الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم
.من أقوال المفسرين: .قال الفخر: {وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا وَلِقَاءِ الْآَخِرَةِ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ}.اعلم أنه تعالى لما ذكر ما لأجله صرف المتكبرين عن آياته بقوله: {ذلك بِأَنَّهُمْ كَذَّبُواْ بآياتنا وَكَانُواْ عَنْهَا غافلين} [الأعراف: 146] بين حال أولئك المكذبين، فقد كان يجوز أن يظن أنهم يختلفون في باب العقاب لأن فيهم من يعمل بعض أعمال البر، فبين تعالى حال جميعهم سواء كان متكبرًا أو متواضعًا أو كان قليل الإحسان، أو كان كثير الإحسان، فقال: {والذين كَذَّبُواْ بآياتنا وَلِقَاءِ الأخرة} يعني بذلك جَحْدهم للميعاد وجرأتهم على المعاصي، فبين تعالى أن أعمالهم محبطة، والكلام في حقيقة الإحباط قد تقدم في سورة البقرة على الاستقصاء فلا فائدة في الإعادة.ثم قال تعالى: {هَلْ يُجْزَوْنَ إِلاَّ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ} وفيه حذف والتقدير: هل يجزون إلا بما كانوا يعملون؟ أو على ما كانوا يعملون.واحتج أصحابنا بهذه الآية على فساد قول أبي هاشم في أن تارك الواجب يستحق العقاب بمجرد أن لا يفعل الواجب، وإن لم يصدر منه فعل عند ذلك الواجب قالوا: هذه الآية تدل على أنه لا جزاء إلا على العمل، وليس ترك الواجب بعمل، فوجب أن لا يجازي عليه، فثبت أن الجزاء إنما حصل على فعل ضده.وأجاب أبو هاشم: بأني لا أسمي ذلك العقاب جزاء فسقط الاستدلال.وأجاب أصحابنا عن هذا الجواب: بأن الجزاء إنما سمي جزاء لأنه يجزي ويكفي في المنع من النهي، وفي الحث على المأمور به فإن ترتب العقاب على مجرد ترك الواجب كان ذلك العقاب كافيًا في الزجر عن ذلك الترك فكان جزاء، فثبت أنه لا سبيل إلى الامتناع من تسميته جزاء والله أعلم. اهـ..قال السمرقندي: ثم قال عز وجل: {والذين كَذَّبُواْ بآياتنا} أي بمحمد والقرآن {وَلِقَاء الآخرة} يعني: كذبوا بالبعث بعد الموت {حَبِطَتْ أعمالهم} يعني: بطلت حسناتهم {هَلْ يُجْزَوْنَ} أي هل يثابون {إِلاَّ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ} يعني: في الدنيا. اهـ..قال ابن عطية: قوله تعالى: {والذين كذبوا بآياتنا ولقاء الآخرة} الآية، هذه الآية مؤكدة للتي قبلها وسوقها في جملة المكذب به، ولقاء الآخرة لفظ يتضمن تهديدًا أي هنالك يفتضح لهم حالهم، و{حبطت} معناه سقطت وفسدت وأصل الحبط فيما تقدم صلاحه ولكنه قد يستعمل في الذي كان أول مرة فاسدًا إذ مئال العاملين واحد، وقوله: {هل يجزون} استفهام بمعنى التقرير أي يستوجبون بسوء فعلهم إلا عقوبة، وساغ أن يستعمل {حبطت} هنا إذ كانت أعمالهم في معتقداتهم جارية في طريق صلاح فكأن الحبط فيها إنما هو بحسب معتقداتهم وأما بحسب ما هي عليه في أنفسها ففاسدة منذ أول أمرها، ومن هذه اللفظة قول النبي صلى الله عليه وسلم إن مما ينبت الربيع ما يقتل حبطًا أو يلم أي فسادًا لكثرة الأكل بعد الصلاح الذي كان أولًا، وقرأ ابن عباس وأبو السمال {حبَطت} بفتح الباء. اهـ..قال الخازن: {والذين كذبوا بآياتنا ولقاء الآخرة} يعني ولقاء الدار الآخرة التي فيها الثواب والعقاب {حبطت أعمالهم} يعني بطلت فصارت كأن لم تكن والمعنى أنه قد يكون في الذين يكذبون بآيات الله من يعمل البر والإحسان والخير فبين الله تعالى بهذه الآية أن ذلك ليس ينفعهم من كفرهم وتكذيبهم بآيات الله وإنكارهم الدار الآخرة والبعث {هل يجزون إلا ما كانوا يعملون} يعني هل يجزون في العقبى إلا جزاء العمل الذي كانوا يعملونه في الدنيا. اهـ..قال أبو حيان: {والذين كذّبوا بآياتنا ولقاء الآخرة حبطت أعمالهم هل يجزون إلا ما كانوا يعلمون}.