الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: الوجيز في تفسير الكتاب العزيز (نسخة منقحة)
.سورة الليل: .تفسير الآيات (1- 8): {والليل إذا يغشى} أيْ: يغشى الأُفق بظلمته. {والنهار إذا تجلى} بان وظهر. {وما خلق} ومَنْ خلق {الذكر والأنثى} وهو الله تعالى، وجواب القسم وهو قوله: {إنَّ سعيكم لشتى} إنَّ عملكم لمختلفٌ. يريد: بينهما بُعدٌ يعني: عمل المؤمن وعمل الكافر. نزلت في أبي بكر الصِّديق وأبي سفيان بن حرب. {فأمَّا مَنْ أعطى} ماله {واتقى} ربَّه واجتنب محارمه. {وصدَّق بالحسنى} أيقن بأنَّ الله سبحانه سيخلف عليه. وقيل: صدَّق ب لا إله إلاَّ الله. {فسنيسره} فسنهيِّئه {لليسرى} للخلَّة اليسرى، أَي: الأمر السَّهل من العمل بما يُرضي الله تعالى، وكان أبو بكر الصديق رضي الله عنه اشترى جماعةً يُعذِّبُهم المشركون ليرتدُّوا عن الإِسلام، فوصفه الله تعالى بأنَّه أعطى وصدَّق بالمُجازاة من الله له. {وأمَّا مَنْ بخل} بالنَّفقة في الخير {واستغنى} عن الله، فلم يرغب في ثوابه. .تفسير الآيات (10- 21): {فسنيسره للعسرى} أَيْ: نخذله حتى يعمل بما يُؤدِّيه إلى العذاب والأمر العسير. {وما يغني عنه ماله إذ تردَّى} أَيْ: مات وهلك. وقيل: سقط في جهنَّم. {إنَّ علينا للهدى} أَي: إِنَّ علينا أَّنْ نبيِّن طريق الهدى من طريق الضَّلال. {وإن لنا للآخرة والأولى} فمن طلبهما من غير مالكهما فقد أخطأ. {فأنذرتكم} خوَّفتكم {ناراَ تلظى} تتوقَّد. {لا يصلاها إلاَّ الأشقى} لا يدخلها إلاَّ الكافر. {الذي كذَّب وتولَّى}. {وسيجنبها} أَيْ: يبعد منها {الأتقى} يعني: أبا بكر رضوان الله عليه. {الذي يؤتي ماله يتزكى} يطلب أن يكون عند الله زاكياً، ولا يطلب رياءً ولا سمعةً. {وما لأحدٍ عنده من نعمة تجزى} وذلك أنَّ الكفَّار قالوا لمَّا اشترى أبو بكر رضي الله عنه بلالاً فأعتقه: ما فعل أبو بكر ذلك إلاَّ ليدٍ كانت عنده لبلال، فقال الله تعالى: وما لأحد عنده من نعمةٍ تُجزى، أَيْ: لم يفعل ذلك مجازاة ليدٍ أُسديت إليه. {إلاَّ ابتغاء وجه ربه الأعلى} أي: لكن طلب ثواب الله. {ولسوف يرضى} سيدخل الجنَّة. .سورة الضحى: .تفسير الآيات (1- 5): {والضحى} أيْ: النَّهارِ كلِّه. {والليل إذا سجى} سكن بالخلق واستقرَّ بظلامه. {ما ودَّعك ربك وما قلى} وما تركك منذ اختارك، وما أبغضك منذ أحبَّك، وهذا جواب القسم. وقد كان تأخَّر الوحي عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم خمسة عشر يوماً، فقال ناس: إنَّ محمداً ودَّعه ربُّه وقلاه، فأنزل الله هذه السورة. {وللآخرة خير لك من الأولى} لأّنَّ الله يعطيك فيها الكرامات والدَّرجات. {ولسوف يعطيك ربك} في الآخرة من الثَّواب، وفي مقام الشَّفاعة {فترضى}. يروى أنَّه قال عليه السَّلام لمَّا نزلت هذه الآية: إذن لا أرضى وواحدٌ من أُمَّتي في النَّار. ثمَّ أخبر عن حاله قبل الوحي، وذكَّره نعمه عليه فقال: .