَسَطِهَا وَكَانَتْ شَجَرَتَيْنِ صَغِيرَتَيْنِ وَالْمُسَاقَاةُ غَيْرُ صَحِيحَةٍ أَيْضًا حَيْثُ لَمْ تُعَيَّنْ الْأَشْجَارُ الَّتِي وَقَعَتْ الْمُسَاقَاةُ عَلَيْهَا وَالتَّصَادُقُ مِنْ النَّاظِرِ أَيْضًا غَيْرُ صَحِيحٍ؛ لِأَنَّهُ إقْرَارٌ مِنْهُ عَلَى الْوَقْفِ وَإِقْرَارُ النَّاظِرِ عَلَى الْوَقْفِ غَيْرُ صَحِيحٍ وَأَمَّا مَا يُفْعَلُ الْآنَ مِنْ الْإِجَارَةِ ثُمَّ الْمُسَاقَاةِ فَلَا يَصِحُّ عَلَى مَذْهَبِ الْحَنَفِيَّةِ.
أَمَّا لَوْ قَدَّمَ الْمُسَاقَاةَ ثُمَّ أُوجِرَتْ الْأَرْضُ مِنْ الْمُسَاقِي فَيَجُوزُ كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ مِنْ الْإِجَارَةِ فِي أَوَّلِ وَرَقَةٍ؛ لِأَنَّ الْأَشْجَارَ صَارَتْ لَهُ اسْتِحْقَاقًا فَلَمْ تَكُنْ الْأَرْضُ مَشْغُولَةً بِغَيْرِ حَقِّ الْمُسْتَأْجِرِ وَهَلْ يَلْزَمُ مِنْ فَسْخِ الْإِجَارَةِ فَسْخُ الْمُسَاقَاةِ قَدْ تَكَلَّمَ عَلَيْهِ قَارِئُ الْهِدَايَةِ قَبْلَ الْآخِرِ بِنَحْوِ وَرَقَتَيْنِ وَتَكَلَّمَ بَعْدَهُ عَلَى الْمُسَاقَاةِ بِوَجْهٍ آخَرَ فَرَاجِعْ الْمَحَلَّيْنِ. اهـ.
(أَقُولُ) وَنَقَلَ فِي الدُّرِّ الْمُخْتَارِ فِي أَوَّلِ كِتَابِ الْإِجَارَةِ عَنْ مُصَنَّفِ التَّنْوِيرِ مَا نَصُّهُ وَأَفَادَ فَسَادُ مَا يَقَعُ كَثِيرًا مِنْ أَخْذِ كَرْمِ الْوَقْفِ أَوْ الْيَتِيمِ مُسَاقَاةً فَيَسْتَأْجِرُ أَرْضَهُ الْخَالِيَةَ مِنْ الْأَشْجَارِ بِمَبْلَغٍ كَثِيرٍ وَيُسَاقِي عَلَى أَشْجَارِهِ بِسَهْمٍ مِنْ أَلْفِ سَهْمٍ فَالْحَظُّ ظَاهِرٌ فِي الْإِجَارَةِ لَا فِي الْمُسَاقَاةِ فَمُفَادُهُ فَسَادُ الْمُسَاقَاةِ بِالْأَوْلَى لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا عَقْدٌ عَلَى حِدَتِهِ. اهـ.
وَكَتَبْت هُنَا فِي حَاشِيَتِي رَدِّ الْمُحْتَارِ عَنْ فَتَاوَى الْحَانُوتِيِّ أَنَّ التَّنْصِيصَ فِي الْإِجَارَةِ عَلَى بَيَاضِ الْأَرْضِ لَا يُفِيدُ الصِّحَّةَ حَيْثُ تَقَدَّمَ عَقْدُ الْإِجَارَةِ عَلَى عَقْدِ الْمُسَاقَاةِ أَمَّا إذَا تَقَدَّمَ عَقْدُ الْمُسَاقَاةِ بِشُرُوطِهِ كَانَتْ الْإِجَارَةُ صَحِيحَةً كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَإِذَا فَسَدَتْ صَارَتْ الْأُجْرَةُ غَيْرَ مُسْتَحَقَّةٍ لِجِهَةِ الْوَقْفِ وَالْمُسْتَحَقُّ إنَّمَا هُوَ الثَّمَرَةُ فَقَطْ وَحَيْثُ فَسَدَتْ الْمُسَاقَاةُ لِكَوْنِهَا بِجُزْءٍ يَسِيرٍ لِجِهَةِ الْوَقْفِ كَانَ لِلْعَامِلِ أَجْرُ مِثْلِ عَمَلِهِ وَهَذَا بِالنِّسْبَةِ إلَى الْوَقْفِ وَأَمَّا مُسَاقَاةُ الْمَالِكِ فَلَا يُنْظَرُ فِيهَا إلَى الْمَصْلَحَةِ كَمَا لَوْ آجَرَ بِدُونِ أَجْرِ الْمِثْلِ. اهـ.
مُلَخَّصًا نَعَمْ لَوْ حَكَمَ شَافِعِيٌّ بِصِحَّةِ ذَلِكَ حَيْثُ كَانَتْ الْأُجْرَةُ وَافِيَةً بِمَنْفَعَةِ الْأَرْضِ وَبِقِيمَةِ الثَّمَرِ يَصِحُّ كُلٌّ مِنْ الْمُسَاقَاةِ وَالْإِجَارَةِ وَسَيَأْتِي سُؤَالٌ فِي ذَلِكَ.
(سُئِلَ) فِي قِطْعَةِ أَرْضٍ سَلِيخَةٍ جَارِيَةٍ فِي وَقْفٍ وَفِي مِشَدِّ مَسْكَةِ زَيْدٍ فَمَاتَ زَيْدٌ لَا عَنْ وَلَدٍ أَصْلًا وَفِي نَوَاحِي الْأَرْضِ عَلَى الْمُسَنَّاةِ أَشْجَارٌ بَعْضُهَا فِي رِبْحِ الْوَقْفِ الْمَزْبُورِ وَالْبَعْضُ مِلْكُ زَيْدٍ الْمُتَوَفَّى يُرِيدُ نَاظِرُ الْوَقْفِ الْمَزْبُورِ دَفْعَهَا مُزَارَعَةً لِلْغَيْرِ وَيُعَارِضُهُ فِي ذَلِكَ وَرَثَةُ زَيْدٍ فَهَلْ لِلنَّاظِرِ ذَلِكَ وَيُمْنَعُونَ مِنْ مُعَارَضَتِهِ فِي ذَلِكَ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ وَنَقْلُهَا مَا تَقَدَّمَ عَنْ الْخَانِيَّةِ.
(سُئِلَ) فِي إجَارَةِ الدَّارِ مِنْ مُؤَجِّرِهَا هَلْ تَكُونُ غَيْرَ جَائِزَةٍ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ إذَا أَجَّرَ مِنْ الْمُؤَجِّرِ لَا يَجُوزُ وَبَطَلَتْ الْأُولَى وَقَالَ الْحَلْوَانِيُّ لَا تَجُوزُ الثَّانِيَةُ وَلَا تَبْطُلُ الْأُولَى؛ لِأَنَّ الثَّانِيَةَ فَاسِدَةٌ فَلَا تَرْفَعُ الصَّحِيحَةَ وَهُوَ الصَّحِيحُ بَزَّازِيَّةٌ لِلْمُسْتَأْجِرِ أَنْ يُؤَجِّرَ مِنْ غَيْرِ مُؤَجِّرِهِ وَمِنْهُ أَيْ مِنْ مُؤَجِّرِهِ لَا أَيْ لَا يُؤَجِّرُهُ؛ لِأَنَّ الْإِجَارَةَ تَمْلِيكُ الْمَنْفَعَةِ وَالْمُسْتَأْجِرُ فِي حَقِّ الْمَنْفَعَةِ قَائِمٌ مَقَامَ الْمُؤَجِّرِ فَيَلْزَمُ تَمْلِيكُ الْمَالِكِ هَكَذَا عَلَّلَهُ بَعْضُ الشُّرَّاحِ وَفِي خُلَاصَةِ الْفَتَاوَى قَالَ فِي النَّوَازِلِ الْمُسْتَأْجِرُ إذَا آجَرَ الْمُسْتَأْجَرَ مِنْ الْآخِرِ لَا يَجُوزُ وَبَطَلَتْ الْإِجَارَةُ الْأُولَى وَقَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ لَا تَجُوزُ الثَّانِيَةُ وَلَا تَبْطُلُ الْأُولَى؛ لِأَنَّ الثَّانِيَ فَاسِدٌ فَلَا يَرْفَعُ الصَّحِيحَ وَهُوَ الْأَصَحُّ. اهـ.
مِنَحٌ فِي مَسَائِلَ شَتَّى وَنَقَلَ فِي الْبَحْرِ عَنْ الْجَوْهَرَةِ مَا يُخَالِفُهُ. (أَقُولُ) وَوَفَّقَ فِي الدُّرِّ الْمُخْتَارِ بَيْنَ مَا فِي الْجَوْهَرَةِ وَمَا قَبْلَهُ بِمَا فِيهِ نَظَرٌ كَمَا أَوْضَحْته فِيمَا عَلَّقْته عَلَيْهِ وَكَتَبْت فِيهِ أَنَّ الْأَظْهَرَ مَا ذَكَرَهُ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ لِمَا ذَكَرَهُ مِنْ الْعِلَّةِ وَلِتَصْحِيحِ قَاضِي خَانْ لَهُ وَقَوْلِهِ فِي الْمُضْمَرَاتِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى وَكَتَبْت أَيْضًا مَا نَصُّهُ وَفِي التَّتَارْخَانِيَّةِ اسْتَأْجَرَ الْوَكِيلُ بِالْإِيجَارِ مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ صَارَ آجِرًا وَمُسْتَأْجِرًا وَقَالَ الْقَاضِي بَدِيعُ الدِّينِ كُنْت أُفْتِي بِهِ ثُمَّ رَجَعْت أُفْتِي بِالْجَوَازِ. (أَقُولُ) يَظْهَرُ مِنْ هَذَا حُكْمُ مُتَوَلِّي الْوَقْفِ لَوْ اسْتَأْجَرَ الْوَقْفَ مِمَّنْ آجَرَهُ لَهُ وَقَدْ تَوَقَّفَ فِيهِ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ وَقَالَ لَمْ أَرَهُ تَأَمَّلْ. اهـ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِهِنْدٍ دَارٌ جَارِيَةٌ فِي مِلْكِهَا فَآجَرَتْهَا مِنْ رَجُلٍ مُدَّةَ سَنَةٍ بِأُجْرَةٍ مَعْلُومَةٍ إجَارَةً صَحِيحَةً ثُمَّ لَحِقَهَا دَيْنٌ ثَابِتٌ بِالْبَيِّنَةِ وَلَا مَالَ لَهَا غَيْرُ الدَّارِ وَتُرِيدُ هِنْدٌ بَيْعَ الدَّارِ وَوَفَاءَ الدَّيْنِ مِنْ ثَمَنِهَا قَبْلَ تَمَامِ السَّنَةِ فَهَلْ لَهَا ذَلِكَ وَتَفْسَخُ الْإِجَارَةَ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ وَالْمَسْأَلَةُ فِي التَّنْوِيرِ وَالْمُلْتَقَى وَغَيْرِهِمَا وَفِي الِاخْتِيَارِ وَالْأَصْلُ فِيهِ أَنَّهُ مَتَى تَحَقَّقَ عَجْزُ الْعَاقِدِ عَنْ الْمُضِيِّ فِي مُوجَبِ الْعَقْدِ إلَّا بِضَرَرٍ يَلْحَقُهُ وَهُوَ لَمْ يَرْضَ يَكُونُ عُذْرًا تُفْسَخُ بِهِ الْإِجَارَةُ دَفْعًا لِلضَّرَرِ. اهـ.
وَإِذَا أَرَادَ الْقَاضِي فَسْخَ الْإِجَارَةِ لِأَجْلِ الدَّيْنِ اخْتَلَفُوا فِيهِ قَالَ بَعْضُهُمْ يَبِيعُ الدَّارَ فَيَنْفُذُ بَيْعُهُ فَتَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ وَقَالَ بَعْضُهُمْ يَفْسَخُ الْإِجَارَةَ أَوَّلًا ثُمَّ يَبِيعُ هَذَا إذَا كَانَ الدَّيْنُ ظَاهِرًا فَإِنْ لَمْ يَكُنْ وَلَكِنَّ صَاحِبَ الدَّارِ أَقَرَّ بِالدَّيْنِ عَلَى نَفْسِهِ وَكَذَّبَهُ الْمُسْتَأْجِرُ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ يَصِحُّ الْإِقْرَارُ وَيَفْسَخُ الْقَاضِي الْإِجَارَةَ بَيْنَهُمَا بِإِقْرَارِهِ بِالدَّيْنِ وَقَالَ صَاحِبَاهُ لَا يَصِحُّ إقْرَارُهُ وَهَذِهِ ثَلَاثُ مَسَائِلَ إحْدَاهُمَا هَذِهِ وَالثَّانِيَةُ الْمَرْأَةُ إذَا أَقَرَّتْ عَلَى نَفْسِهَا بِالدَّيْنِ لِغَيْرِ الزَّوْجِ وَكَذَّبَهَا الزَّوْجُ صَحَّ إقْرَارُهَا وَيَكُونُ لِلْغَرِيمِ أَنْ يَحْبِسَهَا بِالدَّيْنِ وَالثَّالِثَةُ الْمَحْبُوسُ بِالدَّيْنِ إذَا أَقَرَّ بِبَعْضِ مَالِهِ لِرَجُلٍ يَثِقُ بِهِ أَوْ لِبَعْضِ وَرَثَتِهِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ يَصِحُّ إقْرَارُهُ حَتَّى يَقْضِيَ الْقَاضِي بِعُسْرَتِهِ وَيُخْرِجَهُ مِنْ الْحَبْسِ قَاضِي خَانْ مِنْ فَصْلِ مَا تُنْقَضُ بِهِ الْإِجَارَةُ بَقِيَ أَنَّهُ إذَا اعْتَرَضَ شَيْءٌ مِنْ الْأَعْذَارِ هَلْ تُفْسَخُ بِنَفْسِهَا أَوْ يَحْتَاجُ إلَى الْفَسْخِ وَهَلْ يَحْتَاجُ فِيهِ إلَى فَسْخِ الْقَاضِي أَوْ التَّرَاضِي خِلَافٌ طَوِيلٌ ذَكَرَهُ أَئِمَّتُنَا شُرُوحًا وَفَتَاوَى فَلْيُرَاجَعْ ذَلِكَ فِي الْبَدَائِعِ وَغَيْرِهَا. (أَقُولُ) وَاَلَّذِي حَرَّرْته فِي حَاشِيَتِي رَدِّ الْمُحْتَارِ تَصْحِيحُ مَا وَفَّقَ بِهِ بَعْضُ الْمَشَايِخِ وَهُوَ أَنَّ الْعُذْرَ إنْ كَانَ ظَاهِرًا لَمْ يَحْتَجْ إلَى الْقَاضِي وَإِلَّا كَالدَّيْنِ الثَّابِتِ بِإِقْرَارِهِ يَحْتَاجُ إلَيْهِ لِيَصِيرَ الْعُذْرُ ظَاهِرًا بِالْقَضَاءِ وَقَالَ قَاضِي خَانْ وَالْمَحْبُوبِيُّ الْقَوْلُ بِالتَّوْفِيقِ هُوَ الْأَصَحُّ وَقَوَّاهُ الشَّيْخُ شَرَفُ الدِّينِ الْغَزِّيُّ بِأَنَّ فِيهِ إعْمَالَ الرِّوَايَتَيْنِ مَعَ مُنَاسَبَتِهِ فِي التَّوْزِيعِ فَيَنْبَغِي اعْتِمَادُهُ وَفِي تَصْحِيحِ الْعَلَامَةِ قَاسِمٍ مَا يُصَحِّحُهُ قَاضِي خَانْ مُقَدَّمٌ عَلَى مَا يُصَحِّحُهُ غَيْرُهُ؛ لِأَنَّهُ فَقِيهُ النَّفْسِ. اهـ.
(سُئِلَ) فِي صَكٍّ مِنْ مَضْمُونِهِ اسْتَأْجَرَ زَيْدٌ بِمَالِهِ لِنَفْسِهِ مِنْ عَمْرٍو الْمُتَوَلِّي عَلَى وَقْفِ بَكْرٍ عَلَى مَسْجِدِ كَذَا فَأَجَّرَهُ مَا هُوَ جَارٍ فِي الْوَقْفِ وَذَلِكَ جَمِيعُ الْبُسْتَانَيْنِ الْكَائِنَيْنِ بِقَرْيَةِ كَذَا لِمُدَّةِ ثَلَاثِ سَنَوَاتٍ بِأُجْرَةٍ مَعْلُومَةٍ وَلَمْ يَتَسَاقَيَا عَلَى غِرَاسِ الْبُسْتَانَيْنِ وَلَمْ يَذْكُرْ الْمُتَوَلِّي مِنْ أَيِّ جِهَةٍ تَوَلَّى الْوَقْفَ فَهَلْ تَكُونُ الْإِجَارَةُ غَيْرَ صَحِيحَةٍ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ لِوَجْهَيْنِ الْأَوَّلُ حَيْثُ كَانَتْ الْأَشْجَارُ فِي وَسَطِ الْأَرْضِ وَلَمْ يَتَسَاقَيَا عَلَيْهَا لِمَا فِي الْخَانِيَّةِ رَجُلٌ اسْتَأْجَرَ أَرْضًا فِيهَا أَشْجَارٌ فِي وَسَطِ الْأَرْضِ لَا يَجُوزُ الْإِجَارَةُ. اهـ.
وَالثَّانِي لِعَدَمِ ذِكْرِ الْمُتَوَلِّي مِنْ أَيِّ جِهَةٍ تَوَلَّى الْوَقْفَ لِمَا فِي الْإِسْعَافِ النَّاظِرُ إذَا آجَرَ أَوْ تَصَرَّفَ تَصَرُّفًا آخَرَ وَكَتَبَ فِي الصَّكِّ آجَرَ وَهُوَ مُتَوَلٍّ عَلَى هَذَا الْوَقْفِ وَلَمْ يَذْكُرْ أَنَّهُ مُتَوَلٍّ مِنْ أَيِّ جِهَةٍ قَالُوا تَكُونُ فَاسِدَةً وَفِي الْمُحْبِيَةِ: وَالْمُتَوَلِّي لَوْ لِوَقْفٍ أَجَّرَا لَكِنَّهُ فِي صَكِّهِ مَا ذَكَرَا مِنْ أَيِّ وُجْهَةٍ تَوَلَّى الْوَقْفَا مَا جَوَّزُوا ذَلِكَ حَيْثُ يُلْفَى. (أَقُولُ) الظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا الثَّانِيَ خَلَلٌ فِي الصَّكِّ لَا فِي نَفْسِ الْعَقْدِ بَلْ الْعَقْدُ صَحِيحٌ حَيْثُ كَانَ الْعَاقِدُ فِي نَفْسِهِ لَهُ وِلَايَةٌ صَحِيحَةٌ وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ جِهَتَهَا أَنَّهَا مِنْ الْوَاقِفِ أَوْ مِنْ فُلَانٍ الْقَاضِي؛ لِأَنَّ الصُّكُوكَ اشْتَرَطُوا فِيهَا أَشْيَاءَ كَثِيرَةً مِنْ زِيَادَةِ الْبَيَانِ وَالتَّوْضِيحِ وَالْإِشَارَةِ إلَى هَذَا الْمُدَّعَى عَلَى هَذَا الْمُدَّعَى عَلَيْهِ.
وَغَيْرُ ذَلِكَ مِمَّا يُعْلَمُ فِي مَحَلِّهِ وَفِي الْفَصْلِ السَّابِعِ وَالْعِشْرِينَ مِنْ جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ لَوْ كَانَ الْوَصِيُّ أَوْ الْمُتَوَلِّي مِنْ جِهَةِ الْحَاكِمِ فَالْأَوْثَقُ أَنْ يَكْتُبَ فِي الصُّكُوكِ وَالسِّجِلَّاتِ وَهُوَ الْوَصِيُّ مِنْ جِهَةِ حَاكِمٍ لَهُ وِلَايَةُ نَصْبِ الْوَصِيَّةِ وَالتَّوْلِيَةِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ اقْتَصَرَ عَلَى قَوْلِهِ وَهُوَ الْوَصِيُّ مِنْ جِهَةِ الْحَاكِمِ رُبَّمَا يَكُونُ مِنْ حَاكِمٍ لَيْسَ لَهُ وِلَايَةُ نَصْبِ الْوَصِيِّ فَإِنَّ الْقَاضِيَ لَا يَمْلِكُ نَصْبَ الْوَصِيِّ وَالْمُتَوَلِّي إلَّا إذَا كَانَ ذِكْرُ التَّصَرُّفِ فِي الْأَوْقَافِ وَالْأَيْتَامِ مَنْصُوصًا عَلَيْهِ فِي مَنْشُورِهِ فَصَارَ كَحُكْمِ نَائِبِ الْقَاضِي فَإِنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَذْكُرُوا أَنَّ فُلَانًا الْقَاضِيَ مَأْذُونٌ بِالْإِنَابَةِ تَحَرُّزًا عَنْ هَذَا الْوَهْمِ. اهـ.
قَالَ فِي الْبَحْرِ بَعْدَ نَقْلِهِ فِي كِتَابِ الْوَقْفِ هَذِهِ الْعِبَارَةَ وَلَا شَكَّ أَنَّ قَوْلَ السُّلْطَانِ جَعَلْتُك قَاضِيَ الْقُضَاةِ كَالتَّنْصِيصِ عَلَى هَذِهِ الْأَشْيَاءِ فِي الْمَنْشُورِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْخُلَاصَةِ فِي مَسْأَلَةِ اسْتِخْلَافِ الْقَاضِي. اهـ.
وَلَا يَخْفَى أَنَّ قَاضِيَ دِمَشْقَ وَمِصْرَ وَنَحْوِهِمَا مِنْ الْمُدُنِ الْعَظِيمَةِ يُسَمَّى قَاضِيَ الْقُضَاةِ فِي زَمَانِنَا فَيَصِحُّ نَصْبُهُ الْوَصِيَّ وَالْمُتَوَلِّيَ وَإِنْ لَمْ يَنُصَّ لَهُ عَلَيْهِ فِي مَنْشُورِهِ فَإِذَا عُلِمَ تَوْلِيَةُ الْمُتَوَلِّي مِنْ جِهَةِ أَحَدِ هَؤُلَاءِ الْقُضَاةِ صَحَّ إيجَارُهُ وَبَقِيَّةُ تَصَرُّفَاتِهِ وَالتَّنْصِيصُ عَلَى كَوْنِهِ تَوَلَّى مِنْ جِهَةِ قَاضِي كَذَا إنَّمَا هُوَ لِزِيَادَةِ الِاسْتِيثَاقِ بِالصَّكِّ كَمَا أَفَادَهُ قَوْلُهُ فَالْأَوْثَقُ أَنْ يَكْتُبَ إلَخْ فَيَصِحُّ تَصَرُّفُهُ وَإِنْ لَمْ يَكْتُبْ ذَلِكَ نَعَمْ إذَا رُفِعَ تَصَرُّفُهُ إلَى قَاضٍ يَحْكُمُ بِمُجَرَّدِ ذَلِكَ التَّصَرُّفِ إذَا ثَبَتَ عِنْدَهُ كَمَا لَوْ آجَرَ دَارًا مَثَلًا ثُمَّ أَنْكَرَ الْإِيجَارَ وَأَثْبَتَهُ خَصْمُهُ فَإِنَّهُ يَحْكُمُ بِثُبُوتِ الْإِيجَارِ لَا بِصِحَّتِهِ فَإِنَّهُ لَا يَحْكُمُ بِصِحَّتِهِ مَا لَمْ يَثْبُتْ عِنْدَهُ صِحَّةُ تَوْلِيَتِهِ كَمَا لَوْ بَاعَ رَجُلٌ دَارًا أَوْ وَقَفَهَا أَوْ أَجَّرَهَا يَحْكُمُ الْقَاضِي بِنَفْسِ الْبَيْعِ أَوْ الْوَقْفِ أَوْ الْإِيجَارِ أَمَّا الْحُكْمُ بِصِحَّةِ ذَلِكَ فَإِنَّمَا يَكُونُ بَعْدَ ثُبُوتِ مِلْكِهِ لِذَلِكَ أَوْ نِيَابَتِهِ عَنْ الْمَالِكِ كَمَا مَرَّ فِي كِتَابِ الْقَضَاءِ عَنْ فَتَاوَى قَارِئِ الْهِدَايَةِ حَيْثُ سُئِلَ هَلْ يُشْتَرَطُ فِي صِحَّةِ حُكْمِ الْحَاكِمِ بِوَقْفٍ أَوْ بَيْعٍ أَوْ إجَارَةٍ ثُبُوتُ مِلْكِ الْوَاقِفِ أَوْ الْبَائِعِ أَوْ الْمُؤَجِّرِ وَحِيَازَتُهُ أَمْ لَا أَجَابَ إنَّمَا يُحْكَمُ بِالصِّحَّةِ إذَا ثَبَتَ أَنَّهُ مَالِكٌ لِمَا وَقَفَهُ أَوْ أَنَّ لَهُ وِلَايَةَ الْإِيجَارِ أَوْ الْبَيْعِ لِمَا بَاعَهُ إمَّا بِمِلْكٍ أَوْ نِيَابَةٍ وَكَذَا فِي الْوَقْفِ وَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ لَا يُحْكَمُ بِالصِّحَّةِ بَلْ بِنَفْسِ الْوَقْفِ وَالْإِجَارَةِ وَالْبَيْعِ. اهـ.
فَاغْتَنِمْ هَذَا التَّحْرِيرَ الْمُفْرَدَ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِجَمَاعَةٍ تَيْمَارِيَّةٍ قَرْيَةٌ وَمَزَارِعُ جَارِيَةٌ فِي تَيْمَارِهِمْ وَأَقْطَاعِهِمْ بِمُوجِبِ بَرَاءَةٍ سُلْطَانِيَّةٍ بِيَدِهِمْ فَآجَرُوا ذَلِكَ جَمِيعَهُ لِزَيْدٍ وَعَمْرٍو لِمُدَّةِ سَنَةٍ مَعْلُومَةٍ إجَارَةً لَازِمَةً لِلزِّرَاعَةِ الشَّتْوِيَّةِ وَالصَّيْفِيَّةِ بِأُجْرَةٍ مَعْلُومَةٍ مِنْ الدَّرَاهِمِ وَصَدَرَ ذَلِكَ لَدَى قَاضٍ شَافِعِيٍّ حَكَمَ بِصِحَّةِ الْإِجَارَةِ وَإِنْ صَدَرَتْ لِغَيْرِ الزَّرَّاعِ وَكَانَتْ إقْطَاعًا وَمِنْ رَجُلَيْنِ نِصْفَيْنِ فِي حُكْمِ الشُّيُوعِ حُكْمًا شَرْعِيًّا مُوَافِقًا مَذْهَبَهُ مُسْتَوْفِيًا شَرَائِطَهُ بَعْدَ الدَّعْوَى الصَّحِيحَةِ وَالشَّهَادَةِ الْمُسْتَقِيمَةِ فِي ثُبُوتِ أَجْرِ الْمِثْلِ وَكَتَبَ بِذَلِكَ حُجَّةً أَفْتَى مُفْتِي مَذْهَبِهِ بِالْعَمَلِ بِمَضْمُونِهَا وَأَنْفَذَ حُكْمَهُ حَاكِمٌ حَنَفِيٌّ وَكَتَبَ بِذَلِكَ حُجَّةً أُخْرَى هَلْ يُعْمَلُ بِمَضْمُونِ الْحُجَّتَيْنِ الْمَزْبُورَتَيْنِ بَعْدَ ثُبُوتِهِ شَرْعًا؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ.
(سُئِلَ) فِي مَجْرَى مَاءٍ جَارٍ مَعَ حَقِّهِ الْمَعْلُومِ مِنْ الْمَاءِ فِي وَقْفٍ أَهْلِيٍّ وَفِي اسْتِئْجَارِ وَاحْتِكَارِ زَيْدٍ مِنْ نَاظِرِ الْوَقْفِ مُدَّةً مَعْلُومَةً بِأُجْرَةٍ مَعْلُومَةٍ فَمَاتَ زَيْدٌ فِي أَثْنَاءِ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ فَهَلْ تَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ بِمَوْتِهِ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ قَالَ مَشَايِخُنَا رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى الْإِجَارَةُ تَنْفَسِخُ بِمَوْتِ أَحَدِ الْمُتَعَاقِدَيْنِ إنْ عَقَدَهَا لِنَفْسِهِ وَإِنْ عَقَدَهَا لِغَيْرِهِ لَا تَنْفَسِخُ بِمَوْتِهِ كَالْأَبِ وَالْوَصِيِّ وَالْوَكِيلِ وَالْمُتَوَلِّي فِي الْوَقْفِ. اهـ.
وَتَمَامُهُ فِي فَتَاوَى ابْنِ الشَّلَبِيِّ وَفِي فَتَاوَى ابْنِ نُجَيْمٍ سُئِلَ عَنْ شَخْصٍ اسْتَأْجَرَ عَقَارًا وَآجَرَهُ مِنْ آخَرَ وَمَاتَ فِي أَثْنَاءِ الْمُدَّةِ هَلْ تَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ أَجَابَ تَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ الْأُولَى وَالثَّانِيَةُ. اهـ.
وَمِثْلُهُ فِي فَتَاوَى ابْنِ الشَّلَبِيِّ وَفِي فَتَاوَى التُّمُرْتَاشِيِّ سُئِلَ عَنْ رَجُلٍ اسْتَأْجَرَ لِنَفْسِهِ مَصْبَغَةً مِنْ مُتَوَلٍّ بِأُجْرَةٍ مُعَيَّنَةٍ لِمُدَّةٍ مُعِينَةٍ ثُمَّ بَعْدَ مُدَّةٍ مَاتَ الْمُسْتَأْجِرُ فَهَلْ إذَا رُفِعَتْ الْقَضِيَّةُ إلَى حَاكِمٍ حَنَفِيٍّ لَهُ أَنْ يَحْكُمَ بِانْفِسَاخِهَا بِمَوْتِ الْمُسْتَأْجِرِ وَهَلْ إذَا كَانَ الْحَاكِمُ الشَّافِعِيُّ حَكَمَ بِمُوجَبِ عَقْدِ هَذِهِ الْإِجَارَةِ يَكُونُ حُكْمُهُ بِالْمُوجَبِ مَانِعًا لِلْحَنَفِيِّ بِانْفِسَاخِهَا أَجَابَ نَعَمْ لِلْقَاضِي الْحَنَفِيِّ أَنْ يَحْكُمَ بِانْفِسَاخِهَا بِمَوْتِ الْمُسْتَأْجِرِ الْمَذْكُورِ وَلَا يَمْنَعُهُ مِنْ ذَلِكَ حُكْمُ الشَّافِعِيِّ بِالْمُوجَبِ عَلَى مَا حَرَّرَهُ الشَّيْخُ بَدْرُ الدِّينِ بْنُ الْغَرْسِ فِي الْفَوَاكِهِ الْبَدْرِيَّةِ وَإِنْ كَانَ فِي سَيْفِ الْقُضَاةِ لِلْكَافِيجِيِّ مَا يُخَالِفُهُ فَإِنَّهُ قَالَ إنَّ الْحُكْمَ مِنْ الشَّافِعِيِّ بِالصِّحَّةِ لَا يَمْنَعُ الْحَنَفِيَّ مِنْ إبْطَالِهَا بِالْمَوْتِ وَإِنْ كَانَ بِالْمُوجَبِ يَمْنَعُهُ مِنْ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ مِنْ مُوجَبِهَا الدَّوَامَ وَالِاسْتِمْرَارَ لِلْوَارِثِ لَكِنْ يَنْبَغِي التَّعْوِيلُ عَلَى مَا فِي الْفَوَاكِهِ الْبَدْرِيَّةِ لِظُهُورِ وَجْهِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. اهـ.
(سُئِلَ) عَنْ شَخْصٍ اسْتَأْجَرَ عَيْنًا ثُمَّ أَجَّرَهَا ثُمَّ مَاتَ فَهَلْ تَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ (فَأَجَابَ) إذَا انْفَسَخَتْ الْإِجَارَةُ الْأُولَى انْفَسَخَتْ الثَّانِيَةُ عَلَى الصَّحِيحِ قَالَ الْعَلَامَةُ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْغَزِّيُّ وَفِي الْمُضْمَرَاتِ الْمُسْتَأْجِرُ إذَا آجَرَ مِنْ غَيْرِهِ أَوْ دَفَعَ إلَى غَيْرِهِ مُزَارَعَةً ثُمَّ إنَّ الْمُسْتَأْجِرَ الْأَوَّلَ فَسَخَ الْعَقْدَ هَلْ يَنْفَسِخُ الْعَقْدُ الثَّانِي اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِيهِ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يَنْفَسِخُ وَهَذَا أَعَمُّ مِنْ صُورَةِ الِاسْتِفْتَاءِ فَإِنَّهَا مَوْضُوعَةٌ فِيمَا إذَا انْفَسَخَتْ بِمَوْتِ الْمُسْتَأْجِرِ الْأَوَّلِ وَعِبَارَتُهُ تَشْمَلُ مَا إذَا فُسِخَتْ لِذَلِكَ أَوْ غَيْرِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ كَازَرُونِيٌّ.
وَفِيهِ عَنْ فَتَاوَى ابْنِ نُجَيْمٍ سُئِلَ عَمَّنْ آجَرَ عَقَارًا مِنْ آخَرَ مُدَّةً مَعْلُومَةً بِأُجْرَةٍ مَعْلُومَةٍ وَتَسَلَّمَهُ الْمُسْتَأْجِرُ وَآجَرَهُ مِنْ آخَرَ مُدَّةَ تَوَاجُرِهِ وَتَسَلَّمَ ثُمَّ إنَّ الْمُؤَجِّرَ الْأَوَّلَ وَالْمُسْتَأْجِرَ مِنْهُ تَقَايَلَا الْإِجَارَةَ هَلْ التَّقَايُلُ صَحِيحٌ مُبْطِلٌ لِلْإِيجَارِ الثَّانِي أَمْ لَا أَجَابَ نَعَمْ التَّقَايُلُ صَحِيحٌ وَتَنْفَسِخُ الْأُولَى وَالثَّانِيَةُ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ. (أَقُولُ) وَوَجْهُهُ أَنَّ الْإِجَارَةَ بَيْعُ الْمَنَافِعِ وَهِيَ تَحْدُثُ شَيْئًا فَشَيْئًا فَالْمُسْتَأْجِرُ يَمْلِكُ مَنْفَعَةَ كُلِّ يَوْمٍ بِيَوْمِهِ فَهِيَ بَاقِيَةٌ عَلَى مِلْكِ الْمَالِكِ فَصَحَّ التَّقَايُلُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُسْتَأْجِرِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَمْلِكْ الْمُسْتَقْبَلَةَ وَإِذَا انْفَسَخَتْ بِالْمُقَايَلَةِ لَمْ يَبْقَ لَهُ حَقٌّ فِيمَا يَحْدُثُ مِنْ الْمَنَافِعِ فِي كُلِّ يَوْمٍ بِيَوْمِهِ فَانْفَسَخَتْ الْإِجَارَةُ الثَّانِيَةُ لِأَنَّهَا مَبْنِيَّةٌ عَلَى الْأُولَى وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا اسْتَأْجَرَ زَيْدٌ عَمْرًا وَهُمَا بِدِمَشْقِ الشَّامِ لِيَأْتِيَ عَمْرٌو بِعِيَالِ زَيْدٍ عَلَى دَوَابِّهِ مِنْ مَدِينَةِ حِمْصَ إلَى دِمَشْقَ بِأُجْرَةٍ مَعْلُومَةٍ جَعَلَهَا لَهُ وَذَهَبَا إلَى حِمْصَ وَشَرَعَ زَيْدٌ فِي قَضَاءِ مَصْلَحَةٍ لَهُ فِيهَا فَذَهَبَ عَمْرٌو وَرَجَعَ لِدِمَشْقَ وَلَمْ يَحْمِلْ الْعِيَالَ وَلَمْ يَنْقُلْهُمْ بِاخْتِيَارِهِ وَيُطَالِبُ زَيْدًا بِالْأَجْرِ الَّذِي جَعَلَهُ لَهُ فَهَلْ لَا يَلْزَمُ زَيْدًا ذَلِكَ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ لَا يَلْزَمُهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَمَنْ اسْتَأْجَرَ رَجُلًا لِيَجِيءَ بِعِيَالِهِ فَوَجَدَ بَعْضَهُمْ قَدْ مَاتَ فَأَتَى بِمَنْ بَقِيَ فَلَهُ أَجْرُهُ بِحِسَابِهِ لَوْ كَانُوا مَعْلُومِينَ أَيْ بِالْعَدِّ كَمَا فِي الْبُرْهَانِيِّ وَإِلَّا فَكُلُّهُ كَمَا فِي الدُّرَرِ وَالتَّنْوِيرِ وَغَيْرِهِمَا وَفِي الْقُهُسْتَانِيِّ فَإِنْ جُهِلُوا فَسَدَتْ وَلَزِمَ أَجْرُ الْمِثْلِ ثُمَّ نُقِلَ عَنْ الْكَرْمَانِيِّ عَنْ الْهِنْدُوَانِيِّ أَنَّ الْمَعْلُومِينَ لَوْ كَانَتْ مُؤْنَةُ بَعْضِهِمْ كَكُلِّهِمْ فَلَهُ كُلُّهُ؛ لِأَنَّ الْأَجْرَ مُقَابَلٌ بِنَقْلِ الْعِيَالِ لَا بِقَطْعِ الْمَسَافَةِ حَتَّى لَوْ ذَهَبَ وَلَمْ يَنْقُلْ أَحَدًا مِنْهُمْ لَمْ يَسْتَوْجِبْ شَيْئًا. اهـ.
فَتَنَبَّهْ شَرْحُ الْمُلْتَقَيْ لِلْعَلَائِيِّ مِنْ الْإِجَارَةِ.
(سُئِلَ) فِي رَجُلٍ اسْتَأْجَرَ مِنْ آخَرَ جِمَالًا مَعْلُومَةً لِيَحْمِلَهَا إلَى بَلَدِ كَذَا ثُمَّ بَدَا لَهُ تَرْكُ الذَّهَابِ إلَى تِلْكَ الْبَلْدَةِ لِرَأْيٍ ظَهَرَ لَهُ فَهَلْ لَهُ فَسْخُ الْإِجَارَةِ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ وَبَدَاءُ مُكْتَرِي دَابَّةٍ مِنْ سَفَرٍ فَإِنَّهُ عُذْرٌ؛ لِأَنَّهُ لَوْ مَضَى عَلَى مُوجَبِ الْعَقْدِ لَزِمَهُ ضَرَرٌ زَائِدٌ لِاحْتِمَالِ كَوْنِ قَصْدِهِ سَفَرَ الْحَجِّ فَذَهَبَ وَقْتُهُ أَوْ طَلَبَ غَرِيمٌ لَهُ فَحَضَرَ أَوْ التِّجَارَةَ فَافْتَقَرَ وَهُوَ بِالْمَدِّ مَصْدَرُ بَدَا لَهُ أَيْ ظَهَرَ لَهُ فِيهِ رَأْيٌ غَيْرُ الْأَوَّلِ مَنَعَهُ عَنْ ذَلِكَ كَذَا فِي الْعِنَايَةِ مِنَحٌ مِنْ فَسْخِ الْإِجَارَةِ.
(سُئِلَ) فِي مُتَوَلِّي وَقْفٍ أَهْلِيٍّ أَسْكَنَ دَارَ الْوَقْفِ رَجُلًا بِلَا أُجْرَةٍ وَلَا إجَارَةٍ وَسَكَنَ الرَّجُلُ مُدَّةً فَهَلْ عَلَى السَّاكِنِ أَجْرُ الْمِثْلِ بَعْدَ الثُّبُوتِ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ وَفِي الْفَتَاوَى مُتَوَلِّي الْوَقْفِ ذَا أَسْكَنَ رَجُلًا دَارَ الْوَقْفِ بِغَيْرِ أَجْرٍ ذَكَرَ هِلَالٌ أَنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَى السَّاكِنِ وَعَامَّةُ الْمُتَأَخِّرِينَ عَلَى أَنَّ عَلَيْهِ أَجْرَ الْمِثْلِ سَوَاءٌ كَانَتْ مُعَدَّةً لِلِاسْتِغْلَالِ أَوْ لَمْ تَكُنْ صِيَانَةً لِلْوَقْفِ عَنْ أَيْدِي الظَّلَمَةِ وَقَطْعًا لِلْأَطْمَاعِ الْفَاسِدَةِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى وَكَذَا الرَّجُلُ إذَا سَكَنَ دَارَ الْوَقْفِ بِغَيْرِ أَمْرِ الْوَاقِفِ وَبِغَيْرِ أَمْرِ الْقَيِّمِ كَانَ عَلَيْهِ أَجْرُ الْمِثْلِ بَالِغًا مَا بَلَغَ عِمَادِيَّةٌ مِنْ الْفَصْلِ الْعَاشِرِ وَمِثْلُهُ فِي الْفُصُولَيْنِ.
(سُئِلَ) فِي مُتَوَلٍّ آجَرَ أَرْضِ الْوَقْفِ لِغَيْرِ الْمُزَارِعِ بِلَا رِضَاهُ وَلَا وَجْهٍ شَرْعِيٍّ فَهَلْ تَكُونُ إجَارَتُهُ غَيْرَ جَائِزَةٍ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ كَمَا فِي الْخَيْرِيَّةِ مِنْ الْمُزَارَعَةِ قَالَ فِي الْبَزَّازِيَّةِ مِنْ الْإِجَارَةِ فِي تَفْرِيعَاتٍ عَلَى الْإِجَارَةِ الطَّوِيلَةِ مَا نَصُّهُ لَا تَجُوزُ إجَارَةُ الْأَرْضِ بِلَا رِضَا الْمُزَارِعِ.
(سُئِلَ) فِي دَارٍ مَمْلُوكَةٍ لِجَمَاعَةٍ سَكَنَهَا بَعْضُهُمْ بَعْدَمَا اسْتَأْجَرُوا حِصَّةَ الْبَاقِينَ بِأُجْرَةٍ مَعْلُومَةٍ ثُمَّ انْقَضَتْ مُدَّةُ الْإِجَارَةِ وَبَقُوا سَاكِنِينَ بِدُونِ إجَارَةٍ وَالْمُؤَجِّرُونَ يُطَالِبُونَهُمْ بِأُجْرَةِ حِصَّتِهِمْ فَهَلْ يَلْزَمُ السَّاكِنِينَ أُجْرَةُ حِصَّةِ الْبَاقِينَ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ سَكَنَ دَارَ غَيْرِهِ لَا يَجِبُ الْأَجْرُ إلَّا إذَا تَقَاضَاهُ رَبُّ الدَّارِ بِالْأَجْرِ وَسَكَنَ بَعْدَهُ؛ لِأَنَّهُ يَكُونُ الْتِزَامًا أَوْ كَانَتْ مُعَدَّةً لِلِاسْتِغْلَالِ بَزَّازِيَّةٌ.
(سُئِلَ) فِي امْرَأَةٍ تَوَافَقَتْ مَعَ رَجُلٍ عَلَى أَنْ يَحْمِلَهَا فِي فَرْدَةِ مِحَفَّةٍ عَلَى جَمَلٍ وَيَقُومَ بِمَأْكَلِهَا وَمَشْرَبِهَا مِنْ دِمَشْقَ إلَى مَكَّةَ وَجَعَلَتْ لَهُ عَلَى ذَلِكَ كُلِّهِ مَبْلَغًا مَعْلُومًا مِنْ الدَّرَاهِمِ دَفَعَتْهُ لَهُ فَأَرْكَبَهَا وَقَامَ بِمَأْكَلِهَا وَمَشْرَبِهَا حَتَّى مَاتَتْ قَبْلَ وُصُولِهَا إلَى الْمَدِينَةِ الْمُنَوَّرَةِ عَنْ وَرَثَةٍ يُرِيدُونَ مُحَاسَبَةَ الرَّجُلِ عَلَى أُجْرَةِ مِثْلِ رُكُوبِ الْمُوَرِّثَةِ إلَى مَكَانِ مَوْتِهَا وَقَدْرِ مَأْكَلِهَا وَمَشْرَبِهَا وَمُطَالَبَتِهِ بِمَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ فَهَلْ لَهُمْ ذَلِكَ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ.
(سُئِلَ) فِي مَجْرَى مَاءٍ مَعْلُومٍ يَجْرِي فِيهِ الْمَاءُ مِنْ فَائِضِ مَطْهَرَةِ وَقْفٍ جَارٍ فِي الْوَقْفِ الْمَزْبُورِ وَفِي احْتِكَارِ جِهَةِ وَقْفٍ آخَرَ مُدَّةً مَعْلُومَةً بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ وَالْآنَ تَعَطَّلَ أَصْلُ الْمَجْرَى قَبْلَ دُخُولِهِ لِلْمَطْهَرَةِ وَانْقَطَعَ جَرَيَانُهُ وَصَرَفَ مُتَوَلِّي وَقْفِ الْمَطْهَرَةِ فِي تَعْمِيرِهِ مَبْلَغًا مَعْلُومًا وَيُكَلِّفُ نَاظِرَ الْوَقْفِ الْآخَرَ أَنْ يَدْفَعَ لَهُ بَعْضَ الْمَبْلَغِ زَاعِمًا أَنَّهُ يَلْزَمُهُ ذَلِكَ مِنْ مَالِ الْوَقْفِ فَهَلْ لَا يَلْزَمُ الْوَقْفُ الْآخَرُ مِنْ ذَلِكَ شَيْءٌ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ وَعِمَارَةُ الدَّارِ الْمُسْتَأْجَرَةِ وَتَطْيِينُهَا وَإِصْلَاحُ الْمِيزَابِ وَمَا كَانَ مِنْ بِنَاءٍ عَلَى رَبِّ الدَّارِ تَنْوِيرٌ مِنْ فَسْخِ الْإِجَارَةِ.
(سُئِلَ) فِي جَمَاعَةٍ اسْتَأْجَرُوا أَرَاضِيَ قَرْيَةٍ مَوْقُوفَةٍ مِنْ مُتَوَلِّي وَقْفٍ مُدَّةً مَعْلُومَةً بِأُجْرَةٍ كَذَلِكَ لِيَزْرَعُوهَا فَقَلَّ مَاؤُهَا الْمَعْلُومُ لَهَا بِحَيْثُ إنَّهُ لَا يَصِلُ إلَيْهَا بَلْ يَذْهَبُ فِي مَجْرَاهُ وَيُرِيدُونَ مُخَاصَمَةَ الْمُتَوَلِّي لِيَفْسَخَ الْقَاضِي الْعَقْدَ فَهَلْ لَهُمْ ذَلِكَ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ رَجُلٌ اسْتَأْجَرَ أَرْضًا فَزَرَعَهَا وَقَلَّ مَاؤُهَا وَانْقَطَعَ فَلَهُ أَنْ يُخَاصِمَ الْآخَرَ حَتَّى يَفْسَخَ الْقَاضِي الْعَقْدَ بَيْنَهُمَا ذَخِيرَةٌ مِنْ الْفَصْلِ الْخَامِسَ عَشَرَ.
(سُئِلَ) فِي رَجُلٍ اسْتَأْجَرَ أَرْضًا تَيْمَارِيَّةً مِنْ أَرْبَابِهَا لِلزِّرَاعَةِ فَزَرَعَهَا وَكَانَتْ تُسْقَى بِمَاءِ الْمَطَرِ فَانْقَطَعَ الْمَطَرُ وَيَبِسَ الزَّرْعُ فَهَلْ يَسْقُطُ الْأَجْرُ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ وَفِي فَتَاوَى الْفَضْلِيِّ اسْتَأْجَرَ أَرْضًا فَانْقَطَعَ الْمَاءُ فَإِنْ كَانَتْ الْأَرْضُ تُسْقَى بِمَاءِ الْمَطَرِ فَانْقَطَعَ الْمَطَرُ أَيْضًا فَلَا أَجْرَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ الِانْتِفَاعِ بِهَا ذَخِيرَةٌ فِي 15 اسْتَأْجَرَ أَرْضًا لِلزِّرَاعَةِ فَزَرَعَهَا وَكَانَتْ تُسْقَى بِالْمَطَرِ فَلَمْ تُمْطِرْ أَوْ لَمْ يَجِدْ الْمَاءَ لِلسَّقْيِ فَيَبِسَ الزَّرْعُ سَقَطَ الْأَجْرُ اسْتَأْجَرَهَا بِشُرْبِهَا أَوْ لَا بَزَّازِيَّةٌ مِنْ نَوْعِ إجَارَةِ الْأَرْضِ وَبِمِثْلِهِ أَفْتَى الْعَلَّامَةُ التُّمُرْتَاشِيُّ نَاقِلًا ذَلِكَ عَنْ الْخَانِيَّةِ وَأَفْتَى بِهِ قَارِئُ الْهِدَايَةِ أَيْضًا.
(سُئِلَ) فِي رَجُلٍ اسْتَأْجَرَ رَحَى مَاءٍ مُدَّةً مَعْلُومَةً بِأُجْرَةٍ مَعْلُومَةٍ وَتَسَلَّمَهَا مِنْ مُؤَجِّرِهَا ثُمَّ طَغَى الْمَاءُ وَزَادَ زِيَادَةً مَنَعَتْهُ عَنْ التَّمَكُّنِ مِنْ الِانْتِفَاعِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَقْصُودِ بَعْضَ الْمُدَّةِ فَهَلْ لَا يَلْزَمُهُ الْأَجْرُ عَنْ بَعْضِ الْمُدَّةِ الْمَزْبُورَةِ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ وَالْمَسْأَلَةُ فِي الْخَيْرِيَّةِ مِنْ الْإِجَارَةِ.
(سُئِلَ) فِي رَجُلٍ اسْتَأْجَرَ أَرْضَ وَقْفٍ مِنْ نَاظِرِهِ لِيَزْرَعَهَا مُدَّةً مَعْلُومَةً فَزَرَعَهَا ثُمَّ أَصَابَ الزَّرْعَ آفَةٌ سَمَاوِيَّةٌ وَهَلَكَ بِهَا الزَّرْعُ وَلَمْ يَبْقَ بَعْدَ هَلَاكِهِ مُدَّةً يَتَمَكَّنُ الرَّجُلُ فِيهَا مِنْ إعَادَةِ مَا هَلَكَ فَهَلْ لَا يَلْزَمُهُ أُجْرَةُ تِلْكَ الْمُدَّةِ؟
(الْجَوَابُ): لَا أَجْرَ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ فِيمَا بَقِيَ مِنْ الْمُدَّةِ بَعْدَ هَلَاكِ الزَّرْعِ إلَّا إذَا تَمَكَّنَ مِنْ إعَادَةِ زَرْعٍ مِثْلِهِ أَوْ دُونَهُ فِي الضَّرَرِ كَمَا صَرَّحَ بِذَلِكَ فِي لِسَانِ الْحُكَّامِ وَالْمُحِيطِ وَغَيْرِهِمَا.
(سُئِلَ) فِيمَنْ آجَرَ مَكَانًا هُوَ مِلْكُهُ مُدَّةً مَعْلُومَةً وَأَرَادَ فَسْخَ الْإِجَارَةِ فِي الْمُدَّةِ زَاعِمًا أَنَّ رَجُلًا زَادَ فِي الْأُجْرَةِ وَأَنَّ لَهُ قَبُولَ الزِّيَادَةِ وَفَسْخَ الْإِجَارَةِ بِهَا فَهَلْ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ وَإِنْ زِيدَ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ فَإِنْ فِي مِلْكٍ لَمْ تُقْبَلْ مُطْلَقًا كَمَا لَوْ رَخُصَتْ وَهُوَ شَامِلٌ لِمَالِ الْيَتِيمِ بِعُمُومِهِ أَشْبَاهٌ مِنْ الْإِجَارَةِ وَنَقَلَهُ الْعَلَائِيُّ عَنْهُ أَيْضًا.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا مَاتَ وَكِيلُ الْمُؤَجِّرِ فَهَلْ لَا تَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ بِمَوْتِهِ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ لَا تَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ بِمَوْتِ الْوَكِيلِ كَمَا فِي الْفَتَاوَى وَالتَّنْوِيرِ وَغَيْرِهِمَا وَتَبْطُلُ الْإِجَارَةُ بِمَوْتِ الْآجِرِ وَالْمُسْتَأْجِرِ عِنْدَنَا خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ وَلَا تَبْطُلُ بِمَوْتِ الْوَكِيلِ وَلَا بِمَوْتِ الْأَبِ وَالْوَصِيِّ وَلَا بِبُلُوغِ الصَّبِيِّ وَتَبْطُلُ بِمَوْتِ الْمُوَكِّلِ خَانِيَّةٌ مِنْ أَوَائِلِ كِتَابِ الْإِجَارَةِ وَكَذَلِكَ أَفْتَى الْمُؤَلِّفُ بِعَدَمِ الِانْفِسَاخِ فِيمَا إذَا مَاتَ نَاظِرُ وَقْفٍ اسْتَأْجَرَ بِمَالِ الْوَقْفِ لِجِهَةِ الْوَقْفِ عَقَارَاتِ وَقْفٍ آخَرَ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا جَرَتْ عَادَةُ أَهْلِ مَوْضِعٍ أَنَّ الرَّاعِيَ إذَا أَدْخَلَ الْمَوَاشِيَ فِي سِكَكِ الْقَرْيَةِ أَرْسَلَ كُلَّ شَاةٍ فِي سِكَّةِ صَاحِبِهَا فَفَعَلَ الرَّاعِي ذَلِكَ وَلَا يُعَدُّ ذَلِكَ خِلَافًا عِنْدَهُمْ فَضَاعَتْ شَاةٌ قَبْلَ أَنْ تَصِلَ إلَى صَاحِبِهَا فَهَلْ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ وَفِي الذَّخِيرَةِ أَهْلُ مَوْضِعٍ جَرَتْ الْعَادَةُ بَيْنَهُمْ أَنَّ الْبَقَّارَ إذَا أَدْخَلَ السَّرْحَ فِي السِّكَكِ أَرْسَلَ كُلَّ بَقَرَةٍ فِي سِكَّةِ صَاحِبِهَا فَفَعَلَ الرَّاعِي كَذَلِكَ فَضَاعَتْ بَقَرَةٌ أَوْ شَاةٌ قَبْلَ أَنْ تَصِلَ إلَى صَاحِبِهَا لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْمَعْرُوفَ كَالْمَشْرُوطِ كَذَا قَالَ أَبُو نَصْرٍ الدَّبُوسِيُّ وَقَالَ بَعْضُهُمْ إذَا لَمْ يُعَدَّ ذَلِكَ خِلَافًا لَا ضَمَانَ عِمَادِيَّةٌ مِنْ ضَمَانِ الرَّاعِي.
(سُئِلَ) فِي بِرْكَةِ مَاءٍ فِي مَدْرَسَةٍ فِيهَا فَائِضَانِ مُحْتَكَرٌ مَجْرَاهُمَا مَعَ جَمِيعِ مَا يُفِيضُ مِنْ الْمَاءِ إلَى دَارَيْنِ مَعْلُومَتَيْنِ بِمُوجِبِ حُجَجِ احْتِكَارَاتٍ شَرْعِيَّةٍ فَأَحْدَثَ مُتَوَلِّي الْمَدْرَسَةِ فَائِضًا ثَالِثًا وَأَحْكَرَ مَجْرَاهُ بِقَدْرِ ثُلُثِ الْمَاءِ لِعَمْرٍو بِدُونِ إذْنٍ وَلَا وَجْهٍ شَرْعِيٍّ فَهَلْ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ.
(سُئِلَ) فِي عَقَارَاتٍ جَارِيَةٍ فِي وَقْفٍ بِرٍّ وَفِي تَوَاجِرِ زَيْدٍ مِنْ مُتَوَلِّي الْوَقْفِ مُدَّةً مَعْلُومَةً بِأُجْرَةٍ مَعْلُومَةٍ هِيَ دُونَ أَجْرِ الْمِثْلِ بِغَبْنٍ فَاحِشٍ ظَاهِرٍ يَشْهَدُ بِهِ الْحِسُّ وَالْمُعَايَنَةُ وَأَهْلُ النَّظَرِ وَالدِّرَايَةِ مِنْ الثِّقَاتِ الْعُدُولِ وَأَذِنَ الْمُتَوَلِّي الْمَزْبُورُ لِزَيْدٍ الْمُسْتَأْجِرِ بِتَعْمِيرِ مَا تَحْتَاجُ إلَيْهِ الْعَقَارَاتُ مِنْ الْعِمَارَةِ مِنْ مَالِهِ وَمَهْمَا يَصْرِفُهُ يَكُنْ مَرْصَدًا لَهُ عَلَى رَقَبَةِ الْمَأْجُورِ وَصَدَرَ الِاسْتِئْجَارُ وَالْإِذْنُ لَدَى قَاضٍ حَنْبَلِيٍّ فَعَمَّرَ زَيْدٌ فِي الْعَقَارَاتِ وَصَرَفَ عَلَيْهَا مَبْلَغًا مَعْلُومًا مَعَ أَنَّ فِي الْوَقْفِ الْمَزْبُورِ مَالًا حَاصِلًا يُمْكِنُ صَرْفُ ذَلِكَ مِنْهُ حَالَ صُدُورِ الِاسْتِئْجَارِ وَالْإِذْنِ وَبَعْدَهُمَا وَانْتَفَعَ الْمُسْتَأْجِرُ بِالْمَأْجُورِ الْمَذْكُورِ مُدَّةً ثُمَّ تَوَلَّى الْوَقْفَ رَجُلٌ آخَرُ وَيُرِيدُ مُطَالَبَةَ الْمُسْتَأْجِرِ بِتَمَامِ أُجْرَةِ الْمِثْلِ فِي مُدَّةِ انْتِفَاعِهِ فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ لِلْمُتَوَلِّي الْمَزْبُورِ مُطَالَبَةُ الْمُسْتَأْجِرِ بِذَلِكَ لِفَسَادِ الْإِجَارَةِ بِكَوْنِهَا بِغَبْنٍ فَاحِشٍ لِمَا فِي التَّنْوِيرِ وَغَيْرِهِ مُتَوَلِّي أَرْضِ الْوَقْفِ آجَرَهَا بِغَيْرِ أَجْرِ الْمِثْلِ يَلْزَمُ مُسْتَأْجِرَهَا تَمَامُ أَجْرِ الْمِثْلِ. اهـ.
وَفِي الْبَحْرِ أَنَّ إجَارَةَ الْوَقْفِ لَا تَجُوزُ إلَّا بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ أَوْ أَكْثَرَ. اهـ.
وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ إذَا زَعَمَ الْمُسْتَأْجِرُ الْمَزْبُورُ أَنَّ لَهُ حَبْسَ عَيْنِ الْمَأْجُورِ لِاسْتِيفَاءِ مَرْصَدِهِ عَلَى فَرْضِ صِحَّةِ الصَّرْفِ الْمَزْبُورِ وَأَنَّ الْمَبْلَغَ الْمَزْبُورَ دَيْنٌ عَلَى عَيْنِ الْمَأْجُورِ لَا عَلَى جِهَةِ الْوَقْفِ وَأَرَادَ الْمُتَوَلِّي مُحَاسَبَةَ الْمُسْتَأْجِرِ بِتَمَامِ أَجْرِ الْمِثْلِ وَمُسَاقَطَتَهُ بِهِ مِنْ الْمَبْلَغِ الَّذِي صَرَفَهُ الْمُسْتَأْجِرُ الْمَزْبُورُ فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ الْجَوَابُ نَعَمْ لِلْمُتَوَلِّي ذَلِكَ بَعْدَ ثُبُوتِ الْمَرْصَدِ الْمَزْبُورِ وَلَا عِبْرَةَ بِمُجَرَّدِ زَعْمِ الْمُسْتَأْجِرِ الْمَذْكُورِ حَيْثُ الْحَالُ مَا ذُكِرَ. (أَقُولُ) حَيْثُ كَانَتْ الْإِجَارَةُ بِدُونِ أُجْرَةِ الْمِثْلِ تَكُونُ فَاسِدَةً فَيَفْسُدُ مَا فِي ضِمْنِهَا مِنْ الْإِذْنِ بِالْعِمَارَةِ كَمَا مَرَّ فِي كِتَابِ الْوَقْفِ عَنْ فَتَاوَى الشَّيْخِ إسْمَاعِيلَ وَسَيَأْتِي سُؤَالٌ وَجَوَابٌ عَنْ جَدِّ الْمُؤَلِّفِ أَنَّ الْإِذْنَ بِالْغِرَاسِ بَاطِلٌ إذَا فَسَدَتْ الْإِجَارَةُ وَعَلَّلَهُ الْمُؤَلِّفُ فِيمَا سَيَأْتِي بِأَنَّ الشَّيْءَ إذَا بَطَلَ بَطَلَ مَا فِي ضِمْنِهِ فَتَنَبَّهْ لَكِنْ فِي أَوَائِلِ كِتَابِ الْإِجَارَاتِ مِنْ الْفَتَاوَى الْخَيْرِيَّةِ مَا يُخَالِفُهُ كَمَا سَنَذْكُرُهُ.
(سُئِلَ) فِي رَحَى مَاءٍ جَارِيَةٍ فِي تَوَاجِرِ رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِهَا فَانْقَطَعَ مَاؤُهَا فِي أَثْنَاءِ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ وَيُرِيدُ الرَّجُلُ فَسْخَ الْإِجَارَةِ بِالْوَجْهِ الشَّرْعِيِّ فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ وَتُفْسَخُ الْإِجَارَةُ أَيْ لِلْمُسْتَأْجِرِ وِلَايَةُ الْفَسْخِ لَا أَنَّهَا تَنْفَسِخُ لِاحْتِمَالِ الِانْتِفَاعِ بِوَجْهٍ آخَرَ بِخِيَارِ الشَّرْطِ وَالرُّؤْيَةِ وَبِعَيْبٍ يُفَوِّتُ النَّفْعَ بِهِ كَخَرَابِ الدَّارِ وَانْقِطَاعِ مَاءِ الرَّحَى وَانْقِطَاعِ مَاءِ الْأَرْضِ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهَا يُفَوِّتُ النَّفْعَ فَيَثْبُتُ خِيَارُ الْفَسْخِ وَلَوْ انْقَطَعَ مَاءُ الرَّحَى وَالْبَيْتُ مِمَّا يُنْتَفَعُ بِهِ لِغَيْرِ الطَّحْنِ فَعَلَيْهِ مِنْ الْأُجْرَةِ حِصَّتُهُ؛ لِأَنَّهُ بَقِيَ شَيْءٌ مِنْ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ فَإِذَا اسْتَوْفَاهُ لَزِمَتْهُ حِصَّتُهُ زَيْلَعِيٌّ. (أَقُولُ) كَتَبْت فِي أَوَّلِ بَابِ فَسْخِ الْإِجَارَةِ مِنْ حَاشِيَتِي رَدِّ الْمُحْتَارِ عَلَى الدُّرِّ الْمُخْتَارِ مَا نَصُّهُ فَلَوْ لَمْ يَفْسَخْ حَتَّى عَادَ الْمَاءُ لَزِمَتْهُ وَيُرْفَعُ عَنْهُ مِنْ الْأَجْرِ بِحِسَابِهِ قِيلَ حِسَابُ أَيَّامِ الِانْقِطَاعِ وَقِيلَ بِقَدْرِ حِصَّةِ مَا انْقَطَعَ مِنْ الْمَاءِ وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ؛ لِأَنَّ ظَاهِرَ الرِّوَايَةِ يَشْهَدُ لَهُ فَإِنَّهُ قَالَ فِي الْأَصْلِ الْمَاءُ إذَا انْقَطَعَ الشَّهْرَ كُلَّهُ وَلَمْ يَفْسَخْهَا الْمُسْتَأْجِرُ حَتَّى مَضَى الشَّهْرُ فَلَا أَجْرَ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ وَلَوْ كَانَتْ مَنْفَعَةُ السُّكْنَى مَعْقُودًا عَلَيْهَا مَعَ مَنْفَعَةِ الطَّحْنِ وَجَبَ بِقَدْرِ مَا يَخُصُّ مَنْفَعَةَ السُّكْنَى كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّةِ وَمُفَادُهُ أَنَّهُ لَا يَجِبُ أَجْرُ بَيْتِ الرَّحَى صَالِحًا لِغَيْرِ الطَّحْنِ كَالسُّكْنَى مَا لَمْ تَكُنْ مَعْقُودًا عَلَيْهَا وَنَقَلَ فِي التَّتَارْخَانِيَّةِ عَنْ الْقُدُورِيِّ إنْ كَانَ الْبَيْتُ يُنْتَفَعُ بِهِ لِغَيْرِ الطَّحْنِ فَعَلَيْهِ مِنْ الْأَجْرِ بِحِصَّتِهِ. اهـ.
وَنَحْوُهُ مَا فِي الزَّيْلَعِيِّ تَأَمَّلْ. اهـ.
مَا كَتَبْته فَعُلِمَ أَنَّ مَا مَرَّ عَنْ الزَّيْلَعِيِّ مِنْ أَنَّ عَلَيْهِ مِنْ الْأُجْرَةِ حِصَّتَهُ أَيْ حِصَّةَ بَيْتِ الرَّحَى مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ مَنْفَعَةَ السُّكْنَى مَعْقُودٌ عَلَيْهَا مَعَ مَنْفَعَةِ الطَّحْنِ بِقَرِينَةِ التَّعْلِيلِ وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ كَلَامُ الْقُدُورِيِّ وَإِلَّا فَهُوَ مُخَالِفٌ لِرِوَايَةِ الْأَصْلِ الَّذِي هُوَ مِنْ كُتُبِ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ فَتَنَبَّهْ لِذَلِكَ وَكَتَبْت فِيهَا أَيْضًا أَنَّ الِانْقِطَاعَ غَيْرُ قَيْدٍ لِمَا فِي التَّتَارْخَانِيَّةِ أَيْضًا وَإِذَا انْتَقَصَ الْمَاءُ فَإِنْ فَاحِشًا فَلَهُ حَقُّ الْفَسْخِ وَإِلَّا فَلَا قَالَ الْقُدُورِيُّ إذَا صَارَ يَطْحَنُ أَقَلَّ مِنْ النِّصْفِ فَهُوَ فَاحِشٌ وَفِي وَاقِعَاتِ النَّاطِفِيِّ لَوْ يَطْحَنُ عَلَى النِّصْفِ لَهُ الْفَسْخُ وَهَذِهِ تُخَالِفُ رِوَايَةَ الْقُدُورِيِّ وَلَوْ لَمْ يَرُدَّهُ حَتَّى طَحَنَ كَانَ رِضًا مِنْهُ وَلَيْسَ لَهُ الرَّدُّ بَعْدَهُ. اهـ.
مَا فِي التَّتَارْخَانِيَّةِ. اهـ.
(سُئِلَ) فِي رَجُلٍ سَكَنَ فِي دَارٍ مُشْتَرَكَةٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَيْتَامٍ مُدَّةً مَعْلُومَةً بِلَا إجَارَةٍ وَلَا أُجْرَةٍ فَهَلْ يَلْزَمُهُ أُجْرَةُ مِثْلِ حِصَّةِ الْأَيْتَامِ فِي الْمُدَّةِ الْمَزْبُورَةِ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ وَالْمَسْأَلَةُ فِي فَتَاوَى التُّمُرْتَاشِيِّ مِنْ الشَّرِكَةِ وَمِثْلُهُ فِي شَرْحِ التَّنْوِيرِ وَكَذَا فِي فَتَاوَى الْكَازَرُونِيِّ فِي رَجُلٍ تَزَوَّجَ أُمَّ يَتِيمَتَيْنِ وَسَكَنَ فِي دَارِهِمَا.
سُئِلَ) فِي يَتِيمَيْنِ اسْتَعْمَلَهُمَا قَرِيبُهُمَا فِي أَعْمَالٍ شَتَّى بِلَا إذْنِ الْحَاكِمِ وَلَا إجَارَةٍ وَكَانَ يُطْعِمُهُمَا وَيَسْقِيهِمَا وَيُعْطِيهِمَا بَعْضَ الْأَحْيَانِ دَرَاهِمَ وَذَلِكَ قَدْرُ أُجْرَةِ مِثْلِهِمَا ثُمَّ بَلَغَا وَطَلَبَا مِنْهُ أَجْرَ مِثْلِهِمَا فَهَلْ لَيْسَ لَهُمَا ذَلِكَ حَيْثُ الْحَالُ مَا ذُكِرَ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ يَتِيمٌ لَا أَبَ لَهُ وَلَا أُمَّ أَيْضًا اسْتَعْمَلَهُ أَقْرِبَاؤُهُ مُدَّةً فِي أَعْمَالٍ شَتَّى بِلَا إذْنِ الْحَاكِمِ وَبِلَا إجَارَةٍ لَهُ طَلَبُ أَجْرِ الْمِثْلِ بَعْدَ الْبُلُوغِ إنْ كَانَ مَا يُعْطُونَهُ مِنْ الْكِسْوَةِ وَالْكِفَايَةِ لَا يُسَاوِي أَجْرَ الْمِثْلِ بَزَّازِيَّةٌ فِي نَوْعِ الْمُتَفَرِّقَاتِ مِنْ الْإِجَارَةِ وَبِمِثْلِهِ أَفْتَى الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ.
(سُئِلَ) فِي خَانٍ مَعْلُومٍ جَارٍ فِي وَقْفٍ أَهْلِيٍّ وَفِي تَوَاجِرِ زَيْدٍ مِنْ نَاظِرَيْ وَقْفِهِ مُدَّةَ ثَلَاثِ سَنَوَاتٍ وَلَمْ يَحْكُمْ حَاكِمٌ بِصِحَّةِ الْإِجَارَةِ فِي حَادِثَةِ الْمُدَّةِ ثُمَّ زَادَ رَجُلٌ فِي أَثْنَاءِ الْمُدَّةِ نَحْوَ ثُلُثِ أُجْرَتِهِ فَهَلْ يُؤَجَّرُ مِمَّنْ زَادَ مِنْ غَيْرِ عَرْضٍ عَلَى زَيْدٍ لِفَسَادِ إجَارَتِهِ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ وَلَمْ تَزِدْ فِي الْأَوْقَافِ عَلَى ثَلَاثٍ فِي الضِّيَاعِ وَعَلَى سَنَةٍ فِي غَيْرِهَا فَلَوْ آجَرَهَا الْمُتَوَلِّي أَكْثَرَ لَمْ تَصِحَّ الْإِجَارَةُ وَتُفْسَخُ فِي كُلِّ الْمُدَّةِ؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ إذَا فَسَدَ فِي بَعْضِهِ فَسَدَ فِي كُلِّهِ فَتَاوَى قَارِئِ الْهِدَايَةِ وَرَجَّحَهُ الْمُصَنِّفُ عَلَى مَا فِي أَنْفَعِ الْوَسَائِلِ إلَخْ عَلَائِيٌّ مِنْ الْإِجَارَةِ وَإِنْ كَانَتْ الْعَيْنُ وَقْفًا فَإِنْ كَانَتْ الْإِجَارَةُ فَاسِدَةً آجَرَهَا النَّاظِرُ بِلَا عَرْضٍ عَلَى الْأَوَّلِ إذْ لَا حَقَّ لَهُ أَشْبَاهٌ مِنْ الْإِجَارَةِ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا آجَرَ زَيْدٌ النَّاظِرُ دَارَ الْوَقْفِ مِنْ عَمْرٍو مُدَّةَ سَنَةٍ بِأُجْرَةٍ مَعْلُومَةٍ ثُمَّ زَادَ رَجُلٌ فِي أُجْرَتِهَا زِيَادَةً مُعْتَبَرَةً هِيَ مِقْدَارُ الْخُمُسِ فَهَلْ تُؤَجَّرُ مِنْ الرَّجُلِ؟
(الْجَوَابُ): تُعْرَضُ الزِّيَادَةُ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ فَإِنْ قَبِلَهَا فِيهَا وَإِلَّا تُؤَجَّرُ مِنْ الرَّجُلِ. (أَقُولُ) وَقَعَ فِي الْحَاوِي الْقُدْسِيِّ أَنَّهَا تُنْقَضُ عِنْدَ الزِّيَادَةِ الْفَاحِشَةِ وَذَكَرَ فِي وَقْفِ الْبَحْرِ أَنَّ الدِّرْهَمَ فِي الْعَشَرَةِ يَتَغَابَنُ النَّاسُ فِيهِ بِخِلَافِ الدِّرْهَمَيْنِ أَيْ فَهُمَا زِيَادَةٌ فَاحِشَةٌ وَلِهَذَا قَالَ الْمُؤَلِّفُ فِي السُّؤَالِ هِيَ مِقْدَارُ الْخُمُسِ وَمِثْلُهُ فِي الْخَيْرِيَّةِ لَكِنْ نَقَلَ الْبِيرِيُّ وَغَيْرُهُ عَنْ الْحَاوِي الْحَصِيرِيِّ أَنَّ الزِّيَادَةَ الْفَاحِشَةَ قَدْرُ النِّصْفِ فَتَأَمَّلْ.
(سُئِلَ) فِي دَارٍ جَارِيَةٍ فِي وَقْفٍ أَهْلِيٍّ آجَرَهَا النَّاظِرُ مِنْ زَيْدٍ مُدَّةَ سَنَةٍ بِأُجْرَةٍ مَعْلُومَةٍ ثُمَّ زَادَ رَجُلٌ فِي أَثْنَاءِ السَّنَةِ فِي أُجْرَتِهَا زِيَادَةً مُعْتَبَرَةً هِيَ أُجْرَةُ مِثْلِهَا يَوْمَ الزِّيَادَةِ فَهَلْ تُعْرَضُ الزِّيَادَةُ عَلَى زَيْدٍ فَإِنْ قَبِلَهَا فَهُوَ الْأَحَقُّ بِهَا وَإِلَّا آجَرَهَا مِنْ الْآخَرِ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ. (أَقُولُ) هَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى أَصَحِّ التَّصْحِيحَيْنِ مِنْ أَنَّ النَّاظِرَ لَهُ فَسْخُ الْإِجَارَةِ بِالزِّيَادَةِ الْعَارِضَةِ فِي أَثْنَاءِ الْمُدَّةِ كَمَا حَرَّرْته فِي رَدِّ الْمُحْتَارِ ثُمَّ إنَّ الْمُتَبَادِرَ مِنْ عِبَارَةِ الْأَشْبَاهِ الْمَارَّةِ آنِفًا أَنَّ الْعَرْضَ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ الْأَوَّلِ فِي الْإِجَارَةِ الصَّحِيحَةِ خَاصٌّ بِالْوَقْفِ أَمَّا الْمَالِكُ لَوْ أَجَّرَ دَارِهِ مَثَلًا مِنْ رَجُلٍ ثُمَّ انْقَضَتْ الْمُدَّةُ فَلَهُ إيجَارُهَا مِنْ غَيْرِهِ؛ لِأَنَّ لَهُ عَدَمَ إيجَارِهَا أَصْلًا بِخِلَافِ الْمَوْقُوفِ لِلْغَلَّةِ فَإِنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ إيجَارِهِ فَإِيجَارُهُ مِنْ غَيْرِ الْمُسْتَأْجِرِ الْأَوَّلِ تَعَنُّتٌ إلَّا إنْ زَادَ عَلَيْهِ آخَرُ فِي الْأُجْرَةِ وَلَمْ يَقْبَلْ الْأَوَّلُ الزِّيَادَةَ فَتُؤَجَّرُ مِنْ الْآخَرِ هَذَا مَا ظَهَرَ لِي تَأَمَّلْ بَقِيَ لَوْ كَانَتْ صَحِيحَةً وَمَضَتْ الْمُدَّةُ فَآجَرَهَا نَاظِرُ الْوَقْفِ مِنْ آخَرَ قَبْلَ الْعَرْضِ عَلَى الْأَوَّلِ وَطَلَبَهَا الْأَوَّلُ هَلْ لَهُ فَسْخُ الْإِجَارَةِ لِكَوْنِهِ أَحَقَّ بِمَعْنَى أَنَّهُ لَا يَصِحُّ إيجَارُهَا لِغَيْرِهِ أَمْ لَا لِكَوْنِ مَعْنَى كَوْنِهِ أَحَقَّ أَنَّهُ أَوْلَى وَأَنَّ الْعَرْضَ عَلَيْهِ غَيْرُ وَاجِبٍ لَمْ أَرَهُ صَرِيحًا فِي كَلَامِهِمْ فَتَأَمَّلْ.
(سُئِلَ) فِي مَزْرَعَةٍ مِيرِيَّةٍ مَعْلُومَةٍ أَجَّرَهَا الْمُفَوَّضُ لَهُ أَمْرُهَا مِنْ رَجُلٍ مُدَّةً مَعْلُومَةً بِأُجْرَةٍ مَعْلُومَةٍ مِنْ الدَّرَاهِمِ هِيَ دُونَ أُجْرَةِ مِثْلِهَا بِغَبْنٍ فَاحِشٍ ثُمَّ زَادَ رَجُلٌ آخَرُ فِي أُجْرَتِهَا زِيَادَةً مُعْتَبَرَةً نَحْوَ نِصْفِ الْأُجْرَةِ الْمَرْقُومَةِ هِيَ أُجْرَةُ مِثْلِهَا وَيُرِيدُ الْمُتَكَلِّمُ عَلَيْهَا إيجَارَهَا مِنْهُ بِأَجْرِ الْمِثْلِ فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ قَدْ تَقَرَّرَ أَنَّ أَرَاضِيَ بَيْتِ الْمَالِ يُسْلَكُ بِهَا مَسَالِكَ أَرْضِ الْوَقْفِ خَيْرِيَّةٌ مِنْ الْعُشْرِ وَالْخَرَاجِ وَفِيهَا وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ يَجِبُ مُرَاعَاةُ مَصْلَحَةِ بَيْتِ الْمَالِ كَمَا تَجِبُ مُرَاعَاةُ مَالِ الْيَتِيمِ وَمَا وَرَدَ فِيهِ غَيْرُ خَافٍ عَلَى فَقِيهٍ وَفِيهَا أَيْضًا نُزِّلَ الْإِمَامُ الْأَعْظَمُ فِي مَالِ بَيْتِ الْمَالِ مَنْزِلَةَ وَالِي الْيَتِيمِ وَفِيهَا أَيْضًا لِلتَّيْمَارِيِّ إجَارَتُهَا شَرْعًا بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْعَلَّامَةُ قَاسِمٌ فِي فَتَاوَاهُ كَأَرْضِ الْوَقْفِ. اهـ.
لَكِنْ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ يُؤَجِّرُهَا التَّيْمَارِيُّ مِمَّنْ زَادَ بِالزِّيَادَةِ الْمَزْبُورَةِ مِنْ غَيْرِ عَرْضٍ عَلَى الْأَوَّلِ إذْ الْإِجَارَةُ الْأُولَى فَاسِدَةٌ لِكَوْنِهَا بِغَبْنٍ فَاحِشٍ وَفِي الْفَاسِدَةِ تُؤَجَّرُ مِنْ غَيْرِ عَرْضٍ كَمَا تَقَدَّمَ نَقْلُهُ وَفِي الْخَيْرِيَّةِ أَيْضًا مِنْ الدَّعْوَى أَنَّ أَرَاضِيَ بَيْتِ الْمَالِ جَرَتْ عَلَى رَقَبَتِهَا أَحْكَامُ الْوُقُوفِ الْمُؤَبَّدَةِ. اهـ.
(أَقُولُ) مُقْتَضَى هَذَا أَنَّ أَرَاضِيَ بَيْتِ الْمَالِ لَا تُؤَجَّرُ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثِ سِنِينَ كَأَرَاضِي الْوَقْفِ وَالْيَتِيمِ وَبِهِ يَنْدَفِعُ مَا فِي فَتَاوَى الْكَازَرُونِيِّ عَنْ فَتَاوَى الْمُرْشِدِيِّ مِنْ قَوْلِهِ وَأَمَّا كَوْنُ أَرَاضِيِ بَيْتِ الْمَالِ هَلْ تُؤَجَّرُ مُدَّةً طَوِيلَةً أَوْ قَصِيرَةً فَلَمْ أَجِدْ مَنْ صَرَّحَ بِذَلِكَ لَكِنْ لَمْ يُقَيِّدُوهَا بِالْمُدَّةِ الْقَصِيرَةِ كَمَا فَعَلُوا ذَلِكَ فِي الْأَوْقَافِ وَأَرْضِ الْيَتِيمِ وَإِطْلَاقُهُمْ يَقْتَضِي جَوَازَ الْإِجَارَةِ مُطْلَقًا قَلَّتْ الْمُدَّةُ أَوْ كَثُرَتْ وَأَيْضًا اتِّسَاعُهُمْ فِي جَوَازِ الصَّرْفِ لِلْإِمَامِ فِي الْبَيْعِ وَالْإِقْطَاعَاتِ يُفِيدُ جَوَازَ ذَلِكَ. اهـ.
وَقَدْ اسْتَدْرَكَ عَلَيْهِ الْمُؤَلِّفُ بِقَوْلِهِ ثُمَّ رَأَيْت فِي حَاشِيَةِ الْبَحْرِ لِلْخَيْرِ الرَّمْلِيِّ مِنْ كِتَابِ الْإِجَارَةِ تَحْتَ قَوْلِ الْمَاتِنِ وَلَا تُزَادُ فِي الْأَوْقَافِ عَلَى ثَلَاثِ سِنِينَ إلَى أَنْ قَالَ مَا نَصُّهُ وَأَقُولُ أَيْضًا وَمِثْلُ عَقَارِ الْيَتِيمِ عَقَارُ بَيْتِ الْمَالِ فَتَأَمَّلْ. اهـ.
(سُئِلَ) فِي أَمَاكِنَ مُعَدَّةٍ لِلِاسْتِغْلَالِ مُشْتَرَكَةٍ بَيْنَ هِنْدٍ وَجَمَاعَةٍ بِيَدِهِمْ تِلْكَ الْأَمَاكِنُ يُؤَجِّرُونَهَا وَيَأْخُذُونَ جَمِيعَ أُجْرَتِهَا لِأَنْفُسِهِمْ بِلَا وَكَالَةٍ عَنْ هِنْدٍ فِي حِصَّتِهَا وَلَا إجَازَةٍ مِنْهَا وَلَا وَجْهٍ شَرْعِيٍّ وَمَضَى لِذَلِكَ مُدَّةٌ وَالْآنَ تُرِيدُ هِنْدٌ مُطَالَبَتَهُمْ بِأُجْرَةِ نَصِيبِهَا وَاسْتِرْدَادِ ذَلِكَ مِمَّا قَبَضُوهُ مِنْ الْأُجْرَةِ فَهَلْ لَهَا ذَلِكَ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ الْغَاصِبُ إذَا أَجَّرَ مَا مَنَافِعُهُ مَضْمُونَةٌ مِنْ مَالِ وَقْفٍ أَوْ يَتِيمٍ أَوْ مُعَدٍّ لِلِاسْتِغْلَالِ فَعَلَى الْمُسْتَأْجِرِ الْمُسَمَّى لَا أَجْرُ الْمِثْلِ وَلَا يَلْزَمُ الْغَاصِبَ أَجْرُ الْمِثْلِ إنَّمَا يَرُدُّ مَا قَبَضَهُ أَشْبَاهٌ مِنْ الْغَصْبِ وَمِثْلُهُ فِي الْعَلَائِيِّ. (أَقُولُ) أَصْلُ الْمَسْأَلَةِ فِي الْقُنْيَةِ وَعِبَارَتُهَا وَلَوْ غَصَبَ دَارًا مُعَدَّةً لِلِاسْتِغْلَالِ أَوْ مَوْقُوفَةً أَوْ لِيَتِيمٍ وَآجَرَهَا وَسَكَنَهَا الْمُسْتَأْجِرُ يَلْزَمُهُ الْمُسَمَّى لَا أَجْرُ الْمِثْلِ قِيلَ لَهُ وَهَلْ يَلْزَمُ الْغَاصِبَ الْأَجْرُ لِمَنْ لَهُ الدَّارُ فَكَتَبَ لَا وَلَكِنْ يَرُدُّ مَا قَبَضَ عَلَى الْمَالِكِ وَهُوَ الْأَوْلَى ثُمَّ سُئِلَ أَيَلْزَمُ الْمُسَمَّى لِلْمَالِكِ أَوْ لِلْعَاقِدِ فَقَالَ لِلْعَاقِدِ وَلَا يَطِيبُ لَهُ بَلْ يَرُدُّهُ عَلَى الْمَالِكِ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ يَتَصَدَّقُ بِهِ. اهـ.
مَا فِي الْقُنْيَةِ وَفِيهِ مُخَالَفَةٌ لِمَا أَفْتَى بِهِ الْمُؤَلِّفُ فَإِنَّهُ جَعَلَ الْمُسَمَّى لِلْعَاقِدِ يَعْنِي الْغَاصِبَ وَأَنَّ رَدَّهُ عَلَى الْمَالِكِ أَوْلَى.
لَكِنْ كَتَبْت فِي رَدِّ الْمُحْتَارِ مَا نَصُّهُ بَعْدَ سَوْقِ عِبَارَةِ الْقُنْيَةِ الْمَذْكُورَةِ قَالَ الْعَلَّامَةُ الْبِيرِيُّ الصَّوَابُ أَنَّ هَذَا مُفَرَّعٌ عَلَى قَوْلِ الْمُتَقَدِّمِينَ أَمَّا عَلَى مَا عَلَيْهِ الْمُتَأَخِّرُونَ فَعَلَى الْغَاصِبِ أَجْرُ الْمِثْلِ. اهـ.
أَيْ إنْ كَانَ مَا قَبَضَهُ مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ أَجْرَ الْمِثْلِ أَوْ دُونَهُ فَلَوْ أَكْثَرَ يَرُدُّ الزَّائِدَ أَيْضًا لِعَدَمِ طِيبِهِ لَهُ كَمَا حَرَّرَهُ الْحَمَوِيُّ وَأَقَرَّهُ السَّيِّدُ مُحَمَّدٌ أَبُو السُّعُودِ فِي حَاشِيَتِهِ عَلَى الْأَشْبَاهِ. اهـ.
وَالْحَاصِلُ أَنَّ مَا فِي الْأَشْبَاهِ وَالْقُنْيَةِ مَبْنِيٌّ عَلَى قَوْلِ الْمُتَقَدِّمِينَ مِنْ عَدَمِ تَحَقُّقِ غَصْبِ الْعَقَارِ مُطْلَقًا وَالْمُفْتَى بِهِ عِنْدَ الْمُتَأَخِّرِينَ تَحَقُّقُهُ فِي الْوَقْفِ وَمَالِ الْيَتِيمِ وَالْمُعَدِّ لِلِاسْتِغْلَالِ فَيَضْمَنُ فِي هَذِهِ الثَّلَاثِ سَوَاءٌ اسْتَوْفَى مَنْفَعَتَهَا أَوْ عَطَّلَهَا فَيَضْمَنُ الشُّرَكَاءُ فِي مَسْأَلَتِنَا حِصَّةَ هِنْدٍ فَإِنَّهُ ذَكَرَ فِي مَتْنِ التَّنْوِيرِ تَبَعًا لِلدُّرَرِ أَنَّ مَنَافِعَ الْغَصْبِ غَيْرُ مَضْمُونَةٍ اسْتَوْفَاهَا أَوْ عَطَّلَهَا إلَّا فِي هَذِهِ الثَّلَاثِ لَا يُقَالُ يُسْتَثْنَى مِنْ الْمُعَدِّ لِلِاسْتِغْلَالِ مَا لَوْ سَكَنَ بِتَأْوِيلِ مِلْكٍ أَوْ عَقْدٍ كَمَا فِي التَّنْوِيرِ وَشَرْحِهِ وَهُنَا تَأْوِيلُ الْمِلْكِ مَوْجُودٌ فَإِنَّ الشَّرِيكَ لَهُ شُبْهَةُ الْمِلْكِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ هَذَا إنَّمَا يَرِدُ لَوْ كَانَ الشُّرَكَاءُ قَدْ سَكَنُوا فِي تِلْكَ الْعَقَارَاتِ الْمُشْتَرَكَةِ وَلَمْ يَسْكُنُوهَا فِي مَسْأَلَتِنَا بَلْ أَجَّرُوهَا وَاسْتَوْفَوْا بَدَلَ مَنَافِعِهَا فَتُشَارِكُهُمْ هِنْدٌ فِي الْبَدَلِ لِأَنَّ الْمُسْتَثْنَى السُّكْنَى وَاَللَّهُ أَعْلَمُ هَذَا وَقَدْ ذَكَرَ الْمُؤَلِّفُ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَحَلِّ مَسْأَلَةً اسْتِطْرَادِيَّةً عَنْ حَاوِي الزَّاهِدِيِّ أَجَّرَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ وَأَخَذَ الْأَجْرَ ثُمَّ حَضَرَ الْآخَرُ فَلَهُ أَنْ يُشَارِكَهُ فِيمَا أَخَذَ. اهـ.
وَذَكَر أَيْضًا مَسْأَلَةً أُخْرَى عَنْ جَوَاهِرِ الْفَتَاوَى وَنَصُّهَا أَرْضٌ بَيْنَ رَجُلَيْنِ آجَرَ أَحَدُهُمَا الْكُلَّ مِنْ آخَرَ بِأُجْرَةٍ مَعْلُومَةٍ إنْ آجَرَهَا لِنَفْسِهِ يَكُونُ حُكْمُهُ فِي نَصِيبِ شَرِيكِهِ بِحُكْمِ الْغَصْبِ لَا يَخْتَلِفُ وَالْحُكْمُ فِي الْغَصْبِ أَنَّ الْمَالِكَ إنْ أَجَازَ فِي أَوَّلِ الْمُدَّةِ فَالْأُجْرَةُ لَهُ وَإِنْ أَجَازَ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ فَالْأُجْرَةُ لِلْغَاصِبِ وَإِنْ أَجَازَ فِي أَثْنَاءِ الْمُدَّةِ قَالَ أَبُو يُوسُفَ أُجْرَةُ الْمَاضِي وَالْبَاقِي لِلْمَالِكِ وَقَالَ مُحَمَّدٌ مَا مَضَى لِلْغَاصِبِ وَمَا بَقِيَ لِلْمَالِكِ وَإِنْ اخْتَلَفَا أَنَّهُ أَجَازَ فِي أَوَّلِ الْمُدَّةِ لَا يُقْبَلُ قَوْلُ الْمَالِكِ إلَّا بِبَيِّنَةٍ وَلَوْ قَالَ كُنْت أَمَرْته بِذَلِكَ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ فِيهِ جَوَاهِرُ الْفَتَاوَى مِنْ الْإِجَارَةِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا فِي غَيْرِ الثَّلَاثِ الْمُسْتَثْنَيَاتِ وَأَنَّ قَوْلَهُ إنْ آجَرَهَا لِنَفْسِهِ أَيْ آجَرَهَا مِنْ غَيْرِهِ لِأَجْلِ نَفْسِهِ فَيَكُونُ غَاصِبًا وَالظَّاهِرُ أَنَّ مِثْلَهُ مَا لَوْ آجَرَهَا لِلْمَالِكِ فَيَكُونُ فُضُولِيًّا وَمَا ذَكَرَهُ هُنَا مُوَافِقٌ لِمَا ذَكَرُوهُ فِي إجَازَةِ بَيْعِ الْفُضُولِيِّ مِنْ الشُّرُوطِ وَمِنْهَا قِيَامُ الْمَبِيعِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ بَقَاءَ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ بِمَنْزِلَةِ قِيَامِ الْمَبِيعِ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا انْقَطَعَ مَاءُ حَمَّامِ وَقْفٍ فِي تَوَاجِرِ زَيْدٍ وَلَمْ يُمْكِنْ جَرَيَانُهُ وَتَعَطَّلَ بِسَبَبِ ذَلِكَ مُدَّةً وَلَمْ يُنْتَفَعْ بِهِ فَهَلْ تَسْقُطُ أُجْرَتُهُ عَنْ زَيْدٍ فِي مُدَّةِ انْقِطَاعِ مَائِهِ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ كَمَا أَفْتَى بِهِ الشَّيْخُ إسْمَاعِيلُ الْحَائِكُ وَفِي الْحَاوِي الزَّاهِدِيِّ بِرَقْمِ عك انْسَدَّ رَاقُود الْحَمَّامِ فَلَا يُنْتَفَعُ بِهِ وَهُوَ بِيَدِ الْمُسْتَأْجِرِ سَقَطَ أَجْرُ هَذِهِ الْمُدَّةِ وَلَا تَبْقَى الْإِجَارَةُ إذَا لَمْ يُنْتَفَعْ بِهِ انْتِفَاعَ الْحَمَّامِ وَقِيلَ يَجِبُ الْأَجْرُ بِقَدْرِ مَا يُنْتَفَعُ بِهِ لِلسُّكْنَى أَوْ رَبْطِ الدَّوَابِّ. اهـ.
(سُئِلَ) فِي أَرْضٍ تَيْمَارِيَّةٍ جَارِيَةٍ فِي تَصَرُّفِ زَيْدٍ وَفِي مِشَدِّ مَسْكَتِهِ حَرَثَهَا جَمَاعَةٌ بِبَقَرِهِمْ بِدُونِ إذْنِ زَيْدٍ وَلَا وَجْهٍ شَرْعِيٍّ وَيُرِيدُ رَفْعَ يَدِهِمْ عَنْهَا وَيَمْتَنِعُونَ مِنْ ذَلِكَ إلَّا أَنْ يُعْطِيَهُمْ أُجْرَةَ الْحَرْثِ فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ وَلَيْسَ لَهُمْ مُطَالَبَتُهُ بِأُجْرَةٍ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا اسْتَأْجَرَ زَيْدٌ شَرِيكَهُ عَمْرًا فِي فِلَاحَةٍ مَعْلُومَةٍ بِأُجْرَةٍ مَعْلُومَةٍ عَلَى أَنْ يَعْمَلَ فِيهَا الْعَمَلَ الْمَعْهُودَ فَعَمِلَ عَمْرٌو فِي الْفِلَاحَةِ الْعَمَلَ الْمَعْهُودَ وَقَامَ يُطَالِبُ زَيْدًا بِأُجْرَةِ عَمَلِهِ فَهَلْ لَا أُجْرَةَ لَهُ؟
(الْجَوَابُ): لَا أَجْرَ لَلشَّرِيك بِعَمَلِهِ فِي الْمُشْتَرَكِ كَمَا فِي الْكَنْزِ وَغَيْرِهِ تَحْتَ قَوْلِهِ وَلَوْ اسْتَأْجَرَهُ لِحَمْلِ طَعَامٍ بَيْنَهُمَا فَلَا أَجْرَ لَهُ.
(سُئِلَ) فِي رَجُلٍ اسْتَأْجَرَ مِنْ آخَرَ جَمَلًا لِيَرْكَبَهُ مِنْ دِمَشْقَ إلَى مَكَّةَ بِأُجْرَةٍ مَعْلُومَةٍ مِنْ الدَّرَاهِمِ دَفَعَهَا لَهُ وَرَكِبَ الْجَمَلَ إلَى نِصْفِ الطَّرِيقِ وَتَفَاسَخَا الْإِجَارَةَ وَرَكِبَ عَلَى جَمَلِ رَجُلٍ آخَرَ وَيُرِيدُ الرُّجُوعَ عَلَى الْمُؤَجِّرِ الْأَوَّلِ بِنِصْفِ الْأُجْرَةِ الَّتِي دَفَعَهَا حَيْثُ اسْتَوَى النِّصْفَانِ سُهُولَةً وَصُعُوبَةً فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ وَالْمَسْأَلَةُ فِي الْخَيْرِيَّةِ مِنْ الْإِجَارَةِ.
(سُئِلَ) فِي أَرْضٍ مِيرِيَّةٍ سَلِيخَةٍ أَذِنَ وَكِيلُ السُّلْطَانِ عَزَّ نَصْرُهُ لِزَيْدٍ بِأَنْ يَعْمُرَ فِيهَا عِمَارَةً لِنَفْسِهِ وَجَعَلَ عَلَيْهِ فِي كُلِّ سَنَةٍ مَبْلَغًا مِنْ الدَّرَاهِمِ هُوَ قَدْرُ أُجْرَةِ مِثْلِهَا وَفِي ذَلِكَ حَظٌّ وَمَصْلَحَةٌ لِجِهَةِ الْمِيرِيِّ لِتَعَطُّلِهَا وَعَدَمِ مَنْ يَرْغَبُ فِيهَا سِوَى زَيْدٍ فَهَلْ صَحَّ ذَلِكَ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ.
(سُئِلَ) فِي بُسْتَانٍ مَعْلُومٍ جَارٍ حِصَّتُهُ مِنْهُ فِي مِلْكِ زَيْدٍ وَقَدْرُهَا خَمْسَةَ عَشَرَ قِيرَاطًا وَسِتَّةُ قَرَارِيطَ وَنِصْفُ قِيرَاطٍ فِي وَقْفٍ أَهْلِيٍّ وَالْبَاقِي فِي مِلْكِ عَمْرٍو فَاسْتَأْجَرَ رَجُلٌ حِصَّةَ زَيْدٍ مِنْ الْبُسْتَانِ بِأُجْرَةٍ مَعْلُومَةٍ مِنْ الدَّرَاهِمِ هِيَ أُجْرَةُ مِثْلِهَا شَرْعًا وَصَارَ يَدْفَعُ لِجِهَةِ الْوَقْفِ عَنْ حِصَّةِ الْوَقْفِ دُونَ أُجْرَةِ مِثْلِهَا بِغَبْنٍ فَاحِشٍ بِالنِّسْبَةِ لِحِصَّةِ زَيْدٍ فِي مُدَّةٍ مَعْلُومَةٍ بِدُونِ إجَارَةٍ وَلَا وَجْهٍ شَرْعِيٍّ وَالْآنَ يُرِيدُ نَاظِرُ الْوَقْفِ الْمَرْقُومِ مُطَالَبَةَ الرَّجُلِ بِتَمَامِ أَجْرِ الْمِثْلِ عَلَى حِسَابِ حِصَّةِ شَرِيكِهِ زَيْدٍ حَيْثُ كَانَتْ الْأُولَى وَالثَّانِيَةُ مُتَمَاثِلَتَيْنِ فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ وَفِي فَتَاوَى الْكَازَرُونِيِّ عَنْ الْحَانُوتِيِّ سُئِلَ فِي بَلْدَةٍ شَائِعَةٍ لِلسَّلْطَنَةِ رُبْعُهَا وَالْبَاقِي لِلْأَوْقَافِ وَيُؤْخَذُ لِلسَّلْطَنَةِ فِي كُلِّ فَدَّانٍ دِينَارٌ وَلِبَقِيَّةِ الْأَوْقَافِ عِشْرُونَ نِصْفًا فَهَلْ مَا يَأْخُذُهُ السُّلْطَانُ يَكُونُ أُجْرَةَ الْمِثْلِ حَتَّى يُؤْخَذَ لِلْأَوْقَافِ مَا يُؤْخَذُ لِلسَّلْطَنَةِ أَوْ لَا أَجَابَ كَوْنُ الْمُتَكَلِّمِ عَلَى طِينِ السُّلْطَانِ يَأْخُذُ لَهُ هَذَا الْمِقْدَارَ لَا يَلْزَمُ مِنْهُ أَنْ يَكُونَ أُجْرَةَ الْمِثْلِ؛ لِأَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَأْخُذَ هَذَا الْمِقْدَارَ بِشَوْكَتِهِ نَعَمْ أُجْرَةُ الْمِثْلِ تُعْلَمُ مِنْ الطِّينِ الْمُجَاوِرِ إذَا كَانَ مُمَاثِلًا أَوْ مِمَّا يَأْخُذُهُ الشَّرِيكُ بِشَرْطِ الْمُمَاثَلَةِ وَأَنْ لَا يَكُونَ فِيهِمْ ذُو شَوْكَةٍ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. اهـ.
وَفِي فَتَاوَى ابْنِ الشَّلَبِيِّ الَّتِي جَمَعَهَا حَفِيدُهُ أَجَابَ الشَّيْخُ شِهَابُ الدِّينِ الرَّمْلِيُّ الشَّافِعِيُّ تَلْزَمُ أُجْرَةُ مِثْلِهَا بِالنِّسْبَةِ إلَى الْأَرَاضِي الْمُجَاوِرَةِ لَهَا مِنْ الْجِهَاتِ الْأَرْبَعِ وَوَافَقَهُ الشَّيْخُ نَاصِرُ الدِّينِ اللَّقَانِيِّ وَسَيِّدِي الْجَدُّ وَقَاضِي الْقُضَاةِ ابْنُ الْبَحَّارِ بِقَوْلِهِمْ لَا يُكَلَّفُونَ إلَى إثْبَاتِ أُجْرَةِ الْمِثْلِ ثَانِيًا حَيْثُ كَانَتْ الْحِصَّةُ الْأُولَى وَالثَّانِيَةُ سَوَاءً مُتَمَاثِلَتَيْنِ. اهـ.
(سُئِلَ) فِي رَجُلٍ اسْتَأْجَرَهُ مُتَوَلِّي مَسْجِدٍ لِيَؤُمَّ النَّاسَ فِيهِ فِي الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ وَيُوقِدَ سَرْجَهُ فِي مُدَّةِ سَنَةٍ مَعْلُومَةٍ بِأُجْرَةٍ مَعْلُومَةٍ مِنْ الدَّرَاهِمِ جَعَلَهَا لَهُ مِنْ غَلَّةِ الْوَقْفِ وَبَاشَرَ الرَّجُلُ مَا ذُكِرَ كُلَّهُ فِي السَّنَةِ الْمَرْقُومَةِ حَتَّى انْقَضَتْ وَعُزِلَ الْمُتَوَلِّي وَلَمْ يَأْخُذْ الرَّجُلُ أُجْرَتَهُ وَتَوَلَّى الْوَقْفَ رَجُلٌ آخَرُ وَفِي الْوَقْفِ غَلَّةٌ يُرِيدُ الرَّجُلُ أَخْذَ أُجْرَتِهِ مِنْ غَلَّةِ الْوَقْفِ بِالْوَجْهِ الشَّرْعِيِّ فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا اسْتَأْجَرَ زَيْدٌ مِنْ عَمْرٍو مَاعُونَ نُحَاسٍ إجَارَةً شَرْعِيَّةً وَقَبَضَهُ وَفِي أَثْنَاءِ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ سُرِقَ الْمَاعُونُ مِنْ بَيْتِ زَيْدٍ مِنْ غَيْرِ تَعَدٍّ وَلَا تَقْصِيرٍ فِي الْحِفْظِ فَهَلْ لَا يَضْمَنُ زَيْدٌ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَفِي مَجْمُوعِ النَّوَازِلِ الْعَيْنُ الْمُسْتَأْجَرَةُ أَمَانَةٌ إجْمَاعًا أَمَّا الْعَيْنُ فِي يَدِ الْأَجِيرِ فَعَلَى الْخِلَافِ بَزَّازِيَّةٌ وَفِي بُيُوعِ أَجْنَاسِ النَّاطِفِيِّ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ كُلُّ شَيْءٍ لِحَمْلِهِ مُؤْنَةٌ فَإِذَا أُوجِرَ وَانْقَضَتْ مُدَّةُ الْإِجَارَةِ كَرَحَى الْيَدِ عَلَى أَنْ يَطْحَنَ فَعَلَى الْآجِرِ أُجْرَةُ الرَّدِّ عَلَيْهِ وَأَخْذِهِ وَلَيْسَ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ رَدُّهُ وَمَا لَا حِمْلَ لَهُ كَالثِّيَابِ وَالدَّابَّةِ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ رَدُّهُ عِمَادِيَّةٌ وَفِيهَا وَإِنْ اسْتَأْجَرَتْ الْمَرْأَةُ حُلِيًّا مَعْلُومًا إلَى اللَّيْلِ بِبَدَلٍ مَعْلُومٍ لِتَلْبَسَهُ فَحَبَسَتْهُ أَكْثَرَ مِنْ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ صَارَتْ غَاصِبَةً قَالُوا وَهَذَا إذَا حَبَسَتْهُ بَعْدَ الطَّلَبِ أَوْ حَبَسَتْهُ مُسْتَعْمِلَةً فَأَمَّا إذَا حَبَسَتْهُ لِلْحِفْظِ غَيْرَ مُسْتَعْمِلَةٍ لَا تَصِيرُ غَاصِبَةً قَبْلَ وُجُودِ الطَّلَبِ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْعَيْنَ تَقَعُ أَمَانَةً فِي يَدِهَا فَلَا تَصِيرُ مَضْمُونًا إلَّا بِالِاسْتِعْمَالِ أَوْ بِالْمَنْعِ بَعْدَ الطَّلَبِ كَالْوَدِيعَةِ بِخِلَافِ الْمُسْتَعِيرِ إذَا أَمْسَكَ الثَّوْبَ الْمُسْتَعَارَ بَعْدَ مُضِيِّ الْمُدَّةِ حَيْثُ يَضْمَنُ؛ لِأَنَّ هُنَاكَ وُجِدَ الطَّلَبُ مِنْ حَيْثُ الْحُكْمُ وَقَدْ وَجَبَ الرَّدُّ عَلَيْهِ بَعْدَ مُضِيِّ الْمُدَّةِ أَمَّا فِي الْإِجَارَةِ فَلَمْ يُوجَدْ الطَّلَبُ لَا مِنْ حَيْثُ الْحَقِيقَةُ وَلَا مِنْ حَيْثُ الْحُكْمُ فَلَمْ يُوجَدْ الِاسْتِعْمَالُ وَلَا الْمَنْعُ فَلَا يَجِبُ الضَّمَانُ. اهـ.
(سُئِلَ) فِي رَجُلَيْنِ اسْتَأْجَرَا مَعًا سَوِيَّةً مِنْ زَيْدٍ طَاحُونَةً مَعَ عِدَّتِهَا الْمَعْلُومَةِ لِمُدَّةٍ مَعْلُومَةٍ بِأُجْرَةٍ مَعْلُومَةٍ مِنْ الدَّرَاهِمِ هِيَ أُجْرَةُ الْمِثْلِ وَاسْتَوْفَيَا بَعْضَ الْمُدَّةِ فَهَلْ يَلْزَمُهُمَا أُجْرَةُ مَا اسْتَوْفَيَاهُ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ وَفِي الْخَيْرِيَّةِ أَمَّا لُزُومُ أَجْرِ الْمِثْلِ فَلِأَنَّ الطَّاحُونَةَ مُعَدَّةٌ لِلِاسْتِغْلَالِ قَالَ فِي جَامِعِ الْفَتَاوَى مِنْ الْإِجَارَةِ وَفِي الْمُهَيَّأِ لِلْأَجْرِ كَالدَّكَاكِينِ وَالْمُسَقَّفَاتِ الْمَعْرُوفَةِ لِلِاسْتِغْلَالِ فَإِنَّ الِاسْتِعْدَادَ وَالِاسْتِغْلَالَ أُقِيمَ مَقَامَ الْعَقْدِ الْفَاسِدِ فَيَلْزَمُ الْغَاصِبَ أَجْرُ الْمِثْلِ لِلْمَالِكِ. اهـ.
قَالَ وَالْإِجَارَةُ الْمَزْبُورَةُ فَاسِدَةٌ؛ لِأَنَّهَا مِنْ قَبِيلِ إجَارَةِ الْوَاحِدِ مِنْ اثْنَيْنِ فَإِنَّهُ إذَا أَجْمَلَ وَقَالَ آجَرْت الدَّارَ مِنْكُمَا جَازَ بِالِاتِّفَاقِ وَلَوْ فَصَّلَ بِقَوْلِهِ نِصْفٌ مِنْك أَوْ نَحْوُهُ كَثُلُثٍ أَوْ رُبُعٍ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ عَلَى اخْتِلَافٍ مَرَّ فِيمَا إذَا كَانَ كُلُّهُ بَيْنَهُمَا وَأَجَّرَ أَحَدُهُمَا النِّصْفَ مِنْ أَجْنَبِيٍّ أَنْ يَجُوزَ فِي رِوَايَةٍ لَا فِي رِوَايَةٍ لِي أَنْ قَالَ وَأَنْتَ عَلَى عِلْمٍ مِنْ أَنَّ إطْلَاقَ الْمُتُونِ قَاطِبَةً فَسَادَ إجَارَةِ الْمُشَاعِ إلَّا مِنْ الشَّرِيكِ مَدْخَلٌ لِلْمَسْئُولِ عَنْهُ وَإِطْلَاقُ بَعْضِهِمْ صِحَّتَهَا مِنْ اثْنَيْنِ مَحْمُولٌ عَلَى حَالَةِ الْإِجْمَالِ.
ا هـ مَا فِي الْخَيْرِيَّةُ بِنَوْعِ اخْتِصَارٍ وَلَا يَخْفَى أَنَّ لَفْظَ " سَوِيَّةً " بِمَنْزِلَةِ التَّفْصِيلِ.
(سُئِلَ) فِي مُكَارٍ اسْتَأْجَرَ مِنْهُ زَيْدٌ دَوَابَّهُ بِأَجْرٍ مَعْلُومٍ لِتَحْمِيلِ حُمُولَاتٍ لِزَيْدٍ مِنْ مَكَانِ كَذَا إلَى مَكَانِ زَيْدٍ فَذَهَبَ الْمُكَارِي إلَى ذَلِكَ الْمَكَانِ ثُمَّ رَجَعَ قَائِلًا لَمْ أَجِدْ الْحُمُولَاتِ وَصَدَّقَهُ زَيْدٌ عَلَى ذَلِكَ فَهَلْ لَهُ أَجْرُ الذَّهَابِ خَالِيًا عَنْ الْعَمَلِ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ وَلَوْ اسْتَكْرَى دَابَّةً لِيَحْمِلَ مِنْ هُنَاكَ حُمُولَاتِهِ فَجَاءَ الْمُكَارِي وَقَالَ ذَهَبْت فَلَمْ أَجِدْ الْحِمْلَ قَالُوا إنْ صَدَّقَهُ الْمُسْتَكْرِي فِي ذَلِكَ كَانَ عَلَيْهِ أَجْرُ الذَّهَابِ خَالِيًا عَنْ الْعَمَلِ رَجُلٌ اسْتَأْجَرَ فِي الْمِصْرِ دَابَّةً لِتَحْمِيلِ الدَّقِيقِ مِنْ طَاحُونَةِ كَذَا أَوْ الْحِنْطَةِ مِنْ قَرْيَةِ كَذَا فَذَهَبَ فَلَمْ يَكُنْ الْحِنْطَةُ طُحِنْت أَوْ لَمْ يَجِدْ فِي الْقَرْيَةِ حِنْطَةً فَرَجَعَ إلَى الْمِصْرِ قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ يُنْظَرُ فِي لَفْظِ الِاسْتِئْجَارِ إنْ كَانَ الْمُسْتَأْجِرُ قَالَ اسْتَأْجَرْت هَذِهِ الدَّابَّةَ مِنْ هَذِهِ الْبَلْدَةِ حَتَّى أَحْمِلَ الدَّقِيقَ مِنْ طَاحُونَةِ كَذَا يَجِبُ نِصْفُ الْكِرَاءِ؛ لِأَنَّ الْإِجَارَةَ وَقَعَتْ صَحِيحَةً مِنْ الْبَلْدَةِ إلَى الطَّاحُونَةِ مِنْ غَيْرِ حَمْلِ شَيْءٍ فَيَجِبُ نِصْفُ الْأَجْرِ لِلذَّهَابِ ثُمَّ الْإِجَارَةُ مِنْ الطَّاحُونَةِ إلَى الْبَلْدَةِ إنَّمَا كَانَتْ لَحَمْلِ الدَّقِيقِ وَلَمْ يُوجَدْ فَلَا يَجِبُ الرُّجُوعُ بِشَيْءٍ فَأَمَّا إذَا قَالَ الْمُسْتَأْجِرُ اسْتَأْجَرْت مِنْك هَذِهِ الدَّابَّةَ بِدِرْهَمٍ حَتَّى أَحْمِلَ الدَّقِيقَ مِنْ الطَّاحُونَةِ فَلَمْ يَجِدْ الدَّقِيقَ هُنَاكَ لَا يَجِبُ شَيْءٌ؛ لِأَنَّ هُنَاكَ الْإِجَارَةَ وَقَعَتْ عَلَى حَمْلِ الدَّقِيقِ مِنْ الطَّاحُونَةِ فَلَا يَجِبُ الْأَجْرُ إذَا لَمْ يُحْمَلْ الدَّقِيقُ خَانِيَّةٌ مِنْ فَصْلِ مَا يَجِبُ الْأَجْرُ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ وَمَا لَا يَجِبُ وَتَمَامُ هَذِهِ الْمَسَائِلِ فِيهَا.
(سُئِلَ) فِي أَجِيرٍ مُشْتَرَكٍ يَرْعَى غَنَمًا لِجَمَاعَةٍ أَكَلَ الذِّئْبُ مِنْهَا الْبَعْضَ هَلْ يَضْمَنُ أَوْ لَا؟
(الْجَوَابُ): لَا يَضْمَنُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى يَضْمَنُ وَأَفْتَى أَئِمَّةُ سَمَرْقَنْدَ بِالصُّلْحِ عَلَى النِّصْفِ فِي الْأَجِيرِ الْمُشْتَرَكِ وَاخْتَارَ أَبُو جَعْفَرٍ وَأَبُو اللَّيْثِ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى فِيهِ إنْ كَانَ صَالِحًا يَبْرَأُ بِيَمِينِهِ وَإِنْ كَانَ بِخِلَافِهِ يَضْمَنُ وَإِنْ كَانَ مَسْتُورًا يُؤْمَرُ بِالصُّلْحِ وَأَفْتَى بِذَلِكَ كَثِيرٌ مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ وَهُوَ أَوْلَى مِنْ غَيْرِهِ وَأَسْلَمُ وَبِمِثْلِهِ أَفْتَى الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ. (أَقُولُ) الْحَاصِلُ أَنَّ فِي الْمَسْأَلَةِ أَرْبَعَةَ أَقْوَالٍ كُلُّهَا مُصَحَّحَةٌ وَالْأَوَّلُ قَوْلُ الْإِمَامِ وَهُوَ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ وَعَلَيْهِ الْمُتُونُ وَالْأَخِيرَانِ أَفْتَى بِهِمَا الْمُتَأَخِّرُونَ لِتَغَيُّرِ الزَّمَانِ وَمَحَلُّ الْخِلَافِ مَا إذَا كَانَ الْهَلَاكُ لَا بِفِعْلِ الْأَجِيرِ وَكَانَ مِمَّا يُمْكِنُ الِاحْتِرَازُ عَنْهُ أَمَّا إذَا كَانَ بِفِعْلِهِ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ اتِّفَاقًا سَوَاءٌ كَانَ بِالتَّعَدِّي أَوْ لَا كَتَخْرِيقِ الثَّوْبِ مِنْ دَقِّهِ مُعْتَادًا أَوْ غَيْرِهِ وَإِذَا كَانَ بِغَيْرِ فِعْلِهِ وَلَا يُمْكِنُ الِاحْتِرَازُ عَنْهُ كَالْحَرْقِ الْغَالِبِ وَاللُّصُوصِ الْمُكَابِرِينَ لَا يَضْمَنُ اتِّفَاقًا وَمَحَلُّ الْخِلَافِ أَيْضًا فِي الْإِجَارَةِ الصَّحِيحَةِ وَفِيمَا إذَا كَانَتْ الْعَيْنُ مِمَّا يُحْدِثُ فِيهَا الْأَجِيرُ عَمَلًا فَلَوْ كَانَتْ الْإِجَارَةُ فَاسِدَةً لَا يَضْمَنُ اتِّفَاقًا كَمَا فِي شَرْحِ ابْنِ الْمَلِكِ عَنْ الْمُحِيطِ وَلَوْ أَعْطَاهُ مُصْحَفًا مَثَلًا لِيَعْمَلَ لَهُ غِلَافًا فَضَاعَ الْمُصْحَفُ فَإِنَّهُ لَا يَضْمَنُ اتِّفَاقًا كَمَا فِي الْجَوْهَرَةِ وَتَمَامُ بَيَانِ ذَلِكَ فِي حَاشِيَتِنَا رَدِّ الْمُحْتَارِ عَلَى الدُّرِّ الْمُخْتَارِ فَاغْتَنِمْ هَذَا التَّحْرِيرَ فَإِنَّك لَا تَجِدُهُ مَجْمُوعًا فِي غَيْرِهَا.
(سُئِلَ) فِي صَبَّاغٍ أَجِيرٍ مُشْتَرَكٍ ضَاعَ مِنْهُ ثَلَاثَةُ أَثْوَابٍ لِزَيْدٍ بِدُونِ تَعَدٍّ مِنْهُ وَلَا تَقْصِيرٍ وَهُوَ مَسْتُورُ الْحَالِ فَهَلْ يُؤْمَرُ بِالصُّلْحِ عَلَى النِّصْفِ؟
(الْجَوَابُ): حَيْثُ كَانَ مَسْتُورَ الْحَالِ يُؤْمَرُ بِالصُّلْحِ عَلَى نِصْفِ الْقِيمَةِ عَلَى مَا أَفْتَى بِهِ كَثِيرٌ مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ.
(سُئِلَ) فِي بَيْطَارٍ مُتْقِنٍ لِحِرْفَتِهِ دَفَعَ لَهُ زَيْدٌ إكْدِيشَهُ لِيُعَالِجَ رِجْلَهُ الْمُصَابَةَ فَعَالَجَهَا وَقَطَعَ لَهَا عَلَى الْمُعْتَادِ الْمَأْذُونَ فِيهِ وَلَمْ يُجَاوِزْهُ ثُمَّ مَاتَ الْإِكْدِيشُ فَهَلْ حَيْثُ كَانَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ كَمَا فِي التَّنْوِيرِ وَغَيْرِهِ مِنْ الْكُتُبِ. (أَقُولُ) وَالْفَرْقُ بَيْنَ هَذَا حَيْثُ لَمْ يَضْمَنْ وَبَيْنَ مَا لَوْ تَخَرَّقَ الثَّوْبُ مِنْ دَقِّهِ حَيْثُ يَضْمَنُ وَلَوْ مُعْتَادًا أَوْضَحَهُ فِي الدُّرَرِ وَغَيْرِهَا وَلِحَاصِلِهِ أَنَّ بِقُوَّةِ الثَّوْبِ وَرِقَّتِهِ يُعْلَمُ مَا يَتَحَمَّلُهُ مِنْ الدَّقِّ بِالِاجْتِهَادِ فَأَمْكَنَ تَقْيِيدُهُ بِالسَّلَامَةِ مِنْ فِعْلِهِ بِخِلَافِ الْفَصْدِ وَنَحْوِهِ فَإِنَّهُ يَنْبَنِي عَلَى قُوَّةِ الطَّبْعِ وَضَعْفِهِ وَلَا يُعْرَفُ ذَلِكَ بِنَفْسِهِ وَلَا مَا يَتَحَمَّلُ مِنْ الْجُرْحِ فَلَا يُمْكِنُ تَقْيِيدُهُ بِالسَّلَامَةِ فَسَقَطَ اعْتِبَارُهُ. اهـ.
وَتَمَامُ تَحْقِيقِهِ فِي حَاشِيَتِنَا رَدِّ الْمُحْتَارِ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا دَفَعَ زَيْدٌ لِصَبَّاغٍ عِدَّةَ أَثْوَابٍ بِيضٍ لِيَصْبُغَهَا لَهُ صِبَاغًا أَزْرَقَ مَعْلُومًا بَيْنَهُمَا فَصَبَغَهَا رَدِيئًا كَيْفَ الْحُكْمُ فِي ذَلِكَ؟
(الْجَوَابُ): الْحُكْمُ فِيهِ مَا ذَكَرَهُ فِي صُرَّةِ الْفَتَاوَى عَنْ الْقُنْيَةِ بِمَا نَصُّهُ وَلَوْ صَبَغَ رَدِيًّا إنْ لَمْ يَكُنْ فَاحِشًا لَا يَضْمَنُ وَإِنْ كَانَ فَاحِشًا بِحَيْثُ يَقُولُ أَهْلُ تِلْكَ الصَّنْعَةِ إنَّهُ فَاحِشٌ يَضْمَنُ الثَّوْبَ أَبْيَضَ. اهـ.
وَمِثْلُهُ فِي الْبَزَّازِيَّةِ.
(سُئِلَ) فِي فَتَّالِ حَرِيرٍ أَمِينٍ يَعْمَلُ لَا لِوَاحِدٍ دَفَعَ لَهُ رَجُلٌ نِصْفَ رِطْلِ حَرِيرٍ لِيَفْتِلَهُ لَهُ فَسُرِقَ مِنْ عِنْدِهِ بِدُونِ تَعَدٍّ مِنْهُ وَلَا تَقْصِيرٍ فَهَلْ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ؟
(الْجَوَابُ): لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ حَيْثُ كَانَ أَمِينًا مَشْهُورًا بِالْأَمَانَةِ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا فُقِدَ الْحِمْلُ مِنْ الْمُكَارِي فِي أَثْنَاءِ الطَّرِيقِ فَهَلْ لَا يَسْتَحِقُّ مِنْ الْأُجْرَةِ إلَّا بِقَدْرِ مَا حَمَلَهُ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا دَفَعَ زَيْدٌ قَدْرًا مِنْ الْحَرِيرِ لِفَتَّالٍ لِيَفْتِلَهُ لَهُ فَدَفَعَ الْفَتَّالُ ذَلِكَ الْحَرِيرَ لِنِسْوَةٍ يَصْنَعْنَ فِيهِ مَا يُسَمَّى كَبًّا فَغَابَتْ مِنْهُنَّ وَاحِدَةٌ بِمَا مَعَهَا مِنْ الْحَرِيرِ وَلَمْ يُعْلَمْ مَكَانُهَا وَتَعَذَّرَ إحْضَارُهَا فَهَلْ لَا ضَمَانَ عَلَى الْفَتَّالِ فِي ذَلِكَ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا دَفَعَ زَيْدٌ لِمُكَارٍ صُرَّةَ دَرَاهِمَ لِيُوصِلَهَا إلَى رَجُلٍ بِحَلَبِ بِأُجْرَةٍ مَعْلُومَةٍ فَذَهَبَ بِهَا الْمُكَارِي مَعَ قَافِلَةٍ وَفِي أَثْنَاءِ الطَّرِيقِ أُخْبِرُوا بِقُطَّاعِ الطَّرِيقِ فَعَدَلُوا عَنْهُ إلَى طَرِيقٍ آخَرَ فَخَرَجَ عَلَيْهِمْ الْقُطَّاعُ وَأَغَارُوا عَلَى بَعْضِ أَحْمَالِ الْقَافِلَةِ وَالْحِمْلِ الَّذِي فِيهِ الصُّرَّةُ مِنْ غَيْرِ تَعَدٍّ مِنْ الْمُكَارِي وَلَا تَقْصِيرٍ فِي الْحِفْظِ فَهَلْ لَا ضَمَانَ عَلَى الْمُكَارِي؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا دَفَعَ زَيْدٌ إلَى دَلَّالٍ مَتَاعًا لِيَبِيعَهُ فَأَوْدَعَهُ الدَّلَّالُ عِنْدَ رَجُلٍ أَجْنَبِيٍّ بِدُونِ إذْنٍ مِنْهُ وَفَارَقَهُ الدَّلَّالُ ثُمَّ إنَّ الْمَتَاعَ ضَاعَ مِنْ عِنْدِهِ فَهَلْ يَضْمَنُ الدَّلَّالُ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ وَفِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ الدَّلَّالُ إذَا دَفَعَ الثَّوْبَ إلَى مَنْ اسْتَامَ لِيَنْظُرَ إلَيْهِ ثُمَّ يَشْتَرِيَ فَأَخَذَهُ الرَّجُلُ وَذَهَبَ وَلَا يَظْفَرُ بِهِ الدَّلَّالُ قَالُوا لَا يَضْمَنُ؛ لِأَنَّهُ مَأْذُونٌ فِي هَذَا الدَّفْعِ ثُمَّ قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَعِنْدِي أَنَّهُ إنَّمَا لَمْ يَضْمَنْ إذَا دَفَعَ الثَّوْبَ إلَيْهِ وَلَمْ يُفَارِقْهُ أَمَّا إذَا فَارَقَهُ ضَمِنَ كَمَا إذَا أَوْدَعَهُ عِنْدَ أَجْنَبِيٍّ أَوْ تَرَكَهُ عِنْدَ أَجْنَبِيٍّ أَوْ عِنْدَ مَنْ لَا يُرِيدُ الشِّرَاءَ وَفِي بُيُوعِ الصُّغْرَى لَوْ عَرَضَ الدَّلَّالُ عَلَى صَاحِبِ الدُّكَّانِ فَهَرَبَ بِالْمَتَاعِ يَضْمَنُ الدَّلَّالُ؛ لِأَنَّهُ مُودَعٌ وَلَيْسَ لِلْمُودَعِ أَنْ يُودِعَ عِمَادِيَّةٌ مِنْ ضَمَانِ الدَّلَّالِ وَتَمَامُهُ فِيهَا وَلَوْ طَافَ بِهِ الدَّلَّالُ ثُمَّ وَضَعَهُ فِي حَانُوتٍ فَهَلَكَ ضَمِنَ الدَّلَّالُ بِالِاتِّفَاقِ وَلَا ضَمَانَ عَلَى صَاحِبِ الْحَانُوتِ عِنْدَ الْإِمَامِ؛ لِأَنَّهُ مُودَعُ الْمُودَعِ وَفِي جَامِعِ الْفَتَاوَى بَاعَ الدَّلَّالُ السِّلْعَةَ وَأَخَذَ شَيْئًا لِأَجْلِ الدَّلَالَةِ ثُمَّ اُسْتُحِقَّ الْمَبِيعُ أَوْ رُدَّ بِعَيْبٍ بِقَضَاءٍ أَوْ بِغَيْرِ قَضَاءٍ لَا يَسْتَرِدُّ وَفِي الْحَاوِي الزَّاهِدِيِّ هَلَكَ الْمَتَاعُ فِي يَدِ الدَّلَّالِ فَسُئِلَ فَقَالَ لَا أَدْرِي أَهَلَكَ مِنْ بَيْتِي أَوْ كَتِفِي لَا يَضْمَنُ وَأَفْتَى قَارِئُ الْهِدَايَةِ بِأَنَّهُ إذَا ادَّعَى الدَّلَّالُ أَنَّ الْمَتَاعَ وَقَعَ مِنْ يَدِهِ وَضَاعَ وَلَا أَدْرِي كَيْفَ ضَاعَ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ كَمَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَأَفْتَى أَيْضًا فِيمَنْ دَفَعَ لَهُ رَقِيقًا لِيُنَادِيَ عَلَيْهِ فَأَخَذَهُ وَتَرَكَهُ عِنْدَ شَخْصٍ لِلْعَرْضِ لِشِرَائِهِ فَهَرَبَ بِأَنَّهُ لَا ضَمَانَ عَلَى الدَّلَّالِ إذَا كَانَ الْعُرْفُ بَيْنَ النَّاسِ أَنَّ الدَّلَّالَ يَدْفَعُ لِمَنْ يُرِيدُ الشِّرَاءَ وَأَمَّا الْآخِذُ إنْ أَخَذَهَا عَلَى سَوْمِ الشِّرَاءِ بِأَنْ قَدَّرَ الثَّمَنَ وَعَيَّنَهُ يَضْمَنُهَا وَإِنْ لَمْ يُعَيِّنْ الثَّمَنَ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ إذَا لَمْ يُقَصِّرْ فِي حِفْظِهِ.
(سُئِلَ) فِي رَاعِي بَقَرٍ جَاءَ بِالْبَقَرِ إلَى الْقَرْيَةِ كَمَا فِي عُرْفِهِمْ الْجَارِي ثُمَّ إنَّ وَاحِدَةً مِنْهَا ضَاعَتْ وَيُنْكِرُ صَاحِبُهَا إتْيَانَهَا الْقَرْيَةَ فَهَلْ يُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ أَنَّهُ جَاءَ بِهَا إلَى الْقَرْيَةِ حَيْثُ كَانَ الْعُرْفُ كَذَلِكَ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ قَالَ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ زَعَمَ الْبَقَّارُ أَنَّهُ أَدْخَلَ الْبَقَرَةَ فِي مَنْزِلِ رَبِّهَا صُدِّقَ الْبَقَّارُ مَعَ يَمِينِهِ أَنَّهُ جَاءَ بِهَا الْقَرْيَةَ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا دَفَعَ زَيْدٌ دَوَابَّ لَهُ لِعَمْرٍو الرَّاعِي لِيَرْعَاهَا فِي مَكَانِ كَذَا فَلَمْ يَرْعَهَا فِيهِ وَرَعَاهَا فِي غَيْرِهِ وَخَالَفَ وَهَلَكَتْ فِي ذَلِكَ الْمَكَانِ الْآخَرِ فَهَلْ يَضْمَنُ عَمْرٌو قِيمَتَهَا وَلَا أَجْرَ لَهُ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ وَذَكَرَ فِي إجَارَاتِ فَتَاوَى صَاحِبِ الْمُحِيطِ الرَّاعِي إذَا رَعَى فِي مَكَانٍ لَمْ يُؤْذَنْ لَهُ بِالرَّعْيِ فِيهِ فَعَطِبَتْ الْغَنَمُ أَوْ مَا أَشْبَهَهَا صَارَ الرَّاعِي ضَامِنًا وَلَا أَجْرَ لَهُ إنْ سَلِمَتْ الْغَنَمُ أَوْ لَمْ تَسْلَمْ قِيَاسًا وَإِنْ سَلِمَتْ يَجِبُ الْأَجْرُ اسْتِحْسَانًا وَكَذَا ذَكَرَهُ فِي الذَّخِيرَةِ وَإِذَا خَالَفَ الرَّاعِي فَرَعَاهَا فِي غَيْرِ الْمَكَانِ الَّذِي أُمِرَ فَعَطِبَ ضَمِنَ الرَّاعِي وَلَا أَجْرَ لَهُ وَإِنْ سَلِمَتْ يَجِبُ الْأَجْرُ اسْتِحْسَانًا عِمَادِيَّةٌ مِنْ ضَمَانِ الرَّاعِي فِي 32.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا دَفَعَتْ هِنْدٌ لِدَلَّالَةٍ أَمْتِعَةً لِتَبِيعَهَا لَهَا فَبَاعَتْ الْأَمْتِعَةَ مِنْ امْرَأَةٍ بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ مِنْ الدَّرَاهِمِ بِإِذْنِهَا وَتَزْعُمُ هِنْدٌ أَنَّ ثَمَنَ الْأَمْتِعَةِ يَلْزَمُ الدَّلَّالَةَ مِنْ مَالِهَا فَهَلْ عَلَى الدَّلَّالَةِ طَلَبُ الثَّمَنِ وَاسْتِيفَاؤُهُ مِنْ الْمُشْتَرِيَةِ فَقَطْ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ وَالْبَيَّاعُ وَهُوَ الدَّلَّالُ الَّذِي يَعْمَلُ بِالْأَجْرِ وَالسِّمْسَارُ بِكَسْرِ أَوَّلِهِ وَهُوَ الْمُتَوَسِّطُ بَيْنَ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي فَارِسِيٌّ مُعَرَّبٌ كَذَا فِي الْمُغْرِبِ يُجْبَرَانِ عَلَيْهِ أَيْ عَلَى طَلَبِ الثَّمَنِ وَاسْتِيفَائِهِ شَرْحُ النُّقَايَةِ لِلْبُرْجُنْدِيِّ وَمِثْلُهُ فِي صَدْرِ الشَّرِيعَةِ وَالْعَيْنِيِّ وَالدُّرِّ الْمُخْتَارِ.
(سُئِلَ) فِي فَتَّالِ حَرِيرٍ أَمِينٍ يَعْمَلُ لَا لِوَاحِدٍ دَفَعَ لَهُ ذِمِّيٌّ قَدْرًا مِنْ الْحَرِيرِ لِيَفْتِلَهُ لَهُ فَفَتَلَهُ ثُمَّ رَدَّهُ إلَى الذِّمِّيِّ فَأَقَرَّ الذِّمِّيُّ بِوُصُولِ الْبَعْضِ وَأَنْكَرَ وُصُولَ بَعْضِهِ وَالْفَتَّالُ يَدَّعِي الْكُلَّ لَهُ فَهَلْ الْقَوْلُ قَوْلُ الدَّافِعِ بِيَمِينِهِ فِي ذَلِكَ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ كَمَا فِي الْأَنْقِرْوِيِّ.
(سُئِلَ) فِي بَيْطَارٍ مُتْقِنٍ لِصَنْعَتِهِ وَضَعَ نِعَالًا لِدَابَّةِ رَجُلٍ بِأَمْرِهِ ثُمَّ لَمَّا خَلَصَ مِنْ نَعْلِهَا مَاتَتْ وَالْحَالُ أَنَّ الْبَيْطَارَ لَمْ يُجَاوِزْ الْمَوْضِعَ الْمُعْتَادَ فَهَلْ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ وَأَفْتَى الْمُؤَلِّفُ أَيْضًا إذَا عَرَجَتْ الدَّابَّةُ بَعْدَمَا نَعَلَهَا وَلَمْ يُجَاوِزْ الْمُعْتَادَ بِأَنَّهُ لَا يَضْمَنُ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا اُسْتُؤْجِرَ رَجُلٌ لِحِفْظِ خَانٍ فَضَاعَ مِنْهُ شَيْءٌ لِبَعْضِ النَّاسِ بِدُونِ تَعَدٍّ مِنْهُ وَلَا تَقْصِيرٍ فِي الْحِفْظِ فَهَلْ يَكُونُ غَيْرَ ضَامِنٍ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ اُسْتُؤْجِرَ رَجُلٌ لِحِفْظِ خَانٍ أَوْ حَوَانِيتَ فَضَاعَ مِنْهَا شَيْءٌ قِيلَ يَضْمَنُ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ لَوْ ضَاعَ مِنْ خَارِجِ الْحُجْرَةِ؛ لِأَنَّهُ أَجِيرٌ مُشْتَرَكٌ وَقِيلَ لَا فِي الصَّحِيحِ وَبِهِ يُفْتَى؛ لِأَنَّهُ أَجِيرٌ خَاصٌّ أَلَا يُرَى أَنَّهُ لَوْ أَرَادَ أَنْ يَشْغَلَ نَفْسَهُ فِي صُنْعِ آخَرَ لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ وَلَوْ ضَاعَ مِنْ دَاخِلِهَا بِأَنْ نَقَبَ اللِّصُّ فَلَا يَضْمَنُ الْحَارِسُ فِي الْأَصَحِّ إذْ الْأَمْوَالُ الْمَحْفُوظَةُ فِي الْبُيُوتِ فِي يَدِ مَالِكِهَا وَحَارِسُ السُّوقِ عَلَى هَذَا الْخِلَافِ وَاخْتَارَ أَبُو جَعْفَرٍ أَنَّهُ يَضْمَنُ مَا كَانَ خَارِجَ السُّوقِ لَا دَاخِلَهُ جَامِعُ الْفُصُولَيْنِ فِي ضَمَانِ الْحَارِسِ وَكَذَا فِي 24 مِنْ الذَّخِيرَةِ نَقَبَ حَانُوتَ رَجُلٍ وَأَخَذَ مَتَاعَهُ لَا يَضْمَنُ حَارِسُ الْحَوَانِيتِ عَلَى مَا عَلَيْهِ الْفَتْوَى بَزَّازِيَّةٌ فِي؛ لِأَنَّ أَمْوَالَ النَّاسِ بِيَدِ أَرْبَابِهَا وَهُوَ حَافِظٌ لِلْأَبْوَابِ وَيَظْهَرُ مِنْ هَذَا أَنَّهُ إذَا كُسِرَ قُفْلُ الدُّكَّانِ وَأُخِذَ الْمَتَاعُ يَضْمَنُ الْحَارِسُ أَنْقِرْوِيٌّ فِي الْهَامِشِ. (أَقُولُ) كَتَبْت فِي حَاشِيَتِي رَدِّ الْمُحْتَارِ بَعْدَ ذِكْرِ مَا هُنَا مَا نَصُّهُ قُلْت إنَّمَا يَظْهَرُ هَذَا عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ أَجِيرٌ مُشْتَرَكٌ أَمَّا عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ خَاصٌّ فَلَا لِمَا سَمِعْت مِنْ الْمُفْتَى بِهِ نَعَمْ يُشْكِلُ مَا مَرَّ آنِفًا عَنْ التَّتَارْخَانِيَّةِ وَالذَّخِيرَةِ فِي الرَّاعِي لَوْ كَانَ خَاصًّا لِأَكْثَرَ مِنْ وَاحِدٍ يَضْمَنُ فَلْيُتَأَمَّلْ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ إذَا كُسِرَ الْقُفْلُ يَكُونُ بِنَوْمِهِ أَوْ غَيْبَتِهِ فَهُوَ مُفَرِّطٌ فَيَضْمَنُ. اهـ.
وَفِي الْمَنْظُومَةِ الْمُحِبِّيَّةِ وَمَا عَلَى الْحَارِسِ شَيْءٌ لَوْ نُقِبْ فِي السُّوقِ حَانُوتٌ عَلَى مَا قَدْ كُتِبْ وَلَيْسَ يَضْمَنُ الَّذِي مِنْهَا سُرِقْ إذْ بِالْأَجِيرِ الْخَاصِّ ذَاكَ يَلْتَحِقْ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا اسْتَأْجَرَ زَيْدٌ مِنْ عَمْرٍو دَابَّةً لِيَدْرُسَ عَلَيْهَا الزَّبِيبَ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَةٍ فَمَاتَتْ فِي أَثْنَاءِ الْعَمَلِ مِنْ غَيْرِ تَعَدٍّ مِنْ زَيْدٍ وَلَا تَقْصِيرٍ فَهَلْ يَكُونُ زَيْدٌ غَيْرَ ضَامِنٍ لَهَا؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ وَإِنْ اسْتَأْجَرَ حِمَارًا إلَى بَغْدَادَ وَلَمْ يُسَمِّ حِمْلَهُ فَحَمَّلَهُ الْمُعْتَادَ فَهَلَكَ الْحِمَارُ لَمْ يَضْمَنْ لِفَسَادِ الْإِجَارَةِ فَالْعَيْنُ أَمَانَةٌ كَمَا فِي الصَّحِيحَةِ شَرْحُ التَّنْوِيرِ مِنْ الْإِجَارَةِ الْفَاسِدَةِ وَمِثْلُهُ فِي الْكَنْزِ وَغَيْرِهِ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا دَفَعَ الْمُكَارِي الْحِمْلَ إلَى أَجْنَبِيٍّ لَيْسَ بِأَجِيرٍ لَهُ بِدُونِ إذْنٍ مِنْ صَاحِبِ الْحِمْلِ وَلَا وَجْهٍ شَرْعِيٍّ فَسُرِقَ الْحِمْلُ مِنْ الْأَجْنَبِيِّ وَيُرِيدُ صَاحِبُهُ تَضْمِينَ الْمُكَارِي قِيمَتَهُ فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ ذَكَرَ فِي فَتَاوَى الْفَضْلِيِّ إذَا دَفَعَ إلَى النَّسَّاجِ غَزْلًا لِيَنْسِجَهُ كِرْبَاسًا وَدَفَعَ النَّسَّاجُ إلَى آخَرَ لِيَنْسِجَهُ فَسُرِقَ مِنْ بَيْتِ الْآخَرِ إنْ كَانَ الْآخَرُ أَجِيرَ الْأَوَّلِ فَلَا ضَمَانَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَجِيرَ الْأَوَّلِ وَكَانَ أَجْنَبِيًّا ضَمِنَ بِلَا خِلَافٍ وَلَا يَضْمَنُ الْآخَرُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَعِنْدَهُمَا يَضْمَنُ وَهُوَ نَظِيرُ الْمُودَعِ إذَا دَفَعَ الْوَدِيعَةَ إلَى أَجْنَبِيٍّ بِغَيْرِ إذْنِ مَالِكِهَا عِنْدَهُمَا صَاحِبُ الْوَدِيعَةِ يُضَمِّنُ أَيَّهمَا شَاءَ وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ يُضَمِّنُ الْأَوَّلَ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُضَمِّنَ الثَّانِيَ قَالَ صَاحِبُ الذَّخِيرَةِ وَعَلَى قِيَاسِ مَا ذَكَرَهُ الْقُدُورِيُّ أَنَّ كُلَّ صَانِعٍ شُرِطَ عَلَيْهِ الْعَمَلُ بِنَفْسِهِ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَسْتَعْمِلَ غَيْرَهُ إنَّمَا لَا يَضْمَنُ إذَا كَانَ الْآخَرُ أَجِيرَ الْأَوَّلِ فِيمَا إذَا أَطْلَقَ لَهُ الْعَمَلَ أَمَّا إذَا شَرَطَ عَلَيْهِ النَّسْجَ بِنَفْسِهِ يَضْمَنُ بِالدَّفْعِ إلَى الْآخَرِ وَإِنْ كَانَ الْآخَرُ أَجِيرًا عِمَادِيَّةٌ مِنْ ضَمَانِ النَّسَّاجِ وَبِمِثْلِهِ أَفْتَى الْعَلَّامَةُ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ.
(سُئِلَ) فِي رَجُلٍ تَنَاوَلَ مِنْ دَلَّالٍ ثَوْبًا لِيَنْظُرَ إلَيْهِ عَلَى سَوْمِ النَّظَرِ وَقِيمَتُهُ سِتَّةُ قُرُوشٍ فَضَاعَ مِنْ يَدِهِ قَبْلَ دَفْعِهِ إلَى الدَّلَّالِ بِدُونِ تَعَدٍّ مِنْهُ وَلَا تَقْصِيرٍ فَهَلْ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ؟
(الْجَوَابُ): إنْ أَخَذَهُ عَلَى سَوْمِ النَّظَرِ لَا يَضْمَنُ الرَّجُلُ قِيمَتَهُ كَمَا فِي النَّهْرِ وَإِنْ عَلَى سَوْمِ الشِّرَاءِ فَإِنْ لَمْ يَتَّفِقَا عَلَى ثَمَنٍ لَا يَضْمَنُ؛ لِأَنَّ الْمَقْبُوضَ عَلَى سَوْمِ الشِّرَاءِ إنَّمَا يَصِيرُ مَضْمُونًا إذَا اتَّفَقَا عَلَى ثَمَنٍ مَعْلُومٍ كَمَا فِي الْعِمَادِيَّةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(سُئِلَ) نَجْمُ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى عَمَّنْ دَفَعَ ثَوْبَهُ إلَى دَلَّالٍ لِيَبِيعَهُ فَسَاوَمَهُ صَاحِبُ الْحَانُوتِ بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ وَقَالَ أَحْضِرْ صَاحِبَ الثَّوْبِ حَتَّى أُعْطِيَهُ الثَّمَنَ فَذَهَبَ وَعَادَ بَعْدَ زَمَانٍ فَلَمْ يُوجَدْ الثَّوْبُ فِي الْحَانُوتِ وَصَاحِبُ الْحَانُوتِ يَقُولُ أَنْتَ أَخَذْته وَذَهَبْت بِهِ وَهُوَ يَقُولُ مَا أَخَذْته بَلْ تَرَكْته عِنْدَك أَيَضْمَنُ الدَّلَّالُ أَمْ صَاحِبُ الْحَانُوتِ.
(قَالَ): الْقَوْلُ قَوْلُ الدَّلَّالِ مَعَ يَمِينِهِ؛ لِأَنَّهُ أَمِينٌ وَأَمَّا صَاحِبُ الْحَانُوتِ إنْ اتَّفَقَا عَلَى أَنَّهُ أَخَذَهُ صَاحِبُ الْحَانُوتِ لِيَشْتَرِيَهُ بِمَا سُمِّيَ مِنْ الثَّمَنِ فَقَدْ دَخَلَ فِي ضَمَانِهِ فَلَا يَخْرُجُ عَنْهُ بِمُجَرَّدِ دَعْوَاهُ وَهُوَ ضَامِنٌ لِقِيمَتِهِ وَإِنْ لَمْ يَتَّفِقَا عَلَى ثَمَنٍ لَمْ يَكُنْ مَضْمُونًا عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْمَقْبُوضَ عَلَى سَوْمِ الشِّرَاءِ إنَّمَا يَصِيرُ مَضْمُونًا إنْ اتَّفَقَا عَلَى ثَمَنٍ مَعْلُومٍ عِمَادِيَّةٌ مِنْ ضَمَانِ الدَّلَّالِ.
(سُئِلَ) فِيمَا اسْتَأْجَرَ زَيْدٌ عَمْرًا مُدَّةً مَعْلُومَةً بِأُجْرَةٍ مَعْلُومَةٍ لِرَعْيِ غَنَمِهِ خَاصَّةً وَلَا يَرْعَى غَنَمَ غَيْرِهِ فَهَلَكَ مِنْ الْغَنَمِ وَاحِدَةٌ بِدُونِ تَعَدٍّ وَلَا تَقْصِيرٍ فَهَلْ يَكُونُ غَيْرَ ضَامِنٍ وَلَهُ الْأُجْرَةُ كَامِلَةً؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ.
(سُئِلَ) فِي دَقَّاقِ قُمَاشٍ يَعْمَلُ لَا لِوَاحِدٍ ضَاعَ عِنْدَهُ مَتَاعٌ لِبَعْضِ النَّاسِ بِدُونِ تَعَدٍّ وَلَا تَقْصِيرٍ فِي حِفْظِهِ كَيْفَ الْحُكْمُ؟
(الْجَوَابُ): حَيْثُ كَانَ أَجِيرًا مُشْتَرَكًا فَإِنْ كَانَ صَالِحًا يَبْرَأُ بِيَمِينِهِ وَإِنْ كَانَ بِخِلَافِهِ يَضْمَنُ وَإِنْ كَانَ مَجْهُولَ الْحَالِ يُؤْمَرُ بِالصُّلْحِ عَلَى النِّصْفِ كَمَا اخْتَارَ ذَلِكَ الْإِمَامُ أَبُو اللَّيْثِ وَأَبُو جَعْفَرٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى وَأَفْتَى بِهِ كَثِيرٌ مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا اسْتَأْجَرَ زَيْدٌ مِنْ مُكَارٍ دَابَّةً لِيَحْمِلَ عَلَيْهَا كِيسَيْنِ فِيهِمَا نِيلٌ بِأُجْرَةٍ مَعْلُومَةٍ فَحَمَلَ الْمُكَارِي الْكِيسَيْنِ عَلَى دَابَّتِهِ وَفِي أَثْنَاءِ الطَّرِيقِ انْشَقَّ أَحَدُهُمَا بِنَفْسِهِ وَهُوَ عَلَى الدَّابَّةِ وَخَرَجَ بَعْضُ مَا فِيهِ بِلَا صُنْعٍ مِنْ الْمُكَارِي وَلَا تَعَدٍّ وَلَا تَقْصِيرٍ مِنْهُ فَهَلْ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ وَلَوْ انْشَقَّتْ الْحَقِيبَةُ بِنَفْسِهَا وَخَرَجَ مَا فِيهَا قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو بَكْرٍ ضَمِنَ الْحَمَّالُ كَمَا إذَا انْقَطَعَ حَبْلُهُ وَقَالَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ فِي قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ لَا يَضْمَنُ وَلَا يُشْبِهُ هَذَا انْقِطَاعَ الْجَبْلِ؛ لِأَنَّهُ ثَمَّةَ التَّفْرِيطُ كَانَ مِنْ قِبَلِ الْحَمَّالِ حَيْثُ شَدَّ الْحِمْلَ بِحَبْلٍ وَاهٍ وَهَاهُنَا التَّقْصِيرُ جَاءَ مِنْ قِبَلِ رَبِّ الْحَقِيبَةِ حَيْثُ جَعَلَ مَالَهُ فِي حَقِيبَةٍ لَا يَسْتَمْسِكُ مَا فِيهَا وَبِهِ نَأْخُذُ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى عِمَادِيَّةٌ مِنْ الْفَصْلِ 32 وَفِيهَا أَيْضًا وَفِي فَتَاوَى أَبِي اللَّيْثِ إذَا اسْتَأْجَرَ مُكَارِيًا لِيَحْمِلَ لَهُ عَصِيرًا عَلَى دَابَّةٍ إلَى مَوْضِعٍ مَعْلُومٍ فَلَمَّا أَرَادَ أَنْ يَضَعَهُ عَنْ الدَّابَّةِ أَخَذَ أَحَدَ الْعِدْلَيْنِ مِنْ جَانِبٍ وَرَمَى بِالْعِدْلِ الْآخَرِ مِنْ الْجَانِبِ الْآخَرِ فَانْشَقَّ الْعِدْلُ مِنْ رَمْيِهِ وَخَرَجَ الْعَصِيرُ فَالْمُكَارِي ضَامِنٌ لِلْعَصِيرِ وَنُقْصَانِ الزِّقِّ؛ لِأَنَّ الْهَلَاكَ كَانَ بِصُنْعِهِ. اهـ.
(سُئِلَ) فِي رَجُلٍ دَفَعَ إلَى قَصَّارٍ أَثْوَابًا مَعْلُومَةً فَادَّعَى الْقَصَّارُ دَفْعَهَا إلَى الرَّجُلِ وَهُوَ يُنْكِرُ دَفْعَهَا إلَيْهِ فَهَلْ يُصَدَّقُ الْقَصَّارُ إذَا ادَّعَى رَدَّهَا بِيَمِينِهِ؟
(الْجَوَابُ): مُقْتَضَى مَذْهَبِ الْإِمَامِ أَنَّهُ يُصَدَّقُ؛ لِأَنَّهُ أَمِينٌ ادَّعَى الرَّدَّ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَفِي " الْقَوْلُ لِمَنْ " فِي آخِرِ كِتَابِ الْإِجَارَةِ الْأَجِيرُ الْمُشْتَرَكُ كَالْقَصَّارِ وَغَيْرِهِ إذَا ادَّعَى رَدَّهُ عَلَى الْآجِرِ لَا يُصَدَّقُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ كَذَا رَوَى هِشَامٌ عَنْ مُحَمَّدٍ وَهَذَا الْجَوَابُ مُسْتَقِيمٌ عَلَى قَوْلِ مَنْ يَرَى يَدَ الْأَجِيرِ الْمُشْتَرَكِ يَدَ ضَمَانٍ فَأَمَّا مَنْ يَرَى يَدَهُ يَدَ أَمَانَةٍ وَهُوَ أَبُو حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى يَقْبَلُ قَوْلَهُ كَالْمُودَعِ إلَى هُنَا مِنْ الْمُحِيطِ. اهـ.
ثُمَّ قَالَ بَعْدَ أَسْطُرٍ سُئِلَ عَنْ الْأَجِيرِ الْمُشْتَرَكِ كَالْقَصَّارِ وَغَيْرِهِ إذَا قَالَ هَلَكَ الْعَيْنُ أَوْ سُرِقَ هَلْ يُقْبَلُ قَوْلُهُ قَالَ عِنْدَهُ أَمِينٌ فَيُصَدَّقُ بِالْحَلِفِ وَعِنْدَهُمَا يَضْمَنُ إلَخْ. اهـ.
. (أَقُولُ) يَظْهَرُ مِنْ هَذَا أَنَّ دَعْوَاهُ الرَّدَّ عَلَى الْمَالِكِ كَدَعْوَاهُ الْهَلَاكَ فَتَجْرِي فِيهِ الْأَقْوَالُ الْأَرْبَعَةُ الْمَارَّةُ وَيَنْبَغِي عَلَى قَوْلِ الْمُتَأَخِّرِينَ الَّذِي أَفْتَى بِهِ الْمُؤَلِّفُ مِرَارًا تَبَعًا لِلْخَيْرِ الرَّمْلِيِّ أَنَّهُ إنْ كَانَ مَشْهُورًا بِالْأَمَانَةِ يُصَدَّقُ وَإِنْ كَانَ بِخِلَافِهِ يَضْمَنُ وَإِنْ كَانَ مَسْتُورًا يُؤْمَرُ بِالصُّلْحِ عَلَى نِصْفِ الْقِيمَةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا اسْتَأْجَرَ زَيْدٌ عَمْرًا لِيَعْمَلَ لَهُ فِي فِلَاحَتِهِ الْمَعْلُومَةِ الْجَارِيَةِ فِي مِلْكِهِ الْعَمَلَ الْمَعْلُومَ فِي مُدَّةٍ مَعْلُومَةٍ وَجَعَلَ لَهُ نَظِيرَ عَمَلِهِ دَوَابَّ مَعْلُومَةً مُعَيَّنَةً فَعَمِلَ عَمْرٌو كَمَا ذُكِرَ وَيُرِيدُ الْآنَ مُطَالَبَةَ زَيْدٍ بِالْأُجْرَةِ الْمَذْكُورَةِ فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ وَإِذَا كَانَتْ الْأُجْرَةُ حَيَوَانًا لَا تَجُوزُ إلَّا أَنْ يَكُونَ مُعَيَّنًا كَمَا ذَكَرَهُ الْإِسْبِيجَابِيُّ فِي شَرْحِ مُخْتَصَرِ الطَّحَاوِيِّ بَحْرٌ كُلُّ مَا صَلَحَ أَنْ يَكُونَ ثَمَنًا فِي الْبَيْعِ صَلَحَ أَنْ يَكُونَ ثَمَنًا فِي الْإِجَارَةِ وَمَا لَا فَلَا وَالْحَيَوَانُ يَصْلُحُ إنْ كَانَ مُعَيَّنًا مُحِيطُ السَّرَخْسِيِّ وَمِثْلُهُ فِي الْمِنَحِ عَنْ الْبَحْرِ أَيْضًا.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا آجَرَ زَيْدٌ أَرْضَهُ مِنْ عَمْرٍو إجَارَةً شَرْعِيَّةً فَزَرَعَهَا عَمْرٌو قُنَّبًا وَبِطِّيخًا وَغَيْرَ ذَلِكَ مِنْ الزَّرْعِ الصَّيْفِيِّ وَمَضَتْ مُدَّةُ إجَارَتِهِ وَلَمْ يَنْتَهِ صَلَاحُ الزَّرْعِ الْمَذْكُورِ فَآجَرَ زَيْدٌ الْأَرْضَ مِنْ بَكْرٍ وَهِيَ مَشْغُولَةٌ بِزَرْعِ عَمْرٍو فَهَلْ تَكُونُ الْإِجَارَةُ مِنْ بَكْرٍ غَيْرَ جَائِزَةٍ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ وَأَمَّا إجَارَةُ الْأَرْضِ الْمَشْغُولَةِ بِالزَّرْعِ فَإِنْ كَانَ الزَّرْعُ بِحَقٍّ كَمَا لَوْ كَانَ بِإِجَارَةٍ لَا يَجُوزُ أَنْ تُؤَجَّرَ مَا لَمْ يُسْتَحْصَدْ الزَّرْعُ إلَّا أَنْ يُؤَجِّرَهَا مُضَافَةً إلَى الْمُسْتَقْبَلِ وَإِنْ كَانَ الزَّرْعُ بِغَيْرِ حَقٍّ شَرْعِيٍّ صَحَّتْ الْإِجَارَةُ؛ لِأَنَّ الزَّرْعَ وَاجِبُ الْقَلْعِ فَإِنَّ الْمُؤَجِّرَ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ قَادِرٌ عَلَى تَسْلِيمِ مَا آجَرَهُ بِأَنْ يُجْبِرَ صَاحِبَ الزَّرْعِ عَلَى قَلْعِهِ سَوَاءٌ أَدْرَكَ أَمْ لَا؛ لِأَنَّهُ لَا حَقَّ لِصَاحِبِهِ فِي إبْقَائِهِ كَمَا فِي فَتَاوَى قَارِئِ الْهِدَايَةِ وَإِذَا صَحَّتْ الْإِجَارَةُ وَكَانَتْ بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ وَلَمْ تَنْتَقِلْ أُجْرَةُ الْمِثْلِ فَيَلْزَمُهُ مَا اسْتَأْجَرَ بِهِ مِنْ غَيْرِ زِيَادَةٍ وَلَا نَقْصٍ فَتَاوَى الْكَازَرُونِيِّ عَنْ الْمُرْشِدِ ضِمْنَ سُؤَالٍ وَمِثْلُهُ فِي الْخَانِيَّةِ وَغَيْرِهَا.
(سُئِلَ) فِي مُسْتَأْجِرِ حَانُوتٍ تَحَوَّلَ عَنْ صَنْعَتِهِ إلَى غَيْرِهَا وَلَمْ يَتَهَيَّأْ لَهُ الْعَمَلُ الثَّانِي فِي ذَلِكَ الْحَانُوتِ فَهَلْ يَكُونُ ذَلِكَ عُذْرًا فِي فَسْخِ الْإِجَارَةِ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ وَفِي الْمُحِيطِ إنْ تَمَكَّنَ مِنْ الْعَمَلِ الثَّانِي عَلَى ذَلِكَ الدُّكَّانِ لَا يَكُونُ عُذْرًا وَإِلَّا فَعُذْرٌ وَفِي الْوَلْوَالِجِيَّةِ تَحَوُّلُهُ عَنْ صَنْعَتِهِ إلَى غَيْرِهَا عُذْرٌ وَإِنْ لَمْ يُفْلِسْ حَيْثُ لَمْ يُمْكِنْهُ أَنْ يَتَعَاطَاهَا فِيهِ.
(سُئِلَ) فِي أَيْتَامٍ لَهُمْ قِدْرُ نُحَاسٍ مُعَدٍّ لِلِاسْتِغْلَالِ اسْتَعْمَلَهُ زَيْدٌ مُدَّةً بِلَا إجَارَةٍ وَلَا أُجْرَةٍ وَلَا وَجْهٍ شَرْعِيٍّ فَهَلْ يَلْزَمُهُ أُجْرَةُ مِثْلِهِ لِلْأَيْتَامِ عَنْ الْمُدَّةِ الْمَذْكُورَةِ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ كَمَا ذَكَرَهُ الْأَنْقِرَوِيُّ عَنْ مَجْمَعِ الْفَتَاوَى قَالَ اسْتَعْمَلَ حَجَرًا لِقَصَّارٍ مِنْ غَيْرِ اسْتِئْجَارٍ فَعَلَيْهِ أَجْرُ الْمِثْلِ إذَا كَانَ مُعَدًّا لِلْإِجَارَةِ مِنْ الْمُلْتَقِطِ وَفِي الْمُحِيطِ إنْ كَانَ لِهَذَا الْحَجَرِ أُجْرَةٌ مَعْرُوفَةٌ فِيمَا بَيْنَهُمْ يَجِبُ ذَلِكَ وَإِلَّا يَجِبُ أَجْرُ الْمِثْلِ. اهـ.
وَقَدْ ذَكَرُوا أَنَّ مَنَافِعَ الْغَصْبِ غَيْرُ مَضْمُونَةٍ إلَّا أَنْ تَكُونَ وَقْفًا أَوْ مَالَ يَتِيمٍ أَوْ مُعَدَّةً لِلِاسْتِغْلَالِ فَحَيْثُ كَانَ لِأَيْتَامٍ وَمُعَدًّا لِلِاسْتِغْلَالِ يَلْزَمُهُ أُجْرَةُ مِثْلِهِ.
(سُئِلَ) فِي رَجُلٍ دَفَعَ ابْنَهُ الصَّغِيرَ إلَى حَائِكٍ أَلَاجَّات لِيُعَلِّمَهُ النَّسْجَ فَعَلَّمَهُ ثُمَّ اخْتَلَفَا وَطَلَب كُلٌّ مِنْ الْآخَرِ أَجْرًا وَلَمْ يَشْتَرِطَا شَيْئًا فَهَلْ يُنْظَرُ إلَى الْعُرْفِ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ دَفَعَ غُلَامَهُ إلَى حَائِكٍ مُدَّةً مَعْلُومَةً لِيُعَلِّمَهُ النَّسْجَ عَلَى أَنْ يُعْطِيَ الْأُسْتَاذُ الْمَوْلَى كُلَّ شَهْرٍ كَذَا جَازَ وَلَوْ لَمْ يَشْتَرِطْ عَلَيْهِ أَخْذَ أَجْرٍ فَبَعْدَ تَعَلُّمِهِ طَلَبَ الْأُسْتَاذُ مِنْ الْمَوْلَى أَجْرًا وَهُوَ مِنْهُ أَيْ طَلَبَ الْمَوْلَى مِنْ الْأُسْتَاذِ يُنْظَرُ إلَى عُرْفِ الْبَلْدَةِ فِي ذَلِكَ الْعَمَلِ فَإِنْ كَانَ الْعُرْفُ يَشْهَدُ لِلْأُسْتَاذِ يُحْكَمُ بِأَجْرِ مِثْلِ تَعْلِيمِ ذَلِكَ الْعَمَلِ وَإِنْ كَانَ يَشْهَدُ لِلْمَوْلَى فَبِأَجْرِ مِثْلِ الْغُلَامِ عَلَى الْأُسْتَاذِ وَكَذَا لَوْ دَفَعَ ابْنَهُ ذَكَرَهُ قَاضِي خَانْ دُرَرٌ قُبَيْلَ الْإِجَارَةِ الْفَاسِدَةِ وَمِثْلُهُ فِي الْبَزَّازِيَّةِ.
(سُئِلَ) فِي مُسْتَأْجِرِ حَانُوتٍ لِيَتَّجِرَ فِيهَا فَافْتَقَرَ وَأَفْلَسَ وَأَرَادَ فَسْخَ الْإِجَارَةِ فَهَلْ لَهُ فَسْخُهَا؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ وَفِي الْمَنْبَعِ رَجُلٌ اسْتَأْجَرَ حَانُوتًا لِيَتَّجِرَ فِيهَا فَافْتَقَرَ فَهُوَ عُذْرٌ شَرْعِيٌّ لَهُ أَنْ يَنْقُضَ بِهِ الْإِجَارَةَ لِسَانُ الْحُكَّامِ وَفِي التَّنْوِيرِ مِنْ فَسْخِ الْإِجَارَةِ وَبِعُذْرِ إفْلَاسِ مُسْتَأْجِرِ دُكَّانٍ لِيَتَّجِرَ فِيهِ. اهـ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا اسْتَأْجَرَ زَيْدٌ مِنْ آخَرَ دَارًا بِأُجْرَةٍ مَعْلُومَةٍ دَفَعَهَا لَهُ فَغَصَبَ الدَّارَ رَجُلٌ وَمَنَعَ الْمُسْتَأْجِرَ مِنْ سُكْنَاهَا بَعْضَ الْمُدَّةِ وَلَمْ يُمْكِنْهُ إخْرَاجُ الْغَاصِبِ بِشَفَاعَةٍ وَلَا حِمَايَةٍ وَيُرِيدُ الْمُسْتَأْجِرُ الرُّجُوعَ عَلَى الْمُؤَجِّرِ بِمَا قَابَلَ مُدَّةَ الْغَصْبِ مِنْ الْأُجْرَةِ بَعْدَ ثُبُوتِ ذَلِكَ فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ كَمَا فِي التَّنْوِيرِ مِنْ الْإِجَارَةِ.
(سُئِلَ) فِي أَرْضٍ تَيْمَارِيَّةٍ آجَرَهَا صَاحِبُ تَيْمَارِهَا وَهِيَ مَشْغُولَةٌ بِزَرْعٍ لَهُ وَلَمْ يُدْرِكْ، مِنْ زَيْدٍ مُدَّةَ سَنَةٍ بِقَدْرٍ مَعْلُومٍ مِنْ حِنْطَةٍ وَشَعِيرٍ وَكُرِّ سَنَةٍ لَمْ يَذْكُرْ فِيهَا شَرَائِطَ السَّلَمِ وَلَا بَاعَ الزَّرْعَ مِنْ زَيْدٍ الْمَزْبُورِ فَهَلْ الْإِجَارَةُ غَيْرُ صَحِيحَةٍ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ وَفِي الْأَصْلِ رَجُلٌ اسْتَأْجَرَ أَرْضًا فِيهَا زَرْعٌ أَوْ قَصَبٌ أَوْ غَيْرُهُمَا مِمَّا يَمْنَعُهُ مِنْ الزِّرَاعَةِ لَا يَجُوزُ وَالْحِيلَةُ إذَا كَانَ الزَّرْعُ لِرَبِّ الْأَرْضِ أَنْ يَبِيعَ الزَّرْعَ مِنْهُ بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ وَيَتَقَابَضَا ثُمَّ يُؤَجِّرَ الْأَرْضَ مِنْهُ وَإِنْ كَانَ لِغَيْرِهِ يُؤَاجِرُ بَعْدَ مُضِيِّ الْمُدَّةِ وَلَوْ آجَرَ مَعَ هَذَا بِدُونِ الْحِيلَةِ ثُمَّ سَلَّمَ بَعْدَمَا فَرَغَ وَحَصَدَ يَنْقَلِبُ جَائِزًا قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ الْمَعْرُوفُ بِخُوَاهَرْ زَادَهْ فِي نُسْخَتِهِ هَذَا إذَا لَمْ يُدْرِكْ الزَّرْعُ أَمَّا إذَا أَدْرَكَ بِحَيْثُ لَا يَضُرُّهُ الْحَصَادُ يَجُوزُ وَيُؤْمَرُ الْآجِرُ بِقَلْعِ الزَّرْعِ خُلَاصَةٌ مِنْ الْإِجَارَةِ وَإِنْ كَانَتْ الْأُجْرَةُ مَكِيلًا أَوْ مَوْزُونًا أَوْ عَدَدِيًّا مُتَقَارِبًا فَإِعْلَامُهَا بِبَيَانِ الْقَدْرِ وَالصِّفَةِ وَيَحْتَاجُ إلَى بَيَانِ مَكَانِ إيفَائِهَا إذَا كَانَ لَهَا حِمْلٌ وَمُؤْنَةٌ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا حِمْلٌ وَمُؤْنَةٌ لَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ وَهَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ لَا يَحْتَاجُ إلَى ذَلِكَ فِي الْأَحْوَالِ كُلِّهَا وَالِاخْتِلَافُ فِي هَذَا نَظِيرُ الِاخْتِلَافِ فِي السَّلَمِ؛ لِأَنَّ الْأُجْرَةَ لَا يَجِبُ تَسْلِيمُهَا عَقِيبَ الْعَقْدِ فَصَارَ نَظِيرَ الْمُسْلَمِ فِيهِ.
وَتَمَامُهُ فِي الذَّخِيرَةِ مِنْ الْفَصْلِ الْأَوَّلِ وَسُئِلَ قَارِئُ الْهِدَايَةِ هَلْ يَجُوزُ اسْتِئْجَارُ أَرْضٍ لِلزِّرَاعَةِ بِكَذَا إرْدَبِّ غَلَّةٍ أَمْ لَا فَأَجَابَ نَعَمْ يَجُوزُ إذَا كَانَتْ الْأُجْرَةُ مُشَارًا إلَيْهَا أَوْ مَوْصُوفَةً فِي ذِمَّتِهِ وَلَا تَكُونُ مِنْ الْغَلَّةِ الَّتِي تَخْرُجُ مِنْ زَرْعِ الْأَرْضِ الْمُسْتَأْجَرَةِ.
(سُئِلَ) فِي نَاظِرِ وَقْفٍ آجَرَ دَارَيْنِ جَارَتَيْنِ فِي الْوَقْفِ مِنْ زَوْجَتِهِ مُدَّةً مَعْلُومَةً بِأُجْرَةٍ مَعْلُومَةٍ لَمْ يَزِدْ فِيهَا عَلَى أَجْرِ مِثْلِهَا وَلَمْ يَحْكُمْ بِصِحَّةِ الْإِجَارَةِ حَاكِمٌ يَرَى ذَلِكَ فَهَلْ تَكُونُ الْإِجَارَةُ غَيْرَ جَائِزَةٍ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ.
(سُئِلَ) فِيمَنْ اسْتَأْجَرَ دَارًا بِأُجْرَةٍ مَعْلُومَةٍ مِنْ الدَّرَاهِمِ ثُمَّ آجَرَهَا مِمَّا فِي تَوَاجِرِهِ مِنْ آخَرَ بِدَنَانِيرَ أَكْثَرَ مِمَّا اسْتَأْجَرَ هُوَ بِهِ فَهَلْ تَصِحُّ وَتَطِيبُ لَهُ الزِّيَادَةُ؟
(الْجَوَابُ): حَيْثُ أَجَّرَ بِغَيْرِ جِنْسِ مَا اسْتَأْجَرَ تَطِيبُ لَهُ الزِّيَادَةُ وَالْمَسْأَلَةُ فِي الْخَيْرِيَّةِ وَغَيْرِهَا وَهِيَ شَهِيرَةٌ.
(سُئِلَ) فِي دَارٍ مُشْتَرَكَةٍ بَيْنَ زَيْدٍ وَجِهَةِ وَقْفٍ لِكُلٍّ حِصَّةٌ مَعْلُومَةٌ شَائِعَةٌ وَهِيَ مُحْتَاجَةٌ إلَى الْعِمَارَةِ فَآجَرَهَا زَيْدٌ وَبَعْضُ مُسْتَحَقِّيهَا مِنْ أَجْنَبِيٍّ وَلَمْ يَحْكُمْ بِصِحَّتِهَا حَاكِمٌ يَرَاهَا وَلَيْسَ لِلْوَقْفِ نَاظِرٌ فَهَلْ تَكُونُ الْإِجَارَةُ غَيْرَ صَحِيحَةٍ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ لَوْ آجَرَ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ وَلَمْ يَكُنْ نَاظِرًا لَمْ تَصِحَّ حَتَّى لَوْ أَذِنَ لِلْمُسْتَأْجِرِ فِي الْعِمَارَةِ فَأَنْفَقَ لَمْ يَرْجِعْ عَلَى أَحَدٍ وَكَانَ مُتَطَوِّعًا قُلْت؛ لِأَنَّ الْإِجَارَةَ لَمَّا لَمْ تَصِحَّ فَلَمْ يَصِحَّ مَا فِي ضِمْنِهَا أَشْبَاهٌ قُبَيْلَ فَنِّ الْحِيَلِ قَالَ السَّيِّدُ الْحَمَوِيُّ أَقُولُ فِي الْإِسْعَافِ لَوْ آجَرَ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ الْوَقْفَ قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو جَعْفَرٍ فِي كُلِّ مَوْضِعٍ يَكُونُ كُلُّ الْأَجْرِ لَهُ بِأَنْ لَمْ يَكُنْ الْوَقْفُ مُحْتَاجًا إلَى الْعِمَارَةِ وَلَمْ يَكُنْ مَعَهُ شَرِيكٌ فِيهِ جَازَ لَهُ إيجَارُ الدُّورِ وَالْحَوَانِيتِ. اهـ.
وَمِنْهُ يُعْلَمُ مَا فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ مِنْ الْإِرْسَالِ فِي مَحَلِّ التَّقْيِيدِ وَهُوَ فِي مَقَامِ التَّصْنِيفِ وَالْفَتْوَى غَيْرُ سَدِيدٍ. اهـ.
(أَقُولُ) وَإِنَّمَا كَانَ الْمُسْتَأْجِرُ مُتَطَوِّعًا؛ لِأَنَّ الْمُؤَجِّرَ لَيْسَ لَهُ وِلَايَةُ الْإِذْنِ فَلَمْ يَصِحَّ إذْنُهُ كَمَا لَمْ يَصِحَّ إيجَارُهُ لَكِنَّ قَوْلَهُمْ الْغَارُّ يَضْمَنُ إذَا كَانَ الْغُرُورُ فِي ضِمْنِ عَقْدِ مُعَاوَضَةٍ يَقْتَضِي ضَمَانَ الْمُؤَجِّرِ هُنَا لِمَا أَنْفَقَهُ الْمُسْتَأْجِرُ وَالظَّاهِرُ أَنَّ مَا عَلَّلَ بِهِ فِي الْأَشْبَاهِ إشَارَةٌ إلَى الْجَوَابِ عَنْ هَذَا فَإِنَّ الْعَقْدَ لَمَّا فَسَدَ فَكَأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ وَفَسَدَ مَا فِي ضِمْنِهِ لَكِنَّ مُقْتَضَى هَذَا أَنَّهُ لَوْ كَانَ الْمُؤَجِّرُ لَهُ وِلَايَةُ الْإِذْنِ ثُمَّ ظَهَرَ بُطْلَانُ الْإِجَارَةِ أَنَّ الْمُسْتَأْجِرَ يَكُونُ مُتَطَوِّعًا بِمَا بَنَاهُ أَوْ غَرَسَهُ بِإِذْنِ الْوَلِيِّ لِفَسَادِ الْإِذْنِ بِسَبَبِ بُطْلَانِ الْإِجَارَةِ وَقَدْ مَرَّ نَظِيرُهُ وَيَأْتِي لَكِنْ فِي الْفَتَاوَى الْخَيْرِيَّةِ أَوَائِلَ كِتَابِ الْإِجَارَةِ مَا يُخَالِفُهُ حَيْثُ أَفْتَى بِأَنَّ الْمُسْتَأْجِرَ لَا يُؤْمَرُ بِالْقَلْعِ بَلْ لَهُ اسْتِبْقَاؤُهُ وَإِنْ أَبَى الْمُتَوَلِّي إلَّا الْقَلْعَ؛ لِأَنَّ ابْتِدَاءَ الْفِعْلِ لَيْسَ ظُلْمًا إلَخْ فَرَاجِعْهُ وَكَذَا أَفْتَى الرَّمْلِيُّ فِيمَا لَوْ اسْتَأْجَرَ طَبِيبًا إجَارَةً فَاسِدَةً بِأَنَّهُ لَهُ أَجْرُ مِثْلِهِ وَمَا أَنْفَقَهُ فِي ثَمَنِ الْأَدْوِيَةِ وَكَذَا أَفْتَى غَيْرُ وَاحِدٍ بِأَنَّهُ لَوْ دَفَعَ لَهُ فَرَسًا يَعْلِفُهَا بِحِصَّةٍ مِنْهَا بِأَنَّ لَهُ أَجْرَ مِثْلِهِ وَبَدَلَ الْعَلَفِ وَلَهُ نَظَائِرُ كَثِيرَةٌ كُلُّهَا تَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْإِذْنَ لَا يَبْطُلُ وَإِنْ فَسَدَتْ الْإِجَارَةُ فَتَأَمَّلْ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا اسْتَأْجَرَ زَيْدٌ مِنْ نَاظِرِ وَقْفٍ مَجْرَى مَاءٍ مَعْلُومِ الطُّولِ وَالْعَرْضِ وَالْعُمْقِ بِحَقِّهِ الْمَعْلُومِ مِنْ الْمَاءِ الْجَارِي ذَلِكَ الْمَجْرَى مَعَ حَقِّهِ مِنْ الْمَاءِ فِي الْوَقْفِ الْمَزْبُورِ لِيَسْقِيَ بِهِ بُسْتَانَه مُدَّةً مَعْلُومَةً بِأُجْرَةٍ مَعْلُومَةٍ مِنْ الدَّرَاهِمِ هِيَ أُجْرَةُ مِثْلِهَا إجَارَةً شَرْعِيَّةً ثُمَّ أَجَّرَ زَيْدٌ الْمَجْرَى الْمَذْكُورَ مَعَ حَقِّهِ مِنْ الْمَاءِ مِنْ بَكْرٍ مُدَّةً تَسْتَوْعِبُ مُدَّتَهُ بِأُجْرَةٍ مَعْلُومَةٍ مِنْ الدَّرَاهِمِ فَهَلْ تَكُونُ الْإِجَارَتَانِ صَحِيحَتَيْنِ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ قَالَ فِي الْبَزَّازِيَّةِ فِي كِتَابِ الشِّرْبِ وَلَمْ تَصِحَّ إجَارَةُ الشِّرْبِ أَيْضًا لِوُقُوعِ الْإِجَارَةِ عَلَى اسْتِهْلَاكِ الْعَيْنِ مَقْصُودًا إلَّا إذَا آجَرَ أَوْ بَاعَ مَعَ الْأَرْضِ فَحِينَئِذٍ يَجُوزُ تَبَعًا. اهـ.
رَجُلٌ اسْتَأْجَرَ أَرْضًا بِشِرْبِهَا وَحَاجَةُ الْمُسْتَأْجِرِ إلَى الشِّرْبِ لِيَسُوقَ الْمَاءَ إلَى أَرْضٍ لَهُ أُخْرَى جَازَ خَانِيَّةٌ مِنْ بَابِ الْإِجَارَةِ الْفَاسِدَةِ.
(سُئِلَ) فِي تَيْمَارِيٍّ آجَرَ أَرَاضِي قَرْيَةٍ مَعْلُومَةٍ جَارِيَةٍ فِي تَيْمَارِهِ إجَارَةً شَرْعِيَّةً لَازِمَةً لِلزِّرَاعَةِ الصَّيْفِيَّةِ وَالشَّتْوِيَّةِ فَهَلْ تَكُونُ الْإِجَارَةُ صَحِيحَةً؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ.
(سُئِلَ) فِي تَيْمَارِيٍّ آجَرَ الْمُتَحَصِّلَ مِنْ تَيْمَارِهِ لِآخَرَ وَقَبَضَ الْمُسْتَأْجِرُ قَدْرًا مَعْلُومًا مِنْ مُتَحَصِّلِ تَيْمَارِهِ فَهَلْ تَكُونُ الْإِجَارَةُ الْمَزْبُورَةُ غَيْرَ صَحِيحَةٍ وَالْقَوْلُ قَوْلُ الْقَابِضِ بِيَمِينِهِ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ وَقَدْ أَفْتَى بِذَلِكَ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ مِرَارًا كَمَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي فَتَاوَاهُ مِنْ الْإِجَارَةِ وَنُقُولُهَا كَثِيرَةٌ مُحَصَّلُهَا أَنَّهَا إجَارَةٌ وَقَعَتْ عَلَى اسْتِهْلَاكِ الْأَعْيَانِ وَهِيَ بَاطِلَةٌ. (أَقُولُ) وَالظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا إذَا لَمْ يَسْتَأْجِرْ الْأَرْضَ مِنْ التَّيْمَارِيِّ لِأَجْلِ الزَّرْعِ بَلْ اسْتَأْجَرَهَا لِأَخْذِ الْعُشُورِ وَمَا يَتَحَصَّلُ مِنْ التَّيْمَارِ فَلَوْ احْتَالَ لِذَلِكَ وَاسْتَأْجَرَهَا لِلزَّارِعَةِ كَمَا يُفْعَلُ فِي زَمَانِنَا تَصِحُّ الْإِجَارَةُ بِدَلِيلِ مَسْأَلَةِ اسْتِئْجَارِ الْأَرْضِ مَقِيلًا وَمَرَاحًا الْمَذْكُورَةِ فِي وَقْفِ الْأَشْبَاهِ لِبَيَانِ حِيلَةِ الْجَوَازِ فِيمَا إذَا أَرَادَ الْمُسْتَأْجِرُ رَعْيَ الْحَشِيشِ مَثَلًا ثُمَّ رَأَيْت فِي الدُّرِّ الْمُخْتَارِ فِي أَوَائِلِ كِتَابِ الْإِجَارَةِ قَالَ مَا نَصُّهُ اعْلَمْ أَنَّ الْمُقَاطَعَةَ إذَا وَقَعَتْ بِشُرُوطِ الْإِجَارَةِ فَهِيَ صَحِيحَةٌ؛ لِأَنَّ الْعِبْرَةَ لِلْمَعَانِي وَقَدَّمْنَاهُ فِي الْجِهَادِ. اهـ.
فَمَنْ أَقْطَعَهُ السُّلْطَانُ أَرْضًا يَجُوزُ أَنْ يُؤَجِّرَهَا لَكِنْ لِلزَّرْعِ وَنَحْوِهِ بِشُرُوطِ الْإِجَارَةِ ثُمَّ إذَا جَازَتْ الْإِجَارَةُ فِي مَسْأَلَتِنَا فَلِلتَّيْمَارِيِّ أَنْ يَمْنَعَهُ مِنْ أَخْذِ الْقَسْمِ أَوْ الْعُشْرِ وَنَحْوِهِ؛ لِأَنَّ السُّلْطَانَ عَزَّ نَصْرُهُ إنَّمَا وَجَّهَهُ لَهُ فَهُوَ حَقُّهُ بِخِلَافِ رَعْيِ الْكَلَإِ فَإِنَّهُ مُبَاحٌ لِكُلِّ مَنْ يَأْخُذُهُ وَإِذَا أَخَذَ الْمُسْتَأْجِرُ مُتَحَصِّلَ التَّيْمَارِ مِنْ الْقَسْمِ وَالْعُشْرِ وَنَحْوِهِ فَلِلتَّيْمَارِيِّ الرُّجُوعُ بِهِ عَلَيْهِ لَا عَلَى الزُّرَّاعِ؛ لِأَنَّهُ أَخَذَ بِإِذْنِهِ فَهُوَ الْوَكِيلُ عَنْهُ فَصَحَّ قَبْضُهُ فَلَهُ الرُّجُوعُ بِهِ عَلَيْهِ لَا عَلَيْهِمْ؛ لِأَنَّ مَا قَبَضَهُ الْمُسْتَأْجِرُ بِإِذْنِ التَّيْمَارِيِّ مِلْكٌ لِلتَّيْمَارِيِّ وَلَمْ يُوجَدْ مِنْ التَّيْمَارِيِّ هِبَةٌ وَلَا إبْرَاءٌ حَتَّى تَبْرَأَ ذِمَّةُ الْمُسْتَأْجِرِ مِنْهُ هَذَا مَا ظَهَرَ لِي وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ ثُمَّ هَذَا كُلُّهُ فَرْعُ صِحَّةِ الْإِجَارَةِ أَمَّا إذَا لَمْ تَصِحَّ فَظَاهِرٌ وَقَدْ أَفْتَى الْمُؤَلِّفُ مِرَارًا بِأَنَّهُ لَا تَصِحُّ إجَارَةُ الْقَرْيَةِ وَالْأَرْضِ لِغَيْرِ الزُّرَّاعِ أَصْحَابِ مِشَدِّ الْمَسَكَةِ وَلَا سِيَّمَا إذَا كَانَ لَهُمْ فِيهَا أَشْجَارٌ وَنَحْوُهَا وَفِي فَتَاوَى الْعَلَّامَةِ التَّاجِيِّ الْبَعْلِيِّ تِلْمِيذِ الشَّيْخِ الْعَلَائِيِّ قَالَ بَعْدَ كَلَامٍ هَذَا كُلُّهُ إذَا لَمْ تَكُنْ الْإِجَارَةُ وَارِدَةً عَلَى اسْتِهْلَاكِ الْأَعْيَانِ قَصْدًا أَمَّا إذَا كَانَتْ كَذَلِكَ بِإِنْ كَانَتْ أَرَاضِي الْقَرْيَةِ فِي أَيْدِي مُزَارِعِينَ وَإِنَّمَا اسْتَأْجَرَهَا الْمُسْتَأْجِرُ الْمَرْقُومُ لِيَأْخُذَ مَا يَخُصُّهَا مِنْ خَرَاجِ الْمُقَاسَمَةِ فَهِيَ حِينَئِذٍ بَاطِلَةٌ كَمَا صَرَّحَ بِذَلِكَ عُلَمَاؤُنَا قَاطِبَةً. اهـ.
وَانْظُرْ مَا فِي فَتَاوَى الشَّيْخِ خَيْرِ الدِّينِ مِنْ الْإِجَارَاتِ فَقَدْ أَفْتَى مِرَارًا بِبُطْلَانِ هَذِهِ الْإِجَارَةِ الْمُسَمَّاةِ بِالْمُقَاطَعَةِ وَالِالْتِزَامِ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا اسْتَأْجَرَ زَيْدٌ أَرَاضِي مَعْلُومَةً لِلزِّرَاعَةِ وَمَضَى بَعْضُ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ فَأَرَادَ زَيْدٌ السَّفَرَ وَتَرْكَ الزِّرَاعَةِ أَصْلًا فَهَلْ يَكُونُ ذَلِكَ عُذْرًا فِي فَسْخِ الْإِجَارَةِ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ اسْتَأْجَرَ أَرْضًا لِيَزْرَعَهَا ثُمَّ بَدَا لَهُ أَنْ يَتْرُكَ الزِّرَاعَةَ أَصْلًا كَانَ عُذْرًا وَإِنْ لَمْ يَتْرُكْ الزِّرَاعَةَ وَلَكِنَّهُ أَرَادَ أَنْ يَزْرَعَ أَرْضًا أُخْرَى لَا يَكُونُ عُذْرًا وَلَوْ اسْتَأْجَرَ حَانُوتًا أَوْ بَيْتًا ثُمَّ بَدَا لَهُ السَّفَرُ كَانَ عُذْرًا قَاضِي خَانْ. (أَقُولُ) كَتَبْت فِيمَا عَلَّقْته عَلَى الدُّرِّ الْمُخْتَارِ أَنَّهُ لَوْ كَذَّبَهُ الْمُؤَجِّرُ فِي إرَادَةِ السَّفَرِ يَحْلِفُ الْمُسْتَأْجِرُ وَهَذَا أَحَدُ أَقْوَالٍ أَرْبَعَةٍ وَإِلَيْهِ مَالَ الْكَرْخِيُّ وَالْقُدُورِيُّ وَقِيلَ يَسْأَلُ رُفْقَتَهُ وَقِيلَ يُحَكِّمُ زِيَّهُ وَثِيَابَهُ وَقِيلَ الْقَوْلُ لِمُنْكِرِ السَّفَرِ.
(سُئِلَ) فِي حَوَانِيتِ وَقْفٍ وَضَعَ رَجُلٌ يَدَهُ عَلَى أَسْطُحَتِهَا وَاسْتَوْفَى مَنْفَعَتَهَا مُدَّةً بِنَشْرِ الثِّيَابِ وَوَضْعِ سِقَالَةٍ مِنْ خَشَبٍ لِأَجْلِ ذَلِكَ وَيُرِيدُ نَاظِرُ الْوَقْفِ مُطَالَبَتَهُ بِأُجْرَةِ مِثْلِ ذَلِكَ عَنْ الْمُدَّةِ الْمَذْكُورَةِ فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ اسْتَأْجَرَ سَقْفًا لِيُجَفِّفَ عَلَيْهِ الثِّيَابَ أَوْ يَبِيتَ عَلَيْهِ يَجُوزُ بَزَّازِيَّةٌ مِنْ الْإِجَارَةِ فِي نَوْعِ الضِّيَاعِ وَالْحَانُوتِ.
(سُئِلَ) فِي خَانَيْنِ مَعْلُومَيْنِ جَارِيَيْنِ فِي وَقْفِ بَرٍّ تَحْتَ تَوْلِيَةِ زَيْدٍ بِمُوجِبِ بَرَاءَةٍ سُلْطَانِيَّةٍ وَفِي تَوَاجِرِ عَمْرٍو مِنْ مُتَوَلِّي الْوَقْفِ مُدَّةً مَعْلُومَةً بِأُجْرَةٍ مَعْلُومَةٍ اسْتَوْفَى عَمْرٌو مَنْفَعَةَ الْمَأْجُورِ إلَى قُبَيْلَ انْتِهَاءِ الْمُدَّةِ فَآجَرَ الْمُتَوَلِّي الْمَزْبُورُ الْخَانَيْنِ الْمَزْبُورَيْنِ مِنْ بَكْرٍ مُدَّةَ سَنَةٍ كَامِلَةٍ إجَارَةً مُنْتَظَرَةً أَوَّلُهَا بَعْدَ انْتِهَاءِ مُدَّةِ عَمْرٍو بِأُجْرَةٍ مَعْلُومَةٍ مِنْ الدَّرَاهِمِ فَهَلْ تَكُونُ الْإِجَارَةُ صَحِيحَةً؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ لِمَا فِي مُتَفَرِّقَاتِ الْبَيْعِ مِنْ الْمُتُونِ وَمَا تَصِحُّ إضَافَتُهُ إلَى الْمُسْتَقْبَلِ الْإِجَارَةُ وَفَسْخُهَا إلَخْ وَفِي الْعِمَادِيَّةِ مِنْ الْفَصْلِ 26 قَالَ فِي الْفَتَاوَى إذَا قَالَ إذَا جَاءَ رَأْسُ الشَّهْرِ فَقَدْ آجَرْتُك الدَّارَ بِكَذَا يَجُوزُ وَإِنْ كَانَ فِيهِ تَعْلِيقٌ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى وَهُوَ قَوْلُ الْفَقِيهِ أَبِي بَكْرٍ الْإِسْكَافِ وَأَبِي اللَّيْثِ وَاخْتِيَارُ صَاحِبِ الْمُحِيطِ إلَى أَنْ قَالَ وَفِي فَتَاوَى ظَهِيرِ الدِّينِ لَوْ قَالَ آجَرْتُكَ دَارِيَ هَذِهِ رَأْسَ الشَّهْرِ بِكَذَا كَانَ إجَارَةً فِي قَوْلِهِمْ. اهـ.
(أَقُولُ) الْإِجَارَةُ الْمُضَافَةُ وَإِنْ كَانَتْ صَحِيحَةً فَهِيَ غَيْرُ لَازِمَةٍ عَلَى أَحَدِ التَّصْحِيحَيْنِ وَأُيِّدَ بِأَنَّ عَلَيْهِ الْفَتْوَى كَمَا فِي أَوَاخِرِ إجَارَاتِ الدُّرِّ الْمُخْتَارِ وَفِي الْفَتَاوَى الْخَيْرِيَّةِ مِنْ الْإِجَارَاتِ فِي ضِمْنِ جَوَابِ سُؤَالٍ مَا نَصُّهُ وَهِيَ غَيْرُ لَازِمَةٍ عَلَى الْمُفْتَى بِهِ بَلْ لِكُلٍّ مِنْ الْمُتَآجِرَيْنِ نَقْضُهَا فِي أَوَّلِ دُخُولِ الْعَقْدِ وَقَبْلَهُ. اهـ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا اسْتَأْجَرَ زَيْدٌ عَمْرًا لِيَصْنَعَ لَهُ نَشًا فِي مَكَانٍ لِزَيْدٍ بِآلَاتٍ مِنْ زَيْدٍ وَيَبِيعَهُ عَلَى أَنْ يَكُونَ لِزَيْدٍ نِصْفُ الرِّبْحِ الْحَاصِلِ مِنْهُ وَالرِّبْحُ مَجْهُولٌ وَصَنَعَ عَمْرٌو ذَلِكَ وَيُرِيدُ زَيْدٌ إخْرَاجَهُ مِنْ الْمَكَانِ وَأَخْذَ النَّشَا وَدَفْعَ أَجْرَ مِثْلِ عَمَلِ عَمْرٍو لَهُ فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ؛ لِأَنَّ الْأُجْرَةَ مَجْهُولَةٌ فَتَئُولُ إلَى أُجْرَةِ الْمِثْلِ بَالِغَةً مَا بَلَغَتْ كَمَا هُوَ الْمَفْهُومُ مِنْ التَّنْوِيرِ.
(سُئِلَ) فِي رَجُلٍ تَزَوَّجَ امْرَأَةً وَدَخَلَ بِهَا فِي مَنْزِلٍ كَانَتْ فِيهِ بِأَجْرٍ ثُمَّ بَعْدَ مُدَّةٍ طَلَبَتْ مِنْ زَوْجِهَا أُجْرَةَ الْمَنْزِلِ فَهَلْ تَكُونُ الْأُجْرَةُ عَلَيْهَا لَا عَلَيْهِ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ؛ لِأَنَّهَا الْعَاقِدَةُ كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا حَرَثَ زَيْدٌ الْأَرْضَ الْمُسْتَأْجَرَةَ بَعْدَ مُضِيِّ مُدَّةِ إجَارَتِهِ بِدُونِ إذْنٍ مِنْ الْمُؤَجِّرِ وَيَمْتَنِعُ مِنْ تَسْلِيمِهَا لِلْمُؤَجِّرِ الْمَرْقُومِ حَتَّى يُعْطِيَهُ قِيمَةَ حَرْثِهِ وَكِرَابِهِ فَهَلْ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ؛ لِأَنَّهُ لَا قِيمَةَ لِلْمَنَافِعِ وَالْكِرَابُ وَصْفٌ فِي الْأَرْضِ وَمَسْأَلَةُ الْكِرَابِ مَذْكُورَةٌ فِي مُزَارَعَةِ التَّنْوِيرِ وَقَالَ وَيُسْتَرْضَى دِيَانَةً وَلَكِنْ هَذَا إذَا كَانَ بِالْإِذْنِ وَفِي الْمَسْأَلَةِ الْمَسْئُولِ عَنْهَا بِغَيْرِ إذْنٍ وَذَكَرَهَا الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ قَائِلًا؛ لِأَنَّهُ كَلَوْنِ الدَّابَّةِ.
(سُئِلَ) فِي رَجُلٍ أَذِنَتْ لَهُ أُمُّهُ بِأَنْ يَسْكُنَ فِي دَارِهَا الْمَمْلُوكَةِ لَهَا بِشَرْطِ أَنْ يُعَمِّرَهَا فَسَكَنَ فِي الدَّارِ مُدَّةً وَلَمْ يُعَمِّرْهَا فَهَلْ يَلْزَمُهُ لَهَا أُجْرَةُ الْمِثْلِ فِي الْمُدَّةِ الْمَزْبُورَةِ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ رَجُلٌ دَفَعَ إلَى آخَرَ دَارًا لِيَسْكُنَهَا وَيُعَمِّرَهَا فَسَكَنَ مُدَّةً وَلَمْ يُعَمِّرْهَا فَإِنْ كَانَ أَذِنَ لَهُ بِشَرْطِ الْعِمَارَةِ يَجِبُ أَجْرُ الْمِثْلِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا شَرَطَ الْعِمَارَةَ فَقَدْ آجَرَهُ بِأُجْرَةٍ مَجْهُولَةٍ فَيَجِبُ أَجْرُ الْمِثْلِ؛ لِأَنَّ قَدْرَ الْعِمَارَةِ مَجْهُولٌ وَإِنْ سَكَنَ وَعَمَّرَ فَإِنَّهُ يُنْظَرُ إلَى الْعِمَارَةِ وَأَجْرِ الْمِثْلِ جَوَاهِرُ الْفَتَاوَى مِنْ أَوَائِلِ كِتَابِ الْإِجَارَاتِ. (أَقُولُ) وَمِثْلُ هَذَا مَا ذَكَرَهُ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ فِي أَحْكَامِ الْعِمَارَةِ فِي مِلْكِ الْغَيْرِ بِعِبَارَةٍ فَارِسِيَّةٍ وَعَرَّبَهَا الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ فِي حَاشِيَتِهِ عَلَيْهِ وَنَصُّهُ اتَّفَقَتْ مَعَ زَوْجِهَا عَلَى أَنْ يُعَمِّرَ وَيَسْكُنَ فَعَمَّرَ وَصَارَ يُسَاوِي أَلْفَ دِرْهَمٍ وَمَاتَتْ الْمَرْأَةُ فَطَالَبَتْهُ بَقِيَّةُ وَرَثَتِهَا بِأُجْرَةِ السُّكْنَى وَطَالَبَهُمْ هُوَ بِمَا أَنْفَقَ فَالْجَوَابُ أَنَّهُ يَسْقُطُ مِمَّا أَنْفَقَ قَدْرُ أُجْرَةِ السُّكْنَى وَالْبَاقِي يُطَالِبُ بِهِ وَإِنْ زَادَتْ قِيمَةُ السُّكْنَى عَلَيْهِ يَسْقُطُ بِقَدْرِهِ مِنْهَا وَالْبَاقِي مِيرَاثٌ وَإِنْ لَمْ يَقَعْ الِاتِّفَاقُ عَلَى ذَلِكَ وَعَمَّرَ فَهُوَ مُتَبَرِّعٌ. اهـ.
(أَقُولُ) أَيْضًا وَجْهُ كَوْنِ ذَلِكَ إجَارَةً فَاسِدَةً أَنَّ صَاحِبَ الدَّارِ لَمْ يُمَلِّكْ مَنْفَعَةَ دَارِهِ إلَّا بِعِوَضٍ لَكِنَّهُ لَمَّا جُهِلَ الْعِوَضُ وَقْتَ الْعَقْدِ وَجَبَ أَجْرُ الْمِثْلِ بَالِغًا مَا بَلَغَ وَالْمُعَمِّرُ غَيْرُ مُتَبَرِّعٍ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُعَمِّرْ إلَّا بِمُقَابَلَةِ السُّكْنَى وَبِمَا نَقَلَهُ الْمُؤَلِّف وَنَقَلْنَاهُ أَيْضًا عُلِمَ أَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ بِإِعَارَةٍ بَلْ هُوَ إجَارَةٌ فَاسِدَةٌ خِلَافًا لِمَا فِي الْفَتَاوَى الْخَيْرِيَّةِ حَيْثُ أَجَابَ فِي نَظِيرِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ مُسْتَعِيرٌ لَا مُسْتَأْجِرٌ وَمِمَّا يُؤَيِّدُ مَا قُلْنَاهُ مَسْأَلَةٌ يَجِبُ التَّنْبِيهُ عَلَيْهَا لِكَثْرَةِ وُقُوعِهَا فِي زَمَانِنَا وَقَلَّ مَنْ يَعْرِفُهَا وَهِيَ مَا فِي الْفَصْلِ الثَّالِثِ مِنْ الْخُلَاصَةِ رَجُلٌ اسْتَقْرَضَ دَرَاهِمَ مِنْ رَجُلٍ فَقَالَ لَهُ اُسْكُنْ فِي حَانُوتِي فَمَا لَمْ أَرُدَّ عَلَيْك دَرَاهِمَك لَا أُطَالِبُك بِأُجْرَةِ الْحَانُوتِ وَالْأَجْرُ الَّذِي يَجِبُ عَلَيْك هِبَةٌ فَدَفَعَ الْمُقْرِضُ إلَيْهِ أَلْفَ دِرْهَمٍ وَسَكَنَ الْحَانُوتَ مُدَّةً.
فَقَالَ إنْ ذَكَرَ تَرْكَ الْأُجْرَةِ عَلَيْهِ مَعَ اسْتِقْرَاضِهِ مِنْهُ الْمَالَ فَالْأُجْرَةُ عَلَى الْمُقْرِضِ وَاجِبَةٌ وَإِنْ كَانَ ذَكَرَهُ قَبْلَ الِاسْتِقْرَاضِ أَوْ بَعْدَهُ فَلَا أَجْرَ عَلَيْهِ. اهـ.
وَمِثْلُهُ فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَنَقَلَ الْمَسْأَلَةَ فِي التَّتَارْخَانِيَّةِ فِي مُتَفَرِّقَاتِ الْإِجَارَةِ عَنْ النَّوَازِلِ ثُمَّ قَالَ عَقِبَهَا قِيلَ الصَّحِيحُ أَنَّهُ يَجِبُ أَجْرُ الْمِثْلِ فِي الْوَجْهَيْنِ وَفِي الْكُبْرَى قَالَ فَخْرُ الدِّينِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى وَفِي الْخَانِيَّةِ رَجُلٌ اسْتَقْرَضَ دَرَاهِمَ وَأَسْكَنَ الْمُقْرِضَ فِي دَارِهِ قَالُوا يَجِبُ أَجْرُ الْمِثْلِ عَلَى الْمُقْرِضِ وَكَذَا لَوْ أَخَذَ الْمُقْرِضُ مِنْ الْمُسْتَقْرِضِ حِمَارًا لِيَسْتَعْمِلَهُ إلَى أَنْ يَرُدَّ عَلَيْهِ الدَّرَاهِمَ. اهـ.
فَحَيْثُ كَانَ الْفَتْوَى عَلَى وُجُوبِ الْأُجْرَةِ عَلَى الْمُقْرِضِ وَإِنْ صَرَّحَ بِإِسْقَاطِ الْأُجْرَةِ وَقْتَ الْقَرْضِ أَوْ قَبْلَهُ أَوْ بَعْدَهُ فَفِي مَسْأَلَتِنَا بِالْأَوْلَى وَوَجْهُ لُزُومِ الْأُجْرَةِ مَعَ التَّصْرِيحِ بِإِسْقَاطِهَا أَنَّ الْمُسْتَقْرِضَ لَمْ يُسْكِنْهُ فِي دَارِهِ إلَّا بِمُقَابَلَةِ مَنْفَعَةِ الْقَرْضِ وَذَلِكَ لَا يَصْلُحُ عِوَضًا فَيَجِبُ أَجْرُ الْمِثْلِ؛ لِأَنَّهُ إجَارَةٌ فَاسِدَةٌ وَالْإِجَارَةُ لَا بُدَّ فِيهَا مِنْ الْأُجْرَةِ وَقَدْ صَرَّحَ فِي الْأَشْبَاهِ وَغَيْرِهَا بِأَنَّهُ لَوْ قَالَ آجَرْتُك بِغَيْرِ شَيْءٍ فَهِيَ إجَارَةٌ فَاسِدَةٌ لَا عَارِيَّةٌ. اهـ.
وَقَدْ صَرَّحُوا بِأَنَّ الْإِجَارَةَ الْفَاسِدَةَ يَجِبُ فِيهَا أَجْرُ الْمِثْلِ فَاحْفَظْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ فَإِنَّهَا مُهِمَّةٌ لَكِنْ بَقِيَ مَا إذَا اسْتَقْرَضَ مِنْهُ وَأَرْهَنَ الدَّارَ عِنْدَهُ وَأَبَاحَ لَهُ سُكْنَاهَا مَجَّانًا فَهَلْ لَهُ أُجْرَةٌ الظَّاهِرُ لَا وَإِنْ كَانَ مَا أَبَاحَ لَهُ السُّكْنَى إلَّا لِأَجْلِ الْقَرْضِ؛ لِأَنَّ الرَّهْنَ عَقْدٌ آخَرُ مُنَافٍ لِعَقْدِ الْإِجَارَةِ وَلَا يُمْكِنُ اجْتِمَاعُهُمَا بَلْ لَوْ عَرَضَ أَحَدُهُمَا عَلَى الْآخَرِ أَفْسَدَهُ فَلَوْ آجَرَ الْمَرْهُونَ فَسَدَ الرَّهْنُ وَبِالْعَكْسِ وَلِذَا اخْتَلَفُوا فِي كَرَاهَةِ انْتِفَاعِ الْمُقْرِضِ بِالْمَرْهُونِ وَاَلَّذِي يَظْهَرُ لِي الْجَزْمُ بِالْكَرَاهَةِ التَّحْرِيمِيَّةِ فِي مِثْلِ مَسْأَلَتِنَا؛ لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ الرَّاهِنُ بِالِانْتِفَاعِ بِالدَّارِ الْمَرْهُونَةِ لَمْ يُقْرِضْهُ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.
(سُئِلَ) فِي أَرْضٍ جَارِيَةٍ فِي وَقْفٍ وَفِي مِشَدِّ مَسَكَةِ عَمْرٍو فَزَرْعهَا زَيْدٌ بِدُونِ إذْنٍ مِنْ عَمْرٍو وَلَا وَجْهٍ شَرْعِيٍّ فَقَامَ عَمْرٌو الْمَزْبُورُ يُكَلِّفُ زَيْدًا دَفْعَ نِصْفِ الْحَاصِلِ مِنْ الزَّرْعِ بِدُونِ وَجْهٍ شَرْعِيٍّ فَهَلْ يَلْزَمُ زَيْدًا أُجْرَةُ مِثْلِ ذَلِكَ لِجِهَةِ الْوَقْفِ وَالزَّرْعُ لِلزَّارِعِ؟
(الْجَوَابُ): يَلْزَمُ زَيْدًا أُجْرَةُ مِثْلِ الْأَرْضِ مُدَّةَ تَصَرُّفِهِ فِيهَا لِجِهَةِ الْوَقْفِ وَالزَّرْعُ لِلزَّارِعِ وَإِنْ كَانَ غَاصِبًا. (أَقُولُ) إنَّمَا يَلْزَمُ الزَّارِعَ أُجْرَةُ مِثْلِهَا لِجِهَةِ الْوَقْفِ إنْ لَمْ تَكُنْ جَارِيَةً فِي تَوَاجِرِ عَمْرٍو صَاحِبِ الْمِشَدِّ أَمَّا لَوْ كَانَتْ جَارِيَةً فِي تَوَاجِرِهِ فَأُجْرَتُهَا تَلْزَمُ الْمُسْتَأْجِرَ إلَّا إذَا لَمْ يُمْكِنْهُ إخْرَاجُ الْغَاصِبِ بِشَفَاعَةٍ أَوْ حِمَايَةٍ فَلَا تَلْزَمُهُ بَلْ تَلْزَمُ الْغَاصِبَ؛ لِأَنَّ مَنَافِعَ الْوَقْفِ مَضْمُونَةٌ أَمَّا إذَا أَمْكَنَهُ إخْرَاجُهُ بِمَا ذُكِرَ فَالْمَنَافِعُ تَكُونُ مَمْلُوكَةً لَهُ بِعَقْدِ الْإِيجَارِ وَخَرَجَتْ عَنْ كَوْنِهَا مَنَافِعَ الْوَقْفِ فَعَلَيْهِ أُجْرَتُهَا لِجِهَةِ الْوَقْفِ ثُمَّ إنْ كَانَ يَتِيمًا أَوْ كَانَتْ الْأَرْضُ مُعَدَّةً لِلِاسْتِغْلَالِ فَلَهُ عَلَى الْغَاصِبِ أُجْرَةُ مِثْلِهَا وَإِلَّا فَلَا هَذَا مَا ظَهَرَ لِي مِنْ الْقَوَاعِدِ وَسَنَذْكُرُ فِي كِتَابِ الْغَصْبِ تَمَامَ الْكَلَامِ عَلَى الْمَسْأَلَةِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
(سُئِلَ) فِي أَرْضٍ مَعْلُومَةٍ بِقَرْيَةٍ مُعَدَّةٍ لِلِاسْتِغْلَالِ زَرَعَهَا زَيْدٌ بِغَيْرِ إذْنِ صَاحِبِهَا عَمْرٍو وَاسْتَغَلَّهَا وَلَمْ يَكُنْ فِي الْقَرْيَةِ عُرْفٌ مِنْ اقْتِسَامِ الْغَلَّةِ أَنْصَافًا أَوْ أَرْبَاعًا فَهَلْ يَكُونُ الْخَارِجُ لِلزَّارِعِ وَعَلَيْهِ أَجْرُ مِثْلِ الْأَرْضِ؟
(الْجَوَابُ): حَيْثُ زَرَعَ أَرْضَ الْغَيْرِ بِغَيْرِ إذْنِهِ يُعْتَبَرُ الْعُرْفُ فَإِنْ اقْتَسَمُوا الْغَلَّةَ أَنْصَافًا أَوْ أَرْبَاعًا اُعْتُبِرَ وَإِلَّا فَالْخَارِجُ لِلزَّارِعِ وَعَلَيْهِ أَجْرُ مِثْلِ الْأَرْضِ وَأَمَّا فِي الْوَقْفِ فَتَجِبُ الْحِصَّةُ أَوْ الْأَجْرُ بِكُلِّ حَالٍ كَمَا صَرَّحَ بِذَلِكَ فِي الْفُصُولَيْنِ وَقَالَ فِي جَامِعِ الْفَتَاوَى وَلَوْ سَكَنَ دَارًا مُعَدَّةً لِلْغَلَّةِ أَوْ زَرَعَ أَرْضًا مُعَدَّةً لِلِاسْتِغْلَالِ بِغَيْرِ اسْتِئْجَارٍ يَجِبُ الْأَجْرُ. (أَقُولُ) وَسَيَأْتِي فِي الْغَصْبِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى تَمَامُ الْكَلَامِ عَلَى هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ.
(سُئِلَ) فِي مُسْتَأْجِرِ خَانِ وَقْفٍ مِنْ نَاظِرِهِ بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ إذَا جَاءَ رَجُلٌ وَزَادَ عَلَيْهِ فِي الْأُجْرَةِ فَادَّعَى الْمُسْتَأْجِرُ أَنَّهَا زِيَادَةُ ضَرَرٍ وَبَرْهَنَ عَلَى دَعْوَاهُ بِالْوَجْهِ الشَّرْعِيِّ فَهَلْ يُقْبَلُ بُرْهَانُهُ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ يُقْبَلُ بُرْهَانُهُ أَنَّهَا زِيَادَةُ إضْرَارٍ وَتَعَنُّتٍ فَإِذَا ثَبَتَ ذَلِكَ لَا تُقْبَلُ الزِّيَادَةُ الْمَزْبُورَةُ قَالَ فِي الْأَشْبَاهِ فَإِنْ كَانَتْ إضْرَارًا وَتَعَنُّتًا لَمْ تُقْبَلْ.
(سُئِلَ) فِي مُسْتَأْجِرِ أَرَاضِي وَقْفٍ إجَارَةً شَرْعِيَّةً جَحَدَ جَرَيَانَ الْأَرَاضِيِ فِي الْوَقْفِ وَأَثْبَتَ النَّاظِرُ جَرَيَانَهَا فِيهِ وَتَبَيَّنَ أَنَّ الْمُسْتَأْجِرَ يَخَافُ مِنْهُ عَلَى الْأَرَاضِي فَهَلْ لِلْقَاضِي فَسْخُ الْإِجَارَةِ وَإِخْرَاجُ الْأَرَاضِي مِنْ يَدِهِ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ كَمَا ذَكَرَهُ الْخَصَّافُ فِي بَابِ إجَارَةِ الْوَقْفِ.
(سُئِلَ) فِي بُسْتَانٍ جَارٍ فِي جِهَةِ وَقْفٍ وَفِي تَوَاجِرِ زَيْدٍ مِنْ نَاظِرِهِ انْقَضَتْ مُدَّةُ الْإِجَارَةِ وَفِي بَعْضِ أَرَاضِيِ الْبُسْتَانِ زَرْعٌ لِزَيْدٍ زَرَعَهُ فِي أَثْنَاءِ الْمُدَّةِ وَلَهُ فِيهِ قُمَامَةٌ يُعَبَّرُ عَنْهَا بِالْقِيمَةِ فَطَلَبَ النَّاظِرُ مِنْ زَيْدٍ تَسْلِيمَ الْبُسْتَانِ لَهُ فَامْتَنَعَ زَيْدٌ مِنْ ذَلِكَ وَيُكَلِّفُهُ إلَى شِرَاءِ الْقِيمَةِ فَهَلْ يَتْرُكُ الزَّرْعَ بِأَجْرِ الْمِثْلِ وَلَا يُجْبَرُ عَلَى أَخْذِ الْقِيمَةِ؟
(الْجَوَابُ): يَتْرُكُ الزَّرْعَ بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ إلَى إدْرَاكِهِ وَعَلَى زَيْدٍ تَسْلِيمُ الْأَرْضِ الْخَالِيَةِ مِنْ الزَّرْعِ لِلنَّاظِرِ وَلَا يُجْبَرُ النَّاظِرُ عَلَى شِرَاءِ الْقِيمَةِ الْمَذْكُورَةِ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ وَالزَّرْعُ يُتْرَكُ بِأَجْرِ الْمِثْلِ إلَى إدْرَاكِهِ رِعَايَةً لِلْجَانِبَيْنِ؛ لِأَنَّ لَهُ نِهَايَةً كَمَا مَرَّ شَرْحُ التَّنْوِيرِ لِلْعَلَائِيِّ. (أَقُولُ) هَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ فِي الْأَرْضِ بِنَاءٌ أَوْ شَجَرٌ مِمَّا لَيْسَ لَهُ نِهَايَةٌ أَمَّا لَوْ كَانَ فَقَدْ ذَكَرَ فِي الْقُنْيَةِ وَتَبِعَهُ فِي التَّنْوِيرِ أَنَّهُ تَبْقَى الْأَرْضُ بِيَدِهِ بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ إذَا لَمْ يَكُنْ بِالْوَقْفِ ضَرَرٌ وَبِهِ أَفْتَى الْمُؤَلِّفُ كَمَا يَأْتِي وَلَنَا فِيهِ كَلَامٌ سَنَذْكُرُهُ قَرِيبًا وَمِثْلُ الشَّجَرِ مَا كَانَ لَهُ نِهَايَةٌ مَعْلُومَةٌ لَكِنَّهَا طَوِيلَةٌ كَالْقَصَبِ كَمَا نَقَلَهُ الْعَلَائِيُّ عَنْ فَتَاوَى ابْنِ الشَّلَبِيِّ أَمَّا لَوْ كَانَتْ غَيْرَ طَوِيلَةٍ كَالْفُجْلِ وَالْجَزَرِ وَالْبَاذِنْجَانِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ كَالزَّرْعِ يُتْرَكُ بِأَجْرِ الْمِثْلِ إلَى نِهَايَتِهِ كَمَا نَقَلَهُ الْعَلَائِيُّ أَيْضًا عَنْ حَوَاشِي الْكَنْزِ لِلتُّمُرْتَاشِيِّ وَنَقَلَ أَيْضًا عَنْ الْبَحْرِ عَنْ الْقُنْيَةِ أَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِمْ يُتْرَكُ الزَّرْعُ بِأَجْرٍ أَيْ بِقَضَاءٍ أَوْ بِعَقْدٍ حَتَّى لَا يَجِبَ الْأَجْرُ إلَّا بِأَحَدِهِمَا. اهـ.
وَكَتَبْت فِيمَا عَلَّقْته عَلَيْهِ عَنْ الشرنبلالية أَنَّ هَذَا الشَّرْطَ فِي غَيْرِ الثَّلَاثَةِ الَّتِي اسْتَثْنَاهَا الْمُتَأَخِّرُونَ أَعْنِي الْوَقْفَ وَمَالَ الْيَتِيمِ وَالْمُعَدَّ لِلِاسْتِغْلَالِ؛ لِأَنَّهَا مَضْمُونَةٌ وَلَوْ بِالْغَصْبِ.
(سُئِلَ) فِي أَرَاضٍ مَعْلُومَةٍ جَارِيَةٍ فِي أَوْقَافٍ وَفِي مِشَدِّ مَسَكَةِ زَيْدٍ وَتَوَاجِرِهِ مِنْ أَرْبَابِهَا بِالْوَجْهِ الشَّرْعِيِّ غَرَسَ زَيْدٌ بِهَا غِرَاسًا فِي مُدَّةِ تَوَاجِرِهِ بِغَيْرِ إذْنٍ مِنْ الْمُتَكَلِّمِينَ عَلَيْهَا وَالْغَرْسُ لَا يَضُرُّ بِالْأَرْضِ وَالْآنَ انْقَضَتْ مُدَّةُ إجَارَتِهِ فَهَلْ لِزَيْدٍ ذَلِكَ وَيَبْقَى الْغِرَاسُ بِالْأَرْضِ بِأَجْرِ الْمِثْلِ أَوْ لَا؟
(الْجَوَابُ): يَجُوزُ لِزَيْدٍ الْمُسْتَأْجِرِ الْغَرْسَ بِالْأَرْضِ الْمَذْكُورَةِ إذَا لَمْ يَضُرَّ بِالْأَرْضِ بِدُونِ صَرِيحِ الْإِذْنِ مِنْ الْمُتَوَلِّينَ لَا سِيَّمَا وَلَهُ فِيهَا حَقُّ الْقَرَارِ الْمُعَبَّرِ عَنْهُ بِمِشَدِّ الْمَسَكَةِ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ الْمَسْأَلَةُ فِي الْبَحْرِ مِنْ الْوَقْفِ وَأَفْتَى بِهَا صَاحِبُ الْبَحْرِ فِي فَتَاوَاهُ وَفِي الْخَانِيَّةِ مِنْ فَصْلِ مَا تُنْقَضُ بِهِ الْإِجَارَةُ مَا نَصُّهُ وَلِلْمُسْتَأْجِرِ أَنْ يَبْنِيَ بَيْتًا فِي الدَّارِ الْمُسْتَأْجَرَةِ إذَا كَانَ لَا يَضُرُّ بِالدَّارِ. اهـ.
(سُئِلَ) فِي أَرْضٍ جَارِيَةٍ فِي وَقْفٍ أَهْلِيٍّ وَفِي تَوَاجُرِ زَيْدٍ مِنْ نَاظِرِهِ مُدَّةً مَعْلُومَةً بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ وَلَهُ فِيهَا غِرَاسٌ قَائِمٌ فِيهَا بِالْوَجْهِ الشَّرْعِيِّ فَانْقَضَتْ مُدَّةُ إجَارَتِهِ وَيُرِيدُ النَّاظِرُ إيجَارَهَا مِنْهُ وَمِنْ غَيْرِهِ بِأُجْرَةٍ زَائِدَةٍ عَنْ أُجْرَةِ الْمِثْلِ وَزَيْدٌ يَأْبَى اسْتِئْجَارَهَا إلَّا بِأَجْرِ مِثْلِهَا فَهَلْ لِزَيْدٍ اسْتِئْجَارُهَا بِأَجْرِ الْمِثْلِ لَا بِالزِّيَادَةِ وَلَا تُؤَجَّرُ مِنْ غَيْرِهِ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ قَالَ فِي التَّنْوِيرِ فِي بَابِ مَا يَجُوزُ مِنْ الْإِجَارَةِ اسْتَأْجَرَ أَرْضَ وَقْفٍ وَغَرَسَ فِيهَا ثُمَّ مَضَتْ مُدَّةُ الْإِجَارَةِ فَلِلْمُسْتَأْجِرِ اسْتِبْقَاؤُهَا بِأَجْرِ الْمِثْلِ إذَا لَمْ يَكُنْ فِي ذَلِكَ ضَرَرٌ. اهـ.
وَفِي فَتَاوَى الْحَانُوتِيِّ اسْتِئْجَارُ الْأَرْضِ الْمَشْغُولَةِ بِالْأَشْجَارِ لَا يَجُوزُ. اهـ.
(أَقُولُ) مَا أَفْتَى بِهِ الْمُؤَلِّفُ تَبَعًا لِلتَّنْوِيرِ قَدْ أَفْتَى بِهِ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ قَائِلًا وَأَنْتَ عَلَى عِلْمٍ أَنَّ الشَّرْعَ يَأْبَى الضَّرَرَ خُصُوصًا وَالنَّاسُ عَلَى هَذَا وَفِي الْقَلْعِ ضَرَرٌ عَلَيْهِمْ وَفِي الْحَدِيثِ الشَّرِيفِ عَنْ النَّبِيِّ الْمُخْتَارِ {لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ}. اهـ.
لَكِنَّهُ فِي الْخَيْرِيَّةِ أَفْتَى فِي مَوْضِعٍ آخَرَ بِخِلَافِهِ وَقَالَ يُقْلَعُ وَتُسَلَّمُ الْأَرْضُ لِنَاظِرِ الْوَقْفِ كَمَا صَرَّحَتْ بِهِ الْمُتُونُ قَاطِبَةً. اهـ.
وَلَعَلَّ مَا أَفْتَى بِهِ ثَانِيًا مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا كَانَ يُخْشَى مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ عَلَى الْوَقْفِ؛ لِأَنَّهُ قَالَ فِي حَاشِيَتِهِ عَلَى الْمِنَحِ وَلَوْ حَصَلَ ضَرَرٌ مَا بِإِنْ كَانَ هُوَ أَوْ وَارِثُهُ مُفْلِسًا أَوْ سَيِّئَ الْمُعَامَلَةِ أَوْ مُتَغَلِّبًا يُخْشَى عَلَى الْوَقْفِ مِنْهُ أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ مِنْ أَنْوَاعِ الضَّرَرِ لَا يُجْبَرُ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِمْ. اهـ.
وَيُؤَيِّدُهُ مَا فِي الْإِسْعَافِ وَغَيْرِهِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ تَبَيَّنَ أَنَّ الْمُسْتَأْجِرَ يُخَافُ مِنْهُ عَلَى رَقَبَةِ الْوَقْفِ يَفْسَخُ الْقَاضِي الْإِجَارَةَ وَيُخْرِجُهُ مِنْ يَدِهِ. اهـ.
ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ مَا ذَكَرَهُ فِي التَّنْوِيرِ مِنْ أَنَّ لَهُ اسْتِبْقَاءَ الْغِرَاسِ جَبْرًا حَيْثُ لَا ضَرَرَ عَلَى الْوَقْفِ إنَّمَا تَبِعَ فِيهِ صَاحِبُ التَّنْوِيرِ صَاحِبَ الْقُنْيَةِ وَهُوَ مُخَالِفٌ لِمَا فِي عَامَّةِ الْمُتُونِ الْمُعْتَبَرَةِ وَقَدْ ذَكَرَ ابْنُ وَهْبَانَ وَغَيْرُهُ أَنَّهُ لَا عِبْرَةَ بِمَا يَقُولُهُ فِي الْقُنْيَةِ إذَا خَالَفَ غَيْرَهُ وَقَالُوا أَيْضًا إنَّ مَا فِي الْمُتُونِ مُقَدَّمٌ عَلَى مَا فِي الشُّرُوحِ وَمَا فِي الشُّرُوحِ عَلَى مَا فِي الْفَتَاوَى وَقَدْ صَرَّحَ أَصْحَابُ الْمُتُونِ وَالشُّرُوحِ وَالْفَتَاوَى بِأَنَّهُ يُؤْمَرُ الْمُسْتَأْجِرُ بَعْدَ مُضِيِّ الْمُدَّةِ بِقَلْعِ الْبِنَاءِ وَالْغِرَاسِ وَتَسْلِيمِ الْأَرْضِ فَارِغَةً وَمَعَ هَذَا فَلَا يَخْفَى مَا فِي جَبْرِ الْمُؤَجِّرِ عَلَى إبْقَاءِ الْغِرَاسِ مِنْ الضَّرَرِ فِي هَذَا الزَّمَانِ فَإِنَّ النَّاسَ الْيَوْمَ قَدْ اسْتَوْلَوْا عَلَى الْأَوْقَافِ بِسَبَبِ الْبِنَاءِ وَالْغِرَاسِ حَتَّى تَمَلَّكُوهَا وَبَاعُوهَا وَمَا لَمْ يَقْدِرُوا عَلَى بَيْعِهِ لَا يَسْتَأْجِرُونَهُ إلَّا بِدُونِ أُجْرَةِ الْمِثْلِ بِغَبْنٍ فَاحِشٍ وَصَارَ ذَلِكَ سَبَبًا لِخَرَابِ الْمَسَاجِدِ وَالْمَدَارِسِ وَافْتِقَارِ الْمُسْتَحِقِّينَ مِنْ ذَرَارِيِّ الْوَاقِفِينَ وَكُلُّ ذَلِكَ مِنْ طَمَعِ النُّظَّارِ أَعْمَى اللَّهُ تَعَالَى أَبْصَارَهُمْ بِمَا يَأْخُذُونَهُ مِنْ الرِّشْوَةِ الَّتِي يُسَمُّونَهَا بِالْخِدْمَةِ وَتَمَامُ ذَلِكَ فِي حَاشِيَتِنَا رَدِّ الْمُحْتَارِ وَلِلْعَلَامَةِ قُنْلِي زَادَهْ رِسَالَةٌ فِي الِاسْتِبْدَالِ فَرَاجِعْهَا فَقَدْ أَقَامَ فِيهَا الطَّامَّةَ الْكُبْرَى عَلَى أَهْلِ عَصْرِهِ بِسَبَبِ ذَلِكَ إلَى أَنْ قَالَ فَيَجِبُ عَلَى كُلِّ قَاضٍ عَادِلٍ عَالِمٍ وَعَلَى كُلِّ قَيِّمٍ أَمِينٍ غَيْرِ ظَالِمٍ أَنْ يَنْظُرَ فِي الْأَوْقَافِ فَإِنْ كَانَ بِحَيْثُ لَوْ رُفِعَ الْبِنَاءُ وَالْغَرْسُ تُسْتَأْجَرُ بِأَكْثَرَ أَنْ يَفْسَخَ الْإِجَارَةَ وَيَرْفَعَ بِنَاءَهُ وَغَرْسَهُ أَوْ يَقْبَلَهَا بِهَذِهِ الْأُجْرَةِ وَقَلَّمَا يَضُرُّ الرَّفْعُ بِالْأَرْضِ فَإِنَّ الْغَالِبَ أَنَّ فِيهِ نَفْعًا وَغِبْطَةً لِلْوَقْفِ إلَى آخِرِ مَا قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَهَذَا عِلْمٌ فِي وَرَقٍ وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلَّا بِاَللَّهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا اسْتَأْجَرَ وَاسْتَحْكَرَ زَيْدٌ بِمَالِهِ لِنَفْسِهِ مِنْ نَاظِرٍ شَرْعِيٍّ عَلَى وَقْفِ جَدِّهِ فُلَانٍ فَآجَرَهُ وَأَحْكَرَهُ مَا هُوَ جَارٍ فِي الْوَقْفِ الْمَزْبُورِ وَذَلِكَ جَمِيعُ أَرْضِ بُسْتَانٍ سَلِيخَةٍ مَعْلُومَةٍ إجَارَةً وَاحْتِكَارًا لَازِمَيْنِ لِلْغَرْسِ وَالْبِنَاءِ وَالتَّعَلِّي وَالِاحْتِرَامِ لِمُدَّةٍ مَعْلُومَةٍ طَوِيلَةٍ بِأُجْرَةٍ مَعْلُومَةٍ مِنْ الدَّرَاهِمِ وَصَدَرَ ذَلِكَ لَدَى حَاكِمٍ حَنْبَلِيٍّ ثَبَتَ لَدَيْهِ حِينَ الْعَقْدِ بِالْبَيِّنَةِ الشَّرْعِيَّةِ أَنَّ الْأُجْرَةَ الْمَرْقُومَةَ أُجْرَةُ الْمِثْلِ وَأَنَّ فِي ذَلِكَ كَمَالَ الْحَظِّ وَالْمَصْلَحَةَ لِلْوَقْفِ وَحَكَمَ بِصِحَّةِ الِاحْتِكَارِ وَالتَّوَاجِرِ وَلُزُومَهُ فِي حَادِثَةِ الْمُدَّةِ الطَّوِيلَةِ حُكْمًا شَرْعِيًّا مُوَافِقًا مَذْهَبَهُ مُسْتَوْفِيًا شَرَائِطَهُ بَعْدَ الدَّعْوَى الصَّحِيحَةِ وَالشَّهَادَةِ الْمُسْتَقِيمَةِ ثُمَّ أَذِنَ الْمُؤَجِّرُ لِلْمُسْتَأْجِرِ أَنْ يَغْرِسَ وَيَبْنِيَ فِي الْأَرْضِ مَا أَحَبَّ وَاخْتَارَ وَمَهْمَا يَبْنِهِ وَيَغْرِسْهُ يَكُنْ مِلْكًا لَهُ وَكَتَبَ بِذَلِكَ حُجَّةً شَرْعِيَّةً أَفْتَى مُفْتٍ حَنْبَلِيٌّ بِالْعَمَلِ بِهَا بَعْدَ ثُبُوتِ مَضْمُونِهَا بِالْوَجْهِ الشَّرْعِيِّ وَبِصِحَّةِ كُلٍّ مِنْ التَّوَاجِرِ وَالْإِذْنِ وَأَنْفَذَ الْحُكْمَ الْمَذْكُورَ حَاكِمٌ حَنَفِيٌّ وَكَتَبَ بِذَلِكَ حُجَّةً أُخْرَى فَهَلْ يُعْمَلُ بِمَضْمُونِ الْحُجَّتَيْنِ بَعْدَ ثُبُوتِهِ بِالْوَجْهِ الشَّرْعِيِّ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِزَيْدٍ مَبْلَغٌ مَعْلُومٌ مِنْ الدَّرَاهِمِ مُرْصَدٌ لَهُ عَلَى حَانُوتِ وَقْفٍ صَرَفَهُ بِإِذْنِ مُتَوَلِّي الْوَقْفِ فِي تَعْمِيرِ الْحَانُوتِ وَتَرْمِيمِهَا الضَّرُورِيَّيْنِ حَيْثُ لَا مَالَ فِي الْوَقْفِ حَاصِلٌ وَلَا مَنْ يَرْغَبُ فِي اسْتِئْجَارِ الْحَانُوتِ مُدَّةً مُسْتَقْبَلَةً بِأُجْرَةٍ مُعَجَّلَةٍ تُصْرَفُ فِي التَّرْمِيمِ وَالتَّعْمِيرِ وَلِوُجُودِ الْحَظِّ وَالْمَصْلَحَةِ فِي ذَلِكَ لِلْوَقْفِ وَأَثْبَتَ زَيْدٌ التَّعْمِيرَ وَالتَّرْمِيمَ وَقَدَّرَ الْمُصْرَفَ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ بِالْبَيِّنَةِ الْعَادِلَةِ فِي وَجْهِ مُتَوَلِّي الْوَقْفِ بَعْدَ جُحُودِهِ لِذَلِكَ لَدَى قَاضٍ حَنْبَلِيٍّ حَكَمَ لِزَيْدٍ بِاسْتِحْقَاقِهِ الْمَبْلَغَ الْمَذْكُورَ مُرْصَدًا لَهُ عَلَى الْحَانُوتِ وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ بِإِذْنِ الْمُتَوَلِّي فَقَطْ وَبِدُونِ إذْنِ قَاضِي الْقُضَاةِ حُكْمًا شَرْعِيًّا مُوَافِقًا مَذْهَبَهُ بَعْدَ الدَّعْوَى الصَّحِيحَةِ وَالشَّهَادَةِ الْمُسْتَقِيمَةِ وَكَتَبَ بِذَلِكَ حُجَّةً شَرْعِيَّةً أَنْفَذَهَا حَاكِمٌ حَنَفِيٌّ وَكَتَبَ بِذَلِكَ حُجَّةً أُخْرَى ثُمَّ اسْتَأْجَرَ زَيْدٌ الْحَانُوتَ مِنْ مُتَوَلِّي الْوَقْفِ مُدَّةً مَعْلُومَةً بِأُجْرَةٍ مِنْ الدَّرَاهِمِ مَعْلُومَةٍ هِيَ أُجْرَةُ مِثْلِهَا وَقَبْلَ انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ اسْتَأْجَرَ زَيْدٌ الْمَأْجُورَ ثَانِيًا مِنْ مُتَوَلِّي الْوَقْفِ مُدَّةً مَعْلُومَةً طَوِيلَةً تَالِيَةً لِلْأُولَى بِأُجْرَةٍ مَعْلُومَةٍ مِنْ الدَّرَاهِمِ هِيَ أُجْرَةُ مِثْلِهَا أَذِنَ لَهُ الْمُتَوَلِّي بِاقْتِطَاعِ بَعْضِهَا مِنْ مَبْلَغِهِ الْمَزْبُورِ وَصَدَرَ ذَلِكَ أَيْضًا لَدَى قَاضٍ حَنْبَلِيٍّ ثَبَتَ لَدَيْهِ بِالْبَيِّنَةِ الْعَادِلَةِ أَنَّ الْأُجْرَةَ أُجْرَةُ الْمِثْلِ وَأَنَّ فِي ذَلِكَ كَمَالَ الْحَظِّ وَالْمَصْلَحَةَ لِلْوَقْفِ وَحَكَمَ بِصِحَّةِ الْإِجَارَةِ وَلُزُومِهَا وَعَدَمِ انْفِسَاخِهَا بِالزِّيَادَةِ فِي حَادِثَتِهَا وَحَادِثَةِ الْمُدَّةِ ثُبُوتًا وَحُكْمًا شَرْعِيَّيْنِ مُوَافِقًا لِمَذْهَبِهِ مُسْتَوْفِيًا شَرَائِطَهُ بَعْدَ الدَّعْوَى الصَّحِيحَةِ وَالشَّهَادَةِ الْمُسْتَقِيمَةِ وَكَتَبَ بِذَلِكَ حُجَّةً شَرْعِيَّةً أَنْفَذَهَا حَاكِمٌ حَنَفِيٌّ وَكَتَبَ بِهِ حُجَّةً أُخْرَى وَأَفْتَى مُفْتٍ حَنْبَلِيٌّ بِصِحَّةِ الْإِجَارَةِ وَالتَّعْمِيرِ وَالْإِرْصَادِ وَبِبَقَاءِ الْمَأْجُورِ بِيَدِ زَيْدٍ إلَى انْتِهَاءِ مُدَّتِهِ وَعَدَمِ انْفِسَاخِ إجَارَتِهِ بِالزِّيَادَةِ وَبِالْعَمَلِ بِالْحُجَّتَيْنِ فَهَلْ يُعْمَلُ بِمَضْمُونِ الْحُجَجِ الْأَرْبَعَةِ الْمَزْبُورَةِ بَعْدَ ثُبُوتِهِ وَيَبْقَى الْمَأْجُورُ بِيَدِ زَيْدٍ إلَى انْتِهَاءِ مُدَّتِهِ وَلَا تَنْفَسِخُ إجَارَتُهُ وَيَسْتَحِقُّ الْمَبْلَغَ الْمَزْبُورَ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ حَيْثُ كَانَ الْحَالُ عَلَى هَذَا الْمِنْوَالِ.
(سُئِلَ) فِي مُسْتَأْجِرِ طَاحُونَةِ وَقْفٍ أَهْلِيٍّ أَذِنَ نَاظِرُ الْوَقْفِ لَهُ أَنْ يُرَمِّمَ بِالْمَأْجُورِ مَا دَعَتْ الضَّرُورَةُ إلَيْهِ مِنْ مَرَمَّةٍ وَشِرَاءِ حَجَرٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ وَأَنْ يَصْرِفَ عَلَى ذَلِكَ مِنْ مَالِهِ وَمَهْمَا يَصْرِفْهُ يَقْتَطِعْهُ مِنْ الْأُجْرَةِ وَأَنْ يَكُون التَّرْمِيمُ وَالصَّرْفُ بِاطِّلَاعِ الْمُؤَجِّرِ أَوْ بِاطِّلَاعِ مَنْ يَقُومُ مَقَامَهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ لَا يَقْتَطِعُ الْمُسْتَأْجِرُ شَيْئًا مِمَّا يَصْرِفُهُ وَيَكُونُ مُتَبَرِّعًا بِهِ وَكَتَبَ بِذَلِكَ حُجَّةً ثُمَّ رَمَّمَ الْمُسْتَأْجِرُ بِالْمَأْجُورِ مَرَمَّةً بِغَيْرِ اطِّلَاعِ الْمُؤَجِّرِ وَلَا اطِّلَاعِ مَنْ يَقُومُ مَقَامَهُ فَهَلْ يَكُونُ مُتَبَرِّعًا وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَقْتَطِعَ شَيْئًا مِنْ الْأُجْرَةِ بِسَبَبِ ذَلِكَ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ كَتَبَهُ الْفَقِيرُ مُحَمَّدٌ الْعِمَادِيُّ الْمُفْتِي بِدِمَشْقِ الشَّامِ عُفِيَ عَنْهُ وَكَتَبْت الْجَوَابَ كَمَا بِهِ الْمَرْحُومُ الْعَمُّ أَجَابَ وَأَفْتَى الْمِهْمَنْدَارِي فِيمَنْ اسْتَأْجَرَ دَارَ الْوَقْفِ وَهَدَمَهَا وَغَيَّرَ مَعَالِمَهَا بِأَنَّهُ يَنْظُرُ الْقَاضِي فِي ذَلِكَ إنْ كَانَ مَا غَيَّرَهَا إلَيْهِ أَنْفَعَ لِجِهَةِ الْوَقْفِ وَأَكْثَرَ رَيْعًا أَخَذَ مِنْهُ الْأُجْرَةَ وَبَقِيَ مَا عَمَّرَهُ لِجِهَةِ الْوَقْفِ وَهُوَ مُتَبَرِّعٌ بِمَا أَنْفَقَهُ فِي الْعِمَارَةِ لَا يُحْسَبُ لَهُ مِنْ الْأُجْرَةِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَنْفَعَ لِجِهَةِ الْوَقْفِ وَلَا أَكْثَرَ رَيْعًا أُلْزِمَ بِهَدْمِ مَا صَنَعَهُ وَإِعَادَةِ الْوَقْفِ إلَى الصِّفَةِ الَّتِي كَانَ عَلَيْهَا بَعْدَ تَعْزِيرِهِ بِمَا يَلِيقُ بِهِ كَمَا فِي فَتَاوَى قَارِئِ الْهِدَايَةِ وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ قُبَيْلَ الْعَاشِرِ مِنْ الْإِجَارَةِ وَإِنْ قَالَ لَهُ رَبُّ الدَّارِ ابْنِ وَاحْسُبْ مِنْ الْأَجْرِ ثُمَّ اخْتَلَفَا فَقَالَ الْمُسْتَأْجِرُ بَنَيْت وَأَنْكَرَ الْآجِرُ فَالْقَوْلُ لِلْآجِرِ وَإِنْ أَقَرَّ بِالْبِنَاءِ وَاخْتَلَفَا فِي قَدْرِهِ وَاتَّفَقَ جَمِيعُ أَهْلِ الصَّنْعَةِ عَلَى قَوْلٍ وَاحِدٍ فَالْقَوْلُ لَهُ وَإِنْ كَانَ بَعْضُهُمْ مَعَهُ وَالْبَعْضُ مَعَ الْمُسْتَأْجِرِ تَثْبُتُ الدَّعْوَى وَالْإِنْكَارُ. اهـ.
(أَقُولُ) قَوْلُهُ تَثْبُتُ الدَّعْوَى وَالْإِنْكَارُ مَعْنَاهُ يَتَحَقَّقُ كُلٌّ مِنْ الدَّعْوَى وَالْإِنْكَارِ فَيُعْتَبَرُ مَا يُعْتَبَرُ فِي الدَّعْوَى وَالْإِنْكَارِ مِنْ أَنَّ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْمُدَّعِي وَالْقَوْلَ لِلْمُنْكِرِ وَكَتَبَ الْمُؤَلِّفُ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَحَلِّ عَنْ الْبَزَّازِيَّةِ قُبَيْلَ الْفَصْلِ الرَّابِعِ اسْتَأْجَرَ طَاحُونَةً إجَارَةً طَوِيلَةً ثُمَّ أَجَّرَهَا مِنْ غَيْرِهِ وَأَذِنَ لَهُ بِالْعِمَارَةِ وَأَنْفَقَ إنْ عَلِمَ أَنَّهُ مُسْتَأْجِرٌ وَالطَّاحُونَةُ لَيْسَتْ لَهُ لَا يَرْجِعُ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ وَظَنَّهُ مَالِكًا يَرْجِعُ وَهُوَ الْمُخْتَارُ. اهـ.
(سُئِلَ) فِي مَجْرَى مَاءٍ جَارٍ مَعَ حَقِّهِ الْمَعْلُومِ مِنْ الْمَاءِ فِي وَقْفٍ تَحْتَ نِظَارَةِ زَيْدٍ وَلِعَمْرٍو أَرْضٌ لَا مَاءَ لَهَا وَلَا يَصِلُ إلَيْهَا الْمَاءُ إلَّا مِنْ الْمَاءِ الْمَزْبُورِ فَاسْتَأْجَرَ عَمْرٌو الْمَجْرَى الْمَزْبُورَ بِحَقِّهِ مِنْ الْمَاءِ مِنْ زَيْدٍ الْمَزْبُورِ مُدَّةً مَعْلُومَةً بِأُجْرَةٍ مَعْلُومَةٍ مِنْ الدَّرَاهِمِ عَنْ كُلِّ سَنَةٍ مِنْ الْمُدَّةِ لِيَغْرِسَ فِي أَرْضِهِ غِرَاسًا وَيَسْقِيَهُ بِالْمَاءِ الْمَزْبُورِ فَغَرَسَ فِي الْأَرْضِ غِرَاسًا لِنَفْسِهِ وَصَارَ يَسْقِيهِ حَتَّى نَمَا وَأَثْمَرَ وَتَصَرَّفَ بِذَلِكَ وَانْتَفَعَ وَانْقَضَتْ مُدَّةُ الْإِجَارَةِ وَصَارَ يَسْقِي بِالْمَاءِ بَعْدَهَا وَيُعْطِي الْأُجْرَةَ وَالْآنَ طَلَبَ رَجُلٌ مِنْ النَّاظِرِ الْمَزْبُورِ إيجَارَ الْمَجْرَى بِحَقِّهِ مِنْ الْمَاءِ لِيَسْقِيَ بِهِ أَرْضَهُ وَأَجَابَهُ النَّاظِرُ إلَى ذَلِكَ وَإِذَا اسْتَأْجَرَهُ الرَّجُلُ يَبْقَى غِرَاسُ عَمْرٍو بِلَا مَاءٍ فَيَتْلَفُ وَيَيْبَسُ وَيَتَضَرَّرُ عَمْرٌو بِذَلِكَ فَهَلْ يُؤَجِّرُ الْمَجْرَى بِحَقِّهِ مِنْ الْمَاءِ مِنْ عَمْرٍو رَبِّ الْغِرَاسِ لَا مِنْ غَيْرِهِ؟
(الْجَوَابُ): إذَا أَبَى صَاحِبُ الْغِرَاسِ الِاسْتِئْجَارَ بِأَجْرِ الْمِثْلِ فَلِلنَّاظِرِ إيجَارُ ذَلِكَ لِلرَّجُلِ الْمَذْكُورِ؛ لِأَنَّهُ يُرَاعَى فِي الْوَقْفِ الْمَنْفَعَةُ وَيَجِبُ الْقَضَاءُ وَالْإِفْتَاءُ بِكُلِّ مَا هُوَ أَنْفَعُ لِلْوَقْفِ وَإِنْ رَضِيَ بِاسْتِئْجَارِ ذَلِكَ بِأَجْرِ الْمِثْلِ بِحَيْثُ لَا يُؤَجِّرُ بِأَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَالْأَوْلَى أَنْ يُؤَجِّرَ لَهُ تَطْبِيقًا عَلَى مَسْأَلَةِ الْأَرْضِ الْمُحْتَكَرَةِ فَإِنَّ الْعِلَّةَ وَاحِدَةٌ وَهِيَ مَا ذَكَرَهُ فِي التَّنْوِيرِ وَشَرْحِهِ لِلْعَلَائِيِّ مِنْ بَابِ مَا يَجُوزُ مِنْ الْإِجَارَةِ وَلَوْ اسْتَأْجَرَ أَرْضَ الْوَقْفِ وَغَرَسَ فِيهَا وَبَنَى ثُمَّ مَضَتْ مُدَّةُ الْإِجَارَةِ فَلِلْمُسْتَأْجِرِ اسْتِبْقَاؤُهَا بِأَجْرِ الْمِثْلِ إذَا لَمْ يَكُنْ فِي ذَلِكَ ضَرَرٌ بِالْوَقْفِ وَلَوْ أَبَى الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِمْ إلَّا الْقَلْعَ لَيْسَ لَهُمْ ذَلِكَ.
كَذَا فِي الْقُنْيَةِ قَالَ فِي الْبَحْرِ وَبِهَذَا تَعْلَمُ مَسْأَلَةَ الْأَرْضِ الْمُحْتَكَرَةِ وَهِيَ مَنْقُولَةٌ أَيْضًا فِي أَوْقَافِ الْخَصَافِ. اهـ.
قَالَ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ فَالْحُكْمُ بِاسْتِبْقَائِهَا أَيْ الْأَرْضِ الْمُحْتَكَرَةِ بِأَجْرِ الْمِثْلِ أَوْلَى عَلَى مَا نَصَّ عَلَيْهِ الْخَصَّافُ وَالزَّاهِدِيُّ دَفْعًا لِلضَّرَرِ لَا سِيَّمَا فِيمَا اُبْتُلِيَ النَّاسُ بِهِ كَثِيرًا مَعَ رِعَايَةِ جَانِبِ الْوَقْفِ بِدَفْعِ أَجْرِ الْمِثْلِ خُصُوصًا إذَا كَانَتْ بِحَيْثُ لَوْ فَرَغَتْ لَا تُؤَجَّرُ بِأَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ وَرِعَايَةِ صَاحِبِ ذَلِكَ الْبِنَاءِ بِعَدَمِ إضْرَارِهِ بِإِتْلَافِ بِنَائِهِ وَلَعَمْرِي إنَّهُ شَرْعٌ ظَاهِرٌ مُسْتَقِيمٌ وَقَدْ أَفْتَى بِهِ مَنْ لَهُ قَلْبٌ سَلِيمٌ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ. اهـ.
وَهُنَا الْأَشْجَارُ إنَّمَا نَمَتْ بِالْمَاءِ فَإِذَا ذَهَبَ الْمَاءُ يَتَضَرَّرُ صَاحِبُهُ وَلَا يَنْتَفِعُ صَاحِبُ الْمَاءِ بِأَكْثَرَ مِنْ أَجْرِ الْمِثْلِ وَرَبُّ الْأَشْجَارِ قَدْ رَضِيَ بِمَا يَدْفَعُهُ الْغَيْرُ وَقَدْ جَاءَ النَّهْيُ عَنْ الْمُضَارَّةِ فِي الْقُرْآنِ الْعَظِيمِ وَفِي السُّنَّةِ الشَّرِيفَةِ قَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ «لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ} ذَكَرَهُ النَّوَوِيُّ فِي الْأَرْبَعِينَ وَذَكَرَهُ فِي الْأَشْبَاهِ فِي قَاعِدَةِ الضَّرَرُ يُزَالُ ثُمَّ إنِّي بَعْدَ ثَلَاثِ سِنِينَ رَأَيْت فَتْوَى مِنْ جَدِّي الْمَرْحُومِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَفَنْدِي الْعِمَادِيِّ بِمِثْلِ ذَلِكَ وَهِيَ بِخَطِّهِ الْمَعْرُوفِ الْمَعْهُودِ فَحَمِدْت اللَّهَ تَعَالَى حَيْثُ وَافَقَ رَأْيِي الْمَنْقُولَ فِي زَيْدٍ اسْتَأْجَرَ مِنْ عَمْرٍو الْمُتَوَلِّي عَلَى وَقْفٍ أَهْلِيٍّ فَآجَرَهُ مَجْرَى مَاءٍ لِيَنْتَفِعَ بِالْمَاءِ فَسَاقَهُ زَيْدٌ إلَى أَرْضِهِ وَعَمَّرَ الْأَرْضَ وَمَجْرَى الْمَاءِ وَغَرَسَ عَلَى الْمَاءِ غَرْسًا فِي مُدَّةٍ تَزِيدُ عَلَى ثَلَاثِينَ سَنَةً وَتَرَتَّبَ عَلَى الْأَرْضِ وَعَلَى الْغِرَاسِ وَالْغِلَالِ أَعْشَارٌ لِجَانِبِ مَوْلَانَا وَلِيِّ الْأَمْرِ وَجَرَتْ الْعَادَةُ عَلَى ذَلِكَ ثُمَّ بَعْدَ هَذِهِ الْمُدَّةِ جَاءَ مُتَوَلٍّ آخَرُ وَآجَرَ مَجْرَى الْمَاءِ مَعَ الْمَاءِ لِرَجُلٍ أَجْنَبِيٍّ وَأَذِنَ لَهُ فِي تَسَلُّمِ الْمَاءِ الَّذِي قَامَ بِهِ الْغِلَالُ مِنْ الْأَشْجَارِ الْمُثْمِرَةِ وَغَيْرِهَا فَهَلْ لِلْمُتَوَلِّي أَنْ يُؤَجِّرَ الْمَاءَ لِغَيْرِ مَالِكِ الْغِرَاسِ الْأَوَّلِ وَهَلْ لِمَالِكِ الْغِرَاسِ قَبُولُ الزِّيَادَةِ بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ خَوْفًا عَلَى إتْلَافِ الْأَشْجَارِ وَهَلْ يُمْنَعُ الْأَجْنَبِيُّ مِنْ ذَلِكَ وَيَضْمَنُ مَا تَلِفَ مِنْ الْغَلَّةِ بِتَعَدِّيهِ عَلَى غِرَاسِ زَيْدٍ مَعَ أَنَّهُ مَنَعَهُ مِنْ تِلْكَ الزِّيَادَةِ الَّتِي يَتَرَتَّبُ بِهَا الضَّرَرُ أَمْرٌ شَرِيفٌ مِنْ جَانِبِ السُّلْطَانِ خَلَّدَ اللَّهُ تَعَالَى أَيَّامَ دَوْلَتِهِ إلَى سَاعَةِ الْقِيَامِ؟
(الْجَوَابُ): الْحَمْدُ لِلَّهِ لِصَاحِبِ الْغِرَاسِ الْمُسْتَأْجِرِ الْأَوَّلِ قَبُولُ الزِّيَادَةِ وَيَجِبُ عَلَى الْمُتَوَلِّي تَقْدِيمُهُ عَلَى غَيْرِهِ وَيُمْنَعُ مِنْ إضْرَارِهِ بِتَقْدِيمِ الْغَيْرِ وَلَا سِيَّمَا امْتِثَالُ الْأَمْرِ الْمُطَاعِ الْوَاجِبِ الِاتِّبَاعِ وَاَللَّهُ تَعَالَى الْمُوَفِّقُ كَتَبَهُ الْفَقِيرُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ عُفِيَ عَنْهُ. (أَقُولُ) لَا يُنَافِي هَذَا مَا قَدَّمْنَا قَرِيبًا مِنْ عَدَمِ الْجَبْرِ عَلَى الِاسْتِبْقَاءِ إذْ لَا شَكَّ أَنَّ مَوَاضِعَ الضَّرُورَةِ مُسْتَثْنَاةٌ شَرْعًا وَعُرْفًا نَعَمْ لَوْ كَانَ يَخْشَى عَلَى ذَلِكَ مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ بِإِنْ كَانَ مُتَغَلِّبًا أَوْ مُفْلِسًا أَوْ سَيِّئَ الْمُعَامَلَةِ أَوْ لَا يَسْتَأْجِرُ بِأَجْرِ الْمِثْلِ لَا يُجْبَرُ الْمُتَوَلِّي عَلَى إيجَارِهِ بَلْ لَا يَجُوزُ لَهُ ذَلِكَ كَمَا لَا يَخْفَى فَتَأَمَّلْ ثُمَّ إنَّ مَا ذَكَرَهُ هُنَا فِي السُّؤَالِ بِقَوْلِهِ وَيَضْمَنُ مَا تَلِفَ مِنْ الْغَلَّةِ بِتَعَدِّيهِ عَلَى غِرَاسِ زَيْدٍ لَمْ يَتَعَرَّضْ الْمُجِيبُ لِلْجَوَابِ عَنْهُ وَجَوَابُهُ أَنَّ ذَلِكَ الْأَجْنَبِيَّ إنْ كَانَ تَعَدَّى عَلَى الْغِرَاسِ مُبَاشَرَةً بِأَنْ قَطَعَهُ فَلَا شَكَّ أَنَّهُ يَضْمَنُ وَإِنْ كَانَ تَعَدِّيهِ بِسَبَبِ اسْتِئْجَارِهِ لِلْمَجْرَى الْمَذْكُورِ وَمَنْعِهِ الْمَاءَ عَنْ زَيْدٍ حَتَّى تَلِفَ بَعْضُ أَشْجَارِ زَيْدٍ أَوْ كُلُّهَا فَلَا يَضْمَنُ كَمَا ذَكَرَهُ الْمُؤَلِّفُ بِقَوْلِهِ وَإِذَا تَلِفَتْ الْأَشْجَارُ بِسَبَبِ انْقِطَاعِ الْمَاءِ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِمَا ذَكَرَهُ فِي الْخَانِيَّةِ فِي ضَمَانِ مَا يَتَوَلَّدُ مِنْ الْمُبَاحِ مِنْ كِتَابِ الشِّرْبِ رَجُلٌ أَرَادَ سَقْيَ أَرْضِهِ أَوْ زَرْعِهِ مِنْ مَجْرًى لَهُ فَجَاءَ رَجُلٌ وَمَنَعَهُ الْمَاءَ فَفَسَدَ زَرْعُهُ قَالُوا لَا شَيْءَ عَلَيْهِ كَمَا لَوْ مَنَعَ الرَّاعِيَ حَتَّى ضَاعَتْ الْمَوَاشِي. اهـ.
(سُئِلَ) فِي رَجُلٍ اسْتَأْجَرَ جَمَاعَةً لِيَرْجُدُوا لَهُ زَرْعَهُ الْمَحْصُودَ فِي مَكَانِ كَذَا عَلَى أَنْ يَكُونَ لَهُمْ فِي نَظِيرِ أُجْرَتِهِمْ حِمْلٌ وَاحِدٌ مِنْ عِشْرِينَ حِمْلًا مِنْ الزَّرْعِ فَوَجَدُوهُ كُلَّهُ وَلَمْ يَدْفَعْ لَهُمْ شَيْئًا فَهَلْ يَجِبُ لَهُمْ أُجْرَةُ مِثْلِهِمْ مِنْ جِنْسِ النَّقْدَيْنِ لَا الْمُسَمَّى؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا اسْتَأْجَرَ زَيْدٌ مِنْ عَمْرٍو جَمَلًا لِيَرْكَبَهُ مِنْ مَكَّةَ الْمُشَرَّفَةِ إلَى دِمَشْقَ بِأُجْرَةٍ مَعْلُومَةٍ مِنْ الدَّرَاهِمِ وَشَرَطَ زَيْدٌ فِي صُلْبِ عَقْدِ الْإِجَارَةِ عَلَى عَمْرٍو أَنْ يُطْعِمَهُ وَيَسْقِيَهُ مِنْ مَكَّةَ إلَى دِمَشْقَ وَاسْتَوْفَى زَيْدٌ الْمَنْفَعَةَ وَأَطْعَمَهُ عَمْرٌو وَسَقَاهُ إلَى دِمَشْقَ فَهَلْ تَكُونُ الْإِجَارَةُ الْمَزْبُورَةُ فَاسِدَةً بِالشَّرْطِ وَعَلَى زَيْدٍ أَجْرُ الْمِثْلِ لِرُكُوبِهِ وَلَا يُزَادُ عَنْ الْمُسَمَّى وَيَنْقُصُ عَنْهُ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ تَكُونُ الْإِجَارَةُ الْمَزْبُورَةُ فَاسِدَةً بِالشَّرْطِ الْمَزْبُورِ وَعَلَى زَيْدٍ أَجْرُ الْمِثْلِ لِرُكُوبِهِ لَا يُزَادُ عَنْ الْمُسَمَّى؛ لِأَنَّهُمَا رَضِيَا بِإِسْقَاطِ حَقِّهِمَا حَيْثُ سَمَّيَا الْأَقَلَّ وَإِذَا كَانَ أَجْرُ الْمِثْلِ نَاقِصًا عَنْ الْمُسَمَّى يَنْقُصُ عَنْهُ وَلَا يَجِبُ قَدْرُ الْمُسَمَّى لِفَسَادِ التَّسْمِيَةِ كَمَا فِي الدُّرَرِ وَالتَّنْوِيرِ وَغَيْرِهِمَا. (أَقُولُ) فِي هَذَا الْجَوَابِ كَلَامٌ يَأْتِي قَرِيبًا فِي مَسْأَلَةِ الْمِعْمَارِيِّ.
(سُئِلَ) فِي رَجُلٍ دَفَعَ لِآخَرَ غَنَمَهُ لِيَقُومَ عَلَيْهَا وَيَرْعَاهَا بِجُزْءٍ مُعَيَّنٍ مِنْ صُوفِهَا وَوَلَدِهَا فَقَامَ عَلَيْهَا مُدَّةً فَهَلْ لَهُ أَجْرُ الْمِثْلِ بَالِغًا مَا بَلَغَ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ وَالْمَسْأَلَةُ فِي الرَّحِيمِيَّةِ مِنْ الْإِجَارَةِ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا دَفَعَ زَيْدٌ حِصَانَهُ لِعَمْرٍو لِيَعْلِفَهُ وَيُرَبِّيهِ بِنِصْفِهِ فَرَبَّاهُ وَعَلَفَهُ مُدَّةً ثُمَّ بَاعَهُ عَمْرٌو جَمِيعَهُ مِنْ رَجُلٍ بِدُونِ وَكَالَةٍ عَنْ صَاحِبِهِ وَلَا وَجْهٍ شَرْعِيٍّ وَيُرِيدُ زَيْدٌ رَفْعَ يَدِ الْمُشْتَرِي عَنْ الْحِصَانِ وَأَخْذَهُ مِنْهُ فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ وَلَيْسَ لِعَمْرٍو سِوَى أَجْرِ الْمِثْلِ لِتَرْبِيَتِهِ وَمِثْلُ عَلَفِهِ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ وَفِي فَتَاوَى أَحْمَدَ أَفَنْدِي يَعْنِي الْمِهْمَنْدَارِي سُئِلَ فِي مُهْرَةٍ صَغِيرَةٍ بَاعَ الْمَالِكُ الثَّمَنَ مِنْهَا شَائِعًا لِزَيْدٍ بَيْعًا صَحِيحًا بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ وَسَلَّمَ إلَيْهِ الْمُهْرَةَ وَأَمَرَهُ بِتَرْبِيَتِهَا وَالْقِيَامِ بِعَلَفِهَا مِنْ مَالِهِ عَلَى أَنْ يَكُونَ لَهُ بِذَلِكَ الْحِصَّةُ وَهِيَ الثُّمُنُ الثَّانِي تَكْمِلَةَ الرُّبُعِ مِنْهَا نَظِيرَ التَّرْبِيَةِ وَالْعَلَفِ فَتَسَلَّمَهَا زَيْدٌ وَرَبَّاهَا وَعَلَفَهَا مِنْ مَالِهِ مُدَّةً ثُمَّ مَاتَ الْبَائِعُ فَهَلْ الثَّمَنُ الْأَوَّلُ الْمَشْمُولُ بِالْبَيْعِ الصَّحِيحِ يَكُونُ مِلْكًا لِلْمُشْتَرِي دُونَ الثَّمَنِ الثَّانِي الْمَجْعُولِ لَهُ نَظِيرُ التَّرْبِيَةِ وَالْعَلَفِ وَيَرْجِعُ عَلَى الْبَائِعِ بِمَا نَابَ حِصَّتَهُ مِنْ الْعَلَفِ وَأُجْرَةِ التَّرْبِيَةِ لَا يُزَادُ عَلَى قِيمَةِ الثَّمَنِ الْمَجْعُولِ فِي مُقَابَلَتِهِ؟ الْجَوَابُ نَعَمْ. اهـ.
(أَقُولُ) رَأَيْت بِهَامِشِ الْأَصْلِ بِخَطِّ شَيْخِ مَشَايِخِنَا الشَّيْخِ إبْرَاهِيمَ السَّائِحَانِيِّ مَا نَصُّهُ قَوْلُهُ وَأُجْرَةُ التَّرْبِيَةِ فِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الشَّرِيكَ لَا أَجْرَ لَهُ. اهـ.
أَيْ؛ لِأَنَّهُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ شَرِيكٌ وَلَيْسَ لِلشَّرِيكِ أَجْرٌ عَلَى عَمَلِهِ فِي الْمُشْتَرَكِ بِخِلَافِ الْمَسْأَلَةِ الَّتِي سُئِلَ عَنْهَا الْمُؤَلِّفُ هَذَا وَقَوْلُهُ لَا يُزَادُ عَلَى قِيمَةِ الثَّمَنِ إلَخْ لَمْ يُقَيِّدْ بِهِ الْمُؤَلِّفُ فِي مَسْأَلَتِهِ الْمَذْكُورَةِ نَعَمْ نَقَلَ الْمُؤَلِّفُ فَتْوَى أُخْرَى عَنْ الْفَتَاوَى الرَّحِيمِيَّةِ وَفِيهَا التَّصْرِيحُ بِأَنَّهُ لَا يُزَادُ أَجْرُ مِثْلِهِ عَلَى الْمُسَمَّى إنْ كَانَتْ تَسْمِيَةً وَيُوَافِقُهُ مَا ذَكَرُوهُ فِي الْمُضَارَبَةِ أَنَّهَا إذَا فَسَدَتْ فَلَا رِبْحَ لِلْمُضَارِبِ بَلْ لَهُ أَجْرُ مِثْلِ عَمَلِهِ بِلَا زِيَادَةٍ عَلَى الْمَشْرُوطِ لَكِنْ ذَكَرَ الْمَسْأَلَةَ فِي الدُّرِّ الْمُخْتَارِ فِي بَابِ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ بِلَا تَقْيِيدٍ وَنَصُّهَا فَلَوْ دَفَعَ بَزَّ الْقَزِّ أَوْ بَقَرَةً أَوْ دَجَاجًا لِآخَرَ بِالْعَلَفِ مُنَاصَفَةً فَالْخَارِجُ كُلُّهُ لِلْمَالِكِ لِحُدُوثِهِ مِنْ مِلْكِهِ وَعَلَيْهِ قِيمَةُ الْعَلَفِ وَأَجْرُ مِثْلِ الْعَامِلِ عَيْنِيٌّ مُلَخَّصًا. اهـ.
وَيُمْكِنُ تَقْيِيدُ قَوْلِهِ وَأَجْرُ مِثْلِ الْعَامِلِ بِمَا مَرَّ يُؤَيِّدُهُ مَا فِي الْخَانِيَّةِ وَغَيْرِهَا مِنْ أَنَّهُ يَجِبُ فِي جَهَالَةِ الْمُسَمَّى كُلًّا أَوْ بَعْضًا أَجْرُ الْمِثْلِ بَالِغًا مَا بَلَغَ أَمَّا إذَا فَسَدَ الْعَقْدُ بِحُكْمِ شَرْطٍ فَاسِدٍ وَنَحْوِهِ فَلَا يُزَادُ عَلَى الْمُسَمَّى. اهـ.
وَنَحْوُهُ فِي مَتْنِ التَّنْوِيرِ مِنْ الْإِجَارَةِ الْفَاسِدَةِ وَفِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ اسْتَأْجَرَ بَيْتًا سَنَةً بِمِائَةٍ عَلَى أَنْ يَرُمَّهُ فَعَلَيْهِ أَجْرُ الْمِثْلِ بَالِغًا مَا بَلَغَ إذْ الْمَرَمَّةُ لَمَّا شُرِطَتْ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ صَارَتْ مِنْ الْأُجْرَةِ فَجُهِلَ الْأَجْرُ. اهـ.
وَإِذَا سَمَّى لَهُ نِصْفَ الدَّابَّةِ مَثَلًا فِي مُقَابَلَةِ تَرْبِيَتِهَا وَعَلَفِهَا يَكُونُ الْمُسَمَّى مَعْلُومًا وَقَدْ يُقَالُ إنَّ الْمُسَمَّى مَجْهُولٌ؛ لِأَنَّهُ قَدْ جَعَلَ نِصْفَ الدَّابَّةِ أُجْرَةً لِلتَّرْبِيَةِ وَثَمَنًا لِلْعَلَفِ وَلَا يُدْرَى مِقْدَارُ الْعَلَفِ فَيَلْزَمُ جَهْلُ مَا يُقَابِلُهُ مِنْ الدَّابَّةِ وَجَهْلُ مَا يُقَابِلُ أُجْرَةَ التَّرْبِيَةِ وَحَيْثُ جُهِلَ الْمُسَمَّى يَجِبُ الْأَجْرُ بَالِغًا مَا بَلَغَ؛ لِأَنَّ هَذَا بَيْعٌ فِي ضِمْنِ الْإِجَارَةِ وَقَدْ جُهِلَ الْبَدَلُ فِيهِمَا فَيَجِبُ أَجْرُ الْمِثْلِ بَالِغًا مَا بَلَغَ وَبَدَلُ الْعَلَفِ الْمَبِيعِ لَكِنْ رَأَيْت فِي الْخُلَاصَةِ فِي الْفَصْلِ الْخَامِسِ مِنْ الْإِجَارَاتِ مَا نَصُّهُ وَفِي فَتَاوَى الْفَضْلِيّ لَوْ دَفَعَ إلَى نَدَّافٍ قَبَاءً لِيَنْدِفَ عَلَيْهِ كَذَا مِنْ قُطْنِ نَفْسِهِ بِكَذَا مِنْ الدَّرَاهِمِ وَلَمْ يُبَيِّنْ الْأَجْرَ مِنْ الثَّمَنِ جَازَ. اهـ.
وَذَكَرَ قَبْلَهُ وَفِي الْأَصْلِ رَجُلٌ دَفَعَ إلَى السَّكَّافِ جِلْدًا لِيُحْرِزَ لَهُ خُفَّيْنِ عَلَى أَنْ يَنْعَلَهُمَا بِنَعْلٍ مِنْ عِنْدِهِ وَيُبَطِّنَهُ وَوَصَفَ لَهُ ذَلِكَ جَازَ وَإِنْ كَانَ هَذَا بَيْعًا فِي إجَارَةٍ لِلتَّعَامُلِ. اهـ.
قَالَ فِي الْمُحِيطِ وَهَذَا اسْتِحْسَانٌ وَالْقِيَاسُ أَنْ لَا يَجُوزَ بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ دَفَعَ ثَوْبًا إلَى خَيَّاطٍ لِيَخِيطَهُ جُبَّةً عَلَى أَنْ يَحْشُوَهُ وَيُبَطِّنَهُ مِنْ عِنْدِهِ بِأَجْرٍ مُسَمًّى فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يَجُوزُ قِيَاسًا وَاسْتِحْسَانًا فَكَذَا هَذَا لَكِنْ تُرِكَ الْقِيَاسُ فِي الْخُفِّ لِلتَّعَامُلِ وَفِي الْمُنْتَقَى عَنْ مُحَمَّدٍ دَفَعَ إلَى خَيَّاطٍ ظِهَارَةً وَقَالَ بَطِّنْهَا مِنْ عِنْدِك فَهُوَ جَائِزٌ قَاسَهُ عَلَى الْخُفِّ فَصَارَ فِي الْمَسْأَلَةِ رِوَايَتَانِ وَلَوْ قَالَ ظِهَارَتُهَا مِنْ عِنْدِك فَهُوَ فَاسِدٌ بِاتِّفَاقِ الرِّوَايَاتِ؛ لِأَنَّهُ لَا تَعَامُلَ فِيهِ. اهـ.
وَمُفَادُ هَذَا أَنَّ الْمَدَارَ عَلَى التَّعَارُفِ فَلَوْ جَرَى التَّعَارُفُ جَازَ إلَّا فَلَا كَمَا يَشْهَدُ بِذَلِكَ التَّعْلِيلُ فَتَأَمَّلْ وَمِنْ ذَلِكَ مَا ذَكَرُوهُ فِي اسْتِئْجَارِ الْكَاتِبِ لَوْ شَرَطَ عَلَيْهِ الْحِبْرَ جَازَ لَا لَوْ شَرَطَ عَلَيْهِ الْوَرَقَ أَيْضًا.
(سُئِلَ) فِي رَجُلٍ اسْتَأْجَرَ مِعْمَارِيًّا لِيُعَمِّرَ لَهُ كَذَا بِآلَاتٍ مِنْ الْمِعْمَارِيِّ بِأُجْرَةِ كَذَا فَعَمَّرَهُ ذَلِكَ فَهَلْ لِلْمِعْمَارِيِّ أُجْرَةُ مِثْلِ الْعَمَلِ وَمَا أَنْفَقَ فِي ثَمَنِ الْآلَاتِ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ. (أَقُولُ) رَأَيْت فِي مَجْمُوعَةِ شَيْخُ مَشَايِخِنَا السَّائِحَانِيِّ بِخَطِّهِ ذَكَرَ هَذَا السُّؤَالَ وَجَوَابَهُ مَعْزُوًّا لِلْمُؤَلِّفِ ثُمَّ قَالَ عَقِبَهُ فَإِنْ كَانَتْ قِيمَةُ الْآلَاتِ ثَلَاثِينَ وَقِيمَةُ الْعِمَارَةِ أَرْبَعِينَ صَارَتْ الْعَشَرَةُ أُجْرَةً فَإِنْ كَانَتْ مِثْلُ أُجْرَةِ الْمِثْلِ فَبِهَا وَإِنْ كَانَتْ أُجْرَةُ الْمِثْلِ أَقَلَّ فَلَهُ أُجْرَةُ الْمِثْلِ وَإِنْ كَانَتْ أَكْثَرَ فَلَهُ الْعَشَرَةُ فَلَهُ الْعَشَرَةُ فَقَطْ كَمَا فِي الْخُلَاصَةِ وَبِهَذَا يُعْلَمُ كِرَاءُ الْحَاجِّ مَعَ الْمُقَوِّمِ بِأَكْلِهِ وَشُرْبِهِ. اهـ.
مَا فِي الْمَجْمُوعَةِ وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ يُنْظَرُ إلَى قِيمَةِ الْبِنَاءِ مَبْنِيًّا وَإِلَى قِيمَةِ الْآلَاتِ فَالتَّفَاوُتُ بَيْنَهُمَا يَكُونُ أُجْرَةً يَسْتَحِقُّهَا الْمِعْمَارِيُّ إنْ سَاوَتْ أَجْرَ الْمِثْلِ أَوْ نَقَصَتْ عَنْهُ وَإِلَّا فَلَهُ أُجْرَةُ الْمِثْلِ وَلَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا لَا يُمْكِنُ اعْتِبَارُهُ فِي مَسْأَلَةِ الْحَاجِّ فَتَأَمَّلْ عَلَى أَنَّ هَذَا التَّفْصِيلَ مُشْكِلٌ إذْ لَا شَكَّ أَنَّ التَّسْمِيَةَ وَقْتَ الْعَقْدِ مَجْهُولَةٌ فَيَجِبُ أَجْرُ الْمِثْلِ بَالِغًا مَا بَلَغَ وَيُؤَيِّدُهُ مَا قَدَّمْنَاهُ آنِفًا عَنْ جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ أَنَّهُ لَوْ اسْتَأْجَرَ بَيْتًا سَنَةً بِمِائَةٍ عَلَى أَنْ يَرُمَّهُ فَعَلَيْهِ أَجْرُ الْمِثْلِ بَالِغًا مَا بَلَغَ وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ قُبَيْلَ الْفَصْلِ السَّادِسِ دَفَعَ إلَيْهِ ثَلَاثَةَ أَوْقَارِ دُهْنٍ لِيَتَّخِذَ مِنْهُ صَابُونًا بِمِائَةِ دِرْهَمٍ عَلَى أَنَّ مَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ مِنْهُ فَفَعَلَ فَالصَّابُونُ لِرَبِّ الدُّهْنِ وَعَلَيْهِ غَرَامَةُ مَا أَنْفَقَ الْأَجِيرُ فِيهِ مَعَ أَجْرِ الْمِثْلِ. اهـ.
وَمِثْلُهُ فِي الْخُلَاصَةِ بَلْ مُقْتَضَى مَا مَرَّ أَنَّهُ لَوْ تُعُورِفَ جَازَ كَمَا مَرَّ نَظَائِرُهُ قُبَيْلَ هَذَا السُّؤَالِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِحَقِيقَةِ الْحَالِ.
(سُئِلَ) فِي رَجُلٍ اسْتَأْجَرَ أَرْضَ وَقْفٍ مِنْ نَاظِرِهِ مُدَّةً مَعْلُومَةً بِأُجْرَةِ كَذَا فَزَرَعَهَا ثُمَّ أَكَلَ الْفَأْرُ جَمِيعَ الزَّرْعِ وَلَمْ يَبْقَ بَعْدَ هَلَاكِ الزَّرْعِ مُدَّةٌ يَتَمَكَّنُ فِيهَا مِنْ إعَادَةِ الزَّرْعِ فَهَلْ لَا يَلْزَمُهُ أُجْرَةُ الْمُدَّةِ الْمَذْكُورَةِ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ وَفِي الْوَلْوَالِجِيَّةِ رَجُلٌ اسْتَأْجَرَ أَرْضًا لِيَزْرَعَهَا ثُمَّ أَصَابَ الزَّرْعَ آفَةٌ فَهَلَكَ أَوْ غَرِقَتْ مِنْ الْمَاءِ فَلَمْ يَنْبُتْ فَعَلَيْهِ الْأُجْرَةُ لِرَبِّ الْأَرْضِ تَمَامًا؛ لِأَنَّهُ قَدْ زَرَعَ وَلَوْ غَرِقَتْ قَبْلَ أَنْ يَزْرَعَهَا فَلَا أَجْرَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ الِانْتِفَاعِ بِهَا قَالَ الْعَلَّامَةُ صَاحِبُ الْفَتْوَى عَلَى أَنَّهُ بَعْدَ هَلَاكِ الزَّرْعِ إذَا لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ إعَادَةِ الزِّرَاعَةِ لَا يَجِبُ الْأَجْرُ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ وَلَا يَجِبُ إلَّا إذَا تَمَكَّنَ مِنْ الزِّرَاعَةِ مِثْلُ الْأَوَّلِ أَوْ دُونَهُ فِي الضَّرَرِ وَكَذَا لَوْ مَنَعَهُ غَاصِبٌ عَنْهَا. اهـ.
لِسَانُ الْحُكَّامِ وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ لَا كَلَامَ فِي لُزُومِ الْأُجْرَةِ لِمَا قَبْلَ أَكْلِ الْجَرَادِ وَنَحْوِهِ وَأَمَّا بَعْدَهُ فَإِنْ تَمَكَّنَ مِنْ الزَّرْعِ يَلْزَمُ الْأُجْرَةُ لِمَا بَقِيَ مِنْ الْمُدَّةِ أَيْضًا وَإِلَّا لَا يَلْزَمُ إلَّا لِمَا قَبْلَ أَكْلِ الْجَرَادِ فَافْهَمْ فَإِنَّ هَذَا التَّفْصِيلَ هُوَ الَّذِي عَلَيْهِ الْفَتْوَى.
(سُئِلَ) فِي رَجُلٍ اسْتَأْجَرَ دَارًا فَانْهَدَمَ بَيْتٌ مِنْهَا هَلْ لَهُ فَسْخُ الْإِجَارَةِ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ وَفِي الصُّغْرَى إذَا سَقَطَ حَائِطٌ أَوْ انْهَدَمَ بَيْتٌ لَهُ أَنْ يَفْسَخَ الْإِجَارَةَ وَلَكِنْ لَا يَفْسَخُ بِغَيْبَةِ الْآجِرِ خُلَاصَةٌ وَبَزَّازِيَّةٌ انْهَدَمَ الْبَيْتُ الْمَأْجُورُ فَلَهُ الْخُرُوجُ وَفَسْخُ الْإِجَارَةِ خَانِيَّةٌ. (أَقُولُ) فَإِنْ لَمْ يَفْسَخْ يَرْفَعُ عَنْهُ مِنْ الْأَجْرِ بِحِصَّتِهِ وَلَا يُؤْمَرُ أَحَدٌ مِنْهُمَا بِبِنَائِهِ كَمَا يَأْتِي قَرِيبًا عَنْ الذَّخِيرَةِ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِزَيْدٍ ثُلُثَا جُنَيْنَةٍ مَعْلُومَةٍ وَثُلُثُهَا الْآخَرُ مِلْكُ عَمْرٍو فَآجَرَ زَيْدٌ ثُلُثَيْهِ مِنْ بَكْرٍ الْأَجْنَبِيِّ مُدَّةً مَعْلُومَةً وَلَمْ يَحْكُمْ بِالْإِجَارَةِ حَاكِمٌ يَرَى صِحَّتَهَا فَهَلْ تَكُونُ الْإِجَارَةُ فَاسِدَةً وَيَمْلِكُ الْمُسْتَأْجِرُ الدَّعْوَى بِفَسَادِهَا وَطَلَبَ الْأُجْرَةِ الَّتِي عَجَّلَهَا لِلْمُؤَجِّرِ سَلَفًا؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ قَالَ فِي الْمَنْظُومَةِ النَّسَفِيَّةِ إجَارَةُ الْمُشَاعِ لَا تَصِحُّ مِنْ غَيْرِ الشَّرِيكِ فَاعْلَمَن وَاسْتَبِنْ وَرَأَيْت بِهَامِشِ الْعِمَادِيَّةِ بِخَطِّ الْجَدِّ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْعِمَادِيِّ مَا صُورَتُهُ قُلْت قَالَ قَاضِي خَانْ الْفَتْوَى عَلَى قَوْلِ الْإِمَامِ فِي عَدَمِ جَوَازِ إجَارَةِ الْمُشَاعِ وَنَقَلَ الزَّيْلَعِيُّ أَنَّ الْفَتْوَى عَلَى قَوْلِهِمَا فِي جَوَازِهَا قَالَ الشَّيْخُ قَاسِمٌ فِي تَصْحِيحِهِ: مَا نَقَلَهُ الزَّيْلَعِيُّ شَاذٌّ مَجْهُولُ الْقَائِلِ. اهـ.
وَالْإِجَارَةُ وَالْبَيْعُ أَخَوَانِ؛ لِأَنَّ الْإِجَارَةَ تَمْلِيكُ الْمَنَافِعِ وَالْبَيْعَ تَمْلِيكُ الْأَعْيَانِ وَقَدْ قَالَ فِي الدُّرِّ الْمُخْتَارِ فِي بَابِ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ وَيَجِبُ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَيْ مِنْ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي فَسْخُهُ قَبْلَ الْقَبْضِ أَوْ بَعْدَهُ مَا دَامَ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي إعْدَامًا لِلْفَسَادِ؛ لِأَنَّهُ مَعْصِيَةٌ فَيَجِبُ رَفْعُهَا بَحْرٌ وَإِذَا أَصَرَّ أَحَدُهُمَا عَلَى إمْسَاكِهِ وَعَلِمَ بِهِ الْقَاضِي فَلَهُ فَسْخُهُ جَبْرًا عَلَيْهِمَا حَقًّا لِلشَّرْعِ بَزَّازِيَّةٌ. اهـ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا تَوَافَقَ زَيْدٌ مَعَ عَمْرٍو عَلَى أَنْ يَعْصِرَ لَهُ زَبِيبَهُ دِبْسًا وَيَزْرَعَ لَهُ فِلَاحَتَهُ حِنْطَةً وَشَعِيرًا وَغَيْرَهُمَا وَيُعْطِيَهُ أُجْرَتَهُ كَمَا يُعْطِي النَّاسَ وَلَمْ يُسَمِّيَا شَيْئًا وَكَانَ مَا يُعْطِيهِ النَّاسَ فِي ذَلِكَ مَعْلُومًا غَيْرَ مُتَفَاوِتٍ وَشَرَعَ عَمْرٌو فِي الْعَمَلِ الْمَذْكُورِ لِلْحَالِ لِإِمْكَانِهِ وَأَتَمَّ ذَلِكَ وَلَمْ يُعْطِهِ زَيْدٌ شَيْئًا فَهَلْ حَيْثُ كَانَ مَا يُعْطِي النَّاسُ فِي مِثْلِ ذَلِكَ مَعْلُومًا بِأَنْ كَانَ لَا يَزِيدُ وَلَا يَنْقُصُ وَعَلِمَ ذَلِكَ جَازَ لِعَمْرٍو طَلَبُهُ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ أَمَّا صِحَّتُهَا مَعَ عَدَمِ ذِكْرِ الْمُدَّةِ فَلِأَنَّهُ عَمَلٌ لَوْ أَرَادَ أَنْ يَأْخُذَ فِي الْعَمَلِ لِلْحَالِ يَقْدِرُ وَفِي مِثْلِهِ لَا يَلْزَمُ ذِكْرُ الْمُدَّةِ كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ مِنْ الْإِجَارَةِ الْفَاسِدَةِ وَمِثْلُهُ فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَغَيْرِهَا وَأَمَّا صِحَّتُهَا مَعَ عَدَمِ التَّسْمِيَةِ وَكَانَ مَا يُعْطِيهِ النَّاسُ مَعْلُومًا فَلِمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ تَكَارَى دَابَّةً بِمِثْلِ مَا تَكَارَى بِهِ أَصْحَابُهُ إنْ لَمْ يَكُنْ مَا تَكَارَى بِهِ أَصْحَابُهُ مِثْلَ هَذِهِ الدَّابَّةِ مَعْلُومًا بَلْ مُخْتَلِفًا فَسَدَتْ وَلَوْ مَعْلُومًا بِإِنْ كَانَ عَشَرَةً لَا يَزِيدُ وَلَا يَنْقُصُ وَعَلِمَ ذَلِكَ جَازَ كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ مِنْ الْإِجَارَةِ الطَّوِيلَةِ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا أَجَّرَ مُتَوَلِّي وَقْفٍ أَرْضًا لَهَا مَاءٌ يَفْضُلُ عَنْهَا لِرَجُلٍ مُدَّةً طَوِيلَةً بِدُونِ أَجْرِ الْمِثْلِ وَأَذِنَ لَهُ بِأَنْ يَغْرِسَ فِي الْأَرْضِ الْمَزْبُورَةِ مَا أَحَبَّ وَاخْتَارَ وَأَنْ يَكُونَ جَمِيعُ مَا يَغْرِسُهُ فِيهَا لَهُ وَلَمْ يَجْعَلْ لِجِهَةِ الْوَقْفِ شَيْئًا مِنْ الْغِرَاسِ وَغَرَسَ الْمُسْتَأْجِرُ غِرَاسًا وَاحْتَرَمَهُ لَدَى حَاكِمٍ يَرَى ذَلِكَ فَهَلْ تَكُونُ الْإِجَارَةُ بِدُونِ أَجْرِ الْمِثْلِ بَاطِلَةً وَيَكُونُ الْإِذْنُ بِأَنْ يَكُونَ جَمِيعُ الْغِرَاسِ لِلْمُسْتَأْجِرِ دُونَ جِهَةِ الْوَقْفِ بَاطِلًا وَلِمُتَوَلِّي الْوَقْفِ الْآنَ مُطَالَبَتُهُ بِقَلْعِ الْغِرَاسِ وَبِتَسْلِيمِ الْأَرْضِ فَارِغَةً أَوْ لَا؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ يَكُونُ كُلٌّ مِنْ الْإِجَارَةِ وَالْإِذْنِ الْمَذْكُورَيْنِ بَاطِلًا وَيَسُوغُ لِلْمُتَوَلِّي مُطَالَبَةُ صَاحِبِ الْغِرَاسِ بِقَلْعِهِ وَبِتَسْلِيمِ الْأَرْضِ فَارِغَةً كَتَبَهُ الْفَقِيرُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ عُفِيَ عَنْهُ الْجَوَابُ مَا بِهِ الْمَرْحُومُ الْجَدُّ شَيْخُ الْإِسْلَامِ أَجَابَ كَتَبَهُ الْفَقِيرُ مُحَمَّدٌ الْعِمَادِيُّ الْمُفْتِي بِدِمَشْقِ الشَّامِ الْحَمْدُ لِلَّهِ طَابَ الْجَوَابُ وَوَافَقَ الصَّوَابَ؛ لِأَنَّ الْإِجَارَةَ بِدُونِ أَجْرِ الْمِثْلِ لَا تَصِحُّ وَيَلْزَمُ الْمُسْتَأْجِرَ تَمَامُ أَجْرِ الْمِثْلِ وَلِأَنَّ إجَارَةَ الْوَقْفِ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثِ سِنِينَ إنْ أَرْضًا وَأَكْثَرَ مِنْ سَنَةٍ إنْ دَارًا لَا تَجُوزُ كَمَا فِي الْمِنَحِ قَالَ فِي جَوَاهِرِ الْفَتَاوَى قَالَ أَبُو الْعَلَاءِ فِيمَنْ آجَرَ أَرْضًا مَوْقُوفَةً مِائَةَ سَنَةٍ لِوَاحِدٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ هَلْ يَجُوزُ فَأَجَابَ أَفْتَى بِبُطْلَانِ الْإِجَارَةِ مَعْشَرٌ عَنْ زُمْرَةِ الْعُلَمَاءِ قَطْعًا لَازِمًا وَكَذَاكَ أُفْتِي لِلتَّدَيُّنِ حِسْبَةً كَيْ لَا أَكُونَ بِمَا أُحَرِّرُ ظَالِمًا. اهـ.
فَحَيْثُ كَانَتْ الْإِجَارَةُ مُدَّةً طَوِيلَةً وَبِدُونِ أَجْرِ الْمِثْلِ فَهِيَ بَاطِلَةٌ وَكَذَا مَا فِي ضِمْنِهَا وَهُوَ الْإِذْنُ بِالْغِرَاسِ الْمَذْكُورِ؛ لِأَنَّهُ إذَا بَطَلَ الشَّيْءُ بَطَلَ مَا فِي ضِمْنِهِ وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِهِمْ إذَا بَطَلَ الْمُتَضَمِّنُ بِالْكَسْرِ بَطَلَ الْمُتَضَمَّنُ كَمَا فِي الْأَشْبَاهِ قُبَيْلَ الْأَلْغَازِ. (أَقُولُ) اُنْظُرْ مَا قَدَّمْنَاهُ قُبَيْلَ نَحْوِ نِصْفِ كُرَّاسٍ.
(سُئِلَ) فِي رَجُلٍ اسْتَأْجَرَ غِرَاسَ تُوتٍ قَائِمٍ فِي أَرْضِ وَقْفٍ لِيَأْخُذَ الْحَاصِلَ مِنْ وَرَقِ التُّوتِ مُدَّةً مَعْلُومَةً بِأُجْرَةٍ مَعْلُومَةٍ فَهَلْ تَكُونُ الْإِجَارَةُ بَاطِلَةً؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ وَسُئِلَ قَارِئُ الْهِدَايَةِ هَلْ تَجُوزُ إجَارَةُ الْمَلَّاحَةِ لِجَمْعِ الْمِلْحِ فِيهَا فَأَجَابَ لَا يَجُوزُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْإِجَارَةَ عَقْدٌ عَلَى الْمَنَافِعِ لَا عَلَى اسْتِهْلَاكِ الْعَيْنِ وَإِنْ أَخَذَ الْمُسْتَأْجِرُ شَيْئًا مِنْ الْمِلْحِ فَعَلَيْهِ ضَمَانُهُ وَلَا أُجْرَةَ عَلَيْهِ.
وَسُئِلَ أَيْضًا عَنْ رَجُلٍ اسْتَأْجَرَ أَرْضًا مَالِحَةً لِيَنْتَفِعَ بِهَا فِي جَمْعِ الْمِلْحِ مِنْهَا بَعْدَ سَقْيِهَا بِالْمَاءِ حَتَّى يَنْعَقِدَ الْمِلْحُ فَأَجَابَ إذَا اسْتَأْجَرَ أَرْضًا لِيَسُوقَ إلَيْهَا مَاءً ثُمَّ إنَّ الْمَاءَ الَّذِي يَسُوقُهُ إلَيْهَا يَنْعَقِدُ مِلْحًا فَهَذَا الْمِلْحُ مِلْكُهُ؛ لِأَنَّهُ انْعَقَدَ مِنْ الْمَاءِ الَّذِي سَاقَهُ إلَى هَذِهِ الْأَرْضِ بِمُكْثِهِ فِيهَا فَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَالْإِجَارَةُ صَحِيحَةٌ؛ لِأَنَّهُ اسْتَأْجَرَ الْأَرْضَ لِيَحْبِسَ فِيهَا الْمَاءَ الَّذِي يَسُوقُهُ إلَيْهَا فِي الْمُدَّةِ الَّتِي اسْتَأْجَرَهَا لِذَلِكَ فَكَانَ كَمَا إذَا اسْتَأْجَرَ حَوْضًا أَوْ صِهْرِيجًا لِيَمْلَأهُ مَاءً يَحْمِلُهُ إلَيْهِ وَإِنْ كَانَ الْمِلْحُ الَّذِي يَأْخُذُهُ إنَّمَا هُوَ مِنْ أَجْزَاءِ الْأَرْضِ لَا مِنْ الْمَاءِ الَّذِي سَاقَهُ إلَيْهَا فَهُوَ مِلْكٌ لِصَاحِبِ الْأَرْضِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ أَجْزَاءِ الْأَرْضِ فَصَارَ كَالطِّينِ وَالتُّرَابِ وَلَا يَجُوزُ اسْتِئْجَارُ الْأَرْضِ لِذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ اسْتِئْجَارٌ عَلَى اسْتِهْلَاكِ الْعَيْنِ وَالْإِجَارَةُ إنَّمَا تَنْعَقِدُ عَلَى اسْتِهْلَاكِ الْمَنَافِعِ فَإِذَا تَصَرَّفَ فَيَرُدُّ كُلٌّ مِنْ الْمُتَآجِرَيْنِ إلَى صَاحِبِهِ مَا وَضَعَ يَدَهُ عَلَيْهِ لِلْآخَرِ وَسُئِلَ فِيمَا إذَا آجَرَهُ دَارًا لِيَنْتَفِعَ بِهَا خَاصَّةً فَأَجَابَ بِأَنَّ لَهُ أَنْ يَنْتَفِعَ بِنَفْسِهِ وَبِغَيْرِهِ؛ لِأَنَّهُ شَرْطٌ غَيْرُ مُفِيدٍ.
لِأَنَّ السُّكْنَى أَوْ الزِّرَاعَةَ إذَا عَيَّنَ مَا يَزْرَعُ لَا يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْمُسْتَعْمِلِ وَلَهُ أَنْ يُؤَجِّرَ غَيْرَهُ وَإِذَا اسْتَأْجَرَهَا مُؤَجَّلَةً وَآجَرَهَا مُعَجَّلَةً لَيْسَ لِلْمُؤَجِّرِ أَنْ يُطَالِبَ الثَّانِيَ بِمَالِهِ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ الْأَوَّلِ وَإِذَا اسْتَأْجَرَ مِنْهُ مُصَدِّقًا أَنَّهُ لَهُ أَوْ غَيْرَ مُصَدِّقٍ يَلْزَمُهُ الْأُجْرَةُ وَيُجْبَرُ عَلَى دَفْعِهَا إلَيْهِ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُطَالِبَهُ بِبَيِّنَةٍ أَنَّهَا مِلْكُهُ مَا لَمْ يَتَبَيَّنْ خِلَافُ ذَلِكَ وَإِذَا اسْتَأْجَرَ أَرْضًا لِلزِّرَاعَةِ وَهِيَ سَبْخَةٌ لَا يُمْكِنُ زِرَاعَتُهَا لَا تَصِحُّ هَذِهِ الْإِجَارَةُ وَإِنْ اسْتَأْجَرَهَا لِيَنْتَفِعَ بِهَا مُطْلَقًا وَلَمْ يُعَيِّنْ زِرَاعَةً صَحَّ فَإِذَا غَرِمَ عَلَى إصْلَاحِهَا مَالًا إنْ أَذِنَ لَهُ مَالِكُهَا فِي ذَلِكَ لِيَرْجِعَ بِهِ عَلَيْهِ فَفَعَلَ ثُمَّ فُسِخَتْ الْإِجَارَةُ رَجَعَ عَلَى الْمَالِكِ وَإِنْ كَانَ الْمُؤَجِّرُ غَيْرَ مَالِكٍ لَكِنْ لَهُ وِلَايَةُ ذَلِكَ كَالنَّاظِرِ أَوْ الْوَصِيِّ فَإِنْ كَانَ مَا أَذِنَ بِهِ مِنْ مَصَالِحِ الْوَقْفِ أَوْ مَالِ الْأَيْتَامِ صَحَّ إذْنُهُ وَيَرْجِعُ فِي رُبُعِ الْوَقْفِ أَوْ مَالِ الصَّغِيرِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ مَصْلَحَةٌ فَلَا اعْتِبَارَ بِهَذَا الْإِذْنِ وَلَا رُجُوعَ لَهُ عَلَى أَحَدٍ. اهـ.
مِنْ فَتَاوَى قَارِئِ الْهِدَايَةِ وَفِيهَا إذَا اخْتَلَفَ الْمُسْتَأْجِرُ وَالْآجِرُ فَقَالَ الْآجِرُ لِتُحَمِّلْهَا قُمَاشًا وَتَرْكَبْ بِنَفْسِك وَقَالَ الْمُسْتَأْجِرُ لَأُحَمِّلَهَا وَأُرَكِّبَ مَنْ شِئْت فَالْقَوْلُ لِلْمُؤَجِّرِ مَعَ يَمِينِهِ إلَّا أَنْ تَقُومَ بَيِّنَةٌ وَإِذَا اخْتَلَفَا عَلَى وَفَاءِ الْعَمَلِ فَادَّعَى الْمُسْتَأْجِرُ عَدَمَهُ وَادَّعَى الْأَجِيرُ الْعَمَلَ فَالْقَوْلُ لِلْمُسْتَأْجِرِ مَعَ يَمِينِهِ وَالْبَيِّنَةُ لِلْأَجِيرِ؛ لِأَنَّهُ يَدَّعِي الْإِيفَاءَ وَالْمُسْتَأْجِرُ يُنْكِرُ وَفِيهَا إذَا غَرِقَتْ السَّفِينَةُ أَوْ انْكَسَرَتْ بِغَيْرِ صُنْعِ رَبِّهَا لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَلَا أَجْرَ لَهُ وَإِنْ كَانَ بِصُنْعِهِ فَالْمَالِكُ مُخَيَّرٌ إنْ شَاءَ ضَمَّنَهُ قِيمَتَهُ فِي مَكَانِ التَّلَفِ وَأَعْطَاهُ أَجْرَهُ بِحِسَابِهِ.
وَإِنْ شَاءَ فِي مَكَانِ الْحَمْلِ وَلَا أَجْرَ لَهُ وَالْمَلَّاحُ يَسْتَحِقُّ مِنْ الْأُجْرَةِ بِقِسْطِهَا وَإِنْ تَرَاضَوْا عَلَى الْإِلْقَاءِ فَالْغُرْمُ عَلَى الرُّءُوسِ؛ لِأَنَّهُ لِحِفْظِ الْأَنْفُسِ وَهُمْ فِيهِ سَوَاءٌ وَسُئِلَ عَمَّنْ اسْتَأْجَرَ بُسْتَانًا مُشَاعًا مِنْ أَقْوَامٍ مُتَفَرِّقِينَ مِرَارًا مُخْتَلِفَةً فَزَرَعَ وَغَرَسَ ثُمَّ انْقَضَتْ مُدَّةُ بَعْضِ الْمُؤَجِّرِينَ وَطَالَبَهُ بِالتَّفْرِيغِ فَهَلْ يَبْقَى إلَى حِينِ فَرَاغِ بَقِيَّةِ مُدَّةِ الْحِصَصِ فَأَجَابَ إجَارَةُ هَذِهِ الْأَرْضِ الْمُشَاعَةِ مِنْ غَيْرِ الشَّرِيكِ لَا تَجُوزُ إلَّا عَلَى قَوْلِهِمَا فَإِنْ حَكَمَ حَاكِمٌ بِصِحَّتِهَا جَازَتْ فَإِذَا انْقَضَتْ مُدَّةُ بَعْضِ الْعُقُودِ بَقِيَ الْغِرَاسُ إلَى انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ؛ لِأَنَّ مَنْ انْقَضَتْ مُدَّةُ إيجَارِهِ لَيْسَ لَهُ أَرْضٌ مُعَيَّنَةٌ يُؤْمَرُ الْمُسْتَأْجِرُ بِتَفْرِيغِهَا فَيَبْقَى إلَى انْقِضَاءِ جَمِيعِ الْمُدَّةِ لَكِنْ بِأَجْرِ الْمِثْلِ وَأَمَّا عَلَى قَوْلِ الْإِمَامِ فَالْإِجَارَةُ فَاسِدَةٌ فَإِنْ لَمْ يَحْكُمْ بِصِحَّتِهَا فَلِلْكُلِّ أَنْ يُطَالِبُوهُ بِالتَّفْرِيغِ وَإِذَا لَمْ تَمْضِ الْمُدَّةُ وَجَبَ عَلَيْهِ أَجْرُ الْمِثْلِ لِمَا مَضَى وَسُئِلَ فِيمَا إذَا مَاتَ أَحَدُ الْمُؤَجِّرِينَ فَأَجَابَ كُلُّ مَنْ مَاتَ مِنْهُمْ انْفَسَخَ فِي نَصِيبِهِ وَبَقِيَ الْعَقْدُ فِي نَصِيبِ الْآخَرِ وَفِيهَا وَلَا تَنْفَسِخُ بِمَوْتِ النَّاظِرِ الْمُؤَجِّرِ وَإِنْ كَانَ هُوَ الْمُسْتَحِقَّ بِانْفِرَادِهِ وَلَا تَجُوزُ إجَارَةُ الْوَقْفِ بِدُونِ أَجْرِ الْمِثْلِ وَإِنْ كَانَ هُوَ الْمُسْتَحِقَّ لِجَوَازِ أَنْ يَمُوتَ قَبْلَ انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ وَتُفْسَخُ هَذِهِ الْإِجَارَةُ وَفِيهَا الْمُسْتَحِقُّونَ لَيْسَ لَهُمْ أَنْ يُؤَجِّرُوا إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ لَهُمْ الْوَاقِفُ ذَلِكَ أَوْ يَأْذَنَ لَهُمْ مَنْ لَهُ وِلَايَةُ الْإِيجَارِ مِنْ نَاظِرٍ أَوْ قَاضٍ وَإِذَا آجَرُوا بِوِلَايَةٍ فَلَيْسَ لَهُمْ أَنْ يُؤَجِّرُوا هَذِهِ الْمُدَّةَ الطَّوِيلَةَ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْوَاقِفُ أَطْلَقَ ذَلِكَ وَإِلَّا فَهِيَ إجَارَةٌ فَاسِدَةٌ تُفْسَخُ وَيَجِبُ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ أُجْرَةُ الْمِثْلِ لِمَا انْتَفَعَ فِيهِ فِي الْمُدَّةِ إلَّا أَنْ يَحْكُمَ بِصِحَّتِهَا حَاكِمٌ يَرَى جَوَازَهَا.
وَإِذَا مَضَتْ الْمُدَّةُ تَبْقَى مَعَ الْمُسْتَأْجِرِ بِأُجْرَةِ مِثْلِهَا إلَّا أَنْ تَكُونَ الْمَصْلَحَةُ فِي غَيْرِ ذَلِكَ فَحِينَئِذٍ يُؤْمَرُ الْبَانِي بِرَفْعِ بِنَائِهِ إذَا وَجَدَ مَنْ يَسْتَأْجِرُهَا بِأَكْثَرَ مِمَّا يَدْفَعُ الْبَانِي وَإِذَا مَاتَ الْمُسْتَأْجِرُ فِي أَثْنَاءِ مُدَّتِهِ تَنْفَسِخُ إجَارَتُهُ وَتَرْجِعُ وَرَثَتُهُ بِمَا عَجَّلَ مِنْ الْأُجْرَةِ لِمَا بَقِيَ مِنْ الْمُدَّةِ عَلَى الْقَابِضِينَ أَوْ عَلَى مَنْ ضَمِنَ الدَّرْكَ فِي الْإِجَارَةِ إذَا اسْتَمَرُّوا عَلَى الِانْتِفَاعِ بِالْعَيْنِ الْمُسْتَأْجَرَةِ فَعَلَيْهِمْ أَجْرُ الْمِثْلِ إلَى وَقْتِ الْفَسْخِ وَفِيهَا وَإِجَارَةُ الْوَقْفِ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثِ سِنِينَ إنْ أَرْضًا وَأَكْثَرَ مِنْ سَنَةٍ إنْ دَارًا لَا تَجُوزُ وَتُفْسَخُ إذَا لَمْ يَشْتَرِطْ الْوَاقِفُ شَيْئًا وَأَمَّا إذَا شَرَطَ شَرْطًا يُتْبَعُ وَلَا يُزَادُ عَلَيْهِ إلَّا لِضَرُورَةٍ وَالْعَقْدُ إذَا فَسَدَ فِي بَعْضِهِ فَسَدَ فِي جَمِيعِهِ فَيُفْسَخُ الْعَقْدُ فِي جَمِيعِ الْمُدَّةِ وَفِيهَا إذَا شَرَطَ أَنْ لَا يُؤَجِّرَ أَكْثَرَ مِنْ سَنَةٍ وَاحْتِيجَ إلَى إجَارَتِهِ نَحْوَ ثَلَاثِينَ سَنَةً إذَا لَمْ تَحْصُلُ عِمَارَةُ الْوَاقِفِ إلَّا بِذَلِكَ يَرْفَعُ الْأَمْرَ إلَى الْحَاكِمِ لِيَفْعَلَ ذَلِكَ فَإِذَا فَعَلَهُ الْحَاكِمُ صَحَّ وَفِيهَا إذَا اسْتَأْجَرَ جِدَارًا وَقَلَعَهُ ثُمَّ اسْتَأْجَرَ الْأَرْضَ مِنْ أَرْبَابِهَا وَبَنَى فِيهَا فَالْإِجَارَةُ الْأُولَى فَاسِدَةٌ وَمَا بَنَاهُ لَهُ وَعَلَيْهِ الْأَنْقَاضُ وَفِيهَا وَإِنْ اسْتَأْجَرَ دَارًا وَهَدَمَهَا وَغَيَّرَ مَعَالِمَهَا يَنْظُرُ الْقَاضِي فِي ذَلِكَ إنْ كَانَ مَا غُيِّرَ إلَيْهِ أَنْفَعَ لِجِهَةِ الْوَقْفِ وَأَكْثَرَ رَيْعًا أَخَذَ مِنْهُ الْأُجْرَةَ وَبَقِيَ مَا عَمَّرَهُ لِجِهَةِ الْوَقْفِ وَهُوَ مُتَبَرِّعٌ بِمَا أَنْفَقَهُ فِي الْعِمَارَةِ وَلَا يَحْتَسِبُ لَهُ مِنْ الْأُجْرَةِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَنْفَعَ لِجِهَةِ الْوَقْفِ وَلَا أَكْثَرَ رَيْعًا أُلْزِمَ بِهَدْمِ مَا صَنَعَ وَإِعَادَةِ الْوَقْفِ إلَى الصِّفَةِ الَّتِي كَانَ عَلَيْهَا بَعْدَ تَعْزِيرِهِ بِمَا يَلِيقُ بِحَالِهِ.
وَسُئِلَ أَيْضًا عَنْ مَعْنَى قَوْلِهِمْ وَيَجِبُ فِي الْإِجَارَةِ الْفَاسِدَةِ أَجْرُ الْمِثْلِ لَا يُجَاوِزُ الْمُسَمَّى فَأَجَابَ مَعْنَاهُ أَنْ يَسْتَأْجِرَ شَخْصٌ شَيْئًا بِأُجْرَةٍ مَعْلُومَةٍ لَكِنْ يَشْتَرِطُ فِي صُلْبِ الْعَقْدِ مَثَلًا أَنَّ مَرَمَّةَ الدَّارِ أَوْ عَلَفَ الدَّابَّةِ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ فَهَذَا شَرْطٌ يُفْسِدُ الْعَقْدَ؛ لِأَنَّ الْمَرَمَّةَ وَالْعَلَفَ عَلَى الْمُؤَجِّرِ فَإِذَا اسْتَوْفَى الْمُسْتَأْجِرُ الْمَنْفَعَةَ فِي هَذِهِ الْإِجَارَةِ الْفَاسِدَةِ فَالْوَاجِبُ عَلَيْهِ أَجْرُ الْمِثْلِ أَمَّا إذَا فَسَدَتْ الْإِجَارَةُ بِجَهَالَةِ الْأُجْرَةِ بِأَنْ اسْتَأْجَرَ شَيْئًا مُدَّةً مَعْلُومَةً بِثَوْبٍ أَوْ دَابَّةٍ وَلَمْ يُبَيِّنْ جِنْسَ ذَلِكَ وَنَوْعَهُ فَالْوَاجِبُ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ هُنَا أَجْرُ الْمِثْلِ بَالِغًا مَا بَلَغَ إذَا اسْتَوْفَى الْمُسْتَأْجِرُ الْمَنْفَعَةَ وَفِيهَا إذَا غُصِبَتْ الْأَرْضُ مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ وَلَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ الِانْتِفَاعِ بِهَا سَقَطَ عَنْهُ الْأُجْرَةُ مُدَّةَ الْغَصْبِ فَإِذَا زَالَ وَانْتَفَعَ بِهَا وَجَبَ عَلَيْهِ الْأُجْرَةُ بِقَدْرِ مَا انْتَفَعَ فَإِنْ لَمْ يَبْقَ مِنْ الْمُدَّةِ مَا يَتَمَكَّنُ مِنْ الِانْتِفَاعِ بِهَا لِمَا اُسْتُؤْجِرَتْ لَهُ فَلَهُ أَنْ يَفْسَخَ الْإِجَارَةَ كَمَا كَانَ لَهُ أَنْ يَفْسَخَهَا حِينَ غُصِبَتْ مِنْهُ وَفِيهَا إذَا آجَرَ ابْنَهُ الَّذِي دُونَ التَّمْيِيزِ لِأُمِّهِ الْمُطَلَّقَةِ مُدَّةً لِتَسْتَأْنِسَ بِهِ فَتَزَوَّجَتْ فَلِلْأَبِ فَسْخُ الْإِجَارَةِ وَأَخْذُهُ مِنْهَا إذْ الزَّوْجُ رُبَّمَا يَتَضَرَّرُ بِهِ الصَّغِيرُ بَلْ هُوَ الْغَالِبُ فَهُوَ عُذْرٌ وَالْإِجَارَةُ تُفْسَخُ بِالْأَعْذَارِ. اهـ.
كَلَامُ قَارِئِ الْهِدَايَةِ.
(سُئِلَ) فِي رَجُلٍ اسْتَأْجَرَ دَارَ وَقْفٍ مِنْ نَاظِرِهِ مُدَّةً مَعْلُومَةً بِأُجْرَةِ كَذَا فَانْهَدَمَ بَيْتَانِ مِنْهَا وَلَمْ يَنْتَفِعْ بِهِمَا أَصْلًا فَهَلْ يَرْفَعُ مِنْ الْأُجْرَةِ بِحِصَّتِهَا؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ فِي الذَّخِيرَةِ مِنْ فَصْلِ الْأَعْذَارِ وَفِي نَوَادِرِ ابْنِ سِمَاعَةَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ رَجُلٌ اسْتَأْجَرَ دَارًا وَقَبَضَهَا فَانْهَدَمَ بَيْتٌ يَرْفَعُ عَنْهُ مِنْ الْأَجْرِ بِحِصَّتِهِ وَلَا يُؤَاخَذُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا بِبِنَائِهِ. اهـ.
وَمِثْلُهُ فِي التَّتَارْخَانِيَّةِ قُلْت هَذَا إذَا كَانَ مِلْكًا فَإِنْ كَانَ وَقْفًا يُبْدَأ مِنْ غَلَّتِهِ بِعِمَارَتِهِ إلَى آخِرِ مَا فَصَّلْنَا فِي كِتَابِ الْوَقْفِ. (أَقُولُ) أَمَّا عَدَمُ مُؤَاخَذَةِ الْمُسْتَأْجِرِ بِالْبِنَاءِ فَظَاهِرٌ وَأَمَّا الْمُؤَجِّرُ فَلِأَنَّهُ لَا يُجْبَرُ عَلَى إصْلَاحِ مِلْكِهِ وَيَثْبُتُ لِلْمُسْتَأْجِرِ الْخِيَارُ فَإِنْ شَاءَ فَسَخَ الْإِجَارَةَ كَمَا مَرَّ عَنْ الْخُلَاصَةِ وَالْبَزَّازِيَّةِ وَالْخَانِيَّةِ.
(سُئِلَ) فِي رَجُلٍ اسْتَأْجَرَ حِمَارًا مِنْ مَكَانٍ إلَى آخَرَ وَلَمْ يُبَيِّنْ الرَّاكِبُ فَقَصَّرَ الْحِمَارُ فِي الطَّرِيقِ وَعَيِيَ فَوَضَعَهُ عِنْدَ زَيْدٍ وَأَعْطَاهُ ثَمَنَ عَلَفِهِ وَأَنْفَقَهُ عَلَيْهِ وَمَاتَ فِي يَدِهِ فَهَلْ لَا ضَمَانَ عَلَى الْمُؤَجِّرِ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ فِي الْعِمَادِيَّةِ اسْتَأْجَرَ حِمَارًا مِنْ كش إلَى بُخَارَى فَعَيِيَ الْحِمَارُ فِي الطَّرِيقِ فَأَمَرَ رَجُلًا يُنْفِقُ عَلَى الْحِمَارِ وَأَنْفَقَ عَلَيْهِ وَهَلَكَ فِي يَدِهِ قَالُوا إنْ اكْتَرَاهُ لِنَفْسِهِ ضَمِنَ وَإِنْ اكْتَرَاهُ وَلَمْ يُسَمِّ الرَّاكِبَ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ. اهـ.
(سُئِلَ) فِي رَجُلٍ سَافَرَ بِبِضَاعَةٍ فَتَوَافَقَ مَعَ زَيْدٍ وَعَمْرٍو عَلَى أَنْ يُعِينَاهُ فِي بَيْعِهَا وَمَهْمَا حَصَلَ مِنْ رِبْحِهَا يَكُنْ لَهُمَا ثُلُثَاهُ نَظِيرَ أُجْرَتِهِمَا وَالثُّلُثُ لَهُ وَبَاعُوهَا مِنْ جَمَاعَةٍ فَهَلْ لَهُمَا أَجْرُ مِثْلِ عَمَلِهِمَا؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ لِجَهَالَةِ الْمُسَمَّى قَالَ فِي الْبَزَّازِيَّةِ مِنْ الْخَامِسِ دَفَعَ إلَى رَجُلٍ ثَوْبًا وَقَالَ بِعْهُ بِعَشْرَةٍ فَمَا زَادَ فَهُوَ بَيْنِي وَبَيْنَك قَالَ الْإِمَامُ الثَّانِي إنْ بَاعَهُ بِعَشْرَةٍ فَلَا أَجْرَ لَهُ وَإِنْ تَعِبَ وَإِنْ بَاعَهُ بِأَزْيَدَ فَلَهُ أَجْرُ مِثْلِهِ إذَا تَعِبَ فِي ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ عَمِلَ فِي إجَارَةٍ فَاسِدَةٍ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى وَالْأَجْرُ مُقَابَلٌ بِالْبَيْعِ دُونَ مُقَدِّمَاتِهِ كَالسَّعْيِ. اهـ.
(أَقُولُ) مُقْتَضَى هَذَا أَنَّهُ فِي صُورَةِ السُّؤَالِ لَوْ لَمْ يَحْصُلْ رِبْحٌ لَا يَسْتَحِقَّانِ أُجْرَةً لَكِنْ يُخَالِفُهُ مَا صَرَّحُوا بِهِ فِي الْمُضَارَبَةِ إنَّهَا إذَا فَسَدَتْ تَصِيرُ إجَارَةً فَاسِدَةً وَيَكُونُ لِلْمُضَارِبِ أَجْرُ مِثْلِهِ وَإِنْ لَمْ يَرْبَحْ فَتَأَمَّلْ.
(سُئِلَ) فِي رَجُلٍ اسْتَأْجَرَ أَرْضًا مِنْ زَيْدٍ مُدَّةً مَعْلُومَةً بِأُجْرَةٍ مَعْلُومَةٍ مِنْ الدَّرَاهِمِ دَفَعَهَا لِزَيْدٍ وَتَسَلَّمَ الْمَأْجُورَ ثُمَّ مَاتَ زَيْدٌ فِي أَثْنَاءِ الْمُدَّةِ وَيُرِيدُ الْمُسْتَأْجِرُ حَبْسَ مَأْجُورِهِ لِأَجْرٍ عَجَّلَهُ فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ قَالَ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ وَلَوْ اسْتَأْجَرَ فَاسِدًا وَعَجَّلَ الْأُجْرَةَ وَلَمْ يَقْبِضْهُ حَتَّى مَاتَ الْمُؤَجِّرُ أَوْ مَضَتْ الْمُدَّةُ فَأَرَادَ الْمُسْتَأْجِرُ أَنْ يَحْبِسَ الْبَيْتَ لِأَجْرٍ عَجَّلَهُ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ فِي الْجَائِزَةِ فَفِي الْفَاسِدَةِ أَوْلَى وَلَوْ مَقْبُوضًا صَحِيحًا أَوْ فَاسِدًا فَلَهُ الْحَبْسُ لِأَجْرٍ عَجَّلَهُ وَهُوَ أَحَقُّ بِثَمَنِهِ لَوْ مَاتَ الْمُؤَجِّرُ. اهـ.
وَمِثْلُهُ فِي الْخَانِيَّةِ وَمُنْيَةِ الْمُفْتِي حَاشِيَةِ الْأَشْبَاهِ لِلْحَمَوِيِّ مِنْ الْإِجَارَةِ.
(سُئِلَ) فِي مُتَوَلِّي وَقْفٍ آجَرَ حَانُوتَ الْوَقْفِ مِنْ آخَرَ بِغَيْرِ أَجْرِ الْمِثْلِ بِغَبْنٍ فَاحِشٍ فَهَلْ يَلْزَمُ الْمُسْتَأْجِرَ تَمَامُ أَجْرِ الْمِثْلِ؟
(الْجَوَابُ): يَلْزَمُ الْمُسْتَأْجِرَ تَمَامُ أَجْرِ الْمِثْلِ عَلَى الْمُفْتَى بِهِ كَمَا فِي الْبَحْرِ وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ إذَا أَخْبَرَ رَجُلَانِ حِينَ الْإِجَارَةِ إنَّهَا بِأَجْرِ الْمِثْلِ بِدُونِ شَهَادَةٍ فِي حَادِثَةِ دَعْوَى وَإِثْبَاتٍ فِي وَجْهِ خَصْمٍ شَرْعِيٍّ ثُمَّ ظَهَرَ وَتَبَيَّنَ إنَّهَا بِغَبْنٍ فَاحِشٍ فَهَلْ يَكُونُ الْإِخْبَارُ الْمَذْكُورُ غَيْرَ مُعْتَبَرٍ شَرْعًا؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ.
(سُئِلَ) فِي حَمَّامِ وَقْفٍ اسْتَأْجَرَهُ زَيْدٌ مِنْ نَاظِرِهِ مُدَّةً طَوِيلَةً مَعْلُومَةً لَدَى حَاكِمٍ حَنْبَلِيٍّ حَكَمَ بِصِحَّةِ الْإِجَارَةِ وَلُزُومِهَا بَعْدَ ثُبُوتِ أَجْرِ الْمِثْلِ لَدَيْهِ ثُبُوتًا شَرْعِيًّا وَالْآنَ يُرِيدُ النَّاظِرُ إخْرَاجَهُ مِنْ الْحَمَّامِ وَإِيجَارَهُ مِنْ غَيْرِهِ بِأُجْرَةٍ فِيهَا زِيَادَةٌ عَلَى الْأُولَى بِمَا دُونَ خُمُسِهَا فَهَلْ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ؟
(الْجَوَابُ): حَيْثُ آجَرَهُ النَّاظِرُ بِأَجْرِ الْمِثْلِ وَثَبَتَ ذَلِكَ لَيْسَ لَهُ إخْرَاجُهُ بِمَا ذَكَرَهُ. (أَقُولُ) بِمِثْلِ ذَلِكَ أَفْتَى الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ.
(سُئِلَ) فِي نَاظِرِ وَقْفٍ أَهْلِيٍّ انْحَصَرَ رَيْعُ الْوَقْفِ فِيهِ نَظَرًا وَاسْتِحْقَاقًا أَجَّرَ أَرْضِ الْوَقْفِ مِنْ رَجُلٍ لَهُ عَلَى النَّاظِرِ دَيْنٌ بِأُجْرَةٍ مَعْلُومَةٍ قَاصَّهُ بِهَا فَهَلْ تَكُونُ الْمُقَاصَّةُ الْمَذْكُورَةُ صَحِيحَةً؟
(الْجَوَابُ): حَيْثُ أَجَّرَ النَّاظِرُ إجَارَةً صَحِيحَةً بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ وَقَاصَّهُ فَالْمُقَاصَّةُ صَحِيحَةٌ قِيَاسًا عَلَى مَا قَالَهُ فِي الْبَزَّازِيَّةِ فِي الْوَصِيَّةِ مِنْ أَنَّ الْوَصِيَّ لَوْ بَاعَ مَالَ الصَّغِيرِ مِمَّنْ لَهُ عَلَيْهِ دَيْنٌ يَصِيرُ قِصَاصًا إذْ الْوَقْفُ وَالْوَصِيَّةُ أَخَوَانِ وَيَضْمَنُ النَّاظِرُ الْأُجْرَةَ لِلْوَقْفِ لَا سِيَّمَا وَقَدْ انْحَصَرَ رَيْعُ الْوَقْفِ فِيهِ فَيَكُونُ قَدْ قَاصَّهُ بِمَا يَسْتَحِقُّهُ بِمُفْرَدِهِ وَبِمِثْلِهِ فَتْوَى ذَكَرَهَا الْكَازَرُونِيُّ فِي فَتَاوَاهُ مِنْ الْإِجَارَةِ (مَسْأَلَةٌ) الْعَيْنُ إذَا غُصِبَتْ مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ سَقَطَ عَنْهُ الْأَجْرُ فَيَرْجِعُ بِمَا عَجَّلَهُ عَلَى مَنْ آجَرَهُ وَهُوَ النَّاظِرُ؛ لِأَنَّ حُقُوقَ الْعَقْدِ رَاجِعَةٌ إلَيْهِ كَمَا قَالُوا فِي النَّاظِرِ إذَا آجَرَ جِهَةَ الْوَقْفِ مِمَّنْ لَهُ عَلَيْهِ دَيْنٌ وَقَعَتْ الْمُقَاصَّةُ وَيَضْمَنُ النَّاظِرُ وَلَيْسَ هَذَا إلَّا لِكَوْنِ حُقُوقِ الْعَقْدِ رَاجِعَةً إلَيْهِ كَالْوَكِيلِ فَإِنَّ النَّاظِرَ كَالْوَكِيلِ كَمَا فِي الِاسْتِبْدَالِ مِنْ الْإِسْعَافِ إلَخْ كَازَرُونِيٌّ. (أَقُولُ) وَقَدَّمَ الْمُؤَلِّفُ نَقْلَ الْمَسْأَلَةِ أَيْضًا عَنْ فَتَاوَى الْعَلَّامَةِ الشَّلَبِيِّ كَمَا ذَكَرْنَاهُ أَوَاخِرَ كِتَابِ الْوَقْفِ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِزَيْدٍ بُسْتَانٌ جَارٍ فِي مِلْكِهِ فَآجَرَهُ مِنْ عَمْرٍو مُدَّةً مَعْلُومَةً إجَارَةً شَرْعِيَّةً وَتَسَلَّمَ الْمَأْجُورَ ثُمَّ إنَّ زَيْدًا بَاعَ الْبُسْتَانَ مِنْ بَكْرٍ ثُمَّ أَجَازَ عَمْرٌو الْمُسْتَأْجِرُ الْبَيْعَ وَرَضِيَ بِهِ فَهَلْ تَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ وَيَنْفُذُ الْبَيْعُ فِي حَقِّ الْكُلِّ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ وَفِي الْفَصْلِ الْخَامِسَ عَشَرَ مِنْ إجَارَاتِ الذَّخِيرَةِ الْآجِرُ إذَا بَاعَ الْمُسْتَأْجَرَ بِغَيْرِ إذْنِ الْمُسْتَأْجِرِ نَفَذَ الْبَيْعُ فِي حَقِّ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي وَلَا يَنْفُذُ فِي حَقِّ الْمُسْتَأْجِرِ حَتَّى لَوْ سَقَطَ حَقُّ الْمُسْتَأْجِرِ يُعْمَلُ ذَلِكَ الْبَيْعُ وَلَا يُحْتَاجُ إلَى التَّجْدِيدِ وَهُوَ الصَّحِيحُ فَإِنْ أَجَازَ الْمُسْتَأْجِرُ الْبَيْعَ نَفَذَ فِي حَقِّ الْكُلِّ وَلَكِنْ لَا تُنْزَعُ الْعَيْنُ مِنْ يَدِ الْمُسْتَأْجِرِ إلَى أَنْ يَصِلَ إلَيْهِ مَالُهُ وَإِنْ رَضِيَ بِالْبَيْعِ اُعْتُبِرَ رِضَاهُ بِالْبَيْعِ لِفَسْخِ الْإِجَارَةِ لَا لِلِانْتِزَاعِ مِنْ يَدِهِ عِمَادِيَّةٌ مِنْ الْفَصْلِ 31.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا قَلَّ مَاءُ الطَّاحُونَةِ الْمُسْتَأْجَرَةِ فِي أَثْنَاءِ الْمُدَّةِ وَصَارَتْ تَطْحَنُ نِصْفَ مَا كَانَتْ تَطْحَنُ وَلَمْ يَرُدَّهَا الْمُسْتَأْجِرُ حَتَّى طَحَنَ بِهَا إلَى انْتِهَاءِ الْمُدَّةِ فَهَلْ يَكُونُ ذَلِكَ رِضًا مِنْهُ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ فِي الْخَانِيَّةِ فِي فَصْلِ مَا يَجِبُ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ وَمَا لَا يَجِبُ رَجُلٌ اسْتَأْجَرَ طَاحُونَةً انْقَطَعَ مَاؤُهَا كَانَ لَهُ أَنْ يَرُدَّهَا فَإِنْ لَمْ يَرُدَّ حَتَّى مَضَتْ السَّنَةُ سَقَطَ الْأَجْرُ وَإِنْ قَلَّ مَاؤُهَا كَانَ لَهُ أَنْ يَرُدَّهَا فَإِنْ لَمْ يَرُدَّ حَتَّى طَحَنَ كَانَ ذَلِكَ رِضًا مِنْهُ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَرُدَّهَا بَعْدَ ذَلِكَ.
(سُئِلَ) فِي إجَارَةِ دَارِ الْوَقْفِ الْمُعَدَّةِ لِلِاسْتِغْلَالِ أَكْثَرَ مِنْ سَنَةٍ عِنْدَ عَدَمِ الْمَصْلَحَةِ فَهَلْ تَكُونُ الْإِجَارَةُ غَيْرَ صَحِيحَةٍ؟
(الْجَوَابُ): لَمْ تَزِدْ الْإِجَارَةُ عَلَى ثَلَاثِ سِنِينَ فِي الضِّيَاعِ وَعَلَى سَنَةٍ فِي غَيْرِهَا فَلَوْ آجَرَهَا أَكْثَرَ عِنْدَ عَدَمِ الْمَصْلَحَةِ الْمُقْتَضِيَةِ لَمْ تَصِحَّ الْإِجَارَةُ وَالْمَسْأَلَةُ فِي التَّنْوِيرِ مِنْ الْإِجَارَةِ وَالْوَقْفِ. (أَقُولُ) هَذَا إذَا أَجَّرَهُ غَيْرُ الْوَاقِفِ أَمَّا لَوْ أَجَّرَهُ الْوَاقِفُ عَشْرَ سِنِينَ صَحَّ وَلَوْ مَاتَ بَعْدَ خَمْسٍ وَانْتَقَلَ الْوَقْفُ إلَى مَصْرِفٍ آخَرَ انْتَقَضَتْ الْإِجَارَةُ وَيَرْجِعُ الْمُسْتَأْجِرُ بِمَا بَقِيَ فِي تَرِكَةِ الْمَيِّتِ كَمَا فِي الْقُنْيَةِ لَكِنْ ذَكَرَ فِي الدُّرِّ الْمُخْتَارِ فِي آخِرِ بَابِ الْفَسْخِ عَنْ الْفَيْضِ وَغَيْرِهِ لَوْ آجَرَ الْوَاقِفُ الْوَقْفَ بِنَفْسِهِ ثُمَّ مَاتَ فَفِي الِاسْتِحْسَانِ لَا تَبْطُلُ؛ لِأَنَّهُ آجَرَ لِغَيْرِهِ. اهـ.
وَمُقْتَضَاهُ أَنَّ الْأَوَّلَ قِيَاسٌ.
(سُئِلَ) فِي أَرْضٍ جَارِيَةٍ فِي أَوْقَافٍ مَعْلُومَةٍ مَشْغُولَةٍ بِزَرْعِ زَيْدٍ الْمَوْضُوعِ فِيهَا بِحَقٍّ فَآجَرَهَا النُّظَّارُ مِنْ آخَرَ فَهَلْ تَكُونُ الْإِجَارَةُ غَيْرَ جَائِزَةٍ حَيْثُ كَانَ الزَّرْعُ لَمْ يُسْتَحْصَدْ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ إذَا زَعَمَ الْمُسْتَأْجِرُ أَنَّ الزَّرْعَ يُتْرَكُ فِي الْأَرْضِ إلَى أَنْ يُدْرِكَ مِنْ غَيْرِ أُجْرَةٍ فَهَلْ يُتْرَكُ بِأَجْرِ الْمِثْلِ إلَى إدْرَاكِهِ لَا عِبْرَةَ بِزَعْمِهِ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ.
(سُئِلَ) فِي مُسْتَأْجِرِ مَزْرَعَةِ وَقْفٍ مُدَّةً مَعْلُومَةً بِأُجْرَةٍ مَعْلُومَةٍ آجَرَهَا مِنْ زَيْدٍ مُدَّةً تَسْتَوْعِبُ مُدَّتَهُ بِمِثْلِ الْأُجْرَةِ ثُمَّ مَاتَ زَيْدٌ فِي أَثْنَاءِ الْمُدَّةِ وَتَجَمَّدَ لِجِهَةِ الْوَقْفِ أُجْرَةُ سَنَتَيْنِ فَهَلْ تَلْزَمُ الْأُجْرَةُ الْأَوَّلَ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ يَلْزَمُهُ أُجْرَتُهَا وَلَهُ الرُّجُوعُ عَلَى مَنْ آجَرَهُ إنْ كَانَ مَوْجُودًا وَإِلَّا فَفِي تَرِكَتِهِ مُدَّةَ ضَبْطِهِ بَعْدَ الثُّبُوتِ الشَّرْعِيِّ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا اسْتَأْجَرَ زَيْدٌ عَمْرًا لِيَخْدُمَهُ وَيَخْدُمَ جِمَالَهُ مِنْ بَلْدَةٍ إلَى أُخْرَى بِأُجْرَةٍ مَعْلُومَةٍ مِنْ الدَّرَاهِمِ وَكِسْوَةٍ مَجْهُولَةٍ فَفَعَلَ عَمْرٌو ذَلِكَ مُدَّةً فِي الطَّرِيقِ وَفِي أَثْنَائِهِ أَخْرَجَهُ زَيْدٌ وَامْتَنَعَ مِنْ اسْتِخْدَامِهِ وَيُرِيدُ عَمْرٌو مُطَالَبَتَهُ بِأُجْرَةِ مِثْلِهِ فِي مُدَّةِ اسْتِخْدَامِهِ فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ.
(سُئِلَ) فِي مُسْتَأْجِرِ طَاحُونَةِ وَقْفٍ لَهُ عَلَيْهَا مَبْلَغٌ مُرْصَدٌ مَعْلُومٌ ثَابِتٌ لَدَى حَاكِمٍ شَرْعِيٍّ اسْتَوْفَى بَعْضَهُ مِنْ شَطْرِ أُجْرَةِ الطَّاحُونَةِ فِي بَعْضِ الْمُدَّةِ بِمُقْتَضَى إذْنِ النَّاظِرِ لَهُ بِذَلِكَ وَيُرِيدُ الْآنَ أَخْذَ بَقِيَّةِ مَبْلَغِهِ مِنْ مُتَحَصَّلِ الطَّاحُونَةِ بِالْوَجْهِ الشَّرْعِيِّ حَيْثُ لَا مَالَ فِي الْوَقْفِ غَيْرُ ذَلِكَ فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا اسْتَأْجَرَ زَيْدٌ قِطْعَتَيْ أَرْضِ وَقْفٍ مِنْ نَاظِرِهِ إجَارَةً شَرْعِيَّةً وَحُدِّدَتْ الْأَرْضُ بِحُدُودٍ أَرْبَعَةٍ وَذَكَرَ عَدَدَ ذَرْعِهَا بِحُضُورِ مُسْتَحَقِّي الْوَقْفِ وَتَصْدِيقِهِمْ قَامَ الْآنَ بَعْضُ الْمُصَدِّقِينَ يُعَارِضُ زَيْدًا فِي الْمَأْجُورِ مُتَعَلِّلًا بِأَنَّ ذَرْعَهُ أَكْثَرُ مِمَّا ذُكِرَ فَهَلْ تَكُونُ الْإِجَارَةُ وَاقِعَةً عَلَى الْمَحْدُودِ بِتَمَامِهِ؟
(الْجَوَابُ): تَكُونُ الْإِجَارَةُ وَاقِعَةً عَلَى الْمَحْدُودِ بِتَمَامِهِ وَالذَّرْعُ وَصْفٌ زِيَادَتُهُ أَوْ نَقْصُهُ لَا يُوجِبُ فَسَادًا فِي الْعَقْدِ كَمَا صَرَّحَ بِذَلِكَ فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَأَفْتَى بِذَلِكَ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِجَمَاعَةٍ وَأُخْتَيْهِمْ غِرَاسُ زَيْتُونٍ مُشْتَرَكٍ بَيْنَ الْجَمِيعِ بِطَرِيقِ الْإِرْثِ عَنْ أَبِيهِمْ وَهُوَ قَائِمٌ بِالْوَجْهِ الشَّرْعِيِّ فِي أَرْضِ وَقْفٍ وَيُرِيدُ الْجَمَاعَةُ اسْتِئْجَارَ الْأَرْضِ جَمِيعِهَا لِأَنْفُسِهِمْ دُونَ أُخْتَيْهِمْ بِدُونِ وَجْهٍ شَرْعِيٍّ فَهَلْ تُؤَجَّرُ الْأَرْضُ لِجَمِيعِ الْإِخْوَةِ وَلَا يَصِحُّ إيجَارُهَا لِبَعْضِ الشُّرَكَاءِ فِي الْغِرَاسِ دُونَ الْبَعْضِ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ.
(سُئِلَ) فِي قِطَعِ أَرَاضٍ مَعْلُومَةٍ جَارِيَةٍ فِي وَقْفٍ أَهْلِيٍّ حَامِلَاتٍ لِغِرَاسٍ جَارٍ فِي مِلْكِ جَمَاعَةٍ وَهُمْ يَدْفَعُونَ أُجْرَةَ مِثْلِ الْأَرَاضِي لِجِهَةِ الْوَقْفِ فِي كُلِّ سَنَةٍ وَيُرِيدُ نَاظِرُ الْوَقْفِ إيجَارَهَا مِنْ غَيْرِهِمْ بِدُونِ وَجْهٍ شَرْعِيٍّ فَهَلْ لَا يَصِحُّ إيجَارُ الْأَرْضِ مِنْ غَيْرِ رَبِّ الْغِرَاسِ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِجَمَاعَةٍ تَيْمَارِيِّينَ قَرْيَةٌ وَمَزَارِعُ مَعْلُومَاتٌ جَارِيَاتٌ فِي تَيْمَارِهِمْ وَإِقْطَاعِهِمْ بِمُوجِبِ بَرَاءَةٍ سُلْطَانِيَّةٍ فَأَجَّرُوا ذَلِكَ جَمِيعَهُ مِنْ زَيْدٍ وَعَمْرٍو لِمُدَّةِ سَنَةٍ بِأُجْرَةٍ مِنْ الدَّرَاهِمِ مَعْلُومَةٍ لَدَى قَاضٍ شَافِعِيٍّ حَكَمَ بِصِحَّةِ الْإِجَارَةِ وَإِنْ صَدَرَتْ لِغَيْرِ الزُّرَّاعِ وَكَانَتْ إقْطَاعًا وَمِنْ رَجُلَيْنِ نِصْفَيْنِ فِي حُكْمِ الشُّيُوعِ حُكْمًا شَرْعِيًّا مُوَافِقًا مَذْهَبَهُ مُسْتَوْفِيًا شَرَائِطَهُ مَعَ ثُبُوتِ أَجْرِ الْمِثْلِ وَكَتَبَ بِذَلِكَ حُجَّةً أَفْتَى مُفْتِي مَذْهَبِهِ بِالْعَمَلِ بِمَضْمُونِهَا وَأَنْفَذَ حُكْمَهُ حَاكِمٌ حَنَفِيٌّ وَكَتَبَ بِذَلِكَ حُجَّةً أُخْرَى فَهَلْ يُعْمَلُ بِمَضْمُونِ الْحُجَّتَيْنِ بَعْدَ ثُبُوتِهِ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ.
(سُئِلَ) فِي رَجُلٍ دَفَعَ وَلَدَهُ الصَّغِيرَ إلَى مُؤَدِّبِ الْأَطْفَالِ لِيُعَلِّمَهُ الْقُرْآنَ الْعَظِيمَ فَلَمَّا عَلَّمَهُ إلَى أَنْ قَارَبَ الرُّبُعَ أَخَذَهُ أَبُوهُ مِنْهُ فِرَارًا مِنْ أَنْ يُعْطِيَهُ الْحَلَاوَةَ الْمَرْسُومَةَ وَلَمْ يَشْرِطَا أَجْرًا فَهَلْ يُؤْمَرُ الْوَالِدُ بِتَطْيِيبِ خَاطِرِ الْمُؤَدِّبِ؟
(الْجَوَابُ): يُؤْمَرُ الْوَالِدُ بِتَطْيِيبِ قَلْبِ الْمُعَلِّمِ وَإِرْضَائِهِ كَمَا صَرَّحَ بِذَلِكَ فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَصَرَّحَ فِي التَّتَارْخَانِيَّةِ نَقْلًا عَنْ الْمُحِيطِ بِأَنَّهُ عِنْدَ عَدَمِ الِاسْتِئْجَارِ أَصْلًا يَجِبُ أَجْرُ الْمِثْلِ وَبِمِثْلِهِ أَفْتَى عَلَّامَةُ فِلَسْطِينَ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ.
(سُئِلَ) فِي رَجُلٍ نَصَّبَ نَفْسَهُ لِتَعْلِيمِ الْقُرْآنِ الْعَظِيمِ بِالْأُجْرَةِ فَدَفَعَ زَيْدٌ ابْنَهُ الصَّغِيرَ لِلرَّجُلِ لِيُعَلِّمَهُ الْقُرْآنَ وَلَمْ يَذْكُرَا مُدَّةً وَلَا أُجْرَةً فَعَلَّمَ الرَّجُلُ الِابْنَ الْمَزْبُورَ الْقُرْآنَ بِتَمَامِهِ وَطَالَبَ أَبَاهُ بِأَجْرِ الْمِثْلِ لِتَعْلِيمِهِ فَامْتَنَعَ مِنْ ذَلِكَ بِدُونِ وَجْهٍ شَرْعِيٍّ مُتَعَلِّلًا بِأَنَّ مَا دَفَعَهُ لِلرَّجُلِ مِنْ خَمِيسِيَّةٍ وَحَلْوَى عِنْدَ أَوَائِلِ بَعْضِ السُّوَرِ الْمَشْهُورَةِ أُجْرَتُهُ فَهَلْ يَلْزَمُ زَيْدًا أُجْرَةُ مِثْلِ التَّعْلِيمِ لِلرَّجُلِ الْمَذْكُورِ وَلَا عِبْرَةَ بِتَعَلُّلِهِ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ قَالَ فِي الذَّخِيرَةِ وَلَا يَجُوزُ الِاسْتِئْجَارُ عَلَى تَعْلِيمِ الْقُرْآنِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ الْحِسْبَةِ وَلَا تَجِبُ الْأُجْرَةُ عَلَى فِعْلِ الِاحْتِسَابِ وَالْفَتْوَى فِي زَمَانِنَا عَلَى وُجُوبِ الْأُجْرَةِ وَجَوَازِ الْإِجَارَةِ لِظُهُورِ التَّوَانِي فِي الْأُمُورِ الدِّينِيَّةِ وَلِانْقِطَاعِ وَظَائِفِ الْمُعَلِّمِينَ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ وَقِلَّةِ الْمُرُوءَةِ فِي الْأَغْنِيَاءِ أَمَّا فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ فَإِنَّمَا كَرِهَ أَصْحَابُنَا ذَلِكَ لِقُوَّةِ حِرْصِهِمْ عَلَى الْحِسْبَةِ وَوُفُورِ عَطَائِهِمْ فِي بَيْتِ الْمَالِ وَكَثْرَةِ الْمُرُوءَةِ فِي التُّجَّارِ وَالْأَغْنِيَاءِ فَكَانُوا مُسْتَغْنِينَ عَنْ الْأُجْرَةِ نِصَابُ الِاحْتِسَابِ مِنْ آخِرِ الْبَابِ الثَّانِي وَفِي فَتَاوَى مُحَمَّدِ بْنِ الْوَلِيدِ السَّمَرْقَنْدِيِّ فِي مُعَلِّمٍ كَانَ يُعَلِّمُ الصِّبْيَانَ لِأَهْلِ قَرْيَةٍ فَاجْتَمَعَ أَهْلُ الْقَرْيَةِ وَجَاءَ كُلُّ وَاحِدٍ بِبَعْضِ الْبَذْرِ مِنْ عِنْدِهِ وَزَرَعُوا لِيَكُونَ الْخَارِجُ لِلْمُعَلِّمِ ثُمَّ حَصَدُوهُ وَدَاسُوهُ فَجَمِيعُ مَا خَرَجَ لِأَصْحَابِ الْبَذْرِ؛ لِأَنَّهُمْ لَمْ يُسَلِّمُوا الْبَذْرَ إلَى الْمُعَلِّمِ لِيَكُونَ الْخَارِجُ لِلْمُعَلِّمِ وَإِنَّمَا بَذَرُوا بَذْرَ أَنْفُسِهِمْ ذَخِيرَةٌ مِنْ الْمُزَارَعَةِ مِنْ الْفَصْلِ الْعَاشِرِ وَفِي الْمَبْسُوطِ رَجُلٌ قَالَ لِلْقَارِئِ اخْتِمْ الْقُرْآنَ لِي أَوْ لِأَبِي أَوْ لِأُمِّي أَوْ لِابْنِي وَلَمْ يُسَمِّ شَيْئًا مِنْ الْأُجْرَةِ وَخَتَمَهُ يَجِبُ عَلَى الْآمِرِ أَجْرُ الْمِثْلِ لِلْقَارِئِ.
وَهُوَ مَا نَطَقَ بِهِ النَّصُّ أَعْنِي أَرْبَعِينَ دِرْهَمًا كَمَا وَرَدَ الْحَدِيثُ بِمِثْلِ ذَلِكَ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ أَقَلَّ مِنْ أَرْبَعِينَ دِرْهَمًا شَرْعِيًّا أَمَّا إذَا سَمَّى أَجْرًا لَزِمَ مَا سَمَّى لَكِنْ يَأْثَمُ الْمُسْتَأْجِرُ وَالْأَجِيرُ إنْ عَقَدَاهُ أَقَلَّ مِنْ أَرْبَعِينَ دِرْهَمًا لِمُخَالَفَتِهِ النَّصَّ إلَّا أَنْ يَهَبَ الْأَجِيرُ لِلْمُسْتَأْجِرِ مَا فَوْقَ الْمُسَمَّى إلَى الْأَرْبَعِينَ بَعْدَ الْعَقْدِ عَلَيْهِ أَوْ شَرَطَ أَنْ يَكُونَ ثَوَابُ مَا فَوْقَهُ لِنَفْسِهِ فَلَا يَأْثَمُ صُرَّةُ الْفَتَاوَى مِنْ الْإِجَارَةِ عَنْ الْحَاوِي. (أَقُولُ) اعْلَمْ أَنَّ عَامَّةَ كُتُبِ الْمَذْهَبِ مِنْ مُتُونٍ وَشُرُوحٍ وَفَتَاوَى كُلُّهَا مُتَّفِقَةٌ عَلَى أَنَّ الِاسْتِئْجَارَ عَلَى الطَّاعَاتِ لَا يَصِحُّ عِنْدَنَا وَاسْتَثْنَى الْمُتَأَخِّرُونَ مِنْ مَشَايِخِ بَلْخِي تَعْلِيمَ الْقُرْآنِ فَجَوَّزُوا الِاسْتِئْجَارَ عَلَيْهِ وَعَلَّلُوا ذَلِكَ فِي شُرُوحِ الْهِدَايَةِ وَغَيْرِهَا بِمَا مَرَّ وَبِالضَّرُورَةِ وَهِيَ خَوْفُ ضَيَاعِ الْقُرْآنِ؛ لِأَنَّهُ حَيْثُ انْقَطَعَتْ الْعَطَايَا مِنْ بَيْتِ الْمَالِ وَعُدِمَ الْحِرْصُ عَلَى الدَّفْعِ بِطَرِيقِ الْحِسْبَةِ يَشْتَغِلُ الْمُعَلِّمُونَ بِمَعَاشِهِمْ وَلَا يُعَلِّمُونَ أَحَدًا وَيَضِيعُ الْقُرْآنُ فَأَفْتَى الْمُتَأَخِّرُونَ بِالْجَوَازِ لِذَلِكَ وَاسْتَثْنَى بَعْضُهُمْ أَيْضًا الِاسْتِئْجَارَ عَلَى الْأَذَانِ وَالْإِمَامَةِ لِلْعِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ؛ لِأَنَّهُمَا مِنْ شَعَائِرِ الدِّينِ فَفِي تَفْوِيتِهِمَا هَدْمُ الدِّينِ فَهَذِهِ الثَّلَاثَةُ مُسْتَثْنَاةٌ لِلضَّرُورَةِ فَإِنَّ الضَّرُورَاتِ تُبِيحُ الْمَحْظُورَاتِ وَاتَّفَقُوا كُلُّهُمْ عَلَى عَدَمِ جَوَازِ الِاسْتِئْجَارِ عَلَى الْحَجِّ لِعَدَمِ الضَّرُورَة؛ لِأَنَّ الْمَحْجُوجَ عَنْهُ يَدْفَعُ الْمَالَ إلَى الْمَأْمُورِ عَلَى سَبِيلِ النَّفَقَةِ وَلِذَا أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّهُ لَوْ فَضَلَ مَعَ الْمَأْمُورِ دِرْهَمٌ وَاحِدٌ يَجِبُ عَلَيْهِ رَدُّهُ إلَى الْآمِرِ فَحَيْثُ انْدَفَعَتْ الضَّرُورَةُ بِالدَّفْعِ عَلَى سَبِيلِ الْإِنْفَاقِ لَمْ تَجُزْ الْإِجَارَةُ.
بَلْ صَرَّحَ فِي الدُّرِّ الْمُخْتَارِ بِأَنَّهُ لَوْ اسْتَأْجَرَهُ عَلَى أَنْ يَحُجَّ عَنْهُ لَمْ يَصِحَّ الْحَجُّ عَنْهُ وَقَالَ فِي الْهِدَايَةِ الْأَصْلُ أَنَّ كُلَّ طَاعَةٍ يَخْتَصُّ بِهَا الْمُسْلِمُ لَا يَجُوزُ الِاسْتِئْجَارُ عَلَيْهَا عِنْدَنَا لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ «اقْرَءُوا الْقُرْآنَ وَلَا تَأْكُلُوا بِهِ} إلَخْ فَالِاسْتِئْجَارُ عَلَى الطَّاعَاتِ مُطْلَقًا لَا يَصِحُّ عِنْدَ أَئِمَّتِنَا الثَّلَاثَةِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ قَالَ فِي مِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ وَبِهِ قَالَ أَحْمَدُ وَعَطَاءٌ وَالضَّحَّاكُ وَالزُّهْرِيُّ وَالْحَسَنُ وَابْنُ سِيرِينَ وَطَاوُسٌ وَالشَّعْبِيُّ وَالنَّخَعِيُّ ثُمَّ أَطَالَ فِي الِاسْتِدْلَالِ فَرَاجِعْهُ وَلَا شَكَّ أَنَّ التِّلَاوَةَ الْمُجَرَّدَةَ عَنْ التَّعْلِيمِ مِنْ أَعْظَمِ الطَّاعَاتِ الَّتِي يُطْلَبُ بِهَا الثَّوَابُ فَلَا يَصِحُّ الِاسْتِئْجَارُ عَلَيْهَا؛ لِأَنَّ الِاسْتِئْجَارَ بَيْعُ الْمَنَافِعِ وَلَيْسَ لِلتَّالِي مَنْفَعَةٌ سِوَى الثَّوَابِ وَلَا يَصِحُّ بَيْعُ الثَّوَابِ وَلِأَنَّ الْأُجْرَةَ لَا تُسْتَحَقُّ إلَّا بَعْدَ حُصُولِ الْمَنْفَعَةِ لِلْمُسْتَأْجِرِ وَالثَّوَابُ غَيْرُ مَعْلُومٍ فَمَنْ اسْتَأْجَرَ رَجُلًا لِيَخْتِمَ لَهُ خِتْمَةً وَيُهْدِيَ ثَوَابَهَا إلَى رُوحِهِ أَوْ رُوحِ أَحَدٍ مِنْ أَمْوَاتِهِ لَمْ يُعْلَمْ حُصُولُ الثَّوَابِ لَهُ حَتَّى يَلْزَمَهُ دَفْعُ الْأُجْرَةِ وَلَوْ عَلِمَ حُصُولَهُ لِلتَّالِي لَمْ يَصِحَّ بَيْعُهُ بِالْأُجْرَةِ فَكَيْفَ وَهُوَ غَيْرُ مَعْلُومٍ بَلْ الظَّاهِرُ الْعِلْمُ بِعَدَمِ حُصُولِهِ؛ لِأَنَّ شَرْطَ الثَّوَابِ الْإِخْلَاصُ لِلَّهِ تَعَالَى فِي الْعَمَلِ وَالْقَارِئُ بِالْأُجْرَةِ إنَّمَا يَقْرَأُ لِأَجْلِ الدُّنْيَا لَا لِوَجْهِ اللَّهِ تَعَالَى بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَوْ عَلِمَ أَنَّ الْمُسْتَأْجِرَ لَا يَدْفَعُ لَهُ شَيْئًا لَا يَقْرَأُ لَهُ حَرْفًا وَاحِدًا خُصُوصًا مَنْ جَعَلَ ذَلِكَ حِرْفَتَهُ وَلِذَا قَالَ تَاجُ الشَّرِيعَةِ فِي شَرْحِ الْهِدَايَةِ إنَّ قَارِئَ الْقُرْآنِ بِالْأُجْرَةِ لَا يَسْتَحِقُّ الثَّوَابَ لَا لِلْمَيِّتِ وَلَا لِلْقَارِئِ.
وَقَالَ الْعَيْنِيُّ فِي شَرْحِ الْهِدَايَةِ مَعْزِيًّا لِلْوَاقِعَاتِ وَيُمْنَعُ الْقَارِئُ لِلدُّنْيَا وَالْآخِذُ وَالْمُعْطِي آثِمَانِ وَقَالَ فِي الِاخْتِيَارِ وَمَجْمَعِ الْفَتَاوَى وَأَخْذُ شَيْءٍ لِلْقُرْآنِ لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ كَالْأُجْرَةِ وَقَالَ فِي الْوَلْوَالِجِيَّةِ وَلَوْ زَارَ قَبْرَ صَدِيقٍ أَوْ قَرِيبٍ لَهُ وَقَرَأَ عِنْدَهُ شَيْئًا مِنْ الْقُرْآنِ فَهُوَ حَسَنٌ أَمَّا الْوَصِيَّةُ بِذَلِكَ فَلَا مَعْنَى لَهَا وَلَا مَعْنَى أَيْضًا لِصِلَةِ الْقَارِئِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يُشْبِهُ اسْتِئْجَارَهُ عَلَى قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ وَذَلِكَ بَاطِلٌ وَلَمْ يَفْعَلْ ذَلِكَ أَحَدٌ مِنْ الْخُلَفَاءِ. اهـ.
وَرَأَيْت التَّصْرِيحَ بِبُطْلَانِ الْوَصِيَّةِ بِذَلِكَ فِي عِدَّةِ كُتُبٍ وَعُزِيَ فِي بَعْضِ الْكُتُبِ إلَى مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَالْمُحِيطِ الْبُرْهَانِيِّ وَالْخُلَاصَةِ وَالْبَزَّازِيَّةِ فَإِذَا كَانَتْ الْوَصِيَّةُ لِلْقَارِئِ لِأَجْلِ قِرَاءَتِهِ بَاطِلَةً؛ لِأَنَّهَا تُشْبِهُ الِاسْتِئْجَارَ عَلَى التِّلَاوَةِ فَالْإِجَارَةُ الْحَقِيقِيَّةُ تَكُونُ بَاطِلَةً بِالْأَوْلَى فَهَذِهِ نُصُوصُ الْمَذْهَبِ مِنْ مُتُونٍ وَشُرُوحٍ وَفَتَاوَى مُتَّفِقَةٌ عَلَى بُطْلَانِ الِاسْتِئْجَارِ عَلَى الطَّاعَاتِ وَمِنْهَا التِّلَاوَةُ كَمَا سَمِعْت إلَّا مَا اسْتَثْنَاهُ الْمُتَأَخِّرُونَ لِلضَّرُورَةِ كَالتَّعْلِيمِ وَالْأَذَانِ وَالْإِمَامَةِ وَلَا يَصِحُّ إلْحَاقُ التِّلَاوَةِ الْمُجَرَّدَةِ بِالتَّعْلِيمِ لِعَدَمِ الضَّرُورَةِ إذْ لَا ضَرُورَةَ دَاعِيَةٌ إلَى الِاسْتِئْجَار عَلَيْهَا بِخِلَافِ التَّعْلِيمِ لِمَا فِي الزَّيْلَعِيِّ وَكَثِيرٍ مِنْ الْكُتُبِ لَوْ لَمْ يُفْتَحْ لَهُمْ بَابُ التَّعْلِيمِ بِالْأَجْرِ لَذَهَبَ الْقُرْآنُ فَأَفْتَوْا بِجَوَازِهِ وَرَأَوْهُ حَسَنًا. اهـ.
وَلَا شَكَّ أَنَّ الْمَنْعَ مِنْ الِاسْتِئْجَارِ عَلَى التِّلَاوَةِ لِإِهْدَاءِ ثَوَابِهَا إلَى الْمُسْتَأْجِرِ لَيْسَ فِيهِ ذَهَابُ الْقُرْآنِ فَلَا يَصِحُّ قِيَاسُهَا عَلَى التَّعْلِيمِ عَلَى أَنَّ أَصْلَ الْمَذْهَبِ الْمَنْعُ مُطْلَقًا وَإِنَّمَا أَفْتَى الْمُتَأَخِّرُونَ بِالْجَوَازِ عَلَى التَّعْلِيمِ بِالضَّرُورَةِ الْمَذْكُورَةِ الَّتِي لَوْ وَقَعَتْ فِي زَمَنِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَصْحَابِهِ لَأَفْتَوْا بِذَلِكَ فَلِذَلِكَ أَفْتَى الْمُتَأَخِّرُونَ بِالْجَوَازِ مُخَالِفِينَ لِلْمَذْهَبِ الصَّرِيحِ وَلَوْ زَالَتْ الضَّرُورَةُ بِأَنْ انْتَظَمَ أَمْرُ بَيْتِ الْمَالِ وَأُعْطِيَ الْمُعَلِّمُونَ مَا كَانَ لَهُمْ فِيهِ لَمْ يَسَعْ أَحَدًا مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ أَنْ يُخَالِفُوا الْمَذْهَبَ لِزَوَالِ الْعِلَّةِ الَّتِي سَوَّغَتْ لَهُمْ الْخُرُوجَ عَنْ أَصْلِ الْمَذْهَبِ فَكَيْفَ يَسُوغُ لِأَحَدٍ الْقَوْلُ بِجَوَازِ الِاسْتِئْجَارِ عَلَى التِّلَاوَةِ الْمُجَرَّدَةِ الَّتِي لَمْ تَدْعُ ضَرُورَةٌ أَصْلًا إلَى جَوَازِ الِاسْتِئْجَارِ عَلَيْهَا فَقَدْ ظَهَرَ لَك أَنْ مَا نَقَلَهُ الْمُؤَلِّفُ عَنْ صُرَّةِ الْفَتَاوَى عَنْ الْحَاوِي قَوْلٌ شَاذٌّ مُخَالِفٌ لِلْمَنْقُولِ فِي الْمُتُونِ وَالشُّرُوحِ وَالْفَتَاوَى وَالْحَاوِي لِلزَّاهِدِيِّ مَشْهُورٌ بِنَقْلِ الرِّوَايَاتِ الضَّعِيفَةِ وَلِذَا قَالَ ابْنُ وَهْبَانَ وَغَيْرُهُ إنَّهُ لَا عِبْرَةَ بِمَا يَقُولُهُ الزَّاهِدِيُّ مُخَالِفًا لِغَيْرِهِ وَعَزْوُهُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ إلَى الْمَبْسُوطِ اللَّهُ أَعْلَمُ بِصِحَّتِهِ لِمَا عَلِمْت مِنْ مُخَالَفَتِهِ لِمَا فِي كُتُبِ الْمَذْهَبِ الْمَشْهُورَةِ فَإِنْ صَحَّ نَقْلُهُ فَهُوَ قَوْلٌ شَاذٌّ وَلِذَا لَمْ يُعَرِّجْ عَلَيْهِ أَصْحَابُ الْكُتُبِ الَّذِينَ نَقَلْنَا عَنْهُمْ وَالْمَبْسُوطُ وَإِنْ كَانَ أَصْلُهُ لِلْإِمَامِ مُحَمَّدٍ لَكِنْ لَهُ شُرُوحٌ كَثِيرَةٌ كُلُّ شَرْحٍ مِنْهَا يُسَمَّى الْمَبْسُوطَ فَيُقَالُ مَبْسُوطُ شَيْخِ الْإِسْلَامِ وَمَبْسُوطُ السَّرَخْسِيِّ وَهَكَذَا.
فَالظَّاهِرُ أَنَّ هَذِهِ الْعِبَارَةَ لِبَعْضِ الشُّرَّاحِ إذْ لَوْ كَانَتْ مِنْ كَلَامِ الْإِمَامِ مُحَمَّدٍ لَنَقَلَهَا أَهْلُ الْمُذْهَبِ فِي كُتُبِهِمْ وَكَوْنُ نَصِّ الْحَدِيثِ وَارِدًا بِذَلِكَ اللَّهُ أَعْلَمُ بِثُبُوتِهِ أَيْضًا إذْ لَوْ ثَبَتَ لَمَا سَاغَ لِهَؤُلَاءِ الْأَعْلَامِ مُخَالَفَتُهُ وَقَدْ سَمِعْت اسْتِدْلَالَ صَاحِبِ الْهِدَايَةِ عَلَى الْمَذْهَبِ بِحَدِيثِ {اقْرَءُوا الْقُرْآنَ وَلَا تَأْكُلُوا بِهِ} فَهُوَ مُعَارِضٌ لِذَلِكَ النَّصِّ لَوْ ثَبَتَ وَقَدْ صَرَّحُوا بِأَنَّهُ لَوْ ثَبَتَ نَصَّانِ أَحَدُهُمَا مُبِيحٌ وَالْآخَرُ مُحَرِّمٌ رُجِّحَ الْمُحَرِّمُ وَأَمَّا حَدِيثُ «الرَّهْطِ الَّذِينَ رَقَوْا لَدِيغًا بِالْفَاتِحَةِ وَأَخَذُوا جُعْلًا فَسَأَلُوا النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ أَحَقُّ مَا أَخَذْتُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا كِتَابُ اللَّهِ» فَمَعْنَاهُ إذَا رَقَيْتُمْ بِهِ كَمَا نَقَلَهُ الْعَيْنِيُّ فِي شَرْحِ الْبُخَارِيِّ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا وَقَالَ إنَّ الرُّقْيَةَ بِالْقُرْآنِ لَيْسَتْ بِقُرْبَةٍ أَيْ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ بِهَا الِاسْتِشْفَاءُ دُونَ الثَّوَابِ بِخِلَافِ التِّلَاوَةِ؛ لِأَنَّهَا بَيْعُ الثَّوَابِ وَأَمَّا قَوْلُ صَاحِبِ الْجَوْهَرَةِ إنَّ الْمُخْتَارَ جَوَازُ الِاسْتِئْجَارِ عَلَى تِلَاوَةِ الْقُرْآنِ فَهُوَ مُخَالِفٌ لِكُتُبِ الْمَذْهَبِ كَمَا عَلِمْت وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ سَبْقُ قَلَمٍ لِأَنَّ الَّذِي اخْتَارَهُ الْمُتَأَخِّرُونَ هُوَ جَوَازُ الِاسْتِئْجَارِ عَلَى تَعْلِيمِ الْقُرْآنِ لَا عَلَى تِلَاوَتِهِ فَقَدْ سَبَقَ قَلَمُهُ مِنْ التَّعْلِيمِ إلَى التِّلَاوَةِ وَقَدْ اغْتَرَّ بِكَلَامِهِ كَثِيرٌ مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ كَصَاحِبِ الْبَحْرِ وَالْعَلَائِيِّ وَبَعْضِ مُحَشِّي الْأَشْبَاهِ وَقَدْ أَسْمَعْنَاك نُصُوصَ الْمَذْهَبِ فَزَالَ الِاشْتِبَاهُ وَإِنْ أَرَدْت زِيَادَةً عَلَى مَا سَمِعْته فَارْجِعْ إلَى رِسَالَتِنَا الْمُسَمَّاةِ شِفَاءُ الْعَلِيلِ وَبَلُّ الْغَلِيلِ فِي بُطْلَانِ الْوَصِيَّةِ بِالْخِتْمَاتِ وَالتَّهَالِيلِ فَإِنَّ فِيهَا مَا يَكْفِي وَقَدْ أَلَّفَ الْإِمَامُ الْبِرْكَوِيُّ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَرْبَعَ رَسَائِلَ صَرَّحَ فِيهَا بِبُطْلَانِ هَذِهِ الْإِجَارَةِ وَكَذَا صَرَّحَ بِذَلِكَ فِي آخِرِ كِتَابِهِ الطَّرِيقَةِ الْمُحَمَّدِيَّةِ.
وَصَرَّحَ بِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ الْبِدَعِ الْمُحَرَّمَةِ وَأَفْتَى بِبُطْلَانِ ذَلِكَ أَيْضًا الْعَلَّامَةُ عُمْدَةُ الْمُتَأَخِّرِينَ الشَّيْخُ خَيْرُ الدِّينِ فِي آخِرِ فَتَاوَاهُ مِنْ كِتَابِ الْوَصَايَا حَيْثُ سُئِلَ عَمَّنْ لَهُ بِنَاءُ فُرْنٍ فَأَوْصَى أَنَّهُ إذَا مَاتَ يَقْرَأُ لَهُ فُلَانٌ وَفُلَانٌ سُورَةَ " يس وَتَبَارَكَ وَالْإِخْلَاصِ وَالْمُعَوِّذَتَيْنِ " وَيُصَلِّيَانِ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَيُهْدِيَانِ ثَوَابَ ذَلِكَ إلَى رُوحِهِ وَعَيَّنَ لَهُمَا كُلَّ يَوْمٍ قِطْعَةً مِصْرِيَّةً تُؤْخَذُ مِنْ أُجْرَةِ الْفُرْنِ؟
فَأَجَابَ: هَذِهِ الْوَصِيَّةُ بَاطِلَةٌ وَلَا يَصِيرُ الْفُرْنُ وَقْفًا وَلِوَرَثَةِ الْمُوصِي التَّصَرُّفُ فِي بِنَاءِ الْفُرْنِ يَجْرِي عَلَى فَرَائِضِ اللَّهِ تَعَالَى قَالَ فِي وَصَايَا الْبَزَّازِيَّةِ أَوْصَى لِقَارِئٍ يَقْرَأُ الْقُرْآنَ عِنْدَ قَبْرِهِ بِشَيْءٍ فَالْوَصِيَّةُ بَاطِلَةٌ وَفِي التَّتَارْخَانِيَّةِ إذَا أَوْصَى بِأَنْ رَفَعَ إلَى إنْسَانٍ كَذَا مِنْ مَالِهِ لِيَقْرَأَ الْقُرْآنَ عَلَى قَبْرِهِ فَالْوَصِيَّةُ بَاطِلَةٌ لَا تَجُوزُ وَسَوَاءٌ كَانَ الْقَارِئُ مُعَيَّنًا أَوْ لَا؛ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الْأُجْرَةِ وَلَا يَجُوزُ أَخْذُ الْأُجْرَةِ عَلَى طَاعَةِ اللَّهِ تَعَالَى وَإِنْ كَانُوا اسْتَحْسَنُوا جَوَازَهَا عَلَى تَعْلِيمِ الْقُرْآنِ فَذَلِكَ لِلضَّرُورَةِ وَلَا ضَرُورَةَ إلَى الْقَوْلِ بِجَوَازِهَا عَلَى الْقِرَاءَةِ عَلَى قُبُورِ الْمَوْتَى فَافْهَمْ. اهـ.
وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ. اهـ.
مَا فِي الْخَيْرِيَّةِ مُلَخَّصًا وَذَكَرَ نَحْوَ ذَلِكَ فِي حَاشِيَتِهِ عَلَى الْبَحْرِ حَيْثُ قَالَ أَقُولُ الْمُفْتَى بِهِ جَوَازُ الْأَخْذِ اسْتِحْسَانًا عَلَى تَعْلِيمِ الْقُرْآنِ لَا عَلَى الْقِرَاءَةِ الْمُجَرَّدَةِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي التَّتَارْخَانِيَّةِ إلَخْ فَهَذَا زُبْدَةُ الْكَلَامِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَهَذَا كُلُّهُ أَيْضًا مَعَ قَطْعِ النَّظَرِ عَمَّا يَحْصُلُ فِي زَمَانِنَا مِنْ الْمُنْكَرَاتِ الَّتِي يَتَوَصَّلُونَ إلَيْهَا بِحِيلَةِ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ وَالتَّهَالِيلِ مِنْ الْغِنَاءِ وَالرَّقْصِ وَاللَّهْوِ وَاللَّعِبِ فِي بُيُوتِ الْأَيْتَامِ وَدَقِّ الطُّبُولِ وَإِقْلَاقِ الْجِيرَانِ وَالِاجْتِمَاعِ بِحِسَانِ الْمُرْدَانِ فَكُلُّ مَنْ لَهُ مَعْشُوقٌ لَا يَتَيَسَّرُ لَهُ الِاجْتِمَاعُ بِهِ إلَّا فِي ذَلِكَ الْمَكَانِ فَيَجْلِسُ كُلٌّ مِنْهُمْ بِجَنْبِ مَعْشُوقِهِ بَعْدَ إلْقَاءِ الْعَمَائِمِ وَثَقِيلِ الثِّيَابِ وَيُظْهِرُونَ أَنْوَاعَ الْخَلَاعَاتِ وَالرَّقْصِ بِمَا يُسَمُّونَهُ الكوشت وَالْحَرْبِيَّةَ وَغَيْرَ ذَلِكَ وَيَهِيجُ بِهِمْ الْهَيَامُ بِسَمَاعِ الْغِنَاءِ بِأَصْوَاتٍ حِسَانٍ وَتَخَلُّعِ الْوِلْدَانِ فَعِنْدَ ذَلِكَ تَذْهَلُ الْعُقُولُ وَلَا يَدْرِي شَيْخُهُمْ مَا يَقُولُ وَتَجْتَمِعُ عَلَيْهِمْ النِّسْوَانُ مِنْ كُلِّ مَكَان ثُمَّ يَأْكُلُونَ الطَّعَامَ الْحَرَامَ فِي بُيُوتِ الْأَيْتَامِ ثُمَّ يَهَبُونَ مَا تَحَصَّلَ مِنْهُمْ فِي تِلْكَ الْأَوْقَاتِ الْخَاسِرَاتِ إلَى رُوحِ مَنْ كَانَ سَبَبًا فِي اجْتِمَاعِهِمْ عَلَى هَذِهِ الْمُنْكَرَاتِ وَبَلَغَنَا غَيْرَ مَرَّةٍ مُشَاهَدَةُ اللِّوَاطَةِ فِي بَيْتِ شَيْخِهِمْ مِنْ هَؤُلَاءِ الْفَسَقَةِ وَمَعَ هَذِهِ الْقَبَائِحِ كُلِّهَا يُحَسِّنُ هَؤُلَاءِ الْمَشَايِخُ لِلنَّاسِ هَذِهِ الطَّرِيقَةَ وَيُسَمُّونَ أَنْفُسَهُمْ بِأَهْلِ الْحَقِيقَةِ وَيَحْمِلُونَ النَّاسَ عَلَى الْوَصِيَّةِ بِذَلِكَ فَإِذَا مَرِضَ أَحَدٌ يَعُودُونَهُ وَيَرْوُونَ لَهُ الْأَحَادِيثَ الْوَارِدَةَ فِي الْوَصِيَّةِ وَيُوهِمُونَ الْعَوَامَّ أَنَّ مَنْ مَاتَ بِدُونِ هَذِهِ الْوَصِيَّةِ فَقَدْ مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً.
وَإِذَا مَاتَ أَحَدٌ وَلَمْ يُوصِ لَهُمْ بِذَلِكَ يَقُولُونَ عِنْدَ الْعَوَامّ فُلَانٌ مِسْكِينٌ مَاتَ وَلَمْ يُوصِ بِشَيْءٍ وَلَمْ يَنْتَفِعْ بِمَالِهِ فَانْظُرْ إلَى هَذَا الضَّلَالِ وَالْإِضْلَالِ حَيْثُ يَحْمِلُونَ الْأَحَادِيثَ الشَّرِيفَةَ عَلَى غَيْرِ مَعَانِيهَا وَمَعَ هَذَا يَعُدُّونَ أَنْفُسَهُمْ عُلَمَاءَ الشَّرِيعَةِ وَأَرْبَابَ الطَّرِيقَةِ الْحَقِيقَةِ وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلَّا بِاَللَّهِ.
(سُئِلَ) فِي مَزْرَعَةٍ جَارِيَةٍ فِي جِهَتَيْ وَقْفٍ وَتَيْمَارٍ وَفِي مِشَدِّ جَمَاعَةٍ زُرَّاعٍ يَزْرَعُونَهَا فِي كُلِّ سَنَةٍ هُمْ وَمَنْ قَبْلَهُمْ مِمَّنْ تَلَقَّوْهَا عَنْهُ وَيَدْفَعُونَ مَا عَلَيْهَا لِجِهَةِ الْوَقْفِ وَالتَّيْمَارِ مِنْ مُدَّةٍ تَزِيدُ عَلَى مِائَةِ سَنَةٍ وَالْآنَ آجَرَهَا الْمُتَكَلِّمُونَ عَلَيْهَا مِنْ غَيْرِ زُرَّاعِهَا بِدُونِ طَرِيقٍ شَرْعِيٍّ وَلَمْ يَحْكُمْ بِالْإِجَارَةِ حَاكِمٌ يَرَاهَا فَهَلْ تَكُونُ الْإِجَارَةُ غَيْرَ صَحِيحَةٍ وَتُؤَجَّرُ مِنْ زُرَّاعِهَا أَصْحَابِ مِشَدِّهَا؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ.
(سُئِلَ) فِي رَجُلٍ اسْتَأْجَرَ حَانُوتَ وَقْفٍ مِنْ نَاظِرِيهِ مُدَّةً مَعْلُومَةً بِأُجْرَةٍ مَعْلُومَةٍ عَنْ كُلِّ شَهْرٍ مِنْ الْمُدَّةِ وَاسْتَوْفَى مَنْفَعَتَهَا وَدَفَعَ الْأَجْرَ فِي الْمُدَّةِ حَتَّى انْقَضَتْ ثُمَّ خَرَجَ مِنْ الْحَانُوتِ وَقَفَلَهَا وَعَطَّلَهَا مُدَّةً وَامْتَنَعَ مِنْ تَسْلِيمِهَا لِجِهَةِ الْوَقْفِ زَاعِمًا أَنَّ لَهُ كَذَا قِرْشًا مُرْصَدًا عَلَيْهَا صَرَفَهُ بِإِذْنِ النَّاظِرِينَ فِي تَعْمِيرِهَا وَأَنَّ أَحَدَ النَّاظِرِينَ دَفَعَ لَهُ نِصْفَ مَرْصَدِهِ وَامْتَنَعَ الْآخَرُ مِنْ دَفْعِ النِّصْفِ الْآخَرِ وَأَنَّ لَهُ قَفْلَ الْحَانُوتِ وَتَعْطِيلَهَا بِلَا أُجْرَةٍ حَتَّى يَدْفَعَ لَهُ النَّاظِرُ ذَلِكَ فَهَلْ يَلْزَمُهُ أُجْرَةُ مِثْلِهَا فِي مُدَّةِ تَعْطِيلِهَا؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِهِنْدٍ بِنَاءُ دَارٍ قَائِمٍ بِالْوَجْهِ الشَّرْعِيِّ فِي أَرْضِ وَقْفٍ وَهِيَ سَاكِنَةٌ فِي الدَّارِ وَتَدْفَعُ لِنَاظِرِ الْوَقْفِ فِي كُلِّ سَنَةٍ قِرْشًا وَثُلُثَ قِرْشٍ بِطَرِيقِ الْحَكْرِ فِيمَا مَضَى مِنْ الزَّمَانِ وَالْآنَ يَزْعُمُ النَّاظِرُ أَنَّ أَجْرَ الْمِثْلِ فِي كُلِّ سَنَةٍ ثَلَاثَةُ قُرُوشٍ وَهِنْدٌ تُنْكِرُ ذَلِكَ قَائِلَةً إنَّ مَا تَدْفَعُهُ فِي كُلِّ سَنَةٍ هُوَ أَجْرُ الْمِثْلِ وَلَا بَيِّنَةَ لِلنَّاظِرِ فَهَلْ يَكُونُ الْقَوْلُ لِهِنْدٍ فِي ذَلِكَ وَعَلَى النَّاظِرِ إثْبَاتُ مَا ادَّعَاهُ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ.
(سُئِلَ) فِي امْرَأَةٍ اسْتَأْجَرَتْ دَارًا مِنْ مَالِكِهَا فَسَكَنَ عِنْدَهَا صِهْرُهَا عَلَى أَنْ يَدْفَعَ لَهَا نِصْفَ الْأُجْرَةِ الْمَعْلُومَةِ فِي كُلِّ شَهْرٍ فَهَلْ لَهَا طَلَبُ نِصْفِ الْأُجْرَةِ بِقَدْرِ مَا سَكَنَ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ وَالْمَسْأَلَةُ فِي التَّنْوِيرِ مِنْ الْإِجَارَةِ الْفَاسِدَةِ.
(سُئِلَ) فِي امْرَأَةٍ لَهَا مَسْكَنٌ مَعْلُومٌ سَكَنَهُ رَجُلٌ بِلَا إجَارَةٍ وَلَا أُجْرَةٍ وَلَا وَجْهٍ شَرْعِيٍّ ثُمَّ تَقَاضَتْهُ وَطَالَبَتْهُ بِالْأُجْرَةِ مِرَارًا وَسَكَنَ الرَّجُلُ فِيهِ بَعْدَ التَّقَاضِي مُدَّةً مَعْلُومَةً فَهَلْ يَلْزَمُهُ أُجْرَةُ الْمِثْلِ عَنْ مُدَّةِ سُكْنَاهُ بَعْدَ التَّقَاضِي؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَالْعَلَائِيِّ وَفِي الْحَاوِي بِرَمْزِ بخ طت امْرَأَةٌ سَكَنَتْ بَيْتَ أُخْتِهَا بِغَيْرِ رِضَاهَا سِنِينَ وَكَانَتْ تَتَقَاضَى عَلَيْهَا بِالْأُجْرَةِ فَعَلَيْهَا أُجْرَةُ الْمِثْلِ. اهـ.
(سُئِلَ) فِي رَجُلَيْنِ اسْتَأْجَرَا بُسْتَانَ وَقْفٍ مُشْتَمِلًا عَلَى غِرَاسِ عِنَبٍ وَغَيْرِهِ تَبَعًا لِأَرْضِهِ مُدَّةً طَوِيلَةً مَعْلُومَةً بِأُجْرَةٍ مَعْلُومَةٍ مِنْ نَاظِرِ وَقْفٍ بَعْدَمَا سَاقَاهُمَا عَلَى الْغِرَاسِ فِي الْمُدَّةِ عَلَى الْعِنَبِ أَصَالَةً وَالْبَاقِي بِالتَّبَعِيَّةِ بِسَهْمٍ وَاحِدٍ مِنْ أَلْفِ سَهْمٍ لِجِهَةِ الْوَقْفِ وَالْبَاقِي لَهُمَا نَظِيرَ عَمَلِهِمَا وَصَدَرَ ذَلِكَ كُلُّهُ لَدَى قَاضٍ شَافِعِيٍّ ثَبَتَ لَدَيْهِ أَنَّ الْأُجْرَةَ الْمَزْبُورَةَ أُجْرَةُ الْمِثْلِ وَافِيَةً بِمَنْفَعَتِهَا وَبِقِيمَةِ الثَّمَرَةِ فِي الْمُدَّةِ ثُبُوتًا شَرْعِيًّا وَحَكَمَ بِصِحَّةِ كُلٍّ مِنْ الْإِجَارَةِ وَالْمُسَاقَاةِ فِي الْمُدَّةِ الْمَزْبُورَةِ فِي حَادِثَةِ الْمُدَّةِ وَإِنْ كَانَتْ الْمُسَاقَاةُ عَلَى الْوَجْهِ الْمَزْبُورِ حَيْثُ كَانَتْ الْأُجْرَةُ وَافِيَةً كَمَا ذُكِرَ مُسْتَوْفِيًا شَرَائِطَهُ وَكَتَبَ بِذَلِكَ حُجَّةً أَفْتَى مُفْتِي مَذْهَبِهِ بِصِحَّتِهَا وَأَنْفَذَ حُكْمَهُ حَاكِمٌ حَنَفِيٌّ وَكَتَبَ بِذَلِكَ حُجَّةً شَرْعِيَّةً فَهَلْ يُعْمَلُ بِمَضْمُونِ الْحُجَّتَيْنِ بَعْدَ ثُبُوتِهِ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ.
سُئِلَ) فِيمَا إذَا حَكَمَ قَاضٍ شَافِعِيٌّ بِعَدَمِ انْفِسَاخِ الْإِجَارَةِ وَالْمُسَاقَاةِ بِمَوْتِ الْمُسْتَأْجِرِ وَالْمُسَاقِي فِي وَجْهِ النَّاظِرِ فِي حَادِثَةِ عَدَمِ انْفِسَاخِهِمَا بِالْمَوْتِ حُكْمًا شَرْعِيًّا مُوَافِقًا مَذْهَبَهُ مُسْتَوْفِيًا شَرَائِطَهُ بَعْدَ الدَّعْوَى وَالشَّهَادَةِ الصَّحِيحَتَيْنِ وَكَتَبَ بِذَلِكَ حُجَّةً أَفْتَى مُفْتِي مَذْهَبِهِ بِالْعَمَلِ بِمَضْمُونِهَا فَهَلْ صَحَّ ذَلِكَ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ.
(سُئِلَ) فِي مَصْبَنَةٍ مُعَدَّةٍ لِلِاسْتِغْلَالِ مُشْتَرَكَةٍ بَيْنَ هِنْدٍ وَرَجُلَيْنِ لِكُلٍّ مِنْهُمْ حِصَّةٌ مَعْلُومَةٌ اسْتَعْمَلَهَا الرَّجُلَانِ وَحْدَهُمَا مُدَّةً بِدُونِ إذْنٍ مِنْ هِنْدٍ وَلَا إجَارَةٍ وَلَا أُجْرَةٍ وَلَا وَجْهٍ شَرْعِيٍّ فَهَلْ عَلَيْهِمَا لِهِنْدٍ أَجْرُ الْمِثْلِ لِحِصَّتِهَا فِي الْمُدَّةِ؟
(الْجَوَابُ): حَيْثُ كَانَتْ مُعَدَّةً لِلِاسْتِغْلَالِ وَكَانَ الْحَالُ مَا ذُكِرَ عَلَيْهِمَا لِهِنْدٍ أَجْرُ الْمِثْلِ لِحِصَّتِهَا. (أَقُولُ) فِي هَذَا الْجَوَابِ نَظَرٌ فَقَدْ قَدَّمْنَا أَنَّ الْمُعَدَّ لِلِاسْتِغْلَالِ إذَا اسْتَعْمَلَهُ غَاصِبٌ تَجِبُ عَلَيْهِ أُجْرَةُ الْمِثْلِ إلَّا إذَا كَانَ بِتَأْوِيلِ مِلْكٍ أَوْ عَقْدٍ فَلَا تَجِبُ عَلَى الشَّرِيكِ؛ لِأَنَّ لَهُ تَأْوِيلَ مِلْكٍ وَقَدْ نَقَلَ الْمُؤَلِّفُ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَحَلِّ مَا صُورَتُهُ وَفِي فَتَاوَى شَيْخِ الْإِسْلَامِ طَاهِرِ بْنِ مَحْمُودٍ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ إذَا سَكَنَ فِي دَارِ الشَّرِكَةِ بِغَيْبَةِ صَاحِبِهِ ثُمَّ جَاءَ الْآخَرُ يَطْلُبُ حِصَّتَهُ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ وَإِنْ كَانَتْ الدَّارُ مُعَدَّةً لِلِاسْتِغْلَالِ لِأَنَّ الدَّارَ الْمُشْتَرَكَةَ فِي حَقِّ السُّكْنَى وَفِيمَا هُوَ مِنْ تَوَابِعِ السُّكْنَى تُجْعَلُ مَمْلُوكَةً لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الشَّرِيكَيْنِ عَلَى سَبِيلِ الْكَمَالِ إذْ لَوْ لَمْ تُجْعَلْ كَذَلِكَ يُمْنَعُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الدُّخُولِ وَالْقُعُودِ وَوَضْعِ الْأَمْتِعَةِ فَيَتَعَطَّلُ عَلَيْهِمَا مَنَافِعُ مِلْكِهِمَا وَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ وَإِذَا كَانَ هَكَذَا صَارَ الْحَاضِرُ سَاكِنًا فِي مِلْكِ نَفْسِهِ فَلَا يَجِبُ الْأَجْرُ وَمِثْلُهُ فِي الْفَصْلِ الثَّامِنِ مِنْ إجَارَاتِ الذَّخِيرَةِ بَيْتٌ أَوْ حَانُوتٌ بَيْنَ شَرِيكَيْنِ سَكَنَهُ أَحَدُهُمَا لَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْأَجْرُ وَإِنْ كَانَ مُعَدًّا لِلِاسْتِغْلَالِ؛ لِأَنَّهُ سَكَنَ بِتَأْوِيلِ الْمِلْكِ فُصُولُ الْعِمَادِيِّ مِنْ الْفَصْلِ 32 مِنْ أَنْوَاعِ الضَّمَانَاتِ فِي ضَمَانِ أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ.
(سُئِلَ) فِي مَزْرَعَةٍ جَارِيَةٍ فِي وَقْفَيْ بِرٍّ مُنَاصَفَةً آجَرَ أَحَدُ مُتَوَلِّي الْوَقْفَيْنِ مِنْهَا خَمْسَةَ عَشَرَ قِيرَاطًا بِدُونِ إذْنٍ مِنْ مُتَوَلِّي الْوَقْفِ الْآخَرِ وَلَا إجَازَتِهِ وَلَا وَجْهٍ شَرْعِيٍّ فَهَلْ يَكُونُ إيجَارُهُ أَكْثَرَ مِنْ النِّصْفِ غَيْرَ جَائِزٍ؟
(الْجَوَابُ): إيجَارُهُ حِصَّةَ غَيْرِهِ بِدُونِ رِضَاهُ غَيْرُ جَائِزٍ. (أَقُولُ) وَكَذَا إيجَارُ النِّصْفِ غَيْرُ جَائِزٍ أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ إجَارَةُ الْمُشَاعِ مِنْ غَيْرِ الشَّرِيكِ فَلَا تَصِحُّ نَعَمْ لَوْ كَانَ آجَرَ الْكُلَّ ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّهُ لَا وِلَايَةَ لَهُ عَلَى أَكْثَرَ مِنْ النِّصْفِ وَلَمْ يُجِزْ الْمُتَوَلِّي الْآخَرُ تَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ فِي النِّصْفِ وَتَبْقَى صَحِيحَةً فِي نِصْفِهِ؛ لِأَنَّهُ شُيُوعٌ طَارِئٌ قَالَ فِي الدُّرِّ الْمُخْتَارِ وَاحْتَرَزَ بِالْأَصْلِيِّ عَنْ الطَّارِئِ فَلَا يَفْسُدُ عَلَى الظَّاهِرِ كَأَنْ أَجَّرَ فِي الْكُلِّ ثُمَّ فَسَخَ فِي الْبَعْضِ ثُمَّ قَالَ وَهُوَ الْحِيلَةُ فِي إجَارَةِ الْمُشَاعِ. اهـ.
فَتَأَمَّلْ.
(سُئِلَ) فِي دَارٍ مُشْتَرَكَةٍ بَيْنَ هِنْدٍ وَأُخْتِهَا وَأَخِيهَا عَلَى سَبِيلِ الشُّيُوعِ آجَرْت هِنْدٌ حِصَّتَهَا الْمَعْلُومَةَ لِأُخْتِهَا فَقَطْ دُونَ أَخِيهَا وَلَمْ يَحْكُمْ بِالْإِجَارَةِ حَاكِمٌ يَرَاهَا فَهَلْ تَكُونُ الْإِجَارَةُ الْمَزْبُورَةُ فَاسِدَةً؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ قَالَ فِي الْفُصُولَيْنِ مِنْ الشُّيُوعِ أَرْضٌ بَيْنَ جَمَاعَةٍ فَوَكَّلَ رَجُلٌ بِإِجَارَةِ حِصَّتِهِ فَأَجَّرَ وَكِيلُهُ مِنْ جَمِيعِهِمْ جَازَ وَلَوْ مِنْ أَحَدِهِمْ لَمْ يَجُزْ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى كَمَا لَوْ بَاشَرَ الْمُوَكِّلُ.
(سُئِلَ) فِي جَمَّالٍ لَهُ جِمَالٌ مَعْلُومَةٌ مُعَدَّةٌ لِلِاسْتِغْلَالِ غَصَبَهَا رَجُلٌ وَاسْتَعْمَلَهَا مُدَّةً بِلَا عَقْدِ إجَارَةٍ وَلَا اسْتِئْجَارٍ وَيُرِيدُ الْجَمَّالُ مُطَالَبَتَهُ بِأُجْرَةِ مِثْلِهَا مُدَّةَ اسْتِعْمَالِهَا فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ؟
(الْجَوَابُ): حَيْثُ كَانَتْ مُعَدَّةً لِلِاسْتِغْلَالِ لَهُ ذَلِكَ.
(سُئِلَ) فِي رَجُلٍ سَكَنَ فِي مَكَانٍ مُشْتَرَكٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَيْتَامٍ مُدَّةً مَعْلُومَةً بِلَا إجَارَةٍ وَلَا أُجْرَةٍ فَهَلْ يَلْزَمُهُ أُجْرَةُ مِثْلِ حِصَّتِهِمْ فِي الْمُدَّةِ الْمَزْبُورَةِ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِزَيْدٍ خَانٌ مَعْلُومٌ جَارٍ فِي مِلْكِهِ بِالْوَجْهِ الشَّرْعِيِّ فَآجَرَ مَخْزَنًا مِنْهُ لِعَمْرٍو مُدَّةً مَعْلُومَةً بِأُجْرَةٍ مَعْلُومَةٍ ثُمَّ فِي أَثْنَاءِ مُدَّةِ عَمْرٍو آجَرَ الْمَخْزَنَ الْمَزْبُورَ مِنْ بَكْرٍ مُدَّةً مَعْلُومَةً تَالِيَةً لِمُدَّةِ عَمْرٍو الْمَزْبُورِ مُضَافَةً إلَى زَمَنٍ مُسْتَقْبَلٍ بِأُجْرَةٍ مَعْلُومَةٍ عَنْ الْمُدَّةِ التَّالِيَةِ فَهَلْ تَكُونُ الْإِجَارَةُ الْمُضَافَةُ صَحِيحَةً؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا اسْتَأْجَرَ زَيْدٌ دَارًا مِنْ مَالِكِهَا إجَارَةً شَرْعِيَّةً فَهَلْ لِزَيْدٍ أَنْ يُسْكِنَ غَيْرَهُ بِإِجَارَةٍ وَغَيْرِهَا حَيْثُ لَمْ يَكُنْ حَدَّادًا أَوْ قَصَّارًا أَوْ طَحَّانًا؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ.
(سُئِلَ) فِي عَقَارٍ لِأَيْتَامٍ آجَرْته أُمُّهُمْ الْوَصِيُّ عَلَيْهِمْ مِنْ آخَرَ بِدُونِ أَجْرِ الْمِثْلِ بِغَبْنٍ فَاحِشٍ مُدَّةً مَعْلُومَةً وَسَكَنَ بِهِ وَانْتَفَعَ فَهَلْ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ أَجْرُ مِثْلِهِ بَالِغًا مَا بَلَغَ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ.
(سُئِلَ) فِي رَجُلٍ اسْتَأْجَرَ حَانُوتَ وَقْفٍ مِنْ نَاظِرِهِ إجَارَةً شَرْعِيَّةً وَالْآنَ قَامَ الْمُسْتَأْجِرُ يَدَّعِي أَنَّ الْحَانُوتَ جَارِيَةٌ فِي مِلْكِهِ فَهَلْ إذَا ثَبَتَ اسْتِئْجَارُهُ يَكُونُ إقْرَارًا بِأَنْ لَا مِلْكَ لَهُ فِي الْمَأْجُورِ فَتَنْدَفِعُ دَعْوَاهُ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ كَمَا فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ وَالتَّنْوِيرِ وَشَرْحِهِ وَفِي غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ كُتُبِ الْمَذْهَبِ وَأَفْتَى بِذَلِكَ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ أَيْضًا.
(سُئِلَ) فِي مُسْتَأْجِرِ خَانٍ أَرَادَ السَّفَرَ فِي أَثْنَاءِ مُدَّةِ إجَارَتِهِ وَيُرِيدُ فَسْخَ إجَارَتِهِ بِذَلِكَ فَكَيْفَ الْحُكْمُ؟
(الْجَوَابُ): إذَا أَرَادَ الْمُسْتَأْجِرُ السَّفَرَ فَهُوَ عُذْرٌ فِي فَسْخِ الْإِجَارَةِ سَوَاءٌ أَرَادَ الْمُكْثَ فِيهِ أَوْ لَمْ يُرِدْ كَمَا فِي الْقُنْيَةِ وَغَيْرِهَا فَإِنْ قَالَ الْمُسْتَأْجِرُ أُرِيدُ السَّفَرَ وَكَذَّبَهُ الْآجِرُ حَلَفَ الْمُسْتَأْجِرُ عَلَى أَنَّهُ عَزَمَ عَلَى السَّفَرِ ذَكَرَهُ الْكَرْخِيُّ وَالْقُدُورِيُّ كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَقَالَ فِي الذَّخِيرَةِ الْبُرْهَانِيَّةِ مَا نَصُّهُ فَإِنْ قَالَ الْمُؤَجِّرُ لِلْقَاضِي إنَّهُ لَا يُرِيدُ السَّفَرَ وَلَكِنَّهُ يُرِيدُ الْفَسْخَ وَقَالَ الْمُسْتَأْجِرُ أَنَا أُرِيدُ السَّفَرَ يَقُولُ لِلْمُسْتَأْجِرِ مَعَ مَنْ تُرِيدُ السَّفَرَ فَإِنْ قَالَ مَعَ فُلَانٍ وَفُلَانٍ فَالْقَاضِي يَسْأَلُهُمْ أَنَّ فُلَانًا هَلْ يَخْرُجُ مَعَكُمْ وَهَلْ اسْتَعَدَّ لِلْخُرُوجِ فَإِنْ قَالُوا نَعَمْ ثَبَتَ الْعُذْرُ وَإِلَّا فَلَا وَبَعْضُ مَشَايِخِنَا قَالُوا الْقَاضِي يَحْكُمُ بِزِيِّهِ وَثِيَابِهِ؛ لِأَنَّ الزِّيَّ وَالسِّيمَا حُجَّةٌ يُعْمَلُ بِهَا عِنْد اشْتِبَاهِ الْحَالِ عَلَى مَا عُرِفَ فِي مَوْضِعِهِ.
(سُئِلَ) فِي رَجُلٍ اسْتَأْجَرَ وَاسْتَحْكَرَ قِطْعَةَ أَرْضِ وَقْفٍ سَلِيخَةٍ مِنْ نَاظِرِ الْوَقْفِ لِلْبِنَاءِ وَالتَّعَلِّي مُدَّةً طَوِيلَةً مَعْلُومَةً مَحْكُومًا بِصِحَّتِهَا مِنْ حَاكِمٍ يَرَاهَا ثُمَّ مَاتَ الْمُسْتَأْجِرُ فِي أَثْنَاءِ الْمُدَّةِ قَبْلَ أَنْ يَبْنِيَ شَيْئًا فَهَلْ انْفَسَخَتْ الْإِجَارَةُ بِمَوْتِهِ وَلَيْسَ لِلْوَرَثَةِ الْبِنَاءُ فِي الْأَرْضِ بِدُونِ إذْنِ النَّاظِرِ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ.
(سُئِلَ) فِي امْرَأَتَيْنِ اسْتَأْجَرَتَا نِصْفَ دَارٍ وَقْفٍ مِنْ نُظَّارِهَا الْمَعْلُومِينَ إجَارَةً شَرْعِيَّةً مَحْكُومًا بِصِحَّتِهَا مِنْ حَاكِمٍ يَرَاهَا ثُمَّ أَجَّرَتَا طَبَقَةً مَعْلُومَةً مِنْ الدَّارِ مِنْ وَاحِدٍ مُعَيَّنٍ مِنْ النُّظَّارِ الْمَرْقُومِينَ الْمُؤَجِّرِينَ فَهَلْ تَكُونُ إجَارَةُ الطَّبَقَةِ غَيْرَ صَحِيحَةٍ وَلَا تَبْطُلُ الْأُولَى؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ؛ لِأَنَّ الْإِجَارَةَ تَمْلِيكُ الْمَنْفَعَةِ وَالْمُسْتَأْجِرُ فِي حَقِّ الْمَنْفَعَةِ قَامَ مَقَامَ الْمُؤَجِّرِ فَيَلْزَمُ تَمْلِيكُ الْمَالِكِ وَلَا تَبْطُلُ الْأُولَى؛ لِأَنَّ الثَّانِيَةَ فَاسِدَةٌ فَلَا تَرْتَفِعُ الصَّحِيحَةُ كَمَا فِي الْأَشْبَاهِ وَالْمِنَحِ وَالْبَزَّازِيَّةِ وَالْخُلَاصَةِ.
(سُئِلَ) فِي أَرْضٍ جَارِيَةٍ فِي وَقْفٍ أَهْلِيٍّ مَشْغُولَةٍ بِبِنَاءِ طَاحُونَةٍ جَارِيَةٍ فِي مِلْكِ جَمَاعَةٍ مَعْلُومِينَ وَعَلَى الْأَرْضِ مَبْلَغٌ مِنْ الدَّرَاهِمِ مَعْلُومٌ يُؤْخَذُ لِجِهَةِ الْوَقْفِ بِطَرِيقِ الْحَكْرِ عَنْ الْأَرْضِ وَهُوَ أَجْرُ مِثْلِهَا ثُمَّ امْتَنَعَ الْجَمَاعَةُ مِنْ دَفْعِ ذَلِكَ لِجِهَةِ الْوَقْفِ بِدُونِ وَجْهٍ شَرْعِيٍّ مُتَعَلِّلِينَ بِأَنَّ الْبِنَاءَ خَرِبٌ وَالْحَالُ أَنَّ أُسَّهُ بَاقٍ فِي الْأَرْضِ وَهِيَ مَشْغُولَةٌ بِهِ فَهَلْ عَلَيْهِمْ أَجْرُ مِثْلِ الْأَرْضِ لِجِهَةِ الْوَقْفِ مَا دَامَ أُسُّ بِنَائِهِمْ قَائِمًا فِيهَا؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا احْتَكَرَ زَيْدٌ قِطْعَةَ أَرْضٍ مَوْقُوفَةٍ مِنْ مُتَوَلِّيهَا مُدَّةً مَعْلُومَةً بِأُجْرَةٍ كَذَلِكَ لِلْبِنَاءِ وَالتَّعَلِّي وَبَنَى فِيهَا حَوَانِيتَ لِنَفْسِهِ وَتَصَرَّفَ فِيهَا حَتَّى انْقَضَتْ الْمُدَّةُ وَخَرِبَ الْبِنَاءُ وَزَالَ مِنْ الْأَرْضِ وَلَمْ يَبْقَ لَهُ أَثَرٌ فِيهَا بِالْكُلِّيَّةِ فَعَمَّرَ الْمُتَوَلِّي مَكَانَهُ حَوَانِيتَ لِلْوَقْفِ بِمَالِ الْوَقْفِ فَقَامَ زَيْدٌ يُعَارِضُهُ فِي ذَلِكَ بِدُونِ وَجْهٍ شَرْعِيٍّ فَهَلْ حَيْثُ كَانَ الْأَمْرُ كَمَا ذُكِرَ يُمْنَعُ مِنْ الْمُعَارَضَةِ فِي ذَلِكَ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا تَوَافَقَ أَهْلُ قَرْيَةٍ مَعَ زَيْدٍ عَلَى أَنْ يَقُومُ بِقَضَاءِ مَصَالِحِهِمْ وَمَصَالِحِ قَرْيَتِهِمْ وَجَعَلُوا لَهُ فِي مُقَابَلَةِ ذَلِكَ كَذَا مِنْ الدَّرَاهِمِ أُجْرَةً وَلَمْ يَذْكُرُوا لِذَلِكَ وَقْتًا وَالْحَالُ أَنَّهُ لَوْ أَرَادَ زَيْدٌ الشُّرُوعَ فِيمَا ذُكِرَ حَالًا لَمْ يَقْدِرْ لِعَدَمِ وُجُودِ الْمَصَالِحِ حِينَ التَّوَافُقِ ثُمَّ بَاشَرَ لَهُمْ زَيْدٌ مَا تَوَافَقُوا عَلَيْهِ مِنْ مَصَالِحِهِمْ وَمَصَالِحِ قَرْيَتِهِمْ وَلَمْ يَدْفَعُوا لَهُ شَيْئًا مِنْ الْأُجْرَةِ وَيُرِيدُ مُطَالَبَتَهُمْ بِأَجْرِ مِثْلِهِ فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ.
(سُئِلَ) فِي بُسْتَانٍ أَرْضِهِ مَشْغُولَةٌ بِغِرَاسٍ نِصْفُهُ جَارٍ تَبَعًا لِأَرْضِهِ فِي وَقْفٍ أَهْلِيٍّ تَحْتَ نِظَارَةِ زَيْدٍ وَنِصْفُهُ الْآخَرُ فِي مِلْكِ عَمْرٍو فَتَوَافَقَ زَيْدٌ مَعَ عَمْرٍو عَلَى أَنْ يَعْمَلَ زَيْدٌ عَلَى نِصْفِ عَمْرٍو مِنْ الْغِرَاسِ وَيَدْفَعَ عَمْرٌو عَنْ جِهَةِ الْوَقْفِ الْمَزْبُورِ لِجِهَةٍ مُعَيَّنَةٍ فِي كُلِّ سَنَةٍ كَذَا مِنْ الدَّرَاهِمِ نَظِيرَ الْعَمَلِ وَنَظِيرَ أُجْرَةِ نِصْفِ الْأَرْضِ الْحَامِلَةِ لِحِصَّةِ عَمْرٍو مِنْ الْغِرَاسِ وَلَمْ يُبَيِّنَا قَدْرَ أُجْرَةِ الْعَمَلِ وَلَا قَدْرَ أُجْرَةِ نِصْفِ الْأَرْضِ بَلْ أَجْمَلَاهَا كَمَا ذُكِرَ وَعَمِلَ زَيْدٌ عَلَى نِصْفِ غِرَاسٍ وَدَفَعَ عَمْرٌو الْمَبْلَغَ الْمَذْكُورَ مِنْ الدَّرَاهِمِ لِلْجِهَةِ الْمَرْقُومَةِ وَمَضَى لِذَلِكَ عِدَّةُ سِنِينَ وَلَمْ يَذْكُرَا مُدَّةً لِلتَّوَافُقِ الْمَذْكُورِ فَكَيْفَ الْحُكْمُ؟
(الْجَوَابُ): التَّوَافُقُ الْمَذْكُورُ غَيْرُ صَحِيحٍ وَلِزَيْدٍ أَجْرُ مِثْلِ عَمَلِهِ الَّذِي عَمِلَهُ عَلَى نَصِيبِ عَمْرٍو مِنْ الْغِرَاسِ وَلَهُ طَلَبُ أَجْرِ مِثْلِ مَنَابِتِ نِصْفِ أَشْجَارِ عَمْرٍو فِي الْمُدَّةِ الْمَرْقُومَةِ لِجِهَةِ وَقْفِهِ وَلِعَمْرٍو أَنْ يُحَاسِبَ زَيْدًا بِمَا دَفَعَهُ عَنْ جِهَةِ الْوَقْفِ بِإِذْنِهِ فِي الْمُدَّةِ الْمَزْبُورَةِ بِالْوَجْهِ الشَّرْعِيِّ وَالْحَالَةُ هَذِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (أَقُولُ) اُنْظُرْ هَلْ يُقَالُ إنَّ زَيْدًا النَّاظِرَ فِي حُكْمِ الشَّرِيكِ فِي الْغِرَاسِ فَلَا يَسْتَحِقُّ أُجْرَةً؛ لِأَنَّ الشَّرِيكَ إذَا عَمِلَ فِي الْمُشْتَرَكِ لَا أُجْرَةَ لَهُ وَهُنَا نِصْفُ الْغِرَاسِ وَإِنْ كَانَ لِجِهَةِ الْوَقْفِ لَكِنَّ زَيْدًا النَّاظِرَ هُوَ الَّذِي لَهُ وِلَايَةُ التَّصَرُّفِ فِيهِ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الْمَالِكِ لَهُ فَلْيُتَأَمَّلْ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا اسْتَخْدَمَ زَيْدٌ عَمْرًا فِي أَعْمَالٍ شَتَّى مُدَّةً مِنْ الزَّمَانِ بِدُونِ إجَارَةٍ وَلَا أُجْرَةٍ وَعَمْرٌو مَعْرُوفٌ بِتَعَاطِي الْخِدْمَةِ بِالْأُجْرَةِ وَقِيَامِ حَالِهِ بِهَا فَهَلْ لِعَمْرٍو طَلَبُ أَجْرَ مِثْلِ خِدْمَتِهِ فِي الْمُدَّةِ الْمَزْبُورَةِ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ حَيْثُ كَانَ مَعْرُوفًا بِتَعَاطِي الْخِدْمَةِ بِالْأُجْرَةِ وَقِيَامِ حَالِهِ بِهَا كَمَا فِي الْأَشْبَاهِ وَعِبَارَتُهَا مِنْ الْفَنِّ الثَّالِثِ الْعَادَةُ الْمُطَّرِدَةُ هَلْ تُنَزَّلُ مَنْزِلَةَ الشَّرْطِ إلَى أَنْ قَالَ وَقَالَ مُحَمَّدٌ إنْ كَانَ الصَّانِعُ مَعْرُوفًا بِهَذِهِ الصَّنْعَةِ وَقِيَامِ حَالِهِ بِهَا كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ وَإِلَّا فَلَا اعْتِبَارًا لِلظَّاهِرِ الْمُعْتَادِ وَقَالَ الزَّيْلَعِيُّ وَالْفَتْوَى عَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ وَبِهِ يُفْتَى صُرَّةُ الْفَتَاوَى مِنْ الْإِجَارَاتِ.
(سُئِلَ) فِي مُحْتَرِفَيْنِ حِرْفَةً مَعْلُومَةً اسْتَأْجَرَا مَكَانَ وَقْفٍ مُعَدًّا لِتِلْكَ الْحِرْفَةِ مِنْ نَاظِرِهِ إجَارَةً شَرْعِيَّةً بِأُجْرَةٍ مَعْلُومَةٍ مِنْ الدَّرَاهِمِ قَبَضَهَا النَّاظِرُ سَلَفًا عَنْ جَمِيعِ الْمُدَّةِ فَتَعَاطَيَا الْحِرْفَةَ فِي الْمَأْجُورِ مُدَّةً ثُمَّ حَصَلَ عُذْرٌ مَنَعَهُمَا عَنْ الِانْتِفَاعِ بِهِ وَالْجَرْيِ عَلَى مُوجَبِ الْعَقْدِ بَقِيَّةَ الْمُدَّةِ وَيُرِيدَانِ فَسْخَ الْإِجَارَةِ وَمُطَالَبَةَ النَّاظِرِ بِمَا قَابَلَ بَقِيَّةَ الْمُدَّةِ مِنْ الْأُجْرَةِ الْمَرْقُومَةِ فَهَلْ لَهُمَا ذَلِكَ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ كَمَا صَرَّحَ بِذَلِكَ فِي كَثِيرٍ مِنْ الْكُتُبِ الْمُعْتَمَدَةِ وَالْخَانِيَّةِ وَلِسَانِ الْحُكَّامِ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا آجَرَ زَيْدٌ التَّيْمَارِيُّ جَمِيعَ الْعَائِدِ لَهُ مِنْ قَسْمٍ وَعَوَائِدَ عُرْفِيَّةٍ وَغَيْرِهَا مِنْ عَمْرٍو لِمُدَّةِ سَنَةٍ لِيَأْخُذَ عَمْرٌو ذَلِكَ مِنْ فَلَّاحِي قَرْيَةِ التَّيْمَارِيِّ فِي الْمُدَّةِ بِأُجْرَةٍ هِيَ كَذَا مِنْ الدَّرَاهِمِ قَبَضَهَا زَيْدٌ مِنْ عَمْرٍو فَلَمْ يَأْخُذْ عَمْرٌو مِنْ ذَلِكَ سِوَى ثَمَانِيَةِ أَكْيَالٍ مِنْ الْحِنْطَةِ فَهَلْ تَكُونُ الْإِجَارَةُ بَاطِلَةً وَلِعَمْرٍو طَلَبُ الْأُجْرَةِ الْمَذْكُورَةِ مِنْ زَيْدٍ وَعَلَيْهِ رَدُّ مَا أَخَذَ مِنْ الْحِنْطَةِ لِزَيْدٍ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا اسْتَأْجَرَ زَيْدٌ أَرَاضِي وَقْفٍ مِنْ نَاظِرِهِ وَعَلَى الْأَرَاضِيِ عُشْرٌ لِتَيْمَارِيٍّ فَهَلْ يَكُونُ الْعُشْرُ عَلَى جِهَةِ الْوَقْفِ وَلَا يَلْزَمُ زَيْدًا شَيْءٌ مِنْهُ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ.
(سُئِلَ) فِي أَرَاضِي وَقْفٍ مَعْلُومَةٍ لَهَا قَنَاةُ مَاءٍ تَعَطَّلَتْ فَعَمَدَ جَمَاعَةٌ وَجَعَلُوا لَهَا قَنَاةً أُخْرَى وَأَجْرَوْا لَهَا مَاءً مِنْ نَهْرٍ بِقُرْبِهَا وَزَرَعُوا فِي الْأَرْضِ زَرْعًا لِأَنْفُسِهِمْ كُلُّ ذَلِكَ بِدُونِ إذْنٍ مِنْ نَاظِرِ الْوَقْفِ وَلَا وَجْهٍ شَرْعِيٍّ فَطَلَبَ الْآنَ نَاظِرُ الْوَقْفِ رَفْعَ يَدِهِمْ عَنْ الْأَرْضِ وَتَسَلُّمَهَا لِجِهَةِ الْوَقْفِ مَعَ أُجْرَةِ مِثْلِهَا مُدَّةَ قِيَامِ زَرْعِهِمْ بِهَا فَهَلْ لِلنَّاظِرِ ذَلِكَ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ.
(سُئِلَ) فِي قَرْيَةٍ مُشْتَرَكَةٍ بَيْنَ جِهَتَيْ وَقْفٍ وَتَيْمَارٍ لِزَيْدٍ يَزْعُمُ زَيْدٌ أَنَّ لَهُ جَبْرَ النَّاظِرِ عَلَى أَنْ يُؤَجِّرَهُ حِصَّةَ الْوَقْفِ مِنْ الْقَرْيَةِ الْمَذْكُورَةِ لِكَوْنِ أَبِي النَّاظِرِ الْمَذْكُورِ كَانَ يُؤَجِّرُهُ ذَلِكَ مُدَّةَ حَيَاتِهِ حَالَ كَوْنِهِ نَاظِرًا عَلَى الْوَقْفِ وَالنَّاظِرُ الْآنَ لَا يَرْضَى بِالْإِيجَارِ فَهَلْ لَا يُجْبَرُ النَّاظِرُ عَلَى الْإِيجَارِ مِنْ التَّيْمَارِيِّ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِزَيْدٍ وَأَخَوَيْهِ الْبَالِغَيْنِ فِلَاحَةٌ مُشْتَمِلَةٌ عَلَى دَارٍ فِي قَرْيَةٍ وَمِشَدِّ مَسَكَةٍ فِي أَرَاضٍ مِيرِيَّةٍ وَوَقْفٍ فَوَضَعَ زَيْدٌ يَدَهُ عَلَيْهَا كُلِّهَا فَانْتَفَعَ بِالدَّارِ بِلَا إجَارَةٍ وَلَا أُجْرَةٍ وَزَرَعَ الْأَرَاضِيَ لِنَفْسِهِ بِبَذْرِهِ وَبَقَرِهِ وَدَفَعَ مَالِ الْوَقْفِ وَالْمِيرِيِّ لِلْمُتَكَلِّمِينَ عَلَيْهَا وَدَفَعَ مَغَارِمَهَا فِي مُدَّةِ سِنِينَ وَالْآنَ قَامَ أَخَوَاهُ يُكَلِّفَانِهِ بِلَا وَجْهٍ شَرْعِيٍّ أُجْرَةَ مِشَدِّ الْمَسَكَةِ بِقَدْرِ حِصَّتِهِمَا فِي الْمُدَّةِ الْمَزْبُورَةِ فَهَلْ لَا يَلْزَمُهُ ذَلِكَ وَالزَّرْعُ لَهُ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ.
(سُئِلَ) فِي مُتَوَلِّي مَسْجِدٍ آجَرَ قِطْعَةً مِنْهُ لِرَجُلٍ لِيَبْنِيَ فِيهَا دَارًا مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ دَاعِيَةٍ لِذَلِكَ شَرْعًا فَهَلْ يَكُونُ إيجَاره الْمَذْكُورُ غَيْرَ وَاقِعٍ مَوْقِعَهُ الشَّرْعِيَّ وَيَهْدِمُ مَا بَنَى؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ إيجَارُهُ الْمَذْكُورُ غَيْرُ وَاقِعٍ مَوْقِعَهُ الشَّرْعِيَّ حَيْثُ لَا ضَرُورَةَ دَاعِيَةٌ لِذَلِكَ وَأَمَّا إذَا كَانَ هُنَاكَ ضَرُورَةٌ بِأَنْ احْتَاجَ إلَى الْعِمَارَةِ الضَّرُورِيَّةِ وَلَيْسَ هُنَاكَ مَا يُعَمَّرُ بِهِ فَقَدْ اُخْتُلِفَ فِيهِ فَاَلَّذِي صَرَّحَ بِهِ فِي الْخُلَاصَةِ الْجَوَازُ وَبِهِ أَفْتَى الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ عَنْ النَّاطِفِيِّ حَيْثُ كَانَ النَّاظِرُ مُصْلِحًا لَا يُخْشَى مِنْهُ الْفَسَادُ وَاَللَّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنْ الْمُصْلِحِ وَاَلَّذِي مَالَ إلَيْهِ الطَّرَسُوسِيُّ فِي أَنْفَعِ الْوَسَائِلِ عَدَمُ الْجَوَازِ قَائِلًا بِأَنَّ الْمَسْجِدَ إذَا قِيلَ بِأَنَّهُ يُؤَجِّرُ مِنْهُ قِطْعَةً لِلْعِمَارَةِ يُؤَدِّي إلَى تَغْيِيرِ عَيْنِ الْمَوْقُوفِ بِاعْتِبَارِ تَغَيُّرِ الْأَحْوَالِ إلَى أَقْبَحَ مِنْ الْأَوَّلِ فَإِنْ كَانَ مَسْجِدًا تُقَامُ فِيهِ الصَّلَاةُ فَإِذَا أُوجِرَ يَبْقَى بِعُرْضَةِ أَنْ يَصِيرَ إصْطَبْلًا أَوْ لِسُكْنَى النَّاسِ فَكَانَ التَّغْيِيرُ إلَى حَالَةٍ أَزْرَى مِنْ الْحَالَةِ الْأُولَى فَالتَّصَرُّفُ فِي الْأَوْقَافِ بِاعْتِبَارِ الْأَنْظَرِ لَهَا لَا بِاعْتِبَارِ الْأَدْنَى. اهـ.
فَحَيْثُ لَا ضَرُورَةَ فَالْإِيجَارُ الْمَذْكُورُ بَاطِلٌ فَيَهْدِمُ مَا بَنَى وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِزَيْدٍ فِلَاحَةٌ فَتَوَافَقَ مَعَ عَمْرٍو أَنَّهُ يُشَارِفُهَا مَعَهُ وَيَبْذُرُ لَهُ زَيْدٌ فِي الْفِلَاحَةِ كَذَا غِرَارَةٍ مِنْ الْحِنْطَةِ نَظِيرَ مُشَارَفَتِهِ وَلَمْ يَذْكُرَا مُدَّةً لِلْمُشَارَفَةِ فَزَرَعَ زَيْدٌ بِبَذْرِهِ فِي أَرْضِهِ وَشَارَفَ عَمْرٌو الْفِلَاحَةَ مَعَهُ بَعْضَ مُدَّةٍ فَهَلْ يَكُونُ الزَّرْعُ لِرَبِّ الْبَذْرِ وَلَيْسَ لِعَمْرٍو فِيهِ شَيْءٌ وَإِنَّمَا لَهُ أَجْرُ الْمِثْلِ مُدَّةَ مُشَارَفَتِهِ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ.
(سُئِلَ) فِي مُسْتَأْجِرِ فِلَاحَةٍ مِنْ زَيْدٍ انْتَفَعَ بِهَا مُدَّةَ الْإِجَارَةِ ثُمَّ حَرَثَهَا بِبَقَرِهِ وَعُمَّالِهِ بِدُونِ إذْنٍ مِنْ الْمُؤَجِّرِ وَيُرِيدُ الْمُؤَجِّرُ تَسَلُّمَ فِلَاحَتِهِ مِنْهُ بَعْدَ انْقِضَاءِ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ وَالْمُسْتَأْجِرُ يَمْتَنِعُ مِنْ ذَلِكَ زَاعِمًا أَنَّهُ يَسْتَحِقُّ قِيمَةَ حَرْثِهِ الْمَذْكُورِ فَهَلْ تُرْفَعُ يَدُ الْمُسْتَأْجِرِ عَنْهَا وَلَا عِبْرَةَ بِزَعْمِهِ الْمَذْكُورِ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ تُرْفَعُ يَدُهُ عَنْهَا وَلَيْسَ لَهُ مُطَالَبَةُ الْمُؤَجِّرِ بِقِيمَةِ الْحَرْثِ الْمَذْكُورِ إذْ لَا قِيمَةَ لِلْمَنَافِعِ وَالْكِرَابُ وَصْفٌ فِي الْأَرْضِ.
(سُئِلَ) فِي رَجُلٍ اسْتَأْجَرَ مَزْرَعَةً تَيْمَارِيَّةً مِنْ تَيْمَارِيِّهَا مُدَّةً مَعْلُومَةً بِأُجْرَةِ كَذَا بِمُوجِبِ حُجَّةٍ شَرْعِيَّةٍ وَالْآنَ قَامَ نَاظِرُ وَقْفٍ يُرِيدُ الدَّعْوَى عَلَيْهِ بِأَنَّ حِصَّتَهُ مِنْهَا جَارِيَةٌ فِي وَقْفِهِ فِي غَيْبَةِ الْمُؤَجِّرِ فَادَّعَى الْمُسْتَأْجِرُ الِاسْتِئْجَارَ وَبَرْهَنَ عَلَيْهِ وَهُوَ غَيْرُ مَعْرُوفٍ بِالْحِيَلِ فَهَلْ تَنْدَفِعُ الْخُصُومَةُ عَنْهُ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ.
(سُئِلَ) فِي الْمُؤَجِّرِ إذَا بَاعَ الدَّارَ الْمُسْتَأْجَرَةَ وَلَمْ يُجِزْ الْمُسْتَأْجِرُ الْبَيْعَ وَأَرَادَ الْمُشْتَرِي إخْرَاجَهُ مِنْهَا قَبْلَ تَمَامِ مُدَّةِ إجَارَتِهِ فَهَلْ لَيْسَ لِلْمُشْتَرِي ذَلِكَ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا مَاتَ مُسْتَأْجِرُ حَانُوتِ وَقْفٍ فِي أَثْنَاءِ الْمُدَّةِ عَنْ وَرَثَةٍ وَانْفَسَخَتْ الْإِجَارَةُ بِمَوْتِهِ فَآجَرَ النَّاظِرُ الْحَانُوتَ مِنْ زَيْدٍ إجَارَةً صَحِيحَةً فَقَامَ الْوَرَثَةُ يُعَارِضُونَ زَيْدًا زَاعِمِينَ أَنَّهُمْ أَحَقُّ بِالِاسْتِئْجَارِ فَهَلْ يُمْنَعُونَ مِنْ الْمُعَارَضَةِ وَلَا عِبْرَةَ بِزَعْمِهِمْ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا دَفَعَ زَيْدٌ أَرْضَهُ مُزَارَعَةً لِعَمْرٍو عَلَى أَنْ يَزْرَعَهَا عَمْرٌو بِبَقَرِهِ وَنَفْسِهِ وَالْبَذْرُ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ وَالْخَارِجُ كَذَلِكَ فَعَمِلَ كَذَلِكَ فَكَيْفَ الْحُكْمُ؟
(الْجَوَابُ): الْمُزَارَعَةُ فَاسِدَةٌ وَالْخَارِجُ بَيْنَهُمَا عَلَى حُكْمِ الْبَذْرِ وَلَيْسَ لِلْعَامِلِ عَلَى رَبِّ الْأَرْضِ أَجْرٌ لِشَرِكَتِهِ فِيهِ وَعَلَى الْعَامِلِ أَجْرُ مِثْلِ نِصْفِ الْأَرْضِ لِصَاحِبِهَا لِفَسَادِ الْعَقْدِ كَمَا فِي التَّنْوِيرِ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا آجَرَ نَاظِرُ وَقْفٍ أَهْلِيٍّ أَرْضَ الْوَقْفِ مِنْ زَيْدٍ مُدَّةً مَعْلُومَةً طَوِيلَةً بِأُجْرَةٍ مَعْلُومَةٍ لَدَى حَاكِمٍ شَافِعِيٍّ ثَبَتَ لَدَيْهِ حِينَ الْعَقْدِ أَنَّ الْأُجْرَةَ أُجْرَةُ الْمِثْلِ ثُبُوتًا شَرْعِيًّا بِالْبَيِّنَةِ الشَّرْعِيَّةِ وَحَكَمَ بِصِحَّةِ الْإِجَارَةِ وَعَدَمِ انْفِسَاخِهَا بِالزِّيَادَةِ مُوَافِقًا لِلْحُكْمِ الْمَذْكُورِ الْمُسْتَوْفَى شَرَائِطُهُ الشَّرْعِيَّةُ وَمَضَى بَعْضُ الْمُدَّةِ وَيَزْعُمُ النَّاظِرُ أَنَّ رَجُلًا زَادَ فِي الْأُجْرَةِ وَأَنَّ لَهُ فَسْخَ الْإِجَارَةِ بِالزِّيَادَةِ فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ. (أَقُولُ) قَدَّمْنَا أَنَّهُ إذَا زَادَتْ أُجْرَةُ الْمِثْلِ فِي أَثْنَاءِ الْمُدَّةِ فَالْمُفْتَى بِهِ أَنَّ لِلْمُتَوَلِّي فَسْخَهَا وَإِنْ مَشَى فِي الْإِسْعَافِ وَالْخَانِيَّةِ عَلَى خِلَافِهِ فَقَدْ صَحَّحُوا هَذَا الْقَوْلَ بِلَفْظِ الْفَتْوَى كَمَا ذَكَرْنَا وَبِلَفْظِ الْأَصَحِّ وَلَفْظِ الْمُخْتَارِ فَكَانَ هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَبِهِ أَفْتَى الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ بَقِيَ هُنَا شَيْءٌ وَهُوَ أَنَّهُ إذَا زَادَتْ أُجْرَةُ الْمِثْلِ فِي أَثْنَاءِ الْمُدَّةِ فَحَكَمَ شَافِعِيٌّ بِعَدَمِ الْفَسْخِ حُكْمًا صَحِيحًا بِأَنْ كَانَ بَعْدَ الْمُرَافَعَةِ وَالدَّعْوَى الشَّرْعِيَّةِ فِي خُصُوصِ حَادِثَةِ الزِّيَادَةِ فَلَا كَلَامَ فِي أَنَّهُ لَيْسَ لِلْقَاضِي الْحَنَفِيِّ نَقْضُ حُكْمِهِ أَمَّا لَوْ كَانَتْ الْمُرَافَعَةُ وَقْتَ الْعَقْدِ بِحَادِثَةِ الْمُدَّةِ الطَّوِيلَةِ بِأَنْ ادَّعَى الْمُتَوَلِّي مَثَلًا فَسَادَ الْإِجَارَةِ لِلْمُدَّةِ الطَّوِيلَةِ فَحَكَمَ شَافِعِيٌّ بِصِحَّتِهَا وَحَكَمَ أَيْضًا فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ بِأَنَّهَا لَا تَنْفَسِخُ بِزِيَادَةِ الْأُجْرَةِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ فَلِلْحَنَفِيِّ نَقْضُ حُكْمِهِ كَمَا لَوْ حَكَمَ بِعَدَمِ فَسْخِهَا بِالْمَوْتِ قَبْلَ مَوْتِ الْمُسْتَأْجِرِ إذْ لَا يُسَمَّى ذَلِكَ حُكْمًا إذْ لَا بُدَّ لِصِحَّةِ الْحُكْمِ مِنْ الدَّعْوَى وَالْمُرَافَعَةِ فِي الْحَادِثَةِ الَّتِي يَجْرِي فِيهَا الْحُكْمُ كَأَنْ تَزِيدَ الْأُجْرَةُ فِي أَثْنَاءِ الْمُدَّةِ أَوْ يَمُوتَ الْمُسْتَأْجِرُ فَيَدَّعِيَ الْمُتَوَلِّي الْفَسْخَ وَيُجِيبَ الْمُسْتَأْجِرُ أَوْ وَرَثَتُهُ بِعَدَمِهِ وَيَتَرَافَعَانِ عِنْدَ قَاضٍ شَافِعِيٍّ فَيَحْكُمَ بِعَدَمِ الْفَسْخِ مُسْتَوْفِيًا شَرَائِطَهُ فَحِينَئِذٍ لَا يَكُونُ لِلْحَنَفِيِّ نَقْضُهُ وَالْحُكْمُ بِالْفَسْخِ بَلْ عَلَيْهِ تَنْفِيذُ حُكْمِ الْأَوَّلِ كَمَا قَالُوا فِي الْحُكْمِ بِالْمُوجَبِ أَيْ بِأَنْ يَحْكُمَ الشَّافِعِيُّ مَثَلًا بِصِحَّةِ الْإِجَارَةِ وَيَقُولَ حَكَمْت بِمُوجَبِ الْعَقْدِ وَكَانَ مِنْ مُوجَبِهِ عِنْدَهُ عَدَمُ الْفَسْخِ بِالْمَوْتِ لَا يَكُونُ قَوْلُهُ حَكَمْت بِمُوجَبِهِ حُكْمًا بِعَدَمِ الْفَسْخِ وَمَنْ أَرَادَ تَحْقِيقَ الْمَسْأَلَةِ فَلْيَخُضْ فِي لُجَجِ الْبَحْرِ الرَّائِقِ مِنْ كِتَابِ الْقَضَاءِ.
(سُئِلَ) فِي مُؤَدِّبِ أَطْفَالٍ نَصَّبَ نَفْسَهُ لِتَعْلِيمِ الْقُرْآنِ الْعَظِيمِ بِالْأُجْرَةِ فَدَفَعَ لَهُ رَجُلٌ أَوْلَادَهُ الثَّلَاثَةَ الْقَاصِرِينَ لِيُعَلِّمَهُمْ الْقُرْآنَ الْعَظِيمَ وَلَمْ يَذْكُرْ أُجْرَةً وَلَا مُدَّةً فَعَلَّمَهُمْ ثُمَّ خَرَجُوا مِنْ عِنْدِهِ وَلَمْ يَدْفَعْ لَهُ أَبُوهُمْ أُجْرَتَهُ وَلَا الْحَلْوَى الْمَرْسُومَةَ عِنْدَ خَتْمِ بَعْضِ السُّوَرِ وَيُرِيدُ الْمُؤَدِّبُ مُطَالَبَةَ الْأَبِ بِأُجْرَةِ مِثْلِ تَعْلِيمِهِ وَبِالْحَلْوَى الْمَذْكُورَةِ فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ كَمَا فِي التَّنْوِيرِ وَالْمِنَحِ وَغَيْرِهِمَا وَقَالَ صَدْرُ الشَّرِيعَةِ الْحَلْوَى بِفَتْحِ الْحَاءِ غَيْرِ الْمُعْجَمَةِ هَدِيَّةٌ تُهْدَى إلَى الْمُعَلِّمِينَ عَلَى رُءُوسِ بَعْضِ السُّوَرِ مِنْ الْقُرْآنِ سُمِّيَتْ بِهَا؛ لِأَنَّ الْعَادَةَ إهْدَاءُ الْحَلَاوَى وَهِيَ لُغَةٌ يَسْتَعْمِلُهَا أَهْلُ مَا وَرَاءَ النَّهْرِ. اهـ.
(سُئِلَ) فِي أَرْضٍ جَارِيَةٍ فِي وَقْفٍ أَهْلِيٍّ زَرَعَهَا رَجُلٌ نَحْوَ سَبْعِ سِنِينَ وَاسْتَغَلَّ زَرْعَهُ وَذَلِكَ بِلَا إجَارَةٍ وَلَا أُجْرَةٍ وَلَا وَجْهٍ شَرْعِيٍّ وَلَيْسَ لَهُ فِيهَا مِشَدُّ مَسَكَةٍ وَلَا عَلَاقَةٌ بِطَرِيقٍ شَرْعِيٍّ وَيُرِيدُ نَاظِرُ الْوَقْفِ رَفْعَ يَدِ الرَّجُلِ عَنْهَا وَمُطَالَبَتَهُ بِأُجْرَةِ مِثْلِهَا فِي الْمُدَّةِ الْمَذْكُورَةِ وَضَبْطَهَا وَإِيجَارَهَا بِأَجْرِ الْمِثْلِ لِجِهَةِ الْوَقْفِ وَفِي ذَلِكَ مَصْلَحَةٌ لِجِهَةِ الْوَقْفِ فَهَلْ يَسُوغُ لِلنَّاظِرِ ذَلِكَ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ لَهُ ذَلِكَ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ لِلزَّارِعِ فِيهَا مِشَدُّ مَسَكَةٍ فَإِنْ كَانَ لَهُ مِشَدُّ مَسَكَةٍ فَعَلَيْهِ أُجْرَةُ الْمِثْلِ لَا غَيْرُ وَلَا تُرْفَعُ يَدُهُ عَنْهَا.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِزَيْدٍ وَعَمْرٍو مِشَدُّ مَسَكَةٍ فِي أَرْضٍ جَارِيَةٍ فِي وَقْفٍ عَلَيْهَا قِسْمٌ مِنْ الثَّمَنِ يُؤْخَذُ مِنْ زُرَّاعِهَا كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ الْأَرَاضِي وَالْقُرَى فِي نَوَاحِيهَا فَآجَرَ زَيْدٌ نِصْفَ الْأَرْضِ الْمَزْبُورَةِ مِنْ عَمْرٍو الْمَرْقُومِ مُدَّةَ سَنَةٍ بِأُجْرَةٍ مَعْلُومَةٍ لِلزِّرَاعَةِ وَالِاسْتِغْلَالِ فَزَرَعَهَا عَمْرٌو بِبَذْرِهِ وَبَقَرِهِ وَيُرِيدُ زَيْدٌ أَنْ يَأْخُذَ نِصْفَ الْخَارِجِ مِنْ الزَّرْعِ وَيَدْفَعَ لِعَمْرٍو مِثْلَ نِصْفِ بَذْرِهِ فَهَلْ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ وَالزَّرْعُ لِعَمْرٍو الَّذِي زَرَعَهُ وَعَلَيْهِ لِجِهَةِ الْوَقْفِ حِصَّةٌ مِنْ الْقِسْمِ الْحَاصِلِ مِنْ الزَّرْعِ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ. (أَقُولُ) يَعْنِي أَنَّ عَلَى الزَّارِعِ الْقِسْمَ الْمَعْهُودَ فِي تِلْكَ الْأَرْضِ وَهُوَ الثُّمُنُ مِنْ جَمِيعِ الزَّرْعِ الَّذِي زَرَعَهُ حَيْثُ كَانَ ذَلِكَ قَدْرَ أُجْرَةِ الْمِثْلِ وَإِنَّمَا لَمْ يَصِحَّ إيجَارُ زَيْدٍ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُسْتَأْجِرٍ لِلْأَرْضِ مِنْ جِهَةِ الْوَقْفِ وَمِشَدُّ الْمَسَكَةِ الَّذِي يَسْتَحِقُّهُ لَا يَصِحُّ إيجَارُهُ؛ لِأَنَّهُ عِبَارَةٌ عَنْ الْكِرَابِ وَهُوَ وَصْفٌ فِي الْأَرْضِ تَابِعٌ لَهَا لَا قِيمَةٌ كَمَا مَرَّ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا اسْتَأْجَرَ زَيْدٌ مِنْ عَمْرٍو حِمَارًا لِيَحْمِلَ عَلَيْهِ حِمْلًا مَعْلُومَ الْمِقْدَارِ إلَى مَكَان مُعَيَّنٍ فَفِي أَثْنَاءِ الطَّرِيقِ عَيِيَ الْحِمَارُ وَعَجَزَ عَنْ الْمُضِيِّ وَلَمْ يُمْكِنْهُ السَّيْرُ أَصْلًا فَذَهَبَ وَتَرَكَ الْحِمَارَ وَضَاعَ فَهَلْ لَا ضَمَانَ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ اسْتَأْجَرَ حِمَارًا إلَى بُخَارَى فَعَيِيَ فَتَرَكَهُ فَضَاعَ لَمْ يَضْمَنْ فُصُولَيْنِ وَلَوْ كَانَ صَاحِبُ الْحِمَارِ مَعَ الْحِمَارِ وَلَمْ يَكُنْ صَاحِبُ الْمَتَاعِ مَعَهُ فَمَرِضَ الْحِمَارُ فِي الطَّرِيقِ فَتَرَكَ الْحِمَارَ وَالْمَتَاعَ وَذَهَبَ لَا يَضْمَنُ؛ لِأَنَّ فِيهِ ضَرُورَةً وَعُذْرًا، الْحِمَارُ إذَا عَمِيَ أَوْ عَجَزَ عَنْ الْمُضِيِّ فَبَاعَهُ الْمُسْتَأْجِرُ وَأَخَذَ ثَمَنَهُ وَهَلَكَ فِي الطَّرِيقِ إنْ كَانَ فِي مَوْضِعٍ لَا يَصِلُ إلَى الْحَاكِمِ حَتَّى يَأْمُرَهُ بِبَيْعِهِ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ لَا فِي الْحِمَارِ وَلَا فِي ثَمَنِهِ وَإِنْ كَانَ فِي مَوْضِعٍ يَقْدِرُ عَلَى ذَلِكَ أَوْ يَسْتَطِيعُ إمْسَاكَهُ أَوْ رَدَّهُ أَعْمَى فَهُوَ ضَامِنٌ لِلْقِيمَةِ عِمَادِيَّةٌ مِنْ إجَارَةِ الدَّوَابِّ.
(سُئِلَ) فِي الْمُسْتَأْجِرِ إذَا سَاقَ الدَّابَّةَ سَوْقًا شَدِيدًا غَيْرَ مُعْتَادٍ وَعَنَّفَ فِي السَّيْرِ حَتَّى هَلَكَتْ بِغَيْرِ إذْنِ صَاحِبِهَا وَلَا وَجْهٍ شَرْعِيٍّ فَهَلْ يَضْمَنُ قِيمَتَهَا؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ قَالَ فِي الْفَتَاوَى الْعَتَّابِيَّةِ فَإِنْ عَنَّفَ فِي السَّيْرِ ضَمِنَ إجْمَاعًا وَمِثْلُهُ فِي التتارخانية وَالْعِمَادِيَّةِ وَفَتَاوَى مُؤَيَّدِ زَادَهْ.
(سُئِلَ) فِي مُسْتَأْجِرِ بَيْتٍ مِنْ دَارٍ عَمِلَ فِيهِ طَوَّانًا لِسَقْفِهِ وَكُتُبِيَّتَيْنِ وَقَمَرِيَّتَيْنِ مِنْ الزُّجَاجِ وَمَصَبًّا فِي حَائِطِهِ كُلُّ ذَلِكَ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ بِلَا إذْنِ الْمُؤَجِّرِ فَإِذَا خَرَجَ فَهَلْ لَهُ قَلْعُ مَا عَمِلَهُ حَيْثُ لَا يَضُرُّ قَلْعُهُ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ وَفِي تَجْرِيدِ الْبُرْهَانِيِّ وَإِذَا جَصَّصَ الْمُسْتَأْجِرُ الدَّارَ وَفَرَشَهَا بِالْآجُرِّ وَرَكَّبَ فِيهَا بَابًا أَوْ غَلْقًا أَوْ جَعَلَ مِسْمَارًا فِي بَابِهَا وَأَقَرَّ بِهِ الْآجِرُ وَأَرَادَ الْمُسْتَأْجِرُ قَلْعَهُ وَذَلِكَ لَا يَضُرُّ قَلْعُهُ، وَمَا يَضُرُّ قَلْعُهُ بِالدَّارِ لَيْسَ لَهُ قَلْعُهُ وَلَكِنْ يَضْمَنُ لَهُ رَبُّ الدَّارِ قِيمَةَ ذَلِكَ وَتُعْتَبَرُ قِيمَتُهُ يَوْمَ يَخْتَصِمَانِ عِمَادِيَّةٌ مِنْ أَحْكَامِ الْعِمَارَةِ فِي مِلْكِ الْغَيْرِ.
(سُئِلَ) فِي يَتِيمٍ اسْتَعْمَلَهُ رَجُلٌ مِنْ أَقْرِبَائِهِ فِي أَعْمَالٍ شَتَّى بِلَا إجَارَةٍ وَلَا إذْنِ قَاضٍ وَكَانَ مَا يُعْطِيهِ مِنْ الْكِسْوَةِ وَالْكِفَايَةِ دُونَ أُجْرَةِ مِثْلِهِ بِغَبْنٍ فَاحِشٍ ثُمَّ بَلَغَ رَشِيدًا وَطَلَبَ مِنْ الرَّجُلِ تَكْمِلَةَ أُجْرَةِ مِثْلِهِ فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ فِي نَوْعِ الْمُتَفَرِّقَاتِ مِنْ الْإِجَارَةِ بِمِثْلِهِ أَفْتَى الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ.
(سُئِلَ) فِي دَارٍ مُشْتَرَكَةٍ بِطَرِيقِ الْمِلْكِ بَيْنَ زَيْدٍ وَعَمْرٍو نِصْفَيْنِ فَعَمَّرَ زَيْدٌ فِيهَا عِمَارَةً بِإِذْنِ عَمْرٍو وَأَنْفَقَ فِيهَا مَبْلَغًا ثُمَّ اخْتَلَفَا فَقَالَ زَيْدٌ أَنْفَقْت كَذَا وَقَالَ عَمْرٌو كَذَا دُونَ مَا ادَّعَاهُ زَيْدٌ فَكَيْفَ الْحُكْمُ؟
(الْجَوَابُ): يُرْجَعُ ذَلِكَ لِأَهْلِ الصَّنْعَةِ فَإِنْ كَانَ جَمِيعُهُمْ عَلَى قَوْلٍ وَاحِدٍ فَالْقَوْلُ لَهُ وَإِنْ كَانَ الْبَعْضُ مَعَهُ وَالْبَعْضُ مَعَ الْآخَرِ فَعَلَى زَيْدٍ الْبَيِّنَةُ؛ لِأَنَّهَا دَعْوَى وَإِنْكَارٌ فَيُعْتَبَرُ فِيهَا مَا يُعْتَبَرُ فِي الدَّعْوَى وَالْإِنْكَارِ كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَالْفَتَاوَى الْخَيْرِيَّةِ مِنْ الْإِجَارَةِ طَحَّانٌ رَكَّبَ فِي الطَّاحُونَةِ حَجَرًا مِنْ مَالِهِ وَحَدِيدًا وَشَيْئًا آخَرَ وَنَحْوَ ذَلِكَ قَالُوا إنْ فَعَلَ ذَلِكَ بِأَمْرِ صَاحِبِ الطَّاحُونَةِ لِيَرْجِعَ عَلَيْهِ كَانَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ بِذَلِكَ عَلَى صَاحِبِ الطَّاحُونَةِ وَإِنْ فَعَلَ بِغَيْرِ أَمْرِهِ فَإِنْ أَمْكَنَ رَفْعُهُ مِنْ غَيْرِ ضَرَرٍ يَرْفَعُهُ وَإِنْ كَانَ مُرَكَّبًا لَا يُمْكِنُ رَفْعُهُ إلَّا بِضَرَرٍ كَانَ لِصَاحِبِ الطَّاحُونَةِ أَنْ يَدْفَعَ إلَيْهِ قِيمَتَهُ وَيَمْنَعَهُ مِنْ الرَّفْعِ فَإِنْ أَحْدَثَ الْمُسْتَأْجِرُ فِي الْمُسْتَأْجَرِ بِنَاءً أَوْ غِرَاسًا ثُمَّ انْقَضَتْ مُدَّةُ الْإِجَارَةِ كَانَ لِلْآجِرِ أَنْ يَأْمُرَهُ بِالرَّفْعِ قَلَّتْ قِيمَتُهُ أَوْ كَثُرَتْ وَإِنْ شَاءَ مَنَعَهُ مِنْ الرَّفْعِ وَأَعْطَاهُ الْقِيمَةَ إذَا لَمْ يَكُنْ أَمَرَهُ أَنْ يَفْعَلَ ذَلِكَ لِيَرْجِعَ عَلَيْهِ خَانِيَّةٌ مِنْ فَصْلِ مَا تُنْقَضُ بِهِ الْإِجَارَةُ وَمِثْلُهُ فِي الْبَزَّازِيَّةِ مِنْ نَوْعٍ آخَرَ فِي اسْتِئْجَارِ الْمُسْتَغَلِّ ثُمَّ ذَكَرَ فِي آخِرِهِ اسْتَأْجَرَ طَاحُونَةً إجَارَةً طَوِيلَةً ثُمَّ أَجَّرَهَا مِنْ غَيْرِهِ وَأَذِنَ لَهُ بِالْعِمَارَةِ وَأَنْفَقَ إنْ عَلِمَ أَنَّهُ مُسْتَأْجِرٌ وَالطَّاحُونَةَ لَيْسَتْ لَهُ لَا يَرْجِعُ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ وَظَنَّهُ مَالِكًا يَرْجِعُ وَهُوَ الْمُخْتَارُ.
(سُئِلَ) فِي رَجُلٍ سَكَنَ مَعَ زَوْجَتِهِ فِي دَارِ وَقْفٍ مُدَّةً مَعْلُومَةً بِلَا إجَارَةٍ وَلَا أُجْرَةٍ فَهَلْ يَكُونُ أَجْرُ مِثْلِهَا عَلَى الزَّوْجِ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَالْعَلَائِيِّ مِنْ النَّفَقَةِ وَفِي الْحَاوِي الزَّاهِدِيِّ مِنْ الْإِجَارَةِ سَكَنَ رَجُلٌ دَارَ الْوَقْفِ بِأَهْلِهِ وَأَوْلَادِهِ وَخَدَمِهِ فَأَجْرُ الْمِثْلِ عَلَيْهِ. اهـ.
(سُئِلَ) فِي مُسْتَأْجِرِ حِمَارٍ لِيَحْمِلَ عَلَيْهِ عِنَبًا مِنْ قَرْيَةِ كَذَا إلَى بَلْدَةِ كَذَا فَذَهَبَ بِالْحِمَارِ إلَى بَلْدَةٍ أُخْرَى أَبْعَدَ مِنْ الْأُولَى وَمِنْ غَيْرِ طَرِيقِهَا فَوَقَعَ الْحِمَارُ فِي الطَّرِيقِ تَحْتَ الْحِمْلِ وَعَطِبَ فَهَلْ يَضْمَنُ قِيمَتَهُ لِصَاحِبِهِ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ ذَكَرَ فِي عَارِيَّةِ شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ أَنَّ فِي كُلِّ مَوْضِعٍ يَضْمَنُ فِي الْإِعَارَةِ يَضْمَنُ فِي الْإِجَارَةِ وَلَا يَجِبُ الْأَجْرُ وَفِي كُلِّ مَوْضِعٍ لَا يَضْمَنُ فِي الْإِعَارَةِ لَا يَضْمَنُ فِي الْإِجَارَةِ وَيَجِبُ الْأَجْرُ عِمَادِيَّةٌ وَذَكَرَ فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ الْعَارِيَّةُ لَوْ كَانَتْ مُقَيَّدَةً بِمَكَانٍ فَجَاوَزَ ذَلِكَ الْمَكَانَ يَضْمَنُ وَلَا يَبْرَأُ بِالْعَوْدِ وَكَذَا الْجَوَابُ فِي الْإِجَارَةِ بِخِلَافِ الرَّهْنِ الْوَدِيعَةِ وَلَوْ لَمْ يَذْهَبْ إلَى ذَلِكَ الْمَكَانِ وَلَكِنْ إلَى مَكَان آخَرَ أَقْصَرَ مِنْهُ أَوْ أَطْوَلَ يَضْمَنُ وَكَذَا لَوْ أَمْسَكَهَا فِي بَيْتِهِ وَلَمْ يَذْهَبْ بِهَا إلَى ذَلِكَ الْمَكَانِ الَّذِي اسْتَعَارَهَا لَهُ يَضْمَنُ وَالْمُكْثُ الْمُعْتَادُ عَفْوٌ وَكَذَا هَذَا فِي الْإِجَارَةِ عِمَادِيَّةٌ فِي ضَمَانِ الْمُسْتَعِيرِ وَتَمَامُ الْمَسَائِلِ فِيهَا.
(سُئِلَ) فِي حِمَارَيْنِ مُعَدَّيْنِ لِلِاسْتِغْلَالِ بَيْنَ زَيْدٍ وَعَمْرٍو نِصْفَيْنِ أَجَّرَ زَيْدٌ وَاحِدًا مُعَيَّنًا مِنْهُمَا مِنْ بَكْرٍ بِأُجْرَةٍ مِنْ الدَّرَاهِمِ هِيَ أُجْرَةُ الْمِثْلِ وَقَبَضَهَا وَطَلَبَ شَرِيكُهُ نَصِيبَهُ مِنْهَا فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ؛ لِأَنَّ نَفْسَ تَصَرُّفِ أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ بِدُونِ إذْنِ الْآخَرِ غَصْبٌ وَفِي شَرِكَةِ الْمِلْكِ كُلٌّ مِنْ شُرَكَاءِ الْمِلْكِ أَجْنَبِيٌّ فِي مَالِ صَاحِبِهِ لِعَدَمِ تَضَمُّنِهَا الْوَكَالَةَ كَمَا فِي التَّنْوِيرِ وَغَيْرِهِ وَالْغَاصِبُ إذَا أَجَّرَ مَا مَنَافِعُهُ مَضْمُونَةٌ مِنْ مَالِ وَقْفٍ أَوْ يَتِيمٍ أَوْ مُعَدٍّ لِلِاسْتِغْلَالِ فَعَلَى الْمُسْتَأْجِرِ الْمُسَمَّى لَا أَجْرُ الْمِثْلِ وَلَا يَلْزَمُ الْغَاصِبَ أَجْرُ الْمِثْلِ إنَّمَا يَرُدُّ مَا قَبَضَهُ كَذَا فِي الْأَشْبَاهِ مِنْ الْغَصْبِ قَالَ الْعَلَّامَةُ الْحَمَوِيُّ هَذَا عَلَى قَوْلِ الْمُتَقَدِّمِينَ أَمَّا عَلَى مَا اخْتَارَهُ الْمُتَأَخِّرُونَ مِنْ تَضْمِينِ مَنَافِعِ الْوَقْفِ وَمَالِ الْيَتِيمِ وَالْمُعَدِّ لِلِاسْتِغْلَالِ بِالْغَصْبِ فَيَنْبَغِي أَنَّ مَا قَبَضَهُ الْغَاصِبُ مِنْ الْأُجْرَةِ إذَا كَانَ أَقَلَّ مِنْ أُجْرَةِ الْمِثْلِ أَنْ يُكْمِلَ الْغَاصِبُ أُجْرَةَ الْمِثْلِ وَإِنْ كَانَ مَا قَبَضَهُ زَائِدًا يَرُدُّ أَيْضًا لِعَدَمِ طِيبِهِ لَهُ وَأَمَّا عَلَى قَوْلِ مَنْ لَا يَرَى تَضْمِينَ أَجْرِ الْمِثْلِ بِالْغَصْبِ فِيهَا كَمَا هُوَ قَوْلُ الْمُتَقَدِّمِينَ فَلَا يَرُدُّ إلَّا مَا قَبَضَهُ لِعَدَمِ طِيبِهِ إلَخْ وَمِثْلُهُ فِي حَاشِيَةِ بِيرِيٌّ فَرَاجِعْهَا وَلَا شَكَّ أَنَّ عَلَى قَوْلِ الْمُتَأَخِّرِينَ الْفَتْوَى كَمَا فِي الشُّرُوحِ.
(سُئِلَ) فِي مُسْتَأْجِرِ الدَّابَّةِ لِيَرْكَبَهَا إلَى مَكَانِ كَذَا إذَا رَكِبَهَا ثُمَّ أَمْسَكَهَا ثُمَّ بَعَثَهَا إلَى صَاحِبِهَا مَعَ أَجْنَبِيٍّ بِلَا إذْنِهِ وَضَاعَتْ فِي الطَّرِيقِ فَهَلْ يَضْمَنُ قِيمَتَهَا لِصَاحِبِهَا؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ وَإِنْ رَدَّ الْمُسْتَعِيرُ الدَّابَّةَ مَعَ عَبْدِهِ أَوْ أَجِيرِهِ مُشَاهَرَةً أَوْ مَعَ عَبْدِ رَبِّهَا أَوْ أَجِيرِهِ بَرِئَ بِخِلَافِ الْأَجْنَبِيِّ بِأَنْ كَانَتْ الْعَارِيَّةُ مُوَقَّتَةً فَمَضَتْ مُدَّتُهَا ثُمَّ بَعَثَهَا مَعَ الْأَجْنَبِيِّ وَإِلَّا فَالْمُسْتَعِيرُ يَمْلِكُ الْإِيدَاعَ مِنْ الْأَجْنَبِيِّ تَنْوِيرٌ عَنْ الْعِمَادِيَّةِ وَمِثْلُهُ فِي شَرْحِ الْمُنْتَقَى وَشَرْحِ التَّنْوِيرِ وَالْمِنَحِ وَفَتَاوَى مُؤَيَّدِ زَادَهْ وَإِنَّمَا اسْتَشْهَدْنَا بِمَسْأَلَةِ الْمُسْتَعِيرِ لِمَا فِي الْعِمَادِيَّةِ ذَكَرَ فِي شَرْحِ عَارِيَّةِ الطَّحَاوِيِّ أَنَّ فِي كُلِّ مَوْضِعٍ يَضْمَنُ فِي الْإِعَارَةِ يَضْمَنُ فِي الْإِجَارَةِ وَلَا يَجِبُ الْأَجْرُ وَفِي كُلِّ مَوْضِعٍ لَا يَضْمَنُ فِي الْإِعَارَةِ لَا يَضْمَنُ فِي الْإِجَارَةِ وَيَجِبُ الْأَجْرُ. اهـ.
أَمْسَكَ الْمُسْتَأْجِرُ بَعْدَ مُضِيِّ الْمُدَّةِ وَتَرَكَهُ فِي دَارِ غَيْرِهِ ضَمِنَ إذْ الرَّدُّ عَلَيْهِ لَازِمٌ بَعْدَ الْمُدَّةِ فَيَغْرَمُ بِالتَّرْكِ وَكَذَا تَرْكُهُ فِي دَارِ غَيْرِهِ وَغَيْبَتُهُ عَنْهُ تَضْيِيعٌ فَتَاوَى مُؤَيِّدِيَّةٌ. (أَقُولُ) وَفِيهِ كَلَامٌ سَنَذْكُرُهُ قَرِيبًا.
(سُئِلَ) فِي رَجُلٍ اسْتَأْجَرَ بَهِيمًا مِنْ صَاحِبِهِ بِأُجْرَةٍ مَعْلُومَةٍ لِيَرْكَبَهُ إلَى بَلْدَةِ كَذَا فَنَامَ فِي الطَّرِيقِ وَمِقْوَدُهُ فِي يَدِهِ فَقَطَعَهُ إنْسَانٌ وَأَخَذَ الْبَهِيمَ فَهَلْ لَا ضَمَانَ عَلَى الرَّجُلِ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ وَضَعَهَا الْمُسْتَعِيرُ بَيْنَ يَدَيْهِ وَنَامَ قَاعِدًا يَبْرَأُ وَلَوْ نَامَ مُضْطَجِعًا ضَمِنَ فِي الْحَضَرِ وَإِلَّا فَلَا فُصُولَيْنِ مِنْ أَنْوَاعِ الضَّمَانَاتِ مِنْ الْعَارِيَّةِ الْمُوَقَّتَةِ وَقَدْ عُلِمَ مِمَّا مَرَّ آنِفًا عَنْ شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ أَنَّ حُكْمَ الْإِجَارَةِ وَالْإِعَارَةِ وَاحِدٌ.
(سُئِلَ) فِي كَحَّالٍ مُتْقِنٍ لِحِرْفَتِهِ أَهْلٍ لَهَا أَمَرَتْهُ امْرَأَةٌ بِمُدَاوَاةِ عَيْنِهَا الرَّمِدَةِ وَكَحْلِهَا فَصَبَّ الدَّرُورَ فِي عَيْنِهَا وَلَمْ يَغْلَطْ فَزَعَمَتْ أَنَّهُ ذَهَبَ ضَوْءُهَا وَأَنَّهُ يَضْمَنُ فَهَلْ حَيْثُ كَانَ الْأَمْرُ كَمَا ذُكِرَ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ الْكَحَّالُ إذَا صَبَّ الدَّرُورَ فِي عَيْنِ رَجُلٍ فَذَهَبَ ضَوْءُهَا لَا يَضْمَنُ كَالْخَتَّانِ إلَّا إذَا غَلِطَ فَإِنْ قَالَ رَجُلَانِ إنَّهُ لَيْسَ بِأَهْلٍ وَهَذَا مِنْ خُرْقٍ فِعْلِهِ وَقَالَ رَجُلَانِ هُوَ أَهْلٌ لَا يَضْمَنُ فَإِنْ كَانَ فِي جَانِبِ الْكَحَّالِ وَاحِدٌ وَفِي جَانِبِ الْآخَرِ اثْنَانِ ضَمِنَ وَفِي جِنَايَاتِ مَجْمُوعِ النَّوَازِلِ لَوْ قَالَ رَجُلٌ لِكَحَّالٍ دَاوِ بِشَرْطِ أَنْ لَا يَذْهَبَ الْبَصَرُ فَذَهَبَ لَا يَضْمَنُ مِنْ إجَارَاتِ الْخُلَاصَةِ فِي الْحَجَّامِ صُوَرِ الْمَسَائِلِ مِنْ فَصْلِ الضَّمَانَاتِ وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ مِنْ الْإِجَارَةِ مِنْ نَوْعٍ فِي الْحَجَّامِ وَالْبَزَّاغِ صَبَّ الْكَحَّالُ الدَّرُورَ فِي عَيْنٍ رَمِدٍ فَذَهَبَ ضَوْءُهَا لَا يَضْمَنُ كَالْخِتَانِ إلَّا إذَا غَلِطَ فَإِنْ قَالَ رَجُلَانِ إنَّهُ أَهْلٌ وَرَجُلَانِ أَنَّهُ لَيْسَ بِأَهْلٍ وَهَذَا غَلَطٌ لَا يَضْمَنُ وَإِنْ صَوَّبَهُ رَجُلٌ وَخَطَّاهُ رَجُلَانِ فَالْمُخَطِّئُ صَائِبٌ وَيَضْمَنُ. اهـ.
(سُئِلَ) فِي مُسْتَأْجِرِ دَابَّةٍ جَمَحَتْ بِهِ وَنَفَرَتْ قَهْرًا عَلَيْهِ بِلَا تَعَدٍّ مِنْهُ وَلَا تَقْصِيرٍ وَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى رَدِّهَا وَضَاعَتْ فَهَلْ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ وَلَوْ كَانَ يُصَلِّي فِي الصَّحْرَاءِ فَنَزَلَ عَنْ الدَّابَّةِ فَأَمْسَكَهَا فَانْفَلَتَتْ مِنْ يَدِهِ فَلَا ضَمَانَ لِأَنَّهُ لَمْ يُضَيِّعْهَا عِمَادِيَّةٌ مِنْ ضَمَانِ الْمُسْتَعِيرِ وَكُلُّ مَوْضِعٍ تَضْمَنُ فِي الْإِعَارَةِ يَضْمَنُ فِي الْإِجَارَةِ كَمَا مَرَّ آنِفًا.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا اسْتَأْجَرَ زَيْدٌ مِنْ عَمْرٍو بَهِيمَةً لِيَحْمِلَهَا مِنْ مَدِينَةِ كَذَا إلَى قَرْيَتِهِ فِي يَوْمِهِ وَالْيَوْمِ الَّذِي بَعْدَهُ ذَاهِبًا وَجَائِيًا ثُمَّ يَرُدَّهَا إلَى الْمَكَانِ الَّذِي قَبَضَهَا فِيهِ فَحَمَلَهَا وَذَهَبَ بِهَا إلَى قَرْيَةٍ أَبْعَدَ مِنْ قَرْيَتِهِ وَأَمْسَكَهَا بَعْدَ الْيَوْمِ الثَّانِي الْمَذْكُورِ أَيَّامًا وَلَمْ يَرُدَّهَا حَتَّى نَطَحَهَا ثَوْرٌ وَجَرَحَهَا وَمَاتَتْ مِنْ الْجِرَاحَةِ فَهَلْ يَضْمَنُ قِيمَتَهَا؟
(الْجَوَابُ): ذَكَرَ فِي التَّجْرِيدِ الْبُرْهَانِيِّ لَيْسَ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ رَدُّ الدَّابَّةِ الْمُسْتَأْجَرَةِ عَلَى الْمَالِكِ وَعَلَى الَّذِي أَجَّرَ أَنْ يَقْبِضَ مِنْ مَنْزِلِ الْمُسْتَأْجِرِ فَإِنْ أَمْسَكَهَا وَهَلَكَتْ لَمْ يَضْمَنْهَا وَلَيْسَ هَذَا كَالْعَارِيَّةِ فَإِنْ اسْتَأْجَرَهَا مِنْ مَوْضِعٍ إلَى الْمِصْرِ ذَاهِبًا وَجَائِيًا فَعَلَى الْمُسْتَأْجِرِ أَنْ يَأْتِيَ بِهَا ذَلِكَ الْمَوْضِعَ الَّذِي قَبَضَ فِيهِ فَإِنْ أَمْسَكَهَا فِي بَيْتِهِ ضَمِنَ وَلَوْ قَالَ الْمُسْتَأْجِرُ أَنَا أَرْكَبُ مِنْ هَذَا الْمَوْضِعِ وَأَرْجِعُ إلَى مَنْزِلِي فَلَيْسَ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ أَنْ يَرُدَّهَا إلَى مَنْزِلِ الْمُؤَجِّرِ هَذِهِ الْجُمْلَةُ فِي التَّجْرِيدِ عِمَادِيَّةٌ مِنْ أَنْوَاعِ الضَّمَانَاتِ فِي رَدِّ الْمُسْتَأْجِرِ وَمِثْلُهُ فِي الْفُصُولَيْنِ. (أَقُولُ) وَفِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ أَيْضًا رَامِزًا إلَى أَجْنَاسِ النَّاطِفِيِّ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى كُلُّ مَا لِحَمْلِهِ مُؤْنَةٌ كَرَحَى الْيَدِ فَعَلَى الْمُؤَجِّرِ رَدُّهُ لَا عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ وَمَا لَا حِمْلَ لَهُ كَثِيَابٍ وَدَابَّةٍ فَعَلَى الْمُسْتَأْجِرِ رَدُّهُ ثُمَّ رَمَزَ لَا يَجِبُ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ رَدُّهُ بَعْدَ الْمُدَّةِ بَلْ عَلَيْهِ رَفْعُ الْيَدِ فَقَطْ وَحَكَى عَنْ الرَّازِيِّ يَجِبُ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ رَدُّهُ وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيْ الشَّافِعِيِّ لَنَا أَنَّهُ عَقْدٌ يُقْصَدُ بِهِ الْمَنْفَعَةُ بِبَدَلٍ فَلَا يَجِبُ عَلَى الْعَاقِدِ رَدُّهُ بَعْدَ رَفْعِ الْيَدِ إلَخْ. اهـ.
وَمُقْتَضَى هَذَا أَنَّ فِي الْمَسْأَلَةِ خِلَافًا وَأَنَّ الْمُعْتَمَدَ أَنَّ الرَّدَّ عَلَى الْمُؤَجِّرِ فِي الْكُلِّ لِتَرْجِيحِ هَذَا الْقَوْلِ بِالِاسْتِدْلَالِ عَلَيْهِ ثُمَّ ذَكَرَ فِي الْفُصُولَيْنِ عَنْ عِدَّةِ كُتُبٍ مَا يُؤَيِّدُهُ وَحَيْثُ كَانَ الرَّدُّ عَلَى الْمُؤَجِّرِ فَلَا ضَمَانَ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ بِالْإِمْسَاكِ بِلَا طَلَبٍ وَعَلَى هَذَا فَمَا ذَكَرَهُ عَنْ التَّجْرِيدِ مِنْ قَوْلِهِ وَلَيْسَ هَذَا كَالْعَارِيَّةِ يُخَالِفُ مَا مَرَّ قَبْلَ صَفْحَةٍ عَنْ شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ مِنْ أَنَّ كُلَّ مَوْضِعٍ يَضْمَنُ فِي الْإِعَارَةِ يَضْمَنُ فِي الْإِجَارَةِ وَمَا لَا فَلَا إلَّا أَنْ يُحْمَلَ مَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ عَلَى الْقَوْلِ الْآخَرِ الْمَذْكُورِ فِي الْأَجْنَاسِ أَوْ يُحْمَلَ عَلَى الْإِعَارَةِ الْمُطْلَقَةِ أَمَّا الْمُقَيَّدَةُ فَقَدْ صَرَّحَ فِي الْفُصُولَيْنِ فِي ضَمَانِ الْمُسْتَعِيرِ بِأَنَّ الْعَارِيَّةَ لَوْ مُوَقَّتَةً فَأَمْسَكَهَا بَعْدَ الْوَقْتِ مَعَ إمْكَانِ الرَّدِّ ضَمِنَ وَإِنْ لَمْ يَسْتَعْمِلْهَا بَعْدَ الْوَقْتِ هُوَ الْمُخْتَارُ وَسَوَاءٌ تَوَقَّتَتْ نَصًّا أَوْ دَلَالَةً حَتَّى إنَّ مَنْ اسْتَعَارَ قَدُومًا لِيَكْسِرَ حَطَبًا فَأَمْسَكَهُ ضَمِنَ. اهـ.
وَقَالَ قَبْلَهُ وَلَوْ تَلِفَتْ أَيْ الْعَارِيَّةُ بَعْدَ مُضِيِّهَا ضَمِنَ فِي قَوْلِهِمْ إذَا أَمْسَكَهَا بَعْدَ الْمُضِيِّ بِلَا إذْنٍ فَصَارَ غَاصِبًا بِخِلَافِ الْمُسْتَأْجِرِ بَعْدَ مُضِيِّ الْمُدَّةِ إذْ مُؤْنَةُ الرَّدِّ فِي الْإِجَارَةِ عَلَى الْمَالِكِ فَلَمْ يُوجَدْ مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ مَنْعٌ يَصِيرُ بِهِ غَاصِبًا. اهـ.
(سُئِلَ) فِي مُسْتَأْجِرِ دَابَّةٍ لِيَحْمِلَ عَلَيْهَا مِقْدَارًا مَعْلُومًا مِنْ الزَّرْعِ فَحَمَلَ أَكْثَرَ مِنْهُ وَهِيَ لَا تُطِيقُ فَعَطِبَتْ بِذَلِكَ فَهَلْ يَلْزَمُ الْمُسْتَأْجِرَ جَمِيعُ قِيمَتِهَا؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ كَمَا فِي التَّنْوِيرِ مِنْ بَابِ مَا تَجُوزُ إجَارَتُهُ وَمَا لَا تَجُوزُ.
(سُئِلَ) فِيمَنْ اسْتَأْجَرَ رَأْسَ جُدُرِ وَقْفٍ مِنْ نَاظِرِهِ لِيَضَعَ عَلَيْهَا جُذُوعًا مُدَّةً طَوِيلَةً مَعْلُومَةً بِأُجْرَةٍ مَعْلُومَةٍ لَدَى حَاكِمٍ شَافِعِيٍّ حَكَمَ بِصِحَّتِهَا بِحَوَادِثِهَا الشَّرْعِيَّةِ وَكَتَبَ بِهِ حُجَّةً أَفْتَى مُفْتِي مَذْهَبِهِ بِصِحَّتِهَا وَالْعَمَلِ بِمَضْمُونِهَا فَهَلْ يُعْمَلُ بِمَضْمُونِهَا بَعْدَ ثُبُوتِهِ شَرْعًا؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ اسْتَأْجَرَ عُلْوَ مَنْزِلٍ لِيَبْنِيَ عَلَيْهِ لَمْ يَجُزْ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَيَجُوزُ فِي قَوْلِهِمَا فَمِنْ الْمَشَايِخِ مَنْ قَالَ مَوْضِعُ الْمَسْأَلَةِ إذَا كَانَ الْعُلْوُ لِرَجُلٍ وَالسُّفْلُ لِرَجُلٍ آخَرَ فَآجَرَ صَاحِبُ الْعُلْوِ مِنْ رَجُلٍ لِيَبْنِيَ عَلَيْهِ وَتَكُونُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ فَرْعَ مَسْأَلَةٍ أُخْرَى أَنَّ صَاحِبَ الْعُلْوِ إذَا أَرَادَ أَنْ يُحْدِثَ فِي الْعُلْوِ شَيْئًا قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ أَضَرَّ بِالسُّفْلِ أَوْ لَمْ يَضُرَّ فَإِذَا لَمْ يَمْلِكْ صَاحِبُ الْعُلْوِ إحْدَاثَ الْبِنَاءِ بِنَفْسِهِ لَمْ يَمْلِكْ التَّمْلِيكَ بِالْإِجَارَةِ حَتَّى لَوْ كَانَ الْعُلْوُ وَالسُّفْلُ لِوَاحِدٍ فَإِنَّهُ تَجُوزُ هَذِهِ الْإِجَارَةُ عِنْدَهُمْ جَمِيعًا وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ لَا بَلْ الْمَسْأَلَةُ عَلَى الْخِلَافِ وَإِنْ كَانَ الْعُلْوُ وَالسُّفْلُ لِوَاحِدٍ مُحِيطُ الْبُرْهَانِيٌّ فِي الْخَامِسِ مِنْ الْإِجَارَةِ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا اسْتَأْجَرَ زَيْدٌ عَمْرًا لِيَخْدُمَهُ فِي طَرِيقِ الْحَجِّ مِنْ مَكَّةَ الْمُكَرَّمَةِ إلَى دِمَشْقَ بِأُجْرَةٍ مَعْلُومَةٍ مِنْ الدَّرَاهِمِ شَرَطَ تَعْجِيلَهَا فِي الْعَقْدِ وَقَبَضَهَا إجَارَةً صَحِيحَةً ثُمَّ خَدَمَهُ فِي بَعْضِ الطَّرِيقِ وَلَمْ يَسْتَخْدِمْهُ فِي بَعْضِهِ مَعَ عَدَمِ الْمَانِعِ مِنْ جِهَةِ الْأَجِيرِ فَهَلْ يَجِبُ الْأَجْرُ لِتَمَكُّنِ الْمُسْتَأْجِرِ مِنْ الِانْتِفَاعِ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ.
(سُئِلَ) فِي رَجُلٍ اسْتَأْجَرَ مِنْ زَيْدٍ جَمَلًا لِيَحْمِلَ لَهُ جَارِيَتَهُ الصَّغِيرَةَ مِنْ مَكَّةَ الْمُكَرَّمَةِ إلَى دِمَشْقَ وَجَعَلَ لَهُ عَلَى ذَلِكَ أُجْرَةً شَاشَةَ بِنَدِيَّةٍ مُشَارًا إلَيْهَا فَرَكِبَهَا حَتَّى وَصَلَا إلَى دِمَشْقَ وَيُرِيدُ زَيْدٌ مُطَالَبَتَهُ بِدَرَاهِمَ زَائِدَةٍ عَلَى ذَلِكَ فَهَلْ لَيْسَ لَهُ الْمُطَالَبَةُ بِذَلِكَ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ قَالَ فِي الْبَحْرِ وَلَوْ كَانَتْ ثِيَابًا أَوْ عَرُوضًا فَالشَّرْطُ فِيهِ بَيَانُ الْقَدْرِ وَالْأَجَلِ وَالصِّفَةِ إلَى إنْ قَالَ وَهَذَا كُلُّهُ إذَا لَمْ يُشِرْ إلَيْهَا فَإِنْ أَشَارَ فَهِيَ كَافِيَةٌ وَلَا يُحْتَاجُ إلَى بَيَانِ الْقَدْرِ وَالْوَصْفِ وَالْأَجَلِ.
(سُئِلَ) فِي رَجُلٍ اشْتَرَى ثَمَرَاتِ بُسْتَانٍ بَارِزَةً ثُمَّ قَالَ الْآخَرُ اعْمَلْ مَعِي وَلَك نِصْفُ رِبْحِ الثَّمَرَةِ فَعَمِلَ فِيهَا فَهَلْ تَكُونُ إجَارَةً فَاسِدَةً وَلَهُ أَجْرُ مِثْلِ عَمَلِهِ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ وَلَوْ قَالَ اعْمَلْ مَعِي فِي كَرْمِي هَذِهِ السَّنَةَ حَتَّى أُزَوِّجَك بِنْتِي فَعَمِلَ فَلَمْ يُزَوِّجْهَا مِنْهُ فَفِي وُجُوبِ الْأَجْرِ خِلَافٌ وَالْأَشْبَهُ الْوُجُوبُ وَكَذَا اُخْتُلِفَ فِيمَا لَوْ عَمِلَ بِلَا شَرْطٍ وَلَكِنْ عَلِمَ أَنَّهُ مَا يَعْمَلُ إلَّا طَمَعًا فِي التَّزْوِيجِ وَعَلَى هَذَا لَوْ قَالَ لِرَجُلٍ اعْمَلْ مَعِي حَتَّى أَفْعَلَ فِي حَقِّك كَذَا فَأَبَى جَامِعُ الْفَتَاوَى مِنْ الْإِجَارَةِ. (أَقُولُ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَوْ زَوَّجَهُ بِنْتَه لَمْ يَسْتَحِقَّ أُجْرَةً مَعَ أَنَّ الْإِجَارَةَ فَاسِدَةٌ لِجَهَالَةِ الْمُسَمَّى أَوْ عَدَمِهِ فَيَنْبَغِي لُزُومُ أَجْرِ الْمِثْلِ بَالِغًا مُطْلَقًا؛ لِأَنَّهُ إذَا زَوَّجَهُ إنَّمَا يُزَوِّجُهُ بِالْمَهْرِ فَلَمْ يَحْصُلْ فِي مُقَابَلَةِ عَمَلِهِ شَيْءٌ يَصْلُحُ بَدَلًا وَقَدَّمْنَا عَنْ الْأَشْبَاهِ وَغَيْرِهَا أَنَّهُ لَوْ قَالَ آجَرْتُك دَارِي بِغَيْرِ شَيْءٍ فَهِيَ إجَارَةٌ فَاسِدَةٌ لَا عَارِيَّةٌ أَيْ فَيَجِبُ أُجْرَةُ الْمِثْلِ وَإِلَّا كَانَتْ عَارِيَّةً لَا إجَارَةً إذْ الْإِجَارَةُ لَا بُدَّ لَهَا مِنْ بَدَلٍ؛ لِأَنَّهَا بَيْعُ الْمَنَافِعِ وَلِذَا لَوْ اسْتَقْرَضَ دَرَاهِمَ وَأَسْكَنَ الْمُقْرِضَ فِي دَارِهِ بِلَا أُجْرَةٍ لَهُ أُجْرَةُ الْمِثْلِ؛ لِأَنَّهُ إجَارَةٌ مَعْنًى كَمَا قَدَّمْنَاهُ فَإِذَا لَزِمَ أَجْرُ الْمِثْلِ مَعَ التَّصْرِيحِ بِعَدَمِ الْأُجْرَةِ يَكُونُ لُزُومُهُ مَعَ عَدَمِ التَّصْرِيحِ بِالْأَوْلَى كَمَا فِي مَسْأَلَتِنَا وَيُمْكِنُ أَنْ يُجَابَ بِأَنَّ قَوْلَهُ فَلَمْ يُزَوِّجْهَا مِنْهُ إلَخْ لَيْسَ احْتِرَازًا عَمَّا لَوْ زَوَّجَهُ بَلْ حُكْمُهُمَا وَاحِدٌ وَإِنَّمَا قَيَّدَ بِعَدَمِ تَزْوِيجِهِ؛ لِأَنَّهُ إذَا زَوَّجَهُ بِنْتَه لَا يَطْلُبُ الْأَجِيرُ فِي الْعَادَةِ مِنْهُ أُجْرَةً أَوْ؛ لِأَنَّهُ يُزَوِّجُهُ بِنْتَه بِأُجْرَةِ عَمَلِهِ وَلَا يَأْخُذُ مِنْهُ مَهْرًا غَيْرَهَا هَذَا مَا ظَهَرَ فَتَأَمَّلْهُ بِإِمْعَانِ النَّظَرِ.
(سُئِلَ) فِي أَبَارِيقِ قَهْوَةٍ مِنْ نُحَاسٍ مُشْتَرَكَةٍ بَيْنَ زَيْدٍ وَعَمْرٍو مُنَاصَفَةً اسْتَعْمَلَهَا زَيْدٌ مُدَّةً فِي غَيْبَةِ شَرِيكِهِ عَمْرٍو وَيُرِيدُ عَمْرٌو الْآنَ مُطَالَبَتَهُ بِأُجْرَةِ مِثْلِ حِصَّتِهِ مِنْهَا فَهَلْ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ وَلَوْ كَانَتْ الْأَبَارِيقُ مُعَدَّةً لِلِاسْتِغْلَالِ لِقَوْلِهِ فِي التَّنْوِيرِ إلَّا فِي الْمُعَدِّ لِلِاسْتِغْلَالِ إذَا سَكَنَهُ بِتَأْوِيلِ مِلْكٍ أَوْ عَقْدٍ. اهـ.
فَهَاهُنَا بِتَأْوِيلِ مِلْكٍ كَمَا أَوْضَحَهُ فِي الْعِمَادِيَّةِ وَالْفُصُولَيْنِ.
(سُئِلَ) فِي رَجُلٍ بِهِ دَاءٌ فِي ظَهْرِهِ اتَّفَقَ مَعَ طَبِيبٍ عَلَى مُدَاوَاتِهِ وَجَعَلَ لَهُ أُجْرَةً وَلَمْ يَضْرِبْ لَهُ مُدَّةً وَدَاوَاهُ وَيُرِيدُ الطَّبِيبُ أُجْرَةَ مِثْلِهِ وَمَا أَنْفَقَهُ فِي ثَمَنِ الْأَدْوِيَةِ فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ وَالْمَسْأَلَةُ فِي الْخَيْرِيَّةِ مِنْ الْإِجَارَةِ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا اسْتَأْجَرَ زَيْدٌ مِنْ عَمْرٍو دَارًا وَلَمْ يَرَهَا فَلَمَّا رَآهَا لَمْ تُعْجِبْهُ وَيُرِيدُ زَيْدٌ فَسْخَ الْإِجَارَةِ بِخِيَارِ الرُّؤْيَةِ فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ كَمَا فِي الْكَنْزِ وَالتَّنْوِيرِ مِنْ فَسْخِ الْإِجَارَةِ وَعِبَارَةُ التَّنْوِيرِ تُفْسَخُ بِخِيَارِ شَرْطٍ وَرُؤْيَةٍ. اهـ.
وَتَوْضِيحُهُ فِي الدُّرَرِ.
(سُئِلَ) فِي رَاعِي بَقَرٍ أَجِيرٍ مُشْتَرَكٍ بَعَثَ الْبَقَرَ مَعَ ابْنِهِ الصَّغِيرِ وَصَغِيرٍ آخَرَ أَجْنَبِيٍّ عَنْهُ وَهُمَا لَا يَقْدِرَانِ عَلَى الْحِفْظِ أَصْلًا فَفُقِدَتْ وَهَلَكَتْ وَاحِدَةٌ مِنْ الْبَقَرِ فَهَلْ يَكُونُ هَذَا تَضْيِيعًا فَيَضْمَنُ الرَّاعِي؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ وَذَكَرَ فِي الذَّخِيرَةِ وَلِلرَّاعِي أَنْ يَبْعَثَ الْأَغْنَامَ عَلَى يَدِ غُلَامِهِ أَوْ أَجِيرِهِ أَوْ وَلَدِهِ الْكَبِيرِ الَّذِي فِي عِيَالِهِ؛ لِأَنَّ الرَّدَّ مِنْ الْحِفْظِ وَلَهُ أَنْ يَحْفَظَ بِيَدِ مَنْ فِي عِيَالِهِ فَكَانَ لَهُ الرَّدُّ بِيَدِ مَنْ فِي عِيَالِهِ كَالْمُودَعِ فَإِذَا هَلَكَ فِي حَالَةِ الرَّدِّ فَإِنْ كَانَ الرَّاعِي أَجِيرًا مُشْتَرَكًا فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَعِنْدَهُمَا إنْ هَلَكَ بِأَمْرٍ يُمْكِنُ التَّحَرُّزُ عَنْهُ يَضْمَنُ كَمَا لَوْ رَدَّ بِنَفْسِهِ وَهَلَكَ فِي يَدِهِ فِي حَالَةِ الرَّدِّ وَإِنْ كَانَ الرَّاعِي أَجِيرًا خَاصًّا فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ عَلَى كُلِّ حَالٍ كَمَا لَوْ رَدَّ بِنَفْسِهِ وَهَلَكَ فِي يَدِهِ فِي حَالَةِ الرَّدِّ وَشَرَطَ أَنْ يَكُونَ الرَّادُّ كَبِيرًا يَقْدِرُ عَلَى الْحِفْظِ؛ لِأَنَّهُ مَتَى كَانَ صَغِيرًا لَا يَقْدِرُ عَلَى الْحِفْظِ يَكُونُ هَذَا تَضْيِيعًا وَالْأَجِيرُ يَضْمَنُ بِالتَّضْيِيعِ عِنْدَهُمْ جَمِيعًا وَشَرَطَ أَنْ يَكُونَ فِي عِيَالِهِ؛ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ فِي عِيَالِهِ كَانَ الرَّدُّ بِيَدِهِ وَبِيَدِ أَجْنَبِيٍّ سَوَاءً وَلَيْسَ لَهُ الرَّدُّ بِيَدِ أَجْنَبِيٍّ فَكَذَا بِيَدِ مَنْ لَيْسَ فِي عِيَالِهِ عِمَادِيَّةٌ مِنْ ضَمَانِ الرَّاعِي وَمِثْلُهُ فِي الْفُصُولَيْنِ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا دَفَعَ زَيْدٌ لِعَمْرٍو حِمْلًا لِيَحْمِلَهُ لَهُ مِنْ دِمَشْقَ إلَى قَرْيَةِ كَذَا بِأُجْرَةٍ مَعْلُومَةٍ وَعَيَّنَ لَهُ الرُّفْقَةَ فَذَهَبَ عَمْرٌو وَحْدَهُ وَالطَّرِيقُ مَخُوفٌ لَا يَسْلُكُهُ النَّاسُ إلَّا بِالرُّفْقَةِ فَفِي أَثْنَاءِ الطَّرِيقِ خَرَجَ عَلَيْهِ قُطَّاعُهُ وَأَخَذُوا الْحِمْلَ مِنْهُ فَهَلْ يَضْمَنُ عَمْرٌو الْحِمْلَ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ قَالَ فِي الْعِمَادِيَّةِ فَإِنْ عَيَّنَ الرُّفْقَةَ فَذَهَبَ بِغَيْرِ الرُّفْقَةِ إنْ كَانَ الطَّرِيقُ مَخُوفًا لَا يَسْلُكُهُ النَّاسُ إلَّا بِالرُّفْقَةِ يَضْمَنُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَخُوفًا وَيَسْلُكُهُ كُلُّ وَاحِدٍ بِغَيْرِ الرُّفْقَةِ لَا يَضْمَنُ. اهـ.
وَمِثْلُهُ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا دَفَعَ زَيْدٌ إلَى عَمْرٍو الْمُكَارِي أَمْتِعَةً لِيَحْمِلَهَا إلَى مَكَان مَعْلُومٍ بِأُجْرَةِ كَذَا مِنْ الدَّرَاهِمِ فَأُخْبِرَ عَمْرٌو أَنَّ فِي الطَّرِيقِ لُصُوصًا فَلَمْ يَلْتَفِتْ وَسَارَ فِي الطَّرِيقِ حَتَّى أَخَذَتْ اللُّصُوصُ الْأَمْتِعَةَ وَالْحَالُ أَنَّ النَّاسَ لَا يَسْلُكُونَ هَذَا الطَّرِيقَ مَعَ هَذَا الْخَبَرِ فَهَلْ حَيْثُ الْحَالُ مَا ذُكِرَ يَضْمَنُ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ اسْتَأْجَرَ حِمَارًا لِيَذْهَبَ بِهِ إلَى مَوْضِعٍ مَعْلُومٍ فَأُخْبِرَ أَنَّ فِي الطَّرِيقِ لُصُوصًا فَلَمْ يَلْتَفِتْ إلَى ذَلِكَ وَذَهَبَ وَأَخَذَهُ اللُّصُوصُ إنْ كَانَ النَّاسُ يَسْلُكُونَ هَذَا الطَّرِيقَ مَعَ هَذَا الْخَبَرِ بِدَوَابِّهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ فَلَا ضَمَانَ وَإِلَّا فَهُوَ ضَامِنٌ؛ لِأَنَّهُ فِي الْفَصْلِ الْأَوَّلِ لَيْسَ بِمُضَيَّعٍ وَفِي الْفَصْلِ الثَّانِي مُضَيِّعٌ عِمَادِيَّةٌ مِنْ الْفَصْلِ 32 فِي أَنْوَاعِ الضَّمَانَاتِ فِي إجَارَةِ الدَّوَابِّ وَمِثْلُهُ فِي الْفُصُولَيْنِ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا دَفَعَ زَيْدٌ لِعَمْرٍو الْقَرَوِيِّ دَوَابَّ لَهُ لِيَرْعَاهَا فِي مَحَلِّ الرَّعْيِ وَيَحْفَظَهَا عَلَى الْمُعْتَادِ بِنَفْسِهِ بِأُجْرَةٍ مَعْلُومَةٍ فَرَعَاهَا مُدَّةً ثُمَّ تَرَكَهَا تَرْعَى وَحْدَهَا مِنْ غَيْرِ حَافِظٍ حَتَّى ضَاعَ مِنْهَا اثْنَانِ بِتَفْرِيطِهِ وَتَقْصِيرِهِ فَهَلْ يَضْمَنُ قِيمَتَهُمَا؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ قَالَ فِي فُصُولِ الْعِمَادِيِّ وَفِي مُخْتَصَرِ الْقُدُورِيِّ لَا ضَمَانَ عَلَى الْأَجِيرِ الْخَاصِّ فِيمَا تَلِفَ فِي يَدِهِ وَلَا مَا تَلِفَ فِي عَمَلِهِ مَعْنَاهُ إذَا لَمْ يَكُنْ مُتَعَدِّيًا بِخِلَافِ الْأَجِيرِ الْمُشْتَرَكِ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ إذَا حَصَلَ الْهَلَاكُ بِفِعْلِهِ وَفِي التَّجْرِيدِ الْبُرْهَانِيِّ الْأَجِيرُ الْخَاصُّ لَا يَضْمَنُ إلَّا بِالتَّعَدِّي مِنَحٌ وَالْمُتَعَدِّي هُوَ الَّذِي يَفْعَلُ الْوَدِيعَةِ مَا لَا يَرْضَى بِهِ الْمُودِعُ عِنَايَةٌ. اهـ.
مِنْ الْأَنْقِرْوِيِّ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا اسْتَأْجَرَ زَيْدٌ مِنْ نَاظِرِ وَقْفٍ أَرْضَ بُسْتَانِ الْوَقْفِ بَعْدَمَا سَاقَاهُ النَّاظِرُ عَلَى الْأَشْجَارِ فِي مُدَّةِ الْإِجَارَةِ عَلَى جُزْءٍ مَعْلُومٍ إجَارَةً وَمُسَاقَاةً صَحِيحَتَيْنِ ثُمَّ مَاتَ الْمُسْتَأْجِرُ فِي أَثْنَاءِ الْمُدَّةِ قَبْلَ ظُهُورِ الثَّمَرَةِ وَعَقْدِهَا فَهَلْ تَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ وَتَبْطُلُ الْمُسَاقَاةُ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا انْقَضَتْ مُدَّةُ الْإِجَارَةِ وَالزَّرْعُ يَقِلُّ وَأَرَادَ الْمُؤَجِّرُ أَنْ يَسُوقَ شِرْبَ الْأَرْضِ إلَى أَرْضٍ أُخْرَى لَيْسَ لَهَا شِرْبٌ مِنْ ذَلِكَ النَّهْرِ بِدُونِ إذْنٍ مِنْ بَقِيَّةِ الشُّرَكَاءِ فِي النَّهْرِ فَهَلْ يَتْرُكُ الزَّرْعَ فِي الْأَرْضِ بِأَجْرِ الْمِثْلِ إلَى أَنْ يُدْرِكَ وَلَيْسَ لَهُ إخْرَاجُ الشِّرْبِ إلَى غَيْرِهَا وَالشِّرْبُ فِي الْإِجَارَةِ تَبَعٌ لِلْأَرْضِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ يَتْرُكُ الزَّرْعَ فِي الْأَرْضِ بِأَجْرِ الْمِثْلِ إلَى أَنْ يُدْرِكَ؛ لِأَنَّ لَهُ نِهَايَةً مَعْلُومَةً فَأَمْكَنَ رِعَايَةُ الْجَانِبَيْنِ إذَا انْقَضَتْ مُدَّةُ الْإِجَارَةِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْبَحْرِ وَالْمِنَحِ وَالْأَشْبَاهِ وَغَيْرِهَا وَالشِّرْبُ فِي الْإِجَارَةِ يَتْبَعُ الْأَرْضَ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ؛ لِأَنَّ الِانْتِفَاعَ بِالْأَرْضِ لَا يَتِمُّ بِدُونِهِ فَلَمْ تَجُزْ إجَارَةُ الشِّرْبِ مَعَ أَرْضٍ أُخْرَى كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ مِنْ الثَّالِثِ فِي كِتَابِ الشِّرْبِ وَفِي شَرْحِ الْمُلْتَقَى لِلْعَلَائِيِّ مِنْ بَابِ مَا يَدْخُلُ فِي الْبَيْعِ تَبَعًا وَلَا يَدْخُلُ الشِّرْبُ وَالطَّرِيقُ فِي بَيْعِ الْأَرْضِ وَالدَّارِ إلَّا بِذِكْرِ الْحُقُوقِ وَيَدْخُلَانِ فِي الْإِجَارَةِ وَالرَّهْنِ وَالْوَقْفِ وَالْقِسْمَةِ كَمَا فِي الْفَتْحِ. اهـ.
وَفِي الْهِدَايَةِ فِي فَصْلِ الدَّعْوَى فِي الشِّرْبِ وَلَيْسَ لِأَحَدِ الشُّرَكَاءِ فِي النَّهْرِ الْخَاصِّ أَنْ يَسُوقَ شِرْبَهُ إلَى أَرْضٍ لَهُ أُخْرَى لَيْسَ لَهَا فِي ذَلِكَ شِرْبٌ؛ لِأَنَّهُ إذَا تَقَادَمَ الْعَهْدُ يَسْتَدِلُّ بِهِ أَنَّهُ حَقُّهُ. اهـ.
وَمِثْلُهُ فِي الْمُتُونِ.
(سُئِلَ) فِي بَيْتٍ مَوْقُوفٍ سَكَنَهُ زَيْدٌ بِلَا عَقْدِ إجَارَةٍ شَرْعِيٍّ مُدَّةً بَلْ كَانَ يُعْطِي أُجْرَةَ كُلِّ شَهْرٍ فِيهِ بِحِسَابِهِ لِنَاظِرِ الْوَقْفِ آجَرَهُ النَّاظِرُ مِنْ عَمْرٍو بِزِيَادَةٍ مُعْتَبَرَةٍ مُدَّةَ سَنَةٍ ابْتِدَاؤُهَا غُرَّةَ مُحَرَّمٍ سَنَةَ كَذَا بَعْدَ انْتِهَاءِ ذِي الْحِجَّةِ الَّذِي كَانَ زَيْدٌ دَفَعَ أُجْرَتَهُ بِالتَّعَاطِي لِلنَّاظِرِ وَيَزْعُمُ زَيْدٌ أَنَّهُ أَحَقُّ بِقَبُولِ الزِّيَادَةِ الْمَزْبُورَةِ فَهَلْ لَا عِبْرَةَ بِزَعْمِهِ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ مُسْتَأْجِرًا تِلْكَ الْمُدَّةَ الْمَزْبُورَةَ. (أَقُولُ) صَرَّحَ فِي الدُّرِّ الْمُخْتَارِ فِي أَوَاخِرِ بَابِ الْفَسْخِ بِجَوَازِ الْإِجَارَةِ بِالتَّعَاطِي وَفِي الْأَشْبَاهِ السُّكُوتُ فِي الْإِجَارَةِ رِضًا وَقَبُولٌ وَتَمَامُهُ فِيمَا عَلَّقْنَاهُ عَلَيْهِ فَقَوْلُ الْمُؤَلِّفِ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ مُسْتَأْجِرًا تِلْكَ الْمُدَّةَ فِيهِ نَظَرٌ إلَّا أَنْ يُرَادَ الْمُدَّةُ الثَّانِيَةُ الَّتِي أَجَّرَهَا النَّاظِرُ مِنْ عَمْرٍو وَعَلَيْهِ فَهُوَ صَرِيحٌ فِي أَنَّ الْإِجَارَةَ الثَّانِيَةَ صَحِيحَةٌ وَإِنْ كَانَ الْمُسْتَأْجِرُ الْأَوَّلُ أَحَقَّ وَقَدْ تَوَقَّفْت فِيمَا مَرَّ فِي أَنَّ عَرْضَ الزِّيَادَةِ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ الْأَوَّلِ هَلْ هُوَ لَازِمٌ يَقْتَضِي عَدَمَ صِحَّةِ الْإِجَارَةِ مِنْ غَيْرِهِ قَبْلَ الْعَرْضِ عَلَيْهِ أَوْ هُوَ عَلَى سَبِيلِ الْأَوْلَوِيَّةِ فَلَا يَقْتَضِي ذَلِكَ وَلَمْ أَرَ التَّصْرِيحَ بِهِ فِي كَلَامِهِمْ فَلْيُرَاجَعْ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا اسْتَأْجَرَ زَيْدٌ دَابَّةَ عَمْرٍو لِيَحْمِلَ عَلَيْهَا كَذَا مِنْ الْحِنْطَةِ إلَى مَكَانِ كَذَا فَحَمَلَ عَلَيْهَا أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ حَدِيدًا بِدُونِ إذْنِ عَمْرٍو فَعَطِبَتْ الدَّابَّةُ وَمَاتَتْ مِنْ ذَلِكَ وَيُرِيدُ عَمْرٌو أَنْ يُضَمِّنَهُ قِيمَتَهَا فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ وَإِنْ اسْتَأْجَرَهَا لِيَحْمِلَ عَلَيْهَا حِنْطَةً أَوْ شَعِيرًا بِوَزْنٍ مَعْلُومٍ فَحَمَلَ عَلَيْهَا لَبَنًا أَوْ حَدِيدًا بِمِثْلِ ذَلِكَ الْوَزْنِ يَضْمَنُ لِأَنَّ الْحَدِيدَ وَاللَّبَنَ يَكُونُ أَدَقَّ لِظَهْرِ الدَّابَّةِ عِمَادِيَّةٌ فِي رَدِّ الْمُسْتَأْجِرِ.
(سُئِلَ) فِي رَجُلٍ أَحْرَقَ حَصَائِدَ أَرْضٍ مُسْتَعَارَةٍ بِقُرْبِ حِنْطَةِ زَيْدٍ حَالَ اضْطِرَابِ الرِّيَاحِ وَسَرَتْ النَّارُ إلَى الْحِنْطَةِ وَأَحْرَقَتْهَا وَكَانَتْ الرِّيَاحُ وَقْتَ الْإِحْرَاقِ يَذْهَبُ مِثْلُهَا بِمِثْلِ تِلْكَ النَّارِ إلَى الْحِنْطَةِ فَهَلْ يَضْمَنُ مِثْلَهَا لِزَيْدٍ حَيْثُ لَمْ يَنْقَطِعْ الْمِثْلُ بَعْدَ ثُبُوتِ ذَلِكَ شَرْعًا؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ أَحْرَقَ حَصَائِدَ أَرْضٍ مُسْتَأْجَرَةٍ أَوْ مُسْتَعَارَةٍ فَاحْتَرَقَ شَيْءٌ مِنْ أَرْضِ غَيْرِهِ لَمْ يَضْمَنْ إنْ لَمْ تَضْطَرِبْ الرِّيَاحُ فَلَوْ كَانَتْ مُضْطَرِبَةً ضَمِنَ؛ لِأَنَّهُ يَعْلَمُ أَنَّهَا لَا تَسْتَقِرُّ فِي أَرْضِهِ فَيَكُونُ مُبَاشِرًا شَرْحُ التَّنْوِيرِ لِلْعَلَائِيِّ مِنْ شَتَّى الْإِجَارَةِ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا اسْتَأْجَرَ زَيْدٌ مِنْ عَمْرٍو آلَاتِ لَهْوٍ وَلَعِبٍ يُسَمُّونَهَا بِالْمَنَاقِلِ وَالطَّابِ وَالدَّكِّ لِأَجْلِ اللَّعِبِ بِهَا مُدَّةً مَعْلُومَةً فَهَلْ لَا تَصِحُّ الْإِجَارَةُ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ قَالَ فِي الْبَدَائِعِ وَمِنْهَا أَنْ تَكُونَ الْمَنَافِعُ مُبَاحَةَ الِاسْتِيفَاءِ فَإِنْ كَانَتْ مَحْظُورَةَ الِاسْتِيفَاءِ لَمْ تَجُزْ الْإِجَارَةُ وَقَالَ فِي الْمُلْتَقَى بَعْدَ ذِكْرِهِ كَسْرَ آلَةِ اللَّهْوِ وَيَصِحُّ بَيْعُ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ وَقَالَا لَا يَضْمَنُ وَلَا يَجُوزُ بَيْعُهَا وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى. اهـ.
قَالَ فِي الْكَافِي لَهُمَا أَنَّ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ أُعِدَّتْ لِلْمَعْصِيَةِ فَبَطَلَ تَقَوُّمُهَا كَالْخَمْرِ وَالْفَتْوَى عَلَى قَوْلِهِمَا لِكَثْرَةِ الْفَسَادِ فِيمَا بَيْنَ النَّاسِ. اهـ.
وَالْبَيْعُ وَالْإِجَارَةُ أَخَوَانِ؛ لِأَنَّ الْإِجَارَةَ بَيْعُ الْمَنَافِعِ. (أَقُولُ) وَفِي مَتْنِ التَّنْوِيرِ وَلَا تَصِحُّ الْإِجَارَةُ لِعَسْبِ التَّيْسِ وَالْغِنَاءِ وَالنَّوْحِ وَالْمَلَاهِي. اهـ.
أَيْ كَالْمَزَامِيرِ وَالطَّبْلِ فَإِنْ كَانَ الطَّبْلُ لِغَيْرِ اللَّهْوِ كَطَبْلِ الْغُزَاةِ وَالْعُرْسِ وَالْقَافِلَةِ يَجُوزُ كَمَا فِي شَرْحِ الْهِدَايَةِ لِلْأَتْقَانِيِّ.
(سُئِلَ) فِي مُسْتَأْجِرِ بُسْتَانٍ مِنْ الْمُتَكَلِّمِ عَلَيْهِ انْقَضَتْ مُدَّةُ إجَارَتِهِ وَمَضَى بَعْدَهَا مُدَّةٌ أُخْرَى وَهُوَ وَاضِعٌ يَدَهُ عَلَى الْبُسْتَانِ مِنْ غَيْرِ عَقْدِ إجَارَةٍ وَلَا إذْنٍ مِنْ مُؤَجِّرِهِ الْمَذْكُورِ وَيَمْتَنِعُ مِنْ تَسْلِيمِ الْبُسْتَانِ زَاعِمًا أَنَّ لَهُ فِيهِ قِيمَةً وَحَرْثًا فِي بَعْضِهِ وَيُكَلِّفُ الْمُؤَجِّرَ بِشِرَاءِ الْقِيمَةِ بِدُونِ وَجْهٍ شَرْعِيٍّ وَالْحَالُ أَنَّ ذَلِكَ وَاقِعٌ فِي الْمُدَّةِ الْخَالِيَةِ عَنْ الْعَقْدِ وَالْإِذْنِ وَقَدْ اسْتَوْفَى مَنْفَعَةَ الْبُسْتَانِ فِيهَا فَهَلْ يُؤْمَرُ الْمُسْتَأْجِرُ بِتَسْلِيمِ الْبُسْتَانِ لِلْمُؤَجِّرِ وَيَرْفَعُ قِيمَتَهُ وَعَلَيْهِ أَجْرُ الْمِثْلِ فِي الْمُدَّةِ الَّتِي اسْتَوْفَى مَنْفَعَتَهَا وَلَا يُجْبَرُ الْمُؤَجِّرُ عَلَى شِرَاءِ الْقِيمَةِ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ. (أَقُولُ) أَطْلَقَ فِي لُزُومِ الْمُسْتَأْجِرِ أُجْرَةُ الْمِثْلِ عَنْ الْمُدَّةِ الْخَالِيَةِ عَنْ الْعَقْدِ وَفِيهِ تَفْصِيلٌ فَإِنْ كَانَ الْبُسْتَانُ وَقْفًا أَوْ لِيَتِيمٍ أَوْ أَعَدَّهُ مَالِكُهُ لِلِاسْتِغْلَالِ يَلْزَمُ الْمُسْتَأْجِرَ أُجْرَتُهُ عَنْ الْمُدَّةِ الْمَذْكُورَةِ وَإِلَّا فَإِنْ تَقَاضَاهُ الْمَالِكُ بِالْأُجْرَةِ وَلَمْ يُسَلِّمْهُ بَعْدَ التَّقَاضِي وَاسْتَغَلَّهُ لَزِمَتْهُ الْأُجْرَةُ أَيْضًا وَإِلَّا فَلَا قَالَ فِي الدُّرِّ الْمُخْتَارِ فِي بَابِ الْفَسْخِ وَفِي الْخَانِيَّةِ اسْتَأْجَرَ دَارًا أَوْ حَمَّامًا أَوْ أَرْضًا شَهْرًا فَسَكَنَ شَهْرَيْنِ هَلْ يَلْزَمُهُ أَجْرُ الشَّهْرِ الثَّانِي؟ إنْ مُعَدًّا لِلِاسْتِغْلَالِ نَعَمْ وَإِلَّا لَا.
بِهِ يُفْتَى قُلْت فَكَذَا الْوَقْفُ وَمَالُ الْيَتِيمِ وَكَذَا لَوْ تَقَاضَاهُ الْمَالِكُ وَطَالَبَهُ بِالْأَجْرِ فَسَكَنَ يَلْزَمُهُ بِسُكْنَاهُ بَعْدَهُ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا آجَرَ زَيْدٌ حَانُوتَهُ الْمَعْلُومَةَ مِنْ عَمْرٍو مُدَّةَ تِسْعِ سِنِينَ بِأُجْرَةٍ قَدْرُهَا عَنْ كُلِّ سَنَةٍ قِرْشَانِ وَمَضَى بَعْضُ الْمُدَّةِ فَلَزِمَ زَيْدًا دُيُونٌ لِأَرْبَابِهَا ثَابِتَةٌ بِالْبَيِّنَةِ الشَّرْعِيَّةِ وَلَا مَالَ لَهُ غَيْرُ الْحَانُوتِ وَيُرِيدُ فَسْخَ الْإِجَارَةِ لِيَبِيعَهَا لِوَفَاءِ دُيُونِهِ الثَّابِتَةِ عَلَيْهِ فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ قَالَ فِي الدُّرِّ الْمُخْتَارِ وَتُفْسَخُ بَعْدَ لُزُومِ دَيْنٍ سَوَاءٌ كَانَ ثَابِتًا بِعِيَانٍ مِنْ النَّاسِ أَوْ بَيَانٍ أَيْ بَيِّنَةٍ أَوْ إقْرَارٍ وَالْحَالُ أَنْ لَا مَالَ لَهُ غَيْرُهُ أَيْ الْمُسْتَأْجَرَ؛ لِأَنَّهُ يُحْبَسُ بِهِ فَيَتَضَرَّرُ إلَّا إذَا كَانَتْ الْأُجْرَةُ الْمُعَجَّلَةُ تَسْتَغْرِقُ قِيمَتَهَا أَشْبَاهٌ. اهـ.
وَمِثْلُهُ فِي الْمُلْتَقَى وَغَيْرِهِ (فُرُوعٌ) إذَا قَطَعَ الْآجِرُ مِنْ أَشْجَارِ الضِّيَاعِ الْمُسْتَأْجَرَةِ شَجَرَةً فَلِلْمُسْتَأْجِرِ حَقُّ الْفَسْخِ إنْ كَانَتْ الشَّجَرَةُ مَقْصُودَةً ذَخِيرَةٌ مِنْ الْفَصْلِ 14 فِي فَسْخِ الْإِجَارَةِ بِالْعُذْرِ.
الْمُسْتَأْجِرُ إذَا أَخَذَ مِنْهُ الْجِبَايَةَ الرَّاتِبَةَ عَلَى الدُّورِ وَالْحَوَانِيتِ يَرْجِعُ عَلَى الْآجِرِ وَكَذَا الْأَكَّارُ فِي الْأَرْضِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى.
الْمُسْتَأْجِرُ إذَا عَمَّرَ فِي الدَّارِ الْمُسْتَأْجَرَةِ عِمَارَاتٍ بِإِذْنِ الْآجِرِ يَرْجِعُ بِمَا أَنْفَقَ وَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْ الرُّجُوعَ صَرِيحًا وَكَذَا الْقَيِّمُ فِي التَّنُّورِ وَالْبَالُوعَةِ لَا يَرْجِعُ بِمُجَرَّدِ الْإِذْنِ إلَّا بِشَرْطِ الرُّجُوعِ؛ لِأَنَّ الْعِمَارَةَ لِإِصْلَاحِ مِلْكِهِ وَصِيَانَةِ دَارِهِ عَنْ الِاخْتِلَالِ فَرَضِيَ بِالْإِنْفَاقِ بِخِلَافِ التَّنُّورِ وَالْبَالُوعَةِ فَإِنَّهُمَا لِمَصْلَحَةِ الْمُسْتَأْجِرِ قُنْيَةٌ حَتَّى لَوْ قَالَ لَهُ الْآجِرُ ابْنِ تَنُّورًا وَاحْسِبْهُ مِنْ الْأُجْرَةِ يَرْجِعُ وَلَوْ قَالَ ابْنِ تَنُّورًا لَا يَرْجِعُ قَيِّمُ الْوَقْفِ إذَا أَنْفَقَ فِي عِمَارَةِ الْوَقْفِ مِنْ مَالِهِ فَإِنْ أَشْهَدَ أَنَّهُ أَنْفَقَ لِيَرْجِعَ فَلَهُ الرُّجُوعُ وَإِلَّا فَلَا بِخِلَافِ الْوَصِيِّ إذَا اشْتَرَى لِلْيَتِيمِ أَوْ قَضَى دَيْنَ الْمَيِّتِ أَوْ نَفَّذَ وَصِيَّةً فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ مُتَطَوِّعًا شَرَطَ الرُّجُوعَ أَوْ لَا وَالْوَارِثُ كَالْوَصِيِّ كَذَا فِي الْفُصُولِ مِنْ السَّابِعِ.
أُجْرَةُ الْأَدِيبِ وَالْخِتَانِ فِي مَالِ الصَّبِيِّ إنْ كَانَ لَهُ مَالٌ وَإِلَّا فَعَلَى أَبِيهِ وَأُجْرَةُ الْقَابِلَةِ عَلَى مَنْ دَعَاهَا مِنْ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ وَلَا يُجْبَرُ الزَّوْجُ عَلَى اسْتِئْجَارِ الْقَابِلَةِ؛ لِأَنَّهَا كَالطَّبِيبِ وَلَا يَجِبُ أَجْرُ الطَّبِيبِ عَلَيْهِ قُنْيَةٌ.
سُئِلَ الْعَلَّامَةُ الْحَانُوتِيُّ فِيمَنْ جَعَلَ لَهُ الْوَاقِفُ السُّكْنَى هَلْ لَهُ أَنْ يُؤَجِّرَ.
وَإِذَا آجَرَ هَلْ تَكُونُ الْأُجْرَةُ لَهُ أَمْ لِلْوَقْفِ فَأَجَابَ مَنْ لَهُ السُّكْنَى لَيْسَ لَهُ أَنْ يُسْكِنَ غَيْرَهُ إلَّا بِطَرِيقِ الْعَارِيَّةِ دُونَ الْإِجَارَةِ؛ لِأَنَّ الْعَارِيَّةَ لَا تُوجِبُ حَقًّا لِلْمُسْتَعِيرِ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ ضَيْفٍ أَضَافَهُ بِخِلَافِ الْإِجَارَةِ فَإِنَّهَا تُوجِبُ حَقًّا لِلْمُسْتَأْجِرِ وَهُوَ لَمْ يَشْرُطْهُ هَذَا مَا قَالُوهُ وَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّهُ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ يَكُونُ غَاصِبًا بِإِجَارَتِهِ وَقَدْ نَصُّوا عَلَى أَنَّ الْغَاصِبَ لَوْ أَجَّرَ الْمَغْصُوبَ تَكُونُ الْأُجْرَةُ لَهُ لَكِنْ لَا تَطِيبُ لَهُ فَقَالَ بَعْضُهُمْ يَتَصَدَّقُ بِهَا وَقَالَ بَعْضُهُمْ يَرُدُّهَا لِجِهَةِ الْوَقْفِ وَهَذَا نَظِيرُ مَا إذَا تَوَلَّى النَّاظِرُ وَلَمْ تَصِحَّ تَوْلِيَتُهُ وَآجَرَ تَكُونُ الْأُجْرَةُ لَهُ كَمَا قَدَّمْنَاهُ. اهـ.
وَقَدْ أَفْتَى بِذَلِكَ أَيْضًا الشَّيْخُ إسْمَاعِيلُ الْحَائِكُ الْمُفْتِي وَفِي إجَارَةِ الْقُنْيَةِ وَلَوْ غَابَ الْمُسْتَأْجِرُ بَعْدَ السَّنَةِ وَلَمْ يُسَلِّمْ الْمِفْتَاحَ إلَى الْآجِرِ فَلَهُ أَنْ يَتَّخِذَ لَهُ مِفْتَاحًا آخَرَ وَلَوْ آجَرَهُ مِنْ غَيْرِهِ بِغَيْرِ إذْنِ الْحَاكِمِ جَازَ. اهـ.
قَالَ فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ مِنْ كِتَابِ الدَّعْوَى وَقَدْ صَارَتْ حَادِثَةَ الْفَتْوَى مَضَتْ الْمُدَّةُ وَغَابَ الْمُسْتَأْجِرُ وَتَرَكَ مَتَاعَهُ فِي الدَّارِ فَأَفْتَيْت بِأَنَّ لَهُ أَنْ يَفْتَحَ الدَّارَ وَيَسْكُنَ فِيهَا وَأَمَّا الْمَتَاعُ فَيَجْعَلُهُ فِي نَاحِيَةٍ إلَى أَنْ يَحْضُرَ صَاحِبُهُ وَلَا يَتَوَقَّفُ الْفَتْحُ عَلَى إذْنِ الْقَاضِي أَخْذًا مِمَّا فِي الْقُنْيَةِ. اهـ.
وَلَوْ أَنَّ رَجُلَيْنِ لِأَحَدِهِمَا بَغْلٌ وَلِلْآخَرِ بَعِيرٌ اشْتَرَكَا عَلَى أَنْ يُؤَاجِرَا ذَلِكَ فَمَا رَزَقَ اللَّهُ تَعَالَى مِنْ الْأَجْرِ يَكُونُ بَيْنَهُمَا كَانَتْ الشَّرِكَةُ فَاسِدَةً مُحِيطُ الْبُرْهَانِيِّ وَيُقْسَمُ الْأَجْرُ بَيْنَهُمَا عَلَى أَجْرِ مِثْلِ الْبَغْلِ وَالْبَعِيرِ كَمَا فِي بَيْعِ الْعَيْنِ يُقْسَمُ الثَّمَنُ عَلَى قِيمَةِ الْعَيْنِ وَلَوْ تَقَبَّلَا حَمُولَةَ تَاجِرٍ مَعْلُومٍ وَلَمْ يُؤَاجِرْ الْبَغْلَ وَالْبَعِيرَ وَحَمَلَا عَلَى الْبَغْلِ وَالْبَعِيرِ اللَّذَيْنِ أَضَافَا عَقْدَ الشَّرِكَةِ إلَيْهِمَا كَانَ الْأَجْرُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ وَلَا يَكُونُ مَضْمُونًا عَلَى قَدْرِ أَجْرِ مِثْلِهِمَا بِخِلَافِ الْأَوَّلِ قَاضِي خَانْ مِنْ الشَّرِكَةِ الْفَاسِدَةِ.
إذَا أَقَرَّ الْمُسْتَأْجِرُ أَنَّ اسْمَهُ عَارِيَّةٌ لِفُلَانٍ فِي عَقْدِ الْإِجَارَةِ وَصَدَّقَهُ الْمُقَرُّ لَهُ فِي ذَلِكَ كَانَ اعْتِرَافًا مِنْهُ بِأَنَّ الْعَاقِدَ وَكِيلٌ عَنْ الْمُقَرِّ لَهُ فِي ذَلِكَ وَحَيْثُ عُلِمَ أَنَّهُ وَكِيلٌ فَحُقُوقُ الْعَقْدِ مِنْ الْمُطَالَبَةِ بِالْأُجْرَةِ وَتَوَجُّهِ الْخُصُومَةِ إنَّمَا هِيَ لِمَنْ بَاشَرَ الْعَقْدَ وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ الَّذِي عَلَيْهِ الْمُتُونُ وَالشُّرُوحُ مِنْ أَنَّ حُقُوقَ الْعَقْدِ فِي الْإِجَارَةِ تَرْجِعُ لِلْوَكِيلِ وَإِنْ صَرَّحَ بَعْضُهُمْ بِأَنَّ الْوَكِيلَ بِالْإِجَارَةِ لَيْسَ لَهُ قَبْضُ الْأُجْرَةِ وَصَرَّحُوا بِأَنَّ الْوَكِيلَ لَوْ بَاعَ وَغَابَ لَيْسَ لِلْمُوَكِّلِ قَبْضُ الثَّمَنِ كَمَا فِي الْبَحْرِ مِنْ فَتَاوَى الْكَازَرُونِيِّ وَفِي فَتَاوَى الشَّلَبِيِّ سُئِلَ فِيمَنْ اسْتَأْجَرَ حَمَّامًا وَقْفًا مِنْ نَاظِرِهِ مُدَّةً ثُمَّ قَبْلَ مُضِيِّ مُدَّتِهِ اسْتَأْجَرَ جِهَاتِ الْوَقْفِ جَمِيعَهَا شَخْصٌ آخَرُ وَمِنْ جُمْلَةِ ذَلِكَ الْحَمَّامُ الْمَذْكُورَةُ ثُمَّ إنَّ مُسْتَأْجِرَ الْحَمَّامِ تَصَادَقَ هُوَ وَمُسْتَأْجِرُ جَمِيعِ جِهَاتِ الْوَقْفِ أَنَّ الْحَمَّامَ جَارِيَةٌ فِي إيجَارِ مَنْ اسْتَأْجَرَ الْجَمِيعَ وَحَكَمَ بِالتَّصَادُقِ حَنَفِيٌّ فَهَلْ التَّصَادُقُ وَالْحُكْمُ بِهِ مُبْطِلٌ لِإِيجَارِهِ مُثْبِتٌ لِإِيجَارِ مَنْ اسْتَأْجَرَ الْجَمِيعَ أَمْ لَا؟
(الْجَوَابُ): التَّصَادُقُ الصَّادِرُ مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ الْأَوَّلِ صَحِيحٌ نَفَذَتْ بِهِ الْإِجَارَةُ الثَّانِيَةُ وَالْحُكْمُ بِهِ صَحِيحٌ أَيْضًا وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.
وَكَتَبَ تَحْتَهُ شَيْخُ الْإِسْلَامِ الْحَنْبَلِيُّ الْقَوْلُ فِي ذَلِكَ عَلَى مَا أَفْتَى بِهِ سَيِّدُنَا الشَّيْخُ وَاضِعُ خَطِّهِ أَعْلَاهُ نَفَعَ اللَّهُ تَعَالَى بِعُلُومِهِ حَيْثُ حَكَمَ حَنَفِيٌّ بِالتَّصَادُقِ الْمَذْكُورِ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ فَتَاوَى الشَّلَبِيِّ وَقَدْ أَفْتَى الْمُرْشِدِيُّ بِصِحَّةِ الْإِجَارَةِ بِالتَّصَادُقِ كَمَا يُؤْخَذُ ذَلِكَ مِنْ جَوَابِهِ ضِمْنَ سُؤَالٍ مَسْطُورٍ فِي الْكَازَرُونِيِّ مِنْ الْإِجَارَةِ فَرَاجِعْهُ آجَرَ دَارِهِ وَبَيْتًا مِنْهَا فِي إجَارَةِ الْغَيْرِ جَازَتْ الْإِجَارَةُ فِيمَا وَرَاءَ الْبَيْتِ مَجْمَعُ الْفَتَاوَى.
اسْتَأْجَرَ الْحَمَّامِيُّ حَلَّاقًا أَوْ دَلَّاكًا لِيَحْلِقَ مَنْ دَخَلَ حَمَّامَهُ أَوْ يُدَلِّكَهُ لَمْ يَجُزْ؛ لِأَنَّهُ لَا يَقْدِرُ أَنْ يَشْرَعَ فِي الْعَمَلِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ فِي الْحَالِ كَمَنْ اسْتَأْجَرَ حَلَّاجًا أَوْ نَسَّاجًا لِلْحَلْجِ أَوْ النَّسْجِ وَلَا قُطْنَ لَهُ وَلَا غَزْلَ لَهُ لَا يَجُوزُ وَكَذَا الْقَزَّازُ الَّذِي يَسْتَخْرِجُ الْقَزَّ لِعَامَّةِ النَّاسِ إذَا هَيَّأَ حَانُوتَهُ وَاسْتَأْجَرَ أُجَرَاءَ مُدَّةً مَعْلُومَةً لِيَقْعُدَ عِنْدَ الطَّسْتِ وَيَسْتَخْرِجَ الْقَزَّ أَوْ الْخَيَّاطُ هَيَّأَ دُكَّانَهُ لِيَعْمَلَ الْخِيَاطَةَ لِلْعَامَّةِ وَالْخَفَّافُ وَنَحْوُهُمْ إذَا اسْتَأْجَرُوا أُجَرَاءَ مُدَّةً مَعْلُومَةً لِهَذِهِ الْأَعْمَالِ لَمْ يَجُزْ لِمَا مَرَّ وَالْأَصْلُ أَنَّ الِاسْتِئْجَارَ عَلَى عَمَلٍ فِي مَحَلٍّ لَيْسَ عِنْدَهُ لَا يَجُوزُ كَمَا لَا يَجُوزُ بَيْعُ مَا لَيْسَ عِنْدَهُ وَتَمَامُهُ فِي الْحَاوِي الزَّاهِدِيِّ اسْتَأْجَرَ دَابَّةً لِيَحْمِلَ عَلَيْهَا حِنْطَةً مِنْ مَكَان إلَى مَنْزِلِهِ إلَى اللَّيْلِ فَرَكِبَهَا فِي الرُّجُوعِ فَعَطِبَتْ لَا يَضْمَنُ اسْتِحْسَانًا لِلْعَادَةِ فِي الرُّكُوبِ فَيَكُونُ هَذَا إذْنًا دَلَالَةً وَبِهِ نَأْخُذُ مُلْتَقَطٌ وَإِذَا اكْتَرَى دَارًا سَنَةً بِمِائَةِ دِرْهَمٍ فَلَمَّا انْقَضَتْ السَّنَةُ قَالَ رَبُّ الدَّارِ لَلْمُكْتَرِي إنْ فَرَّغْتَهَا الْيَوْمَ وَإِلَّا فَهِيَ عَلَيْك كُلُّ يَوْمٍ بِدِرْهَمٍ يَلْزَمُهُ وَيُسْتَحْسَنُ أَنْ يَجْعَلَ مِقْدَارَ مَا يَنْقُلُ مَتَاعَهُ عَنْهَا بِأُجْرَةِ مِثْلِهَا.
وَنَحْوُهُ عَنْ مُحَمَّدٍ مُلْتَقَطٌ الْأَبُ إذَا اسْتَأْجَرَ ابْنَهُ الْبَالِغَ فَعَمِلَ الِابْنُ لَا أَجْرَ لَهُ وَإِنْ اسْتَأْجَرَ الِابْنُ أَبَاهُ لِلْخِدْمَةِ لَا يَجُوزُ فَإِنْ عَمِلَ الْأَبُ كَانَ لَهُ الْأَجْرُ وَفِي الْمَسْأَلَتَيْنِ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ أَحَدُهُمَا مُسْلِمًا أَوْ ذِمِّيًّا خَانِيَّةٌ اسْتَأْجَرَ امْرَأَتَهُ لِلْخِدْمَةِ لَا يَجُوزُ إلَّا أَنْ تَكُونَ أَمَةَ الْغَيْرِ وَلَوْ اسْتَأْجَرَتْ الزَّوْجَ لِخِدْمَتِهَا جَازَ فِي الظَّاهِرِ وَعَنْ أَبِي عِصْمَةَ أَنَّهُ بَاطِلٌ بَزَّازِيَّةٌ مِنْ نَوْعِ الْمُتَفَرِّقَاتِ أَجَّرَ الْمَالِكُ مِلْكَهُ ثُمَّ وَقَفَهُ عَلَى الْفُقَرَاءِ أَوْ الْمَدْرَسَةِ أَوْ الْمَسْجِدِ فِي الْمُدَّةِ تَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ لِانْتِقَالِهِ إلَى مَصْرِفٍ آخَرَ فَلِلْمُتَوَلِّي أَنْ يَدْفَعَهُ إلَى آخَرَ إجَارَةً وَلَهُ أَنْ يُجَدِّدَ عَقْدَ الْإِجَارَةِ مَعَ الْأَوَّلِ حَاوِي الزَّاهِدِيِّ مِنْ فَصْلٍ فِيمَا تَنْفَسِخُ بِهِ الْإِجَارَةُ.