ذكر تعالى ما يؤول إليه في الآخرة أمر المكذبين فذكر أنه يحبط أعمالهم أي لا يعبأ بها وأصل الحبْط أن يكون فيما تقدم صلاحه فاستعمل الحبوط هنا إذا كانت أعمالهم في معتقداتهم جارية على طريق صالح فكان الحبط فيها بحسب معتقداتهم إذ المكذّب بالآيات قد يكون له عمل فيه إحسان للناس وصفح وعفو عمن جنى عليه وكلّ ذلك لا يجازى عليه في الآخرة فشمل حبط الأعمال من له عمل برّ ومن عمله من أوّل مرة فاسد ونبّه بلقاء الآخرة على محلّ افتضاحهم وجزائهم وتهديدًا لهم ووعيدًا بها وأنها كائنة لا محالة وإضافة {لقاء} إلى {الآخرة} إضافة المصدر إلى المفعول أي ولقائهم الآخرة.قال الزمخشري: ويجوز أن يكون من إضافة المصدر إلى المفعول به أي ولقائهم الآخرة ومشاهدتهم أحوالها ومن إضافة المصدر إلى الظرف لأنّ الظرف هو على تقدير في والإضافة عندهم إنما هي على تقدير اللام أو تقدير من على ما بين في علم النحو فإنّ اتسع في العامل جاز أن ينصب الظرف نصب المفعول به وجاز إذ ذاك أن يُضاف مصدره إلى ذلك الظرف المتسع في عامله وأجاز بعض النحويين أن تكون الإضافة على تقدير في كما يفهمه ظاهر كلام الزمخشري، وهو مذهب مردود في علم النحو.و{هل يجزون} استفهام بمعنى التقدير أي يستوجبون بسوء فعلهم العقوبة، قال ابن عطية: والظاهر أنه استفهام بمعنى النفي ولذلك دخلت {إلا} والاستفهام الذي هو بمعنى التقرير هو موجب من حيث المعنى فيبعد دخول إلا ولعله لا يجوز. اهـ..قال أبو السعود: {والذين كَذَّبُواْ بآياتنا وَلِقَاء الآخرة} أي وبلقائهم الدارَ الآخرةَ أو لقائهم ما وعده الله تعالى في الآخرة من الجزاء ومحلُّ الموصولِ الرفعُ على الابتداء وقوله تعالى: {حَبِطَتْ أعمالهم} خبرُه أي ظهر بُطلانُ أعمالِهم التي كانوا عمِلوها من صلة الأرحامِ وإغاثةِ الملهوفين ونحوِ ذلك، أو حبطت بعد ما كانت مرجُوَّةَ النفعِ على تقدير إيمانهم بها {هَلْ يُجْزَوْنَ} أي لا يُجزون {إِلاَّ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ} أي الإجزاءَ ما كانوا يعمَلونه من الكفر والمعاصي. اهـ..قال الألوسي: {وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا وَلِقَاءِ الْآَخِرَةِ} أي لقائهم الدار الآخرة على أنه من إضافة المصدر إلى المفعول وحذف الفاعل أو لقائهم ما وعده الله تعالى في الآخرة من الجزاء على أن الإضافة إلى الظرف على التوسع.والمفعول مقدر كالفاعل ومحل الموصول في الاحتمالين الرفع على الابتداء، وقوله تعالى: {حَبِطَتْ أعمالهم} خبره أي ظهر بطلان أعمالهم التي كانوا عملوها من صلة الأرحام وإغاثة الملهوفين بعدما كانت مرجوة النفع على تقدير إيمانهم بها، وحاصله أنهم لا ينتفعون بأعمالهم وإلا فهي أعراض لا تحبط حقيقة {هَلْ يُجْزَوْنَ} أي لا يجزون يوم القيامة.{إِلاَّ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ} أي إلا جزاء ما استمروا على عمله من الكفر والمعاصي وتقدير هذا المضاف لظهور أن المجزي ليس نفس العمل، وقيل: إن أعمالهم تظهر في صور ما يجزون به فلا حاجة إلى التقدير، وهذه الجملة مستأنفة، وقيل: هي الخبر والجملة السابقة في موضع الحال بإضمار قد، واحتجت الأشاعرة على ما قيل بهذه الآية على فساد قول أبي هاشم أن تارك الواجب يستحق العقاب وإن لم يصدر عنه فعل الضد لأنها دلت على أنه لا جزاء إلا على عمل وترك الواجب ليس به.وأجاب أبو هاشم بأني لا أسمي ذلك العقاب جزاء، ورد بأن الجزاء ما يجزي أي يكفي في المنع عن المنهي عنه والحث على المأمور به والعقاب على ترك الواجب كاف في الزجر عن ذلك الترك فكان جزاء. اهـ..قال ابن عاشور: {وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا وَلِقَاءِ الْآَخِرَةِ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ}.