تفسير الآيات (6- 11): {ألم يجدك يتيماً} حين مات أبواك ولم يُخلِّفا لك مالاً ولا مأوى {فآوى} فآواك إلى عمِّك أبي طالب وضمَّك إليه حتى كفلك وربَّاك. {ووجدك ضالاً} عمَّا أنت عليه اليوم من معالم النُّبوَّة وأحكام القرآن والشَّريعة، فهداك إليها، كقوله: {ما كنتَ تدري ما الكتابُ ولا الإيمانُ...} الآية. {ووجدك عائلاً} فقيراً ولا مال لك، فأغناك بمال خديجة رضي الله عنه، ثمَّ بالغنائم. {فأما اليتيم فلا تقهر} على ماله، واذكر يُتمك. {وأما السائل فلا تنهر} فلا تزجره، ولكن بذلٌ يسير، أو ردٌّ جميلٌ، واذكر فقرك. {وأمَّا بنعمة ربك} أَيْ: النُّبوَّة والقرآن {فحدِّث} أخبر بها. .سورة الشرح: .تفسير الآيات (1- 8): {ألم نشرح لك صدرك} أَلم نفتحْ ونوسِّع، ونليِّن لك قلبك بالإِيمان والنُّبوَّة، والعلم والحكمة؟ هذا استفهامٌ معناه التَّقرير. {ووضعنا} حططنا {عنك وزرك} ما سلف منك في الجاهليَّة. وقيل: يعني: الخطأ والسَّهو. وقيل: معناه: خفَّفنا عليك أعباء النُّبوَّة، والوِزر في اللُّغة: الحِمل الثقيل: {الذي أنقض} أثقل {ظهرك}. {ورفعنا لك ذكرك} أي: إذا ذُكرت ذكرتَ معي. {فإنَّ مع العسر يسراً} أي: مع الشِّدَّة التي أنتَ فيها من مقاساة بلاء المشركين يُسراً، بإظهاري إيَّاك عليهم حتى تغلبهم، وينقادوا لك طوعاً أو كرهاً. {إنَّ مع العسر يسراً} تكرارٌ للتَّأكيد. وقيل: إنَّ هذا عامٌّ في كلِّ عسرٍ أصاب المؤمن، وهو من الله تعالى على وعد اليسر؛ إمَّا في الدُّنيا، وإمَّا في الآخرة، فالعسر واحدٌ، واليسر اثنان. {فإذا فرغت} من صلاتك {فانصب} أَي: اتعب في الدُّعاء وسله حاجتك، وارغب إلى الله تعالى به. .سورة التين: .تفسير الآيات (1- 8): {والتين والزيتون} هما جبلان بالشَّام، طور تينا، وطور زيتا بالسِّريانية، سمِّيا بالتِّين والزَّيتون؛ لأنَّهما يُنبتانهما. {وطور سِنين} جبل موسى عليه السَّلام، وسينين: المبارك بالسِّريانية. {وهذا البلد الأمين} الآمن. يعني: مكَّة، سمَّاه أميناً لأنه آمنٌ لا يُهاج أهله. {لقد خلقنا الإِنسان في أحسن تقويم} صورةٍ؛ لأنَّه معتدل القامة، يتناول مأكوله بيده. {ثمَّ رددناه أسفل سافلين} إلى أرذل العمر، والسَّافلون: هم الهرمى والزَّمنى والضَّعفى. {إلاَّ الذين آمنوا وعملوا الصالحات فلهم أجرٌ ممنون} يعني: إنَّ المؤمن إذا ردَّ إلى أرذل العمر كُتب له مثل أجره إذا كان يعمل، بخلاف الكافر، فذلك قوله: {فلهم أجرٌ غير ممنون} أي: غير مقطوعٍ. وقيل: معنى: {ثم رددناه أسفل سافلين}: إلى النَّار، يعني: الكافر، ثمَّ استثنى المؤمنين، فقال: {إلاَّ الذين آمنوا} وهذا القول أظهر، ثمَّ قال توبيخاً للكافر: {فما يكذبك} أيُّها الإِنسان {بعد} هذه الحُجَّة {بالدين} بالحساب والجزاء، ومعنى: ما يُكذِّبك: ما الذي يجعلك مكذِّباً بالدِّين. وقيل: إنَّ هذا خطابٌ للنبيِّ صلى الله عليه وسلم، فما الذي يكذِّبك يا محمد بعد ما تبيَّن من قدرتنا على خلق الإِنسان، وظهر من حجَّتنا، كأنَّه قال: فمَنْ يقدر على تكذيبك بالثَّواب والعقاب. {أليس الله بأحكم الحاكمين} في جميع ما خلق وصنع، وكلُّ ذلك دالٌّ على علمه وحكمته جلَّ جلاله، وتقدَّست أسماؤه، ولا إله غيره. .سورة العلق: .تفسير الآيات (1- 8): {أقرأ باسم ربك} يعني: اقرأ القرآن باسم ربك، وهو أن تذكر التَّسمية في ابتداء كلِّ سورةٍ. {الذي خلق} الأشياء والمخلوقات. {خلق الإِنسان} يعني: ابن آدم {من علق} جمع عَلَقةٍ. {اقرأ وربك الأكرم} يعني: الحليم عن جهل العباد، فلا يعجل عليهم بالعقوبة. {الذي علَّم بالقلم} ثمَّ بيَّن ما علَّم، فقال: {علَّم الإنسان ما لم يعلم} وهو الخطُّ والكتابة. {كلا} حقَّاً {إنَّ الإِنسان ليطغى} ليتجاوز ويستكبر على ربِّه. {أن رآه} رأى نفسه {استغنى}. {إنَّ إلى ربك الرجعى} المرجع في الآخرة، فيجازي الطَّاغي بما يستحقُّه. .تفسير الآيات (9- 19): {أرأيت الذي ينهى} يعني: أبا جهلٍ. {عبداً إذا صلى} وذلك أنَّه قال: لئن رأيتُ محمداً يصلي لأطأنَّ على رقبته، ومعنى: أرأيتَ ها هنا تعجُّبٌ، وكذلك قوله: {أرأيت إن كان على الهدى}. {أو أمر بالتقوى}. {أرأيت إن كذب وتولى}. والمعنى: أرأيت الذي ينهى عبداً إذا صلَّى وهو على الهدى آمرٌ بالتَّقوى، والنَّاهي كاذبٌ مُتولٍّ عن الذِّكرى، أَيْ: فما أعجب من ذا! {ألم يعلم} أبو جهلٍ {بأنَّ الله يرى} أَيْ: يراه ويعلم ما يفعله. {كلا} ردعٌ وزجرٌ {لئن لم ينته} عمَّا هو عليه من الكفر ومعاداة النبيِّ صلى الله عليه وسلم {لنسفعن بالناصية} لنجرَّن بناصيته إلى النَّار، ثمَّ وصف ناصيته، فقال: {ناصيةٍ كاذبة خاطئة} وتأويلها: صاحبُها كاذبٌ خاطئ. {فليدع ناديه} فليستعن بأهل مجلسه، وذلك أنَّه قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم: لأملأنَّ عليك هذا الوادي خيلاً جُرداً، ورجالاً مُرداً، فقال الله تعالى: {فليدع ناديه}. {سندع الزبانية} وهم الملائكة الغلاظ الشِّداد. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لو دعا ناديه لأخذته الزَّبانية عياناً» {كلا} ليس الأمر على ما عليه أبو جهلٍ {لا تطعه واسجد} وصلِّ {واقترب} تقرّب إلى ربِّك بطاعته. .سورة القدر: .تفسير الآيات (1- 5): {إنا أنزلناه} أي: أنزلنا القرآن {في ليلة القدر} ليلة الحكم والفصل، يقضي الله فيها قضاء السَّنة، والقَدْر: بمعنى التَّقدير. أنزل الله تعالى القرآن كلَّه في ليلة القدر جُملةً واحدةً من اللَّوح المحفوظ إلى سماء الدُّنيا، ثمَّ نزل به جبريل عليه السَّلام على النبيِّ صلى الله عليه وسلم في عشرين سنةً. {وما أدراك} يا محمَّد عليه السَّلام {ما ليلة القدر} على التَّعظيم لشأنها والتَّعجيب منها، ثمَّ أخبر عنها فقال: {ليلة القدر خير من ألف شهر} أي: من ألف شهرٍ ليس فيها ليلة القدر. {تنزل الملائكة والروح} يعني: جبريل عليه السَّلام {فيها} في تلك اللَّيلة {بإذن ربهم من كل أمر} أي: بكلِّ أمرٍ قضاه الله تعالى في تلك اللَّيلة للسَّنة، وتمَّ الكلام ها هنا، ثمَّ قال: {سلام هي} أَيْ: تلك اللَّيلة كلها سلامةٌ وخيرٌ لا داء فيها، ولا يستطيع الشَّيطان أن يصنع فيها شيئاً. وقيل: يعني: تسليم الملائكة في تلك اللَّيلة على أهل المساجد {حتى مطلع الفجر} إلى وقت طلوع الفجر. .سورة البينة: .تفسير الآيات (1- 8): {لم يكن الذين كفروا} بمحمَّدٍ صلى الله عليه وسلم {من أهل الكتاب} أي: اليهود والنَّصارى {والمشركين} يعني: كفَّار العرب {منفكين} مُنتهين زائلين عن كفرهم {حتى تأتيهم البينة} يعني: أتتهم البينة، أَي: البيان والبصيرة، وهو محمد عليه السَّلام والقرآن. يقول: لم يتركوا كفرهم حتى بُعث إليهم محمَّدٌ عليه السَّلام، وهذا فيمَنْ آمن من الفريقين، ثمَّ فسَّر البيِّنة فقال: {رسول من الله يتلو صحفاً} كتباً {مطهرة} من الباطل. {فيها كتب} أحكامٌ {قيِّمة} مستقيمةٌ عادلةٌ، ثمَّ ذكر كفَّار أهل الكتاب، فقال: {وما تفرَّق الذين أوتوا الكتاب} أي: ما اختلفوا في كون محمَّدٍ عليه السَّلام حقاً لما يجدون من نعته في كتابهم {إلاَّ مِنْ بعد ما جاءتهم البينة} إلاَّ من بعد ما بيَّنوا أنَّه النبيُّ الذي وُعدوا به في التَّوراة والإِنجيل، يريد: أنَّهم كانوا مجتمعين على صحَّة نبوَّته، فلمَّا بُعث جحدوا نبوَّته وتفرَّقوا، فمنهم مَنْ كفر بغياً وحسداً، ومنهم مَنْ آمن، وهذا كقوله تعالى: {وما اختلف الذين أوتوا الكتاب إلاَّ من بعد ما جاءهم العلم بغياً بينهم...} الآية. {وما أمروا} يعني: كفَّار الذين أُوتوا الكتاب {إلاَّ ليعبدوا الله} إلاَّ أنْ يعبدوا الله {مخلصين له الدين} الطَّاعة، أَيْ: مُوحِّدين له لا يعبدون معه غيره. {حنفاء} على دين إبراهيم عليه السَّلام ودين محمَّدٍ صلى الله عليه وسلم. وقوله: {وذلك دين القيمة} أي: دين الملَّة القيِّمة، وهي المستقيمة، وباقي الآية ظاهرٌ.
|