الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: البهجة في شرح التحفة ***
(ويفسد) بضم السين وفتح الياء مضارع فسد (النكاح) فاعله (بالإمتاع) يتعلق بيفسد (في عقدته) يتعلق بالإمتاع وضميره للنكاح أي يفسد النكاح باشتراط الزوج في صلب العقد أن تمتعه زوجته بموافقة وليها بسكنى دارها أو استغلال أرضها لأن ما يبذله الزوج من الصداق بعضه في مقابلة ذلك وهو مجهول لأنه يستغل إلى الموت والفراق ولا يدري وقتهما قاله المازري. وقال ابن جزي: وقد يستغرق ذلك الصداق فيبقى البضع عارياً عن المهر. قال: وكذا يفسد إن كان الإمتاع لمدة معلومة لأنه نكاح وإجارة، وعليه فيفسخ قبل الدخول ويثبت بعده بمهر المثل وسيأتي قول الناظم: وشرط كسوة من المحظور للزوج في العقد على المشهور إلا أن ظاهر كلام الناظم ههنا أنه يفسد ولو لم يصرحا باشتراطه في العقد، بل وقع الإمتاع في العقد بغير شرط وهو مخالف بهذا الظاهر لقول ابن سلمون ولو سكت عن ذلك في العقد حمل على الطوع الجائز أو العادة إن كانت عادة فالإشارة في قوله عن ذلك تعود على الإمتاع أي سكت عن اشتراطه في العقل بل وقع في العقد على الطوع من غير شرط. هذا ظاهره بدليل قوله: حمل على الطوع فتأمله. وأشار إلى مفهوم قوله في عقدته فقال: (وهو) مبتدأ (على الطوع) يتعلق بالخبر الذي هو (اقتفي) بالبناء للمفعول أي اتبع أي إن وقع ذلك بعد العقد جاز واتبع ذلك ومحل جوازه بالطوع إذا لم تنعقد القلوب والضمائر عليه عند وقت عقد النكاح، أما إن انعقدت الضمائر عليه وقته وعرف ذلك من عادة البلد فإنه يفسخ قبل البناء أيضاً وإن كتب على الطوع إذ لا عبرة حينئذ بالمكتوب لأن الموثق يدلس ذلك ليتوصل لما لا يجوز في صورة الجائز قال معناه المازري حسبما في الشارح، وهو الموافق لما مر عن ابن رشد في البيت قبله. وقال الجزيري: هذا الإمتاع جرت به العادة في الجزيرة الخضراء وغيرها ويجعلون الإمتاع في مال الزوجة على الطوع من وليها أو منها إن كانت مالكة أمر نفسها وهو غير سديد لأن الإمتاع في مقابلة الصداق فيبقى البضع بلا عوض إذ قد يشترطه من لا فقه عنده، فهو وإن كتب على الطوع لإرادة الإمضاء فالضمائر المنعقدة عليه تقوم مقام الشرط عند العلماء. وفي المدونة ما يقتضيه انظر تمامه في اليزناسني إن شئت فهو موافق لما مر عن المازري وابن رشد من أنه لا عبرة بالطوع إن كانت العادة بخلافه. تنبيهات: الأول: إذا قلنا بفساد النكاح في الطوع حيث كانت العادة بخلافه فإن النكاح يفسخ قبل ويثبت بعد بمهر المثل بمنزلة المشترط في العقد، وكلام المازري الذي في الشارح صريح في ذلك لأنه من الفاسد لصداقه، وعليه فإذا عثر على ذلك بعد البناء وطالت المدة فإنها ترجع عليه بقيمة ما استغل بعد أن ترد لمهر مثلها على أنه لا إمتاع في نكاحها، والغالب أن مهر المثل حينئذ أقل من المسمى لأن المسمى يرتفع للإمتاع المذكور. الثاني: إذا قلنا يحمل في الطوع على الشرط حيث جرت العادة به، وأنه لا عبرة بالمكتوب فبأي شيء يتوصل للصورة الجائزة إذ ما من طوع في بلد جرت العادة بخلافه إلا ويقال إنه محمول على الشرط فلا يجد ملتزم الإنفاق للربيب مثلاً أو ملتزم التمتيع ونحوه سبيلاً إلى كتبه على الطوع وإن صح قصده في نفس الأمر هذا مما لم أقف الآن فيه على نص، والظاهر أنه إذا طال ما بين العقد بحيث يظن أن ما أضمراه قد اضمحل واندثر، وأنه فعل ذلك عن اختيار كالشهر ونحوه فإنه لا يحمل على الشرط حينئذ والله أعلم. الثالث: محل الفساد بالإمتاع إذا كان من مال الزوجة كما مر أما إذا كان من مال وليها أو أجنبي فإنه جائز، وقد روي عن مالك أنه يجوز أن يقول الرجل لآخر: تزوج ابنتي على أن أعطيك مائة دينار نقله الشارح. وفي ابن عرفة سمع سحنون ابن القاسم من أنكح ابنته من رجل على أن أعطاه داراً جاز إنكاحه، ولو قال: تزوج ابنتي بخمسين ديناراً وأعطيك هذه الدار لا خير فيه لأنه من وجه النكاح والبيع ابن رشد: يقوم من قوله جاز نكاحه معنى خفي وهو جواز اجتماع البيع مع نكاح التفويض اه. وهذا معنى قول (خ): أو باجتماعه مع بيع كدار دفعتها هي أو أبوها وجاز من الأب في التفويض. الرابع: إذا متعت الزوجة زوجها بعد العقد بسكنى دارها بأن أسقطت عنه كراءها مدة الزوجية بينهما ثم اختلعت منه وسكتت عن كراء مسكنها الذي تعتد فيه فقال ابن زرب: يلزمه ذلك لأن من حجة الزوجة أن تقول: لم أسقط ذلك عنه إلا مدة الزوجية، وبه قال ابن عتاب واللخمي قال: لأن بالطلاق خرجت عن المكارمة ولا يلزمها أن تكارمه في المستقبل، وقال أبو عمر الإشبيلي: لا يلزمه ذلك لأن العدة من أسباب الزوجية وبه قال ابن القطان أبو بكر بن بعد الرحمن قال بعض: والأول أقيس. المتيطي: وهو الحق إن شاء الله. والعَبْدُ والمرأةَ حَيْثُ وُصِّيَا *** وَعَقَدَا عَلَى صَبِيَ أُمْضِيَا (والعبد) مبتدأ (والمرأة) معطوف عليه (حيث) ظرف مضمن معنى الشرط خافض لشرطه منصوب بجوابه (وصيا) بالبناء للمفعول والألف نائبه والجملة في محل جر بإضافة حيث (وعقدا) فعل وفاعل والجملة معطوفة على وصيا (على صبي) يتنازعه الفعلان قبله ( أمضيا) بالبناء للمفعول جواب حيث ونائبه ضمير العقد وألفه للإطلاق ومفعول عقدا محذوف أي عقدا النكاح وأشعر تذكير الوصف أنه ذكر لا أنثى إذ لا يصح عقدهما عليها ( خ): ووكلت مالكة أو وصية الخ. وتقدم أيضاً قول الناظم: والمرأة الوصي ليست تعقد الخ. وربما أشعر قوله: أمضيا أنه لا يجوز ابتداء وليس كذلك، بل يجوز ابتداء كما في الوثائق المجموعة، وإنما عبر به نظراً إلى أن لفظ العبد والمرأة يشمل الكافر منهما كما يأتي ولا مفهوم لصبي، بل لهما العقد على من إلى نظرهما من الذكران كباراً أو صغاراً بل لو وكلهما كبير رشيد لصح عقدهما عليه، وظاهر قوله: والعبد والمرأة ولو كافرين وهو كذلك. وفي الطرر: وأما العبد والكافر فيزوجان بنيهما وبني من أوصى بهم إليهما الذكران الخ. وفي سماع عيسى: لا بأس أن يوكل الرجل نصرانياً أو عبداً أو امرأة على عقد نكاحه اه. والإيصاء توكيل في الحقيقة، ولذا قال (خ): وصح توكيل زوج الجميع الخ. وقول المدونة لا تجوز الوصية لذمي أو مسخوط أو من ليس بعدل ويعزل إن أوصى إليه الخ. معناه لا يجوز ابتداء وذلك لا ينافي صحة عقده ومضي تصرفاته بدليل قولها: ويعزل إذ العزل فرع الانعقاد فهو نظير قول المتن ونفذ حكم أعمى وأبكم وأصم ووجب عزله الخ. فقول الشارح ومن تبعه: سكت الناظم عن الكافر لندوره ليس على ما ينبغي لأن الناظم أطلق ولإطلاقة عبر بالإمضاء كما مرّ. تنبيهات: الأول: محل إمضاء الوصية لابنها ونحوه ممن في حجرها إذا لم تعقد له على بنت زوجها وإلاَّ فهو محل للنظر والتعقب لكونها في عصمته فهي مغلوبة فإن كان سداداً مضى وإلاَّ فلا، قاله في الكراس الثامن من أنكحة المعيار. الثاني: إذا بلغ الصبي وأبى من التزام ما عقده عليه وصيه أو أبوه فإنه يجري على ما تقدم في قوله: وعاقد على ابنه حال الصغر الخ. وفي اختصار المتيطية أن الصغير إذا زوجه وصي أو مقدم القاضي جاز ذلك عليه ولا خيار له بعد البلوغ بخلاف اليتيمة، والفرق أن الصبي إذا بلغ وكره النكاح طلق بخلاف اليتيمة، وهذا هو المشهور من مذهب مالك في المدونة وغيرها اه. الثالث: إذا كان مع الوصي مشرف وعقد الوصي النكاح بغير مشورته فعقد الوصي صحيح سواء عقد بنفسه أو قدم أخاها ونحوه للعقد وللمشرف تعقبه بالنظر، فإن رأى أن يجيزه أجازه وإن رأى أن يرده رده كالسفيه يتزوج بغير إذن وليه فإن مات المشرف وعقد الوصي النكاح فإنه يوقف على نظر القاضي فيتعقبه بالنظر أيضاً لأنه قائم مقام المشرف، فإن لم يعثر القاضي على ذلك حتى مات الزوج والحال أن الزوجة هي ذات الوصي، وقد زوجها بعد موت المشرف فقد فات موضع نظر القاضي ووجب للزوجة الصداق المسمى والميراث إذ لا حظ لها في الرد بعد موت الزوج لأن ذلك يسقط ما وجب لها من الصداق والميراث لغير وجه نظر قاله ابن رشد في أجوبته. ويفهم من قوله: كالسفيه يتزوج بغير إذن وليه أن الزوج إذا كان هو الموصى عليه وزوجه وصيه بعد موت المشرف فماتت الزوجة أن القاضي ينظر في الأصلح من الرد والإجازة، فإن مات الزوج المولى عليه تعين الرد فيكون من أفراد قول (خ) ولولي سفيه فسخ عقده ولو ماتت وتعين لموته والله أعلم. وهذا بخلاف تزويج أحد السيدين الأمة دون إذن شريكه أو تزويج أحد الوليين اليتيمة دون إذن الآخر فإن النكاح فاسد ولو أجازه الآخر يفسخ قبل البناء وبعده قال في النوادر: إذا كان للزوجة وليان فزوجها كل واحد منهما على حدة من رجل فإن لم يول كل منهما صاحبه لم يجز نكاح كل منهما وإن أمر كل واحد منهما صاحبه فنكاح أولهما أولى إلا أن يبني الآخر. ابن المواز، وهذا في الوصيين والسيدين فجعل الوصيين كالسيدين والوليين والرواية في المدونة أن السيد إذا زوج الأمة دون إذن شريكه يفسخ قبل البناء وبعده، وإن أجازه الآخر. انظر أجوبة ابن رشد، وقد نقل ذلك الزياتي في نوازله وهذا كله فيما بعد الوقوع وأما قبله فقد قال (خ): وإن تنازع الأولياء المتساوون في العقد أو الزوج نظر الحاكم الخ. وأما العبد يزوجه أحدهما دون إذن الآخر فإن النكاح صحيح ويتوقف على إجازة الآخر والسفيه يزوجه أحدهما دون إذن الآخر كذلك. (والأب) مبتدأ (لا يقضي) بفتح الياء مضارع قضى (اتساع حاله) فاعل ومضاف إليه (تجهيزه) بالنصب مفعول يقضي (لابنته) يتعلق بتجهيز وكذا قوله (من ماله) والضمائر عائدة على الأب، والمعنى أن الأب الغني المتسع المال لا يلزمه أن يجهز ابنته البكر أو الثيب إذا زوجها بشيء من ماله زيادة على صداقها، وإنما يلزمه أن يجهزها بصداقها (خ): ولزمها التجهيز على العادة بما قبضته إن سبق البناء الخ. فإطلاق الناظم في البيت يشمل البكر والثيب التي في حجره لصغرها أو سفهها، وأما المرشدة فهي ما بعده، وحينئذ فإن قال الزوج إنما بذلت ألفاً ليجهزها أبوها بألف آخر من ماله وامتنع الأب من ذلك فإن كان قبل البناء خير الزوج في تجهيزها بصداقها فقط أو يفارق ولا شيء عليه، وإن كان بعد البناء حط عنه ما زاده لأجل الجهاز أي: فيجب لها صداق المثل. وانظر ما للحفار في الكراس الخامس من أنكحة المعيار يتبين لك ذلك، وظاهر النظم أنه لا يلزمه ذلك ولا يحكم عليه به، ولو جرى العرف بالتجهيز والذي به العمل أن ذلك حيث لا عرف بتجهيز الآباء وإلاَّ لزمه تجهيزها بما جرى العرف به إن كان التنازع بعد البناء لأنه بالعرف صار كالملتزم للتجهيز إذ العرف كالشرط قاله غير واحد. وإليه أشار ناظم العمل بقوله: وفي الشوار عندهم مثلان الخ. أي عرفهم تجهيز البنت بمثلي نقدها فإذا نقدها الزوج عشرين مثلاً جهزها الأب بأربعين، عشرين من نقدها وعشرين زيادة من عنده، وهذا إنما هو إذا كان غنياً وفات بالدخول والأخير الزوج كما مرّ وفي البرزلي ما نصه: فإذا أثبت الزوج العادة بأنه لا بد بين هذين الصهرين من جهاز زائد على النقد مما له خطر وبال، وأن الناس اعتادوا ذلك فإنه يقال لأبي الزوجة: إما أن تحققه بشورة أمثالها وإلاَّ حلف الزوج على ما أعاده ويخير بين فسخ النكاح عن نفسه ولا شيء عليه إلا طلقة خاصة وهو أرجح الأقوال، وقيل: إذا حلف حط عنه من الصداق الزيادة التي زادها للجهاز المتعارف بينهم وهو أحسن، وعليه يأتي أكثر المذهب، وقيل: لا مقال للزوج وهو أضعفها انتهى باختصار. تنبيهات: الأول: قال في شرح نظم العمل في المحل المذكور ما حاصله: إن الالتزام في عقد النكاح يكون باللفظ وبالعادة والأول يقضي به قبل الدخول وبعده في حياة الملتزم وبعد موته أو فلسه ولا يفتقر لحيازة، والثاني لا يلزم إلا بعد الدخول في حياة الملتزم، فإن مات بطل الالتزام واحتج للأول بنقول تدل دلالة واضحة على أن ما انعقد عليه النكاح من صدقة ونحلة يجري مجرى البيوع في الاستحقاق وسقوط الحيازة وأن الملتزم يؤاخذ بذلك حيي أو مات أو فلس، وأن للزوج أن يطلب ذلك ولو بعد ثلاث سنين من وقت البناء وبغير وكالة من الزوجة لأنه حق له وثمن لما أصدقها واحتج للثاني بما في الالتزامات فيمن تزوج بمائتين والعادة حيث أصدقت العدد المذكور أن يجهزها الأب بمائة وخمسين ثم مات الأب قبل البناء ثم دخل بها زوجها فقال أبو عمران: حيث مات أبو الزوجة ورضي الزوج بالبناء بها فلا قيام وتلزمه المائتان الخ. قال (ح) عقبه فعلم منه أن بموت أبي الزوجة بطل الالتزام وبقي الخيار للزوج في أن يستمر على النكاح المذكور أو يرجع عنه إلا أن يدخل بعد علمه بذلك فيلزمه الصداق ولا خيار له اه. قلت: ما قاله أبو عمران و(ح) صريح في أن موت أبي الزوجة كان قبل الدخول أما لو مات بعده أو قبله وقبل أن يعلم بموته فلا إشكال في أنه يلزمه، ويكون للزوج القيام به لأنه فات بالدخول على الشرط الذي اقتضته العادة فيؤخذ ذلك من تركته فقول الشارح المذكور: فإن مات بطل الالتزام الخ. معناه مات قبل الدخول ودخل بعد العلم بموته كما مرّ وإلاَّ فلا يبطل كما يدل له الكلام المتقدم، وهكذا رأيته في بعض الفتاوى عن بعض المتأخرين. الثاني: إذا ماتت الزوجة في الفرض المذكور أي قبل أن يبتل لها الأب شيئاً ففي (خ) ولو طولب بصداقها لموتها فطالبهم بإبراز جهازها لم يلزمهم على المقول الخ. وإذا لم يلزمهم ذلك على ما قاله المازري فعلى الزوج صداق مثلها لأن من حجته أن يقول إنما أصدقتها ذلك لما جرى به العرف من التجهيز كما في شراح المتن، وهذا كله إذا لم يكن الأب عين لها شيئاً ولا بتله قبل موتها وإلاَّ فللزوج ميراثه منه كما لابن رشد في أجوبته، ولو مات الزوج في الفرض المذكور فلا يحط عنه ما زاده لأجل الجهاز، فيكون للزوجة جميع المسمى ولو طلقها قبل البناء فإن كان لامتناع الأب من التجهيز فلا شيء عليه كما مر، وإن كان لغير ذلك فعليه نصف الصداق الذي سماه لأن الفراق جاء من قبله وباختياره والله أعلم. فقد علمت حكم ما إذا مات الأب أو الزوجة أو الزوج أو طلاقه قبل البناء والله أعلم. الثالث: للوصي وللأب تشوير اليتيمة بمالها وتباع أصولها في ذلك وأولى غيرها حيث كان عليها معرة في ترك الجهاز على ما به العمل قاله في المعيار. وذكره في القلشاني، ونظمه في العمل المطلق. وفي البرزلي: إذا شور الأب ابنته البكر وأراد حسبتها به في ميراث أمها. وقال الزوج: بل ميراثها غير شورتها والصداق يقابل الجميع فإن الأب لا يجاب إلى ذلك إذ ليس من النظر إخراجها من أصل إلى شورة إلا أن يكون شيئاً يسيراً فيحلف أنه أنفق ليحاسب في الميراث من يوم وقع الميراث اه. وهذا مقابل بحسب ظاهره لما ذكرنا أن العمل عليه من جواز بيع أصولها للجهاز وإنما يبقى النظر هل للزوج أن يفارق إذا كان ذلك قبل البناء كما مرّ لأن من حجته أن يقول: إنما دفعت الصداق ليجهزها من ماله وهو الظاهر فتأمله الخ. وقوله: فيحلف أنه أنفق الخ وأنه إذا بطل ما رامه من الإخراج المذكور وأراد أن يحاسبها بإنفاقها من يوم الإرث فله ذلك بعد اليمين. وقول (خ) فطالبهم بإبراز جهازها الخ. انظر عكسها في دعاوى المعيار فيمن توفيت فطلب ورثتها من الزوج إبراز شورتها وجهازها فأنكر أن يكون عنده شيء من ذلك فإنه لا يلزمه غير اليمين أنه ما أخذ من مالها شيئاً في حياتها ولا بعد مماتها ولا وجد لها شيئ سوى ما أحضره، فالزوج لو أقر أنه أورد الجهاز بيت البناء لا يلزمه غير ذلك لاحتمال أن تكون أتلفته أو تلف بغير فعلها كما مر لنا التنبيه عليه عند قوله: بأنه كذبهم في الأول. وانظر نوازل العلمي فيمن شور ابنته البكر وأشهد أن تلك الشورة هي حظها منه بعد الموت فلا ترث منه شيئاً أن لها الميراث وتحاسب بالشورة، وانظر الهبات والوصايا من المعيار أيضاً. (وبسوى) يتعلق بيلزم آخر الشطر (الصداق) مضاف إليه (ليس) فعل ناقص جامد واسمه ضمير الشأن أو من يحكم آخر البيت عند من يجيز التنازع بين متصرف وجامد (يلزم) كيكرم مضارع ألزم الرباعي (تجهز) بضم الهاء المشددة مفعول بما قبله يليه ( الثيب) مضاف إليه (من يحكم) بضم الياء وتشديد الكاف صلة من والموصول فاعل يلزم والجملة خبر ليس، والمعنى ليس يلزم الحاكم تجهيز الثيب بغير الصداق ولو كان لها مال كثير أو صداق أو نصفه قبضته من غيره أو منه بعد أن أبانها ثم راجعها. وهذا في الرشيدة، وأما السفيهة فهي داخلة في البيت قبله لأن الأب هو المخاطب بذلك أو بعدمه، وظاهر النظم: ولو جرى العرف بالجهاز ومقتضى ما تقدم إلزام تجهيزها لأن العرف كالشرط. فرع: إذا تزوج امرأة وادعى على وليها أنه شرط في عقد نكاحها أن لوليته عروضاً أو عطايا سماها وأنكر الولي ذلك ونكل عن اليمين، فإن الزوج يحلف وترجع إلى صداق مثلها ويرجع هو فيما زادت التسمية على صداق المثل على وليها وتأخذ هي الصداق كاملاً مثل الذي يقر بالعيوب في وليته تأخذ جميع الصداق ويرجع على من غره نقله البرزلي عن أبي بكر بن عبد الرحمن. وزاد بعده: إن الزوج إذا ادعى على الولي نحلة في عقد النكاح فنكل الولي عن اليمين أن الزوج يحلف ويأخذ تلك النحلة، ونقل بعد ذلك بيسير مثله عن ابن زياد وابن الفخار قائلاً لأنه بسببها رفع في صداقها اه. ثم ما قاله أبو بكر بن عبد الرحمن ظاهر في أن الدعاوى بعد البناء وإلاَّ كان الزوج بالخيار فلا فرق في ذلك بين البكر والثيب بدليل تشبيهه ذلك بمسألة العيوب فتأمله. وأشْهَرُ القَوْلَيْنِ أَنْ تَجَهَّزَا *** لهُ بِكَالِىءٍ لها قَدْ حُوِّزا (وأشهر القولين) مبتدأ ومضاف إليه (أن تجهزا) في تأويل مصدر خبر المبتدأ وحذفت منه إحدى التاءين إذ أصله تتجهز، وهذا على قراءته بفتح التاء والهاء مشددة، ويجوز قراءته بضم التاء وكسر الهاء أي إن تجهز نفسها (له بكالىء) يتعلقان به (لها) يتعلق بقوله: (قد حوزا) والجملة صفة لكالىء ومراده أن الكالىء الذي حازته وقبضته قبل البناء يقضي بالتجهيز به لأنه بمنزلة النقد، فكما أن لها الامتناع من الدخول حتى تقبض النقد فكذا لها الامتناع حتى تقبض ما حل لها من الكالىء كما قال (خ) وإلاَّ فلها منع نفسها من الدخول والوطء بعده إلى تسليم ما حل الخ. وتقدم أيضاً قوله: ولزمها التجهيز على العادة بما قبضته إن سبق البناء الخ. وعليه فمتعلق حوز محذوف أي حوز لها قبل البناء فإن لم تحزه حتى دخل وبنى لم يلزمها التجهيز به كما لا يلزمها أيضاً إذا جاء به قبل البناء قبل حلوله، وإن قضى عليها بقبوله حيث كان عيناً ولو التزمت التجهيز بما قضى عليها فقبوله قبل حلوله لزم سلف جر نفعاً لأنه قدمه لها لينتفع بالتمتع به، ومن عجل ما أحل يعد مسلفاً، وأما الصداق غير العين فلا يلزمها قبوله حيث لم يحل ولا التجهيز به مطلقاً نقداً وكالئاً. ابن عرفة: المشهور وجوب تجهيز الحرة بنقدها العين. المتيطي: يشتري منه الآكد فالآكد عرفاً من فرش ووسائد وثياب وطيب وخادم إن اتسع لها، وما أجله بعد البناء فلا حق للزوج في التجهيز به وما أجله قبل البناء فكالنقد اه. وفي البرزلي: إن الأب يدفع النقد في أوكد ما يحتاج إليه وليس للزوج معه كلام ولا يبتاع لها به خادماً إذا لم يكن لها فيه فضل وأوكد ما يجعل فيه ما يتوطآنه ويتغطيانه من الفراش والمرفقة والملحفة واللحاف، فإن فضل شيء ففراش يجلسان عليه ونحو ذلك، وإن لم يفضل شيء فعلى الزوج أن يبتاع ما يفترشانه ويتوطآنه ويلتحفانه ويرقدان عليه لأن ذلك يلزمه لها، وعلى الأب أن يخرجها بكسوة بذلتها سواء كساها قبل النكاح أو بعده فإن كانت خلقاً كان على الزوج أن يكسوها لأن كسوتها عليه وليس يلزمها أن تشتري كسوة لبذلتها من جهازها، وليس يلزم الأب لها شيئاً إلا أن يحب وسواء كان من مالها أو من ماله وكذا الثيب لا يلزمها أن تجهز بغير الصداق اه. قلت: ومن هذا يعلم ما يكثر عنه السؤال في هذه الأزمان في الرجل يشتري بعد البناء لزوجته حريراً أو كتاناً لتخمر به رأسها أو تكسو به ظهرها فإذا طلبته بالكالىء حسب عليها ما كان اشتراه لها من ذلك واعتل بأنه مدين لها والمدين لا يتطوع على رب الدين. والجواب: أنه لا يلزمها شيء من ذلك ولا يعتد عليها به إذ لا يلزمها أن تكسو نفسها بكالئها إلا أن يبين لها ذلك عند الشراء وترضى به، بل نص في نوازل الزياتي عن الونشريسي أن الزوجة أو وليها إذا طلب الزوج بالبناء فعسر بالنقد وضرب له الأجل وحكم عليه بإجراء النفقة والكسوة على أن الزوج لا يكسوها ولا ينفق عليها في خلل الأجل المضروب إلا من ماله الخاص به لا من نقد المهر ولا من كالئه. تنبيه: قال في المتيطية: وللزوج أن يسأل الأب أو الوصي فيما صرف النقد فيه من الجهاز وعلى الولي أن يفسر له ذلك ويحلف إذا اتهمه فيه (خ) وإنما يبرئه شراء جهاز تشهد بينة بدفعه لها الخ والله أعلم. (وللوصي) يتعلق بقوله: (ينبغي وللأب) معطوف عليه (تشويرها) فاعل ينبغي ( بمالها) يتعلق بتشوير (والثيب) معطوف على الأب أي ينبغي ويستحب لكل من الوصي والأب أن يشور محجورته بكراً كانت أو ثيباً بمالها، وينبغي للثيب الرشيدة أن تشور نفسها بمالها أيضاً إن كان لها مال لما لهن في ذلك من الحظوة عند أزواجهن إذ المال من جملة الأغراض المقصودة في النكاح لقوله عليه الصلاة والسلام: (تنكح المرأة لأربع لمالها وجمالها وحسبها ودينها فاظفر بذات الدين تربت يداك). ومحل النظم إذا لم يجر عرف بالتشوير وإلاَّ لزمهم التشوير كما مرّ. تنبيه: إذا كان لها مال تحت يده لكونها في ولايته وادعى أنه شورها به عند بناء زوجها بها فالقول له ما لم يتبين كذبه للعرف الجاري بأن الآباء يجهزون بأموال أنفسهم، فكيف بمالهن بخلاف الوصي فلا يصدق لأنه مأمور بالإشهاد بنص التنزيل، وقيل: لا فرق بين الأب والوصي قاله في المتيطية. ونقله ابن فرحون في الباب التاسع والخمسين والله أعلم. وانظر ما يأتي في الاختلاف في الشوار. (وزائد) مبتدأ سوغه تعلق (في المهر بعد العقد) به (لا يسقط) بفتح الياء وضم القاف فاعله ضمير الزائد والجملة خبر المبتدأ (عما) يتعلق بالفعل قبله (زاده) صلة ما (إن دخلا) شرط حذف جوابه للدلالة عليه. (ونصفه) مبتدأ وجملة (يحق بالطلاق) خبره (من قبل الابتناء) يتعلق بالطلاق ( كالصداق) خبر لمبتدأ محذوف. (وموته) مبتدأ (للمنع منه) يتعلق بالمنع وهو يتعلق بالخبر الذي هو قوله (مقتض) والفاء في قوله (فإنه) للتعليل (كهبة) خبر إن (لم تقبض) صفة لما قبله. ومعناه أن كل من تزوج على صداق معلوم، ثم طاع بزيادة زادها عليه لزوجته فإما أن يدخل فتستحق الزوجة جميعه كأنه ملحق بالصداق، وإما أن يطلق قبل البناء فتستحق نصفه كما تستحق نصف المسمى، وإما أن يموت أو يفلس فلا تستحق منه شيئاً وإنما لها المسمى فقط وعلل عدم استحقاقها له في الموت لأنه كهبة لم تجز، وفهم من قوله: لم تقبض الخ. أنه التزم ذلك في ذمته ولم يدفعه وإلاَّ فهو قوله الآتي: وكل ما يرسله الزوج إلى *** زوجته من الثياب والحلى الخ. وقال (خ): وتشطر ومزيد بعد العقد وهدية اشترطت لها أو لوليها قبله الخ. فلو قدم الناظم تلك الأبيات الآتية هنا لأجاد لأنها مفهوم ما هنا، وفي أواخر أنكحة المعيار ما نصه: الزيادة في الذمة للزوج وليس له الرجوع عنها، وللزوجة أن تأخذه بها ما لم يقع فلس أو موت فلا شيء لها لأنها هبة لم تقبض اه. وفهم من قوله: وزائد في المهر أن تلك الزيادة زادها للزوجة لا للولي وإلاَّ فهي له لا حق فيه للزوجة ولا رجوع فيه للزوج لقوله عليه السلام: (أيما امرأة نكحت على صداق أو حباء أو عدة قبل عصمة النكاح فهو لها، وما كان بعد عصمة النكاح فهو لمن أعطيه وأحق ما أكرم عليه الرجل ابنته أو أخته) الخ. والحباء العطاء وحباه حبواً أعطاه، وفهم من قوله: بعد العقد الخ. أن المزيد قبله أو حينه يشطر مطلقاً زاده لها أو لوليها أو لغيرهما بشرط أو بغيره فلا مفهوم لقول (خ): اشترطت وسواء سماه هدية أو صداقاً لا أن سماه عارية. ابن عرفة: وما اشترط من لحم جزور ونحوه لازم وهو للزوجة ونصفه للزوج إن طلق قبل البناء، وإن بنى لزم المرأة أن تصنع به طعاماً لأنه عرف الناس وعليه يشترطونه، وهو إن طلق قبل البناء كالمهر ويلزمها في العصفر صبغ ثيابها به. انظر بقيته وما يهدى عرفاً في المواسم والأعياد، كذلك على ما استظهر لأن العرف كالشرط. وفهم من قوله: بالطلاق الخ. أنه لو فسخ قبل البناء لم يشطر بل يختص به الزوج فإن كان دفعه لها فإنه يأخذ ما بقي منه لم يفت دون ما ضاع كما يأتي. وقوله: بالطلاق أي ولو كان مغلوباً عليه كالطلاق بعدم النفقة قبل البناء. تنبيهان: الأول: إذا امتنع الولي من العقد على وليته حتى يأخذ لنفسه قدراً معلوماً ويسمى عند العامة بالمالكة، ويسمى بالحباء أيضاً فذلك عضل لها. والآية مصرحة بالنهي عنه وما أخذه فمن جملة الصداق إن شاءت المرأة أخذته أو تركته فإن أجازته لوليها ثم طلقت قبل البناء فيرجع الزوج على الولي بنصفه وهي بنصفه الآخر إن كانت مولى عليها، وإلاَّ فلا رجوع لها بنصفها، وسواء كان ما اشترطه لنفسه طعاماً أو غيره ثم محل رجوعها حيث لم تجزه أو أجازته وهي مولى عليها إذا لم يكن الولي صرف ما أخذه في مصالح البنت أو صنع عليه طعاماً عند البناء وإلاَّ فلا ترجع عليه بشيء لأن ذلك الطعام من شأنها ومصالحها ويجوز أكل ذلك الطعام قاله أبو الحسن. وهذا إذا كان ما صرفه في المصالح يفي بما أخذه وإلاَّ فلها الرجوع بما بقي كما في البرزلي. وانظر لو ادعى الولي صرف ذلك في مصالحها ولا يعلم ذلك إلا من قوله أو قول ورثته لطول العهد، وانظر أيضاً لو لم يثبت أخذه لشيء من ذلك وادعته الزوجة أو الزوج عليه والعرف كم في البادية أنه يمتنع من العقد حتى يأخذ ذلك، والظاهر أنه حينئذ يحمل في ذلك على العرف كما مر من تعمير الذمة بالكالىء الذي جرى عرفه به على الراجح من أحد قولين تقدما عند قوله: وأجل الكوالىء المعينة الخ. وقد تقدم أيضاً أن المدعى عليه هو من ترجح قوله بمعهود أو أصل الخ. وعليه فيلزمه مثل حباء أمثالها فأقل. الثاني: في ابن عرفة عن ابن رشد: أن النحلة أي الهدية إن كانت عند الخطبة فإن تم العقد فهي للزوجة وإن لم يتم فللزوج الرجوع بها. وفي أنكحة المعيار من جواب لمؤلفه أن للرجل الرجوع بما أنفق على المرأة في العدة أو غيرها ليتزوجها وبما أعطي في اختلاعها من الزوج الأول إذا جاء لتعذر والامتناع من قبلها لأن الذي أعطى من أجله لم يتم له، وإذا كان التعذر من قبله فلا رجوع له لأن التمكين كالاستيفاء الخ. وذكر عن ابن غازي: إنه صحح جوابه المذكور، وقيل لا رجوع له عليها ذكره (ز) عند قول المتن في أول النكاح: كفيك راغب والإهداء الخ. قلت: ومن هذا المعنى ما مرّ في فصل فاسد النكاح من أن المرأة إذا غرته بموجب الفساد كان للزوج الرجوع بالصداق، والظاهر أن رجوعه بما اتفق من الضروريات في عرسه كذلك. وفي البرزلي عن أحكام الشعبي فيمن تزوج امرأة فأخرج ديناراً وقال: اشتروا به طعاماً واصنعوه فانفسخ النكاح بعد الشراء به فقال: إذا جاء المنع من قبلهم ضمنوا الدينار والطعام لهم وإن كان من قبل الزوج فليس له إلا الطعام إن أدركه. البرزلي: وهو كأعوان القاضي إن ظهر اللدد من المطلوب فالأجرة عليه وإلاَّ فعلى الطالب. وظاهر ما تقدم لابن رشد أنه من الزوج مطلقاً إن فقد ذلك وتلف اه. وإنْ أتَى الضَّمانُ بالمَهْرِ عَلَى *** إطْلاَقِهِ فالْحَمْلُ صَحَّ مُجْمَلا (وإن أتى) شرط (الضمان) فاعل (في المهر) يتعلق بالضمان (على إطلاقه) في محل نصب حال من المهر (فالحمل) مبتدأ وجملة (صح) خبره والجملة جواب الشرط ( مجملا) حال من الضمان أي: وإن زوج الأب ابنه وذو القدر خديمه أو صاحبه وأتى الضمان ممن ذكر في المهر في عقد النكاح أو قبله حال كون الضمان مجملاً لم يبين كونه على وجه الحمل أو الحمالة وحال كون المهر على إطلاقه عيناً أو عرضاً أو غيرهما فإنه يحمل على الحمل أي اللزوم الذي لا رجوع فيه على الزوج بما أداه لأنه خرج مخرج الصلة والهبة ولا يحمل على الحمالة التي يرجع بما أداه فيها كسائر أنواع الضمان. وفي قوله في المهر بمعنى عند أي عند تقدير المهر وتقديره يكون عند عقد النكاح غالباً، فيفهم منه أن الضمان إذا كان بعد تقدير المهر أي بعد العقد لا يحمل على الحمل بل على الحمالة، وفهم من قوله: فالحمل أنه إذا صرح بالحمل لا رجوع له مطلقاً كان في العقد أو بعده، وأنه إذا صرح بالحمالة كان له الرجوع مطلقاً فإن أتى بلفظ محتمل للحمل والحمالة وغيره كأتحمل بكذا فإن لم يبين مراده لموت ونحوه حمل على الحمل أيضاً. انظر (ز) عند قول (خ) ولا رجوع لأحد منهم إلا أن يصرح بالحمالة أو يكون بعد العقد الخ. ثم إن الحمل أو الضمان الواقعين في العقد أو قبله يلزمان الحامل ولو مات إلا أن يفسخ النكاح أو يطلق قبل البناء فيلزمه النصف وقد نظم ابن رحال المسألة فقال: أنف رجوعاً عند حمل مطلقا *** حمالة بعكس ذا قد حققا لفظ ضمان عند عقد الارتجاع *** وبعده حمالة بلا نزاع وكل ما التزم بعد العقد *** فشرطه الحوز لدى من يجدي وظاهر النظم ولو كان معلقاً كقوله: إن تزوجت فأنا أتحمل لك بالمهر أو إن تزوجت فلانة فأنا ضامن لك مائة دينار فإن فلس أو مات الملتزم حاص الملتزم له الغرماء بذلك ومثل النكاح البيع فإن قال: بع سلعتك لفلان أو اشتر سلعة كذا وأنا أحمل عنك الثمن فإنه يجري على ما مر. انظر الالتزامات ثم محل النظم إنما هو عند الإبهام، وأما إن شرط الرجوع أو عدمه فلا فرق بين تلك الألفاظ، وظاهره أنه إذا صرح بالحمل لا يقبل منه أنه أراد الحمالة ولو كان مثله لا يفرق بينهما. انظر ما يأتي في البيت بعده فإنه يقتضي أنه يقبل، وانظر ما مرّ في باب الضمان ومحله أيضاً إذا كان في الصحة لا في المرض لقول (خ) وبطل إن ضمن في مرضه عن وارث الخ. (ونحلة) مبتدأ وسوغه قصداً لجنس كقولهم: تمرة خير من جرادة وقد يأتي من غير مسوغ أصلاً كقولهم أنت في الحجر لا فيك (ليس) فعل ناقص (لها) خبرها مقدم ( افتقار) اسمها مؤخر (إلى حيازة) يتعلق بقوله افتقار والجملة خبر المبتدأ (وذا المختار) مبتدأ وخبر والنحلة هي ما يعطيه والد الزوج لولده في عقد نكاحه أو والد الزوجة في عقد نكاحها قاله (م) وهو حد قاصر، بل المراد عطية شيء معين انعقد النكاح عليها كانت من والد أحد الزوجين أو غيرهما كما في ابن سلمون، وبقولنا معين يتضح الفرق بين هذا وبين البيت الذي قبله لأن حمل المهر نحلة أيضاً، وعلى كل حال لا يفتقر إلى حيازة على المشهور المعمول به لأنها لما انعقد عليها النكاح صارت كالبيع، وسواء كانت في العقد أو معلقة عليه كقوله: إن تزوجت فلك جاريتي فهي له إذا تزوج، وإذا مات الأب أخذها من رأس المال وإن كان عليه دين اختص بها دون الغرماء على قول ابن القاسم. وهو الصحيح، لأن المعنى أنه وهب له الهبة بالتزويج قبل أن يتداين الأب قاله ابن رشد. انظر الالتزامات. قال ابن سلمون: وإن كان المنحول مالكاً أمر نفسه وسقط من العقد ذكر القبول لم يضر فانظره، وفهم مما مرّ أن النحلة إذا لم ينعقد عليها النكاح بل كانت قبله أنه لا بد فيها من الحيازة وهو كذلك نص عليه في الكراس الخامس من أنكحة المعيار. تنبيهات: الأول: ظاهر النظم أنها لا تفتقر لحيازة ولو كانت مما يسكنها الأب، والذي في المتيطية عن غير واحد من الموثقين أن النحلة إن كانت مما يسكنه الأب فلا تتم ولا تصح إلا بخروجه وانتقاله عنها بنفسه وثقله كانت المنحولة بكراً أو ثيباً رشيدة أو سفيهة صغيرة أو كبيرة. قال: وإن كانت بذهب أو فضة أو طعام أو غير ذلك فهي لازمة في ذمة الناحل ويؤخذ بها في حياته وموته اه. فظاهره أن هذا تقييد للقول بعدم الافتقار إلى الحيازة لأنه ذكر ذلك بعد أن قرر أن العمل على عدم الافتقار إليها فتأمله. ولا شفعة في هذه النحلة على ما به العمل كما في البرزلي، وسيأتي ذلك إن شاء الله عند قول الناظم: والمنع في التبرعات مفترض الخ. فهي وإن كانت جارية مجرى البيع في عدم افتقارها للحيازة لكن أعطيت حكم الهبة في باب الشفعة. الثاني: سئل ابن رشد والسائل له عياض عمن نحلت ابنتها ولما طولبت بميراث البنت من أبيها؟ قالت: هو ما أخذت في النحلة فهل تعذر بالجهل ونزلت فلم يعذرها بعض الشيوخ وأفتى بإلزامها المالين. قال المتيطي: وشاركني فيها القاضي ابن منظور، وكان هو الحاكم فيها فملت إلى عذرها لأن الناس اليوم لا يعرفون النحلة ومال القاضي يعني ابن منظور إلى ذلك فرأيته أحلف المرأة أنها ما أرادت بالنحلة إلا ميراثها ونزلت عندي فأردت رأيك فيها. فأجابه ما حكم به القاضي بإشارتك صحيح عندي، وبه أقول فانفذ ذلك من حكمه فيها موفقاً معاناً اه باختصار. فقوله: ما حكم به القاضي أي من أنها تعذر وتصدق مع يمينها لأن العرف شاهد لها، وإن خالفت دعواها اللغة. البرزلي: الخلاف في هذه المسألة يجري على معارضة العرف لدليل اللغة، والمشهور تقديم العرف ونقله ابن سلمون أيضاً. الثالث: سئل ابن رشد أيضاً عمن نحل ابنته ثلث مستغل أملاكه أينما كانت في عقد النكاح، واستغل ذلك المنحول مدة من عشرة أعوام فلما توفي الناحل قام ورثته وقالوا: إنما أراد الناحل مدة حياته؟ فأجاب: الذي أقول به في هذه المسألة أن لها ثلث استغلال جميع الأملاك ما بقيت في حياته ولورثته بعد وفاته قياساً على مسألة من وهب خدمة عبده لرجل ولم يقل حياة المخدم ولا حياة العبد أن للمخدم خدمة ما بقي إلا أن يدل دليل أنه أراد حياة المخدم بالفتح. نقل ذلك البرزلي وهو في الزياتي بأبسط من هذا. الرابع: ما مر في النحلة المعلقة على التزويج أنها تكون للمنحول ويحاص بها إن كانت معينة، معناه إن مات الناحل بعد التزوج لأنه بالموت والفلس انتقل الحق للغير، ففي منتخب الأحكام سمع علي بن زياد عن مالك في رجل أنكح أولاداً له وأعطى كل واحد منهم من ماله في إنكاحه شيئاً معلوماً، وأشهد أن لمن بقي من أولاده الصغار مما لم ينكح في ماله مثل ما أعطى من أنكح منهم ثم مات الأب على ذلك فقال: إن أبرز لهم شيئاً من ماله وأشهد عليه جاز وإلاَّ فلا شيء لهم اه. ونقله في المفيد وفي المعيار من جواب لمؤلفه أن من نقد صداقاً عن ولده وأعطى لمن لم يتزوج شيئاً في مقابلة ما أعطى لغيره أن ذلك وصية لوارث إن كان في المرض اه. فظاهر المنتخب أنه إن لم يبرز شيئاً لا شيء لهم، وإن علق ذلك على تزويجهم كقوله: إن تزوجوا فلهم من الدنانير كذا وهذا غير مخالف لما مرّ في البيت قبله من أنه إذا قال: إن تزوجت فلك مائة دينار لأن ذلك فيما إذا مات أو فلس بعد التزوج وما هنا فيما إذا حصل الموت أو الفلس قبله لأنه بالموت أو الفلس انتقل الحق للغير، فلم يقع المعلق عليه حتى انتقل الحق وهو الذي يدل عليه قوله في الالتزامات في الرجل يقول لابنه: أصلح نفسك وتعلم القرآن ولك قريبتي فلانة فيصلح نفسه ويتعلم القرآن ثم يموت أبوه. قال: لا شيء له إلا إذا أشهد قوماً وأنه إن أصلح نفسه أو تعلم القرآن فله قريبتي أو عبدي فإن ذلك له إذا كان الولد صغيراً في ولاية أبيه، ويكون ذلك حوزاً له أما إذا لم يشهد فيمكن أن يكون قال له ذلك على وجه التحريض اه. فالموت في هذه بعد وجود المعلق عليه الذي هو الإصلاح والتعلم فانظر ذلك. تنبيه: وجدت في بعض التقاييد أن عطية الأب لولده عند ختم القرآن أو ختانه لا تفتقر لحيازة قاله الشعبي فقف عليه اه. قلت: وهو غير ظاهر لأن النحلة لما انعقد النكاح عليها فهي معاوضة ولا كذلك الختم والختان المذكوران، اللهم إلا أن يقال معناه ما مرّ من أنه قال له: إن ختمت القرآن، أو يقال إنه جعل ذلك لمعلمه الذي يقرأ عليه فهي حينئذ معاوضة فتأمله. (وينفذ) بفتح الياء وضم الفاء مبنياً للفاعل ويصح بناؤه للمفعول (المنحول) فاعله أو نائبه (للصغير) يتعلق به (مع أخيه) كذلك وهو بسكون العين (في المشاع) في محل نصب على الحال من المنحول (إن) شرط (موت) فاعل بفعل محذوف يفسره (وقع) وجواب الشرط محذوف للدلالة عليه، ومعناه أن المنحول للكبير والصغير شركة بينهما في عقد نكاح الكبير نافذ جميعه للصغير والكبير إذا مات الناحل أباً كان أو غيره ولا تبطل حصة الصغير بعدم الحيازة لأن النكاح لما انعقد على بعض النحلة كان كالحيازة لجميعها كمن تصدق على كبير وصغير أي: وحاز الكبير كما يأتي فعقد نكاح الكبير على بعض المنحول كحيازة الكبير للجميع قاله المشاور. وتبعه الناظم، وقيل: تبطل حصة الصغير إن مات الناحل قبل حيازة الكبير للجميع لأن حصة الصغير محض هبة وشمل قوله الشياع ما إذا أنحلهما جميع داره مثلاً وما إذا أنحلهما نصفها وأبقى النصف الآخر بيده. فرع: لو اعترف والد الزوجة أن لها أملاكاً وسماها في عقد صداقها فما اعترف به نافذ للبنت مؤكد لحكم الهبة إن كانت سلفت لها ومسقط لحكم الحيازة فيها لتعلق حق الزوج بالاعتراف المذكور وبناء عقده عليه، فإن أمسك الوالد شيئاً من تلك الأملاك بعد بناء الزوج بها وبقيت بيده ينتفع بها إلى أن قامت في الحياة أو بعد الممات حلف يمين القضاء أنها لم تترك لوالدها ذلك حسبة ولا صلة من لدن ملكها أمرها إلى الآن وأنها على طلبها لذلك، وأخذت ذلك الاستغلال منه أو من تركته. نقله الشارح عن ابن لب، ونقل ذلك ابن سلمون بأبسط من هذا فانظره ولا بد. (ومع طلاق) يتعلق بقوله يثبت (قبل الابتناء) في موضع الصفة لطلاق أو يتعلق ب ( يثبت) بالبناء للفاعل وفاعله ضمير المنحول (والفسخ) بالجر معطوف على طلاق أي ومع الفسخ (مع البناء) حال من الفسخ. (والخلف) مبتدأ (فيها) خبر وهو على حذف مضاف أي في ثبوتها وضميره للنحلة (مع وقوع الفسخ) يتعلق بالاستقرار في الخبر (في تناكح) يتعلق بالفسخ (قبل البناء) يتعلق بالفسخ أيضاً أو حال منه (فاعرف) أمر من عرف مفعوله محذوف أي ذلك الحكم المذكور. والمعنى أن النكاح إذا وقع على نحلة فطلق الزوج قبل البناء أو فسخ بعده فإن النحلة ثابتة للمنحول وإن كان الفسخ قبل البناء فقولان، قيل للناحل وقيل للمنحول، وبه العمل. قال في المتيطية: وإن أنحل ذلك النكاح الذي فيه النحلة بطلاق أو غيره كموت الزوج أو فسخ لفساد عقده أو صداقه فالنحلة ثابتة للبنت لأن ذلك حق وجب لها، وكذلك إن ماتت البنت فللزوج ميراثه في النحلة. وقاله الشيخان أبو بكر بن عبد الرحمن وأبو عمران، وبه القضاء والفتيا. وقال غيرهما: إذا انفسخ النكاح قبل البناء رجعت النحلة للأب كالذي تحمل الصداق عن ابنه الكبير، ثم يطلق قبل البناءان نصف الصداق يرجع إلى الأب اه. وأشار إلى ذلك ناظم العمل المطلق بقوله: وهي لمن نحلها وإن عرض *** طلاق أو فسخ وموت من مرض قوله: نحلها يقرأ بضم النون وكسر الحاء مبنياً للمفعول. فرع: قال في الميتطية أيضاً: إن استحقت النحلة أو بعضها قبل البناء خير الزوج فإن شاء دخل ولا يخفف عنه شيء من الصداق أو فارق ولا شيء عليه، وإن كان دخل بها فاختلف فقيل لا قيام له في ذلك للناكح، وقيل للمرأة صداق مثلها على قدر ما بقي في يدها من مالها أو من النحلة. ابن الهندي: وبهذا جرى العمل اه. وبه أفتى ابن هلال فيمن رفع صداق زوجته المنحولة خادماً فلم تثبت النحلة كما في العمل المطلق. زاد في المتيطية إثر ما مر ما نصه فإن قال الأب: لابنتي كذا ولم يقل إنه نحلها ذلك فلم يلف ذلك لم يلزم الأب شيئاً وهي كذبة كذبها كما لو قال عن ابنته إنها بيضاء جميلة فوجدها سوداء ولا يخفف عن الزوج لأنه لو شاء بحث عنها اه. قلت: هذا لا يعارض ما مرّ عن ابن لب قبل هذين البيتين كما لا يخفى ولا ما قبله يليه من أن من رفع الصداق لزوجته المنحولة خادماً الخ. لأن معنى قوله: لم تثبت النحلة أي استحقت ونحو ذلك لا أنها لم توجد النحلة والله أعلم. وقوله: (وما يلحق به الصواب إسقاطه لأن المراد أحكام تداعي الزوجين ولم يذكر غير ذلك قاله (ت). واعلم أن تداعي الزوجين إما في أصل الزوجية ولم يذكره الناظم وأشار له (خ) بقوله: إن تنازعا في الزوجية تثبت ببينة ولو بالسماع بالدف والدخان وإلاَّ فلا يمين الخ وأما في قدر المهر أو صفته أو نوعه فأشار إلى الآخرين بقوله الآتي: والنوع والوصف إذا ما اختلفا الخ. وإلى الأول أشار بقوله: الزَّوْجُ والزَّوْجَةُ مَهْمَا اخْتَلَفَا *** في قَدْرِ مَهْرٍ والنِّكاحُ عُرِفَا (الزوج والزوجة) مبتدأ ومعطوف (مهما) اسم شرط (اختلفا) فعله (في قدر مهر) يتعلق به (والنكاح عرفا) مبتدأ وخبر والجملة حال من فاعل اختلفا، وجواب الشرط محذوف أي ففي ذلك تفصيل، والجملة من الشرط والجزاء خبر المبتدأ. (فإن) شرط (يكن) فعله (ذلك) اسم يكن (من قبل البنا) ء خبرها (فالقول) مبتدأ (للزوجة) يتعلق بالخبر الذي هو (قد تعينا) وألفه للإطلاق. (مع اليمين) حال من ضمير تعين (أن تكن) شرط واسمه ضمير الزوجة (لم تحجر) خبره (وعاقد) مبتدأ سوغه العمل أي عاقد عليها (لحجرها) اللام للتعليل تتعلق بعاقد (بها) يتعلق بقوله (حري) الذي هو خبر عن عاقد أي حقيق بتلك اليمين. وبَعْدَ ذَا يَحْلِفُ زَوْجٌ أَنْكرَا *** ثُمَّ يَكُونُ بَعْدَهَا مُخيَّرَا (وبعد ذا) يتعلق بقوله: (يحلف زوج) فاعل (أنكرا) صفة له (ثم) عاطفة وجملة (يكون بعدها مخيرا) معطوفة على جملة يحلف. في دَفْعِ ما كانَ عَلَيْهِ القَسَمُ *** أوِ الفُرَاقِ دُونَ شَيْءٍ يَلْزَمُ (في دفع) يتعلق بقوله مخيراً (ما) موصول مضاف إليه (كان) صلته (عليه) خبرها مقدم (القسم) اسمها مؤخر (أو الفراق) بالجر معطوف على دفع (دون شيء) في محل الحال من الفراق (يلزم) صفة لشيء. (وإن تراضيا) شرط وفعله (على النكاح) يتعلق به (ففي الأصح) الفاء جواب الشرط وفي الجارة متعلقة بمحذوف خبر عن قوله (الرفع للجناح) يتعلق بالرفع والجناح بضم الجيم الإثم قاله في القاموس. وفي انْفِسَاخٍ حَيْثُ يُفْقَدُ الرِّضَا *** بِطَلْقَةٍ واحِدَةٍ جَرَى القَضَا (وفي انفساخ) يتعلق بجرى القضاء آخر البيت وكذا قوله: (حيث) وجملة (يفقد الرضا) بالبناء للمفعول في محل جر بإضافة حيث (بطلقة) يتعلق بجرى القضاء أيضاً (واحدة) صفة لطلقة (جرى القضا) ء فعل وفاعل، والتقدير جرى القضاء بطلقة واحدة في انفساخ النكاح حيث يفقد الرضا. (وتأخذ الزوجة) فعل وفاعل (مع نكوله) يتعلق بتأخذ (ما) مفعول بتأخذ (يقتضيه الحلف) جملة من فعل وفاعل صلة والحلف بفتح الحاء وسكون اللام مصدر حلف إذا أقسم ويأتي مصدره على فعل بكسر العين (في حلوله) يتعلق بيقتضيه وضميره للحلف وهو مصدر حل إذا نزل ووقع أي: تأخذ مع نكوله ما يقتضيه الحلف عند نزوله ووقوعه. والحُكْم في نُكُولِ كُلَ مِنْهُمَا *** بِما بِهِ بَعْدَ اليَمِينِ حُكِمَا (والحكم) مبتدأ (في نكول كل) يتعلق به (منهما) صفة لكل (بما) خبر المبتدأ (به بعد اليمين) يتعلقان بقوله (حكما) والجملة صلة ما. (وقيل) مبني للمفعول ونائبه ضمير القول كقوله تعالى: {وحيل بينهم} (سبأ: 54) (بل) للإضراب (نكوله) مبتدأ (مصدق) خبره (لما) يتعلق بمحقق آخر البيت ( ادعته زوجة) فعل وفاعل صلة ما (محقق) بكسر القاف المشددة خبر ثان عن نكوله. وحاصل معنى هذه الأبيات العشر أنهما إذا اختلفا في قدر المهر والنكاح معروف ببينة أو إقرار من يصح إقراره من مجبر أو غيره أي مع وجود توكيل ذلك الغير على ذلك النكاح، فإن كان اختلافهما قبل البناء بأن قال هو مائة، وقالت بل مائتان فالقول للزوجة بيمينها إن كانت مالكة أمر نفسها وإن كانت محجورة فاليمين على العاقد عليها لأنه هو الذي تولى العقد والمعاملة، وقد فرط بعدم الإشهاد فإن نكل غرم للمرأة الزائد على ما قال الزوج، وظاهره أن القول لها قبل البناء ولو بعد الطلاق أو الموت وليس كذلك، ولذا أصلح ولده الشطر الأول من البيت الثاني بقوله: إن كان ذا قبل الفراق والبنا. ثم إذا حلفت الرشيدة أو العاقدة على المحجورة على المائتين في المثال المذكور حلف الزوج المنكر لدعواها أنه إنما تزوج بمائة ثم يكون مخيراً بعد يمينه في دفع ما حلفت عليه أو حاجرها وهو المائتان أو يطلق ولا شيء عليه، وظاهر النظم أو صريحه أنه إنما يخير بعد يمينه، وهذا مذهب ابن حبيب والذي في المدونة وهو المعتمد أنه يخير إذا حلفت الزوجة بين أن يدفع ما قالت فلا يمين عليه أو يحلف ويفسخ النكاح، بل ظاهر المدونة أنه يخبر قبل حلف الزوجة لكن بين إتمام ما ادعت أو تحالفهما والفسخ، ولذا قال ولده: اعلم أن الشيخ رحمه الله لم ينقح هذه الأبيات كل التنقيح وقد كان إصلاحها سهلاً على ما يظهر مع زيادة بيت واحد يشتمل على مفهوم قوله قبل الفراق والبناء على ما مر من الإصلاح فيقول مثلاً مكان البيت الرابع: ثم يكون زوجها مخيرا *** في دفعه المهر الذي قد أنكرا أو اليمين وإذا ما يقسم *** كان الفراق دون شيء يلزم ثم يزيد بيتاً يكون نصه: أو كان بعد موتها أو فرقته فالقول قول الزوج دون زوجته ثم يقول: وإن تراضيا الخ. لكن ذلك الذي زاده الشارح هو قول المصنف الآتي: والقول قول الزوج فيما عينا الخ. فوجه تورك ولده عليه أنه أسقط منه الفراق كما أسقطه ههنا. وقول الناظم: فالقول للزوجة الخ. يعني تبدأ باليمين بدليل قوله: وبعد ذا يحلف زوج أنكرا الخ. وليس مراده أن الزوجة تستحق ما ادعت بمجرد يمينها كما قد يتبادر فلا مخالفة بين كلامه وبين كلام (خ) وغيره، ثم إذا حلفا معاً على ما لابن حبيب أو على مذهب المدونة ثم تراضيا على البقاء بأن رجع أحدهما لقول الآخر بعد حلفهما وقبل الحكم بفسخه فلهما ذلك بناء على أن النكاح لا ينفسخ بتمام التحالف وهو المعتمد خلافاً لسحنون في أنه ينفسخ بتمام التحالف كاللعان، وعليه فلا يصح تراضيهما إلا بعقد جديد وهو مقابل الأصح في النظم وإن لم يتراضيا بعد حلفهما على بقاء النكاح ولا يرجع أحدهما لقول الآخر، فالذي جرى به القضاء والعمل أنه يفسخ بطلقة واحدة فإن نكلت الزوجة وهي رشيدة لزمها النكاح وتقدم ما إذا نكل حاجرها، وأما إن نكل الزوج بعد يمينها فهو قوله: وتأخذ الزوجة الخ، أي إن حلفت الزوجة أو حاجرها أو نكل الزوج أخذت ما يقتضيه حلفها وهو المائتان في المثال المذكور فإن نكلا معاً ولم يرجع أحدهما لقول الآخر فالفسخ بطلقة على الأصح إن حكم الحاكم به وهو معنى قوله: بما به بعد اليمين حكماً. ومقابل الأصح أن نكوله مصدق محقق لما ادعته وهو معنى قوله: وقيل الخ. وإنما لم يكن النكول هنا تصديقاً للناكل الأول على الأصح لأن اليمين توجهت عليهما معاً ابتداء وبدأت الزوجة لأنها بائعة، وإنما يكون النكول تصديقاً للأول إذا توجهت على أحدهما هذا هو الظاهر فتأمله. وقولي في أصل التقرير: ببينة أو إقرار الخ. أما الإقرار فظاهر، وأما البينة فكذلك أيضاً لأنها قد تشهد بالنكاح دون قدر المهر إما لنسيانها إياه أو لعدم تعرض المتناكحين له، وقد تقدم عند قوله: ولم يحقق عند ذاك العددا الخ. أن الشهادة لا تسقط بعدم تعرضها للمهر في النكاح أو للثمن في البيع على الراجح، ثم إن محل ما مر إذا أشبهت دعواهما أو لم يشبه واحد منهما فإن انفرد أحدهما بالشبه هو قوله. (وحيثما) اسم شرط (ادعي) بالبناء للمفعول (ما) نائب (قد ينكر) صلته (تردد) مبتدأ (الإمام) مضاف إليه (فيه) يتعلق بالخبر الذي هو (يؤثر) والجملة من المبتدأ والخبر جواب الشرط وحذفت الفاء منه على حد قوله: من يفعل الحسنات الله يشكرها. (فقال) فاعله ضمير يعود على الإمام (يحلفان) فعل وفاعل (والنكاح) مبتدأ ( بينهما) يتعلق بالمبتدأ الثاني الذي هو (الفسخ) وقوله (له) يتعلق بخبر الثاني الذي هو (يتاح) بالتاء المثناة فوق بعد الياء المثناة تحت، ومعناه يقضي. وفي بعض النسخ يباح بالباء الموحدة بعد الياء، والجملة من الثاني وخبره خبر الأول، والجملتان من يحلفان وما بعده محكيتان بالقول: (وجعل) معطوف على قال وضميره للإمام أيضاً (القول) مفعول أول (لمن) مفعول ثان بجعل (جاء) صلة من وفاعله ضمير هو الرابط (بما يشبه) يتعلق بجاء (وارتضاه بعض العلما) ء فعل وفاعل ومضاف إليه، والجملتان من قال: وجعل الخ. تفصيل لقوله: تردد فهما كبدل مفصل من مجمل. والمعنى أن أحد الزوجين إذا ادعى ما يشبه من الصداق قلة وكثرة، وادعى الآخر ما لا يشبه فإن الإمام مالكاً رحمه الله تردد قوله في ذلك فقال مرة: يتحالفان ويفسخ النكاح بينهما وتبدأ المرأة باليمين على نحو ما مرّ فيما إذا أشبها معاً أو لم يشبها معاً. وقال مرة أخرى: القول قول من ادعى الأشبه وارتضاه بعض العلماء وهو اللخمي قائلاً هو الصواب لأن ذلك دليل كالشاهد يحلف معه من قام له ذلك الدليل كسائر أبواب الفقه، واعتمد ترجيح اللخمي غير واحد، ثم أشار إلى ما إذا كان اختلافهما في النوع أو الوصف فقال: والنَّوْعُ والْوَصْفُ إذَا ما اخْتَلَفَا *** فِيهِ للاخْتِلاَفِ في القَدْرِ اقْتَفى (والنوع) مبتدأ (والوصف) معطوف عليه (إذا) ظرف مضمن معنى الشرط خافض لشرطه منصوب بجوابه (ما) زائدة (اختلفا) فعل وفاعل في محل جر بإضافة إذا (فيه) يتعلق به وضميره يرجع للنوع والوصف باعتبار ما ذكر أو لكون الواو في المعطوف بمعنى أو، والمعطوف بأو لا تجب فيه المطابقة كقوله تعالى: {وإذا رأوا تجارة أو لهواً انفضوا إليها} (الجمعة: 11) (للاختلاف) يتعلق باقتفى آخر البيت (في القدر) يتعلق باختلاف (اقتفى) بمعنى اتبع وضميره المستتر يعود على الاختلاف المفهوم من اختلفا، والجملة جواب إذا، والجملة من الشرط والجواب خبر المبتدأ، والمعنى أن اختلافهما في النوع قبل الفراق والبناء كقوله: بثوب. وتقول هي بل بعبد أو في الوصف كقوله: بعبد تركي وتقول هي بزنجي تابع للاختلاف في القدر فيتحالفان ويفسخ النكاح بينهما إن لم يرجع أحدهما لقول الآخر، وينظر للشبه على الراجح من القولين كما مرّ في القدر إلا أنه يقتضي بظاهره أنه ينظر للشبه حتى في النوع وليس كذلك بل يتحلفان ويتفاسخان فيه مطلقاً، فالمراد بالنوع في النظم الجنس إذ الفقهاء لا يفرقون بين النوع والجنس بل يعبرون بكل منها موضع الآخر ولا يعتبرون في ذلك اصطلاح المناطفة وإذا وجب التحالف بالاختلاف في الصفة كهروي ومروي وزنجي وتركي فأحرى في النوع كثياب قطن وثياب كتان ومحل ذلك إذا تساوت قيمة ما يدعيه أحدهما بقيمة الآخر، وإلا كان من الاختلاف في القدر، ولذا لم يمثلو للاختلاف في الوصف بالجيد والرديء لأنه راجع للاختلاف في القدر والله أعلم. ثم أشار إلى مفهوم قوله: فإن يكن ذلك من قبل البناء فقال: والْقَوْلُ قَوْلُ الزَّوْج فيما عُيِّنَا *** مِنْ قَدْرِه مَعْ حَلْفِهِ بَعْدَ البِنا (والقول) مبتدأ (قول الزوج) خبر (فيما) يتعلق به (عينا) بالبناء للفاعل صلة ما والعائد محذوف أي عينه (من قدره) بيان لما (مع) بسكون العين يتعلق بالخبر أيضاً (حلفه) مضاف إليه وهو بفتح الحاء مصدر حلف إذا أقسم حلْفاً وحلِفاً بسكون اللام في الأول وكسره في الثاني، وأما الحِلف بكسر الحاء فهو العهد يكون بين القوم وقد حالفه أي عاهده وتحالفوا تعاهدوا قاله الجوهري كما مرّ (بعد البنا) ء يتعلق بقوله عيناً أي ومثله الفراق بطلاق أو موت كما مرّ، وإنما كان القول للزوج في اختلافهما في القدر بعد البناء لأن البناء ونحوه فوت، وقد مكنته مع البناء من نفسها فصارت مدعية وهو مقر لها بدين فالقول له مع يمينه، ومثل الاختلاف في القدر بعد البناء الاختلاف في الصفة كما يأتي، وظاهر النظم أنه لا ينظر هنا لشبه وهو كذلك فإن نكل حلفت وأخذت ما حلفت عليه كما قال:
|