يجوز أن تكون هذه الجملة معطوفة على جملة {سأصرف عن آياتي} [الأعراف: 146] إلى آخر الآيات على الوجهين السابقين ويجوز أن يكون معطوفة على جملة {ذلك بأنهم كذبوا بآياتنا} [الأعراف: 146]، ويجوز أن تكون تذييلًا معترضًا بين القصتين وتكون الواو اعتراضية، وأيًّا ما كان فهي آثارها الإخبار عنهم بأنهم إن يروا سبيل الرشد لا يتخذوه سبيلًا، فإن ذلك لما كان هو الغالب على المتكبرين الجاحدين للآيات، وكأن لا تخلو جماعة المتكبرين من فريق قليل يتخذ سبيل الرشد عن حلم وحب للمحمدة، وهم بعض سادة المشركين وعظماؤهم في كل عصر، كانوا قد يحسب السامع أنْ ستنفعهم أعمالهم، أزيل هذا التوهم بأن أعمالهم لا تنفعهم مع التكذيب بآيات الله ولقاء الآخرة، وأشير إلى أن التكذيب هو سبب حبط أعمالهم بتعريفهم بطريق الموصولية، دون الإضمار، مع تقدم ذكرهم المقتضي بحسب الظاهر الإضمار فخولف مقتضى الظاهر لذلك.وإضافة {ولقاء} إلى {الآخرة} على معنى في لأنها إضافة إلى ظرف المكان، مثلُ {عقْبى الدار} [الرعد: 24] أي لقاء الله في الآخرة، أي لقاء وعده ووعيده.والحبط فساد الشيء الذي كان صالحًا، وقد تقدم عند قوله تعالى: {ومن يكفر بالإيمان فقد حبط عمله} في سورة المائدة (5).وجملة: {هل يُجْزَون إلاّ ما كانوا يعملون} مستأنفة استينافًا بيانيًا، جوابًا عن سؤال ينشأ عن قوله: {حبطت أعمالهم} إذ قد يقول سائل: كيف تحبط أعمالهم الصالحة، فأجيب بأنهم جُوزُوا كما كانوا يعملون، فإنهم لما كذبوا بآيات الله كانوا قد أحالوا الرسالة والتبليغ عن الله، فمن أين جاءهم العلم بأن لهم على أعمالهم الصالحة جزاءً حسنًا، لأن ذلك لا يعرف إلاّ بإخبار من الله تعالى، وهم قد عطلوا طريق الإخبار وهو الرسالة، ولأن الجزاء إنما يظهر في الآخرة، وهم قد كذبوا بلقاء الآخرة، فقد قطعوا الصلة بينهم وبين الجزاء، فكان حبط أعمالهم الصالحة وفاقًا لاعتقادهم.والمراد بـ {ما كانوا يعملون} ما كانوا يعتقدون، فأطلق على التكذيب بالآيات وبلقاء الآخرة فعلُ {يَعملون} لأن آثار الاعتقاد تظهر في أقوال المعتقد وأفعاله، وهي من أعماله.والاستفهام بـ {هل} مُشْرب معنى النفي، وقد جعل من معاني هل النفيُ، وقد بيناه عند قوله تعالى: {هل تجزون إلاّ ما كنتم تعملون} في سورة النمل (90)، فانظره هناك.{وما كانوا يعملون} مقدر فيه مضاف، والتقدير مكافىء ما كانوا يعملون بقرينة قوله: {يُجزون} لأن الجزاء لا يكون نفس المجزي عليه، فإن فعل جَزى يتعدى إلى العوض المجعول جزاء بنفسه، ويتعدى إلى العمل المجزي عليه بالباء، كما قال تعالى: {وجزاهم بما صبروا جنة وحريرًا} [الإنسان: 12] ونظير هذه الآية قوله في سورة الأنعام (139) {سيجزيهم وصفهم}. اهـ..قال الشعراوي: {وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا وَلِقَاءِ الْآَخِرَةِ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ}.وقد جاء لفظ الآيات هنا أكثر من مرة، فقد قال الحق: {وَإِن يَرَوْاْ كُلَّ آيَةٍ لاَّ يُؤْمِنُواْ بِهَا}. ويقول أيضًا: {ذلك بِأَنَّهُمْ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا}. ويقول سبحانه: {والذين كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا}.إذن فالمسألة كلها مناطها في الآيات الكونية للاستدلال على من أوجدها، والإِعجازية للاستدلال على صدق مَنْ أرسل من الرسل، والقرآنية لأخذ منهج الله لتقويم واستواء حركة الإِنسان. {والذين كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا وَلِقَاءِ الآخرة حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ...} [الأعراف: 147].ويقال: حبط الشيء أي انتفخ وورم من علة أو مرض. أي أنهم في ظاهر الأمر يبدو لهم أنهم عملوا أعمالا حسنة ولكنها في الواقع أعمال باطلة وفاسدة، وقد يوجد من عمل عملًا حسنًا نافعًا للناس، ولكن ليس في باله أنه بفعل ذلك إرضاء لله، بل للشهرة لينتشر ذكره ويذيع صِيتُه ويثني الناس عليه، أو للجاه والمركز والنفوذ. ولذلك حين سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم: من الشهيد؟. قال: «من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله».لأن الرجل قد يقاتل حمية، أو ليعرف الناس مثلًا أنه شجاع. إذن فهناك من يعمل عملًا ليفتخر به. ويقال مثلًا: إن الكفار هم من اكتشفوا الميكروب وصعدوا إلى الفضاء. ونقول: نعم لقد أخذوا التقدير من الناس لأن الناس كانت في بالهم، ولن يأخذوا التقدير من الله لأنهم عملوا أعمالهم وليس في بالهم الله. والإِنسان يأخذ أجره ممن عمل له، والله سبحانه وتعالى لن يضيع أجر أعمالهم الحسنة، بل أعطى لهم أجورهم في الدنيا، لكن حرث الآخرة ليس لهم. {مَن كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الآخرة نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ وَمَن كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدنيا نُؤْتِهِ مِنْهَا...} [الشورى: 20].فمن زرع وأحسن اختيار البذور، واختيار التربة وروى بنظام يأتي له الزرع بالثمر لأنه أخذ بالأسباب، وهذا اسمه عطاء الربوبية وهو عطاء عام لكن مَن خلق الله، مؤمنًا كان أو كافرًا، عاصيًّا أو طائعًا، لكن عطاء الألوهية يكون في اتباع المنهج ب افعل ولا تفعل وهذا خاص بالمؤمنين، فإذا ما أحسنوا استعمال أسباب الحياة في السنن الكونية. يأخذون حظهم منها، والكافرون أيضًا يأخذون حظهم منها، إذا أحسنوا الأخذ بالأسباب؛ ويكون ذلك بتخليد الذكرى وإقامة التماثيل لهم. وأخذ المكافآت والجوائز وحفلات التكريم. أما جزاء الآخرة فيأخذه من عمل لرب الآخرة، أما من لم يفعلوا من أجل لقاء الله فهو سبحانه يقول في حقهم: {وَقَدِمْنَا إلى مَا عَمِلُواْ مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَّنثُورًا} [الفرقان: 23].وكذلك يقول: {والذين كفروا أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظمآن مَاءً...} [النور: 39].فالكافرون مثلهم مثل الظمآن الذي يسير في صحراء ويخيل له أن أمامه ماء، ويمشي ويمشي فلا يجد ماء.أما غير الظمآن فلا يهمه إن كان هناك ماء أو لا يوجد ماء، فالظمآن ساعة يرى السراب يمني نفسه بأن المياه قادمة وأنه سيحصل عليها. {كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظمآن مَاءً حتى إِذَا جَاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئًا...} [النور: 39].وليس المهم أنه لم يجده شيئًا، بل يفاجأ: {وَوَجَدَ الله عِندَهُ}. إنه يفاجأ بأن الإِله الذي كان لا يصدق بأنه موجود يجده أمامه يوم القيامة فيوفيه حسابه ويجزيه على عمله القبيح. إذن فإن عمل الإِنسان عملًا فلينتظر الأجر ممن عمل له، وإن عمل الإِنسان عملًا وليس في باله الله فعليه ألاّ يتوقع الأجر منه، وعلى الرغم من ذلك يعطي الله لهؤلاء الأجر في قانون نواميس الحياة الكونية؛ لأن من يحسن عملًا يأخذ جزاءه عنه. {والذين كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا وَلِقَاءِ الآخرة حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ هَلْ يُجْزَوْنَ إِلاَّ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ} [الأعراف: 147].هم إذن كذبوا بآيات الله، وكذبوا باليوم الآخر، ولم يعملوا وفق منهج الإِيمان، فلهم جزاء وعقاب من الحق الذي أنزل هذا المنهج، ولكنّهم أعرضوا عنه وكذبوه.ولذلك يقول سبحانه: {قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُم بالأخسرين أَعْمَالًا * الذين ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الحياة الدنيا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا} [الكهف: 103- 104]. اهـ